«قصـص تُوجـع القلـب».. النساء الفلسطينيات والأطفال في غزة يتجرعون مرارة الحرب
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
بصعوبة بالغة وصلت مستشفى ناصر بخان يونس، الأمر استغرق وقتًا طويلًا في ظل صعوبة المواصلات وانعدامها في كثير من الأحيان، بعد عناء كبير يمكنك الحصول على سيارة نقل أو عربة يجرها حيوان لتأخذك إلى قِبلتك، الشمس ساطعة والحرارة على أشدها إنه شهر «يوليو»، كان أخي خالد برفقتي هذه المرة، وصلنا المستشفى مع دخول عقارب الساعة للعاشرة صباحًا، أجريت بعض الاتصالات السريعة وتوجهت حسب الإرشادات إلى داخل المستشفى، مستشفى ناصر هو المستشفى الحكومي الوحيد الذي يعمل في جنوب قطاع غزة، مواطنون كُثر موجودون في كل مكان داخل أروقة المستشفى، بعض النازحين يوجدون برفقة الصحفيين داخل خيام على الرصيف الممتد لشارع المستشفى، سيارات الإسعاف والدفاع المدني تأتي تباعًا تنقل المصابين والشهداء، صعدت الطابق الأول فالثاني ثم الثالث شعرت بألم شديد في قدماي، قلت في نفسي ربما لأنني لم أصعد الدرج منذ أكثر من شهرين تقريبًا تحديدًا بعدما أصبحت الخيام ملاذنا الأخير مع توالي نزوحنا من مكان لآخر.
لقد نزحت خولة وهي أم لخمسة أطفال قبل عشرة أشهر من مسقط رأسها بيت لاهيا إلى منطقة دير البلح، استقرت مع زوجها ومجموعة من الأقارب في إحدى مدارس الإيواء هناك ثم انتقلت بسبب الخطر إلى أحد مخيمات النزوح في رفح أو ما يُعرف بمنطقة الحشاشين، ومع قصف المكان وحدوث عدة مجازر جديدة هناك نزحت مرة أخرى إلى مواصي خان يونس على شاطئ البحر تبحث عن حياة آمنة في منطقة ادّعى الاحتلال الإسرائيلي بأنها آمنة بعد أن استشهد أخوها واثنان من أبناء أختها وتم اعتقال اثنين من إخوتها من إحدى مدارس الإيواء في شمال غزة لا يُعرف مصيرهم حتى اللحظة.
خولة شابة تحب الحياة، تعيش مستقرة برفقة عائلتها، انتقلت بأطفالها خوفًا عليهم إلى المنطقة الآمنة ولم تتوقع يوما أن يكون مصيرها النوم على أسرّة المستشفى المتهالكة بسبب الحرب كغيرها من النساء اللاتي يوجدن في قسم الجراحة «نساء» داخل مستشفى ناصر الطبي، أعمارهن تتراوح بين ستة عشر عامًا والعقد الثامن من العمر، يعانين من إصابات مختلفة في حين تنوعت إصابتهن ما بين بتر أطراف وشظايا في كافة أنحاء الجسم إلا أن السمة الأكثر شيوعًا لطبيعة الإصابة هي الحروق الخطيرة، والكثير منهن بحاجة إلى سفر عاجل حيث لا مجال للعلاج داخل مستشفيات قطاع غزة الذي يعاني من قلة الإمكانيات والمستلزمات الطبية.
ويبقى الحال على ما هو عليه يوميا حيث تتجرع النساء الفلسطينيات في غزة مرارة الحرب بقسوة، ويخاطرن بحياتهن في سبيل إطعام أطفالهن، بينما فقدت أخريات الحياة من ألم الولادة في غياب أدنى شروطها الطبية والخوف من القصف والموت حيث لا مكان آمن في غزة.
إن ما حدث في قطاع غزة على مدار الأشهر العشرة من نزوح متكرر من مكان لآخر لأكثر من مليون وتسعمائة ألف نازح جعل حياة المدنيين قاسية ولا تحتمل خصوصًا للنساء والأطفال، وأثقل كاهلهم بأعباء كثيرة وصعبة، لا أصعب من أن تنتقل برفقة عائلتك وأبنائك إلى المجهول من مكان إلى آخر تاركًا كل شيء خلفك؛ ممتلكاتك، ذكرياتك، أهلك، بيتك، تحاول الاستقرار والتكيف مع الحياة غير العادية، ثم تأتي طائرات الاحتلال الإسرائيلي على حين غرة وتقصف الأماكن التي توجد فيها دون سابق إنذار فتجد نفسك تتلقى العلاج بصعوبة إن وجد في ظل المعاناة الكبيرة لوصول الأدوية والمستلزمات الطبية مع استمرار إغلاق معبر رفح البري منذ شهر مايو الماضي، مرضى كُثر دفعوا حياتهم ثمنًا لصمت العالم فكانوا ضحية بسبب عدم حصولهم على العلاج اللازم.
