محمد أنور البلوشي

كانت فترة ما بعد الظهر واحدة من الأيام التي لا تُنسى عندما أخذني والدي -الذي كان يخدم في الجيش العماني آنذاك- من مخيمنا "أم الغوارف" بالقرب من مدينة صلالة إلى مطار صلالة. كنت حينها في التاسعة أو العاشرة من عمري، أعيش بين الجنود العمانيين الشجعان في الثمانينات. كانوا يطلقون عليّ بلطف "الجندي العُماني الصغير".

قبل مُغادرتنا صلالة، قُمنا ببعض التسوق في سوق الحافة واشترينا العطور و البخور. وفي الثمانينات، كان هذا السوق يعج بالمتسوقين ويبدو جميلاً بطابعه الخاص. كان السوق مليئاً بالباعة الذين يعرضون منتجاتهم المتنوعة، مما يجعله مكاناً حيوياً وممتعاً للتجول والتسوق.

كانتْ رائحة البخور والعطور التقليدية تفوح في الأجواء، مُضِيفة لمسة من السحر والتراث على تجربة التسوق. كانت الأكشاك والمحلات ملونة ومزينة بالمنتجات المحلية، من الملابس والأقمشة إلى الهدايا التذكارية والأدوات المنزلية. كان السوق يعكس الحياة اليومية في صلالة خلال تلك الفترة، وكان يشكل نقطة تجمع للسكان المحليين والزوار على حد سواء.

لقد كانتْ تجربة التسوُّق في سوق الحافة تجربة لا تُنسى، مليئة بالألوان والروائح والأصوات التي كانت تعكس الجمال الحقيقي لتلك الحقبة الزمنية.

هبطنا في مطار القوات الجوية العمانية حوالي الساعة الخامسة أو السادسة مساءً وتوجهنا إلى معسكر المرتفعة. تلك الليلة، استمتعنا بالعشاء ومشاهدة فيلم مع الجنود، مما جعلها تجربة ممتعة.

في الصباح الباكر في اليوم التالي، ذهبنا، والدي وأخي الأكبر وأنا، إلى سوق مطرح للتسوق قبل رحلتنا إلى جوادر. أخذنا شاحنة صغيرة "بيك اب" من دوار برج الصحوة إلى سوق مطرح، وكان كل راكب

 يدفع 0.300 بيسة.

في اليوم الثالث، سافرنا إلى جوادر، حيث استقبلنا جدي في المطار. كانت جوادر خلابة، يحيط بها البحر من الجانبين. في المساء، استأجر لي جدي دراجة على الشاطئ، بتكلفة روبية واحدة فقط لمدة ساعتين. استمتعت بركوبها، وأحببت نمط الحياة البسيط والجميل في الثمانينات.

لا تزال شوارع جوادر، ببيوتها المميزة والمسجد الذي صليت فيه، حية في ذاكرتي. عندما سألني بائع عما إذا كنت من عمان، أجبت بفخر، "نعم.. من عمان"، رد بحرارة: "عمان بلد جيد وجميل".

كان التراث العماني لجوادار واضحًا في كل مكان. أثناء تجوالي في المدينