أتحدث معكم تباعاً عن معشوقتى الصحافة، وأختص بالحديث الصحافة الورقية التى نشأت عليها وارتبطت بها أنا وجيلى وأجيال قبلى وبعدي، وتناولت على مدى حلقتين أسباب تراجع صناعة الصحافة الورقية، ووصلت إلى الطرق والوسائل التى يمكن بها إنقاذ ما يمكن إنقاذه منها، حتى لا نصحو فى يوم ما ولا نجد صحيفة ورقية واحدة بين أيدينا، لأنها ببساطة فقدت كل جدوى صدورها، وأصبحت تشكل خسائر هائلة على المؤسسات الصحفية.
وأذكر أنى قرأت منذ فترة دراسة إنجليزية حول نفس المشكلة وبحث الحلول لإنقاذ تلك الصناعة، ووجدت فى هذه الدراسة من الحلول الموضوعية ما يمكن بالفعل تنفيذ على أرض الواقع، ولكن قبل الحديث عن الحلول لا بد أن نتعامل مع المشكلة بعقلانية بعيداً عن العاطفة، فالعواطف لا تؤكل عيشاً، ولا تغنى مؤسسة، ولا تفتح بيوتًا خربت من خسائر الصحف الورقية، أى يجب أن نتوقف عن العيش فى الماضى وانتظار عودة مجد الصحافة بنفس المستوى والكيفية، وأقول هذا لنفسى قبل غيري، فما ذهب لن يعود أبداً بنفس القوة، وهذه هى الخطوة الأولى نحو الحلول.
الخطوة الثانية القبول بأن نموذج عمل الصحف القديم قد انتهى، فلم تعد الصناعة الوحيدة التى لديها جمهور كبير مع الاعتراف بحاجتها إلى الدفع بقوة نحو صناعة جديدة متطورة لتواجه السباق الإلكترونى الذى يحاول محوها، أى التحرك بسرعة لتعزيز مراكز الربح وتعظيم موارد الدخل مع خفض تكاليف الإنتاج قدر الإمكان، وأن يتم هذا من خلال تطوير المنتج الصحفى فى الشكل والمضمون وبشكل متميز عن المقدمة عبر الإلكتروني، وأن يبذل القائمون على الصحافة الورقية جهداً أسرع من أجل جذب القراء، وتقديم ما يهم فئات متنوعة ومتعددة من الجمهور، بجانب تقديم حزم من المغريات تعمل على ربط شرائح المعلنين مباشرة بالجمهور المعنى بهذه الإعلانات فى بساطة وجاذبية.
الخطوة الثالثة التخلى عن تعليق الآمال على الإعلانات الضخمة والعودة للاهتمام بالإعلانات المبوبة كما فى السابق، فالاعتماد على الإعلانات الضخمة يسبب اهتزازات مالية هائلة للصحف إذا ما تراجعت أو توجهت للإلكتروني، فالعودة للإعلانات المبوبة هي الإنقاذ السريع والدائم لجانب مهم من موارد الدخل، فإهمال الورقى للإعلانات المبوبة، أدى إلى التدخل الإلكترونى السريع لالتقاط هذه النوعية من الإعلانات وتحقيق دخل كبير ودائم منها والاستحواذ على السوق، وللأسف استسلمت الصحف الورقية بسرعة وتنازلت عن الإعلانات المبوبة كانت دائمًا المفتاح السحرى لأرباحها.
الخطوة الرابعة وهى الأكثر جرأة، هو استبعاد العناصر غير الجيدة وغير المنتجة من الصحفيين والعاملين ومندوبى المبيعات والمسوقين، والحفاظ على أفضل الكفاءات، وأن يكون المعيار بالكيف ولا بالكم، وهو ما يستوجب بالطبع إغلاق الباب أمام الوساطات والمجاملات فى العمل الصحفى والإدارى والإعلاني، لأن انعدام الكفاءات والخبرة يشكل عبئاً هائلًا على صناعة الصحف.
الخطوة الخامسة هى تركيز المنتج الصحفى على استهداف الشباب من القراء، وألا نركن إلى المفهوم السائد الآن بأن الشباب انصرف تماماً إلى الإنترنت، بدليل أنه حال شراء الأب أو الأم صحيفة لا يفلتها الأبناء ويبادرون بقراءتها، إذاً لا تزال رغبة الشباب فى قراءة الصحف الورقية موجودة وإن لم يبادر بشراء الصحيفة بنفسه، لذا يجب التركيز على المواد الصحفية التى تمس اهتمامات الشباب فى مجالات الأعمال والخدمات والتقنية وكل ما هو جديد فى العالم، ونتجنب الموضوعات التقليدية، أو التطويل الممل.
الخطوة السادسة وقد يكون الأوان قد فات للتحدث عنها، ولكن يمكن تداركها بشكل أو بآخر، وهو توقف الصحف الورقية عن إنشاء مواقع ويب مجانية لها، بل تكون تلك المواقع باشتراكات تصب فى موارد الصحيفة الورقية، لأنه للأسف مجانية تلك المواقع بكل ما بها من خدمات، أدى إلى ضرب سوق الإعلانات، كما ضرب التوزيع فى مقتل، وتسبب فى خسائر مادية فادحة للصحيفة.
وتتلاقى تلك الخطوات مع خطوات أخرى أساسية للنهوض بالمنتج الصحفى الورقي، وللحديث بقية..
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد العمل الصحفي معشوقتى لا ترحلى 3 الصحف الورقیة
إقرأ أيضاً:
سلوم افتتح التبرعات للصيدليات المتضررة
تسلّم نقيب صيادلة لبنان الدكتور جو سلوم مساعدة مالية بقيمة ١٠ الاف دولار أميركي، من صاحب شركة " L pharm " أحمد لاوند ، تم ايداعها في الحساب المفتوح في بنك "لبنان والمهجر" المخصص لمساعدة الصيدليات المتضررة، والبالغ عددها قرابة الـ ٤٠٠ صيدلية ، متضررة كلياً او جزئيا.
وشكر سلوم لصاحب شركة " L pharm " و الدكتور زياد الحاج شحاده، هذه الخطوة "التي تشكّل مساعدة فعليّة للصيدليات المتضرّرة"، واعتبر "أننا بهذه الخطوة نفتتح بشكل عملي باب مساعدة الصيدليات المتضررة"، داعياً "شركات ومصانع الادوية الى خطوات مثيلة، ما يجسّد الشراكة الحقيقية في قطاع الدواء وخدمة المريض والوطن".
وأعلن أن "مجلس النقابة عند توافر مبلغ مقبول من المساعدات سيوزعها على الصيدليات المتضررة بطريقة عادلة ومتساوية بين الجميع طبقاً للاضرار، وسيتمّ الاعلان بالتفاصيل عن المستفيدين منها".