وفي هذا السياق فقد أكد رئيس قسم الكلى الاصطناعية بمجمع الشفاء الطبي الدكتور حاتم أبو ريالة أن استشهاد عدد كبير من مرضى الكلى جراء عدم تمكُّن المرضى من تلقّي العلاج ومواصلة «غسيل الكلى» بالإضافة إلى عدم القدرة على الحصول على الغذاء المناسب جراء تواصل قصف الاحتلال واستهداف المستشفيات ومنع دخول المساعدات الإنسانية اللازمة إلى القطاع.
ارتفعت حصيلة شهداء القصف الإسرائيلي في قطاع غزة إلى 39 ألفًا و363 شهيدًا، فضلًا عن إصابة 90 ألفًا و923 فلسطينيا منذ السابع من أكتوبر الماضي، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أمس، مع العلم أن أكثر من 70% من الضحايا من الأطفال والنساء.
أما منظمة الصحة العالمية فنشرت عبر منصة إكس أنه «لا تزال 10 مراكز صحية تابعة للأونروا من أصل 26 تعمل في غزة فيما أكدت أن الفرق الطبية تواصل المخاطرة بحياتها يوميا لتقديم الرعاية الطبية للعائلات في غزة.
إن استمرار الحرب لليوم الـ288 يستدعي مطالبة الدول المتعاقدة في اتفاقية جنيف لعقد اجتماع عاجل لإعلان دولة إسرائيل دولة غير ملتزمة بقواعد الاقتتال والحرب، والقانون الدولي الإنساني وبحث سبل حماية الفلسطينيين وفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي.
د. حكمت المصري كاتبة فلسطينية من غزة
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
جريمة في المستشفى.. قصة شاب أحرق «صدر قنا» انتقاما لوالدته
جريمة داخل مستشفى صدر قنا، وبالتحديد داخل غرفة مرضى الدرن ارتكبها شاب من محافظة قنا بعدما توفيت والدته داخل المستشفى، حيث قام بسكب مادة البنزين داخل الغرفة وأضرم النيران فيها تصورا منه بأنه ينتقم من الأطباء بعد وفاة والدته داخل المستشفى.
خلال 60 يوما.. الداخلية تضبط صفقتي «كبتاجون» بـ4.3 مليار جنيه| ما القصة؟صفقة مخدرات ضخمة .. الداخلية تحبط تهريب كبتاجون بـ 4 مليارات جنيهالداخلية تضبط قضايا عملة بـ 6 ملايين جنيهالعثور على كنز أثري في أعماق بحر الإسكندرية.. والداخلية تحبط بيعها| صورقصة حريق مستشفى الصدر بمحافظة قناكشفت التحقيقات ملابسات الواقعة بعد أن تبين من معاينة الأدلة الجنائية وفريق النيابة العامة وجود شبهة جنائية في حريق مستشفى الصدر بمحافظة قنا، حيث تبين أن شابا كانت تعالج والدته داخل المستشفى إلا أنها توفيت قبل أيام فقام بإضرام النيران داخل غرفة الدرن المغلقة.
أجهزة أمن قنا نجحت في استهداف الشاب وضبطه، لاتهامه بإشعال النيران في غرفة الدرن المغلقة بمستشفى الصدر بقنا ، والتى تسببت فى إصابة بعض المرضى بحالات اختناق نتيجة تصاعد النيران بالطابق الثانى، وتم نقل الحالات إلى المستشفيات لإنقاذها من الأدخنة المتصاعدة.
وجاء في تحريات أجهزة مديرية أمن قنا أن وراء نشوب حريق بمستشفى الصدر بقنا، شاب أشعل النيران داخل عنبر مرضى الدرن المغلق مستخدماً كمية بنزين، بدعوى الانتقام لوالدته التى توفيت بالمستشفى صباح يوم الواقعة، مما جعله يحضر إلى المستشفى محاولا الانتقام من الأطباء.
وكان مستشفى الصدر بقنا ، تعرض لاندلاع نيران داخل عنبر الدرن بالطابق الثانى بالمستشفى، تسبب فى تصاعد الأدخنة والنيران، نتج عنها إصابة بعض المرضى بحالات اختناق وحدوث حالة من الذعر والهلع بين المرضى.
وجرى إخطار أجهزة الأمن و إدارة الحماية المدنية، التى دفعت بعدد من سيارات الإطفاء للتعامل الفورى مع الحريق، وتمكنت من السيطرة على الحريق قبل أن يمتد لبقية العنابر المجاورة، وتبين إصابة ١٢ مريضا بحالات اختناق، جرى نقلهم ونقل ١٥ آخرين على سبيل الاحتراز إلى مستشفى قنا العام، لتلقى الإسعافات الأولية والعلاج اللازم.
وانتقل محافظ قنا وعدد من القيادات التنفيذية والأمنية، إلى المستشفى، لمتابعة أعمال التعامل مع الحريق ونقل المرضى إلى مستشفى قنا العام، لحين استقرار الأوضاع بالمستشفى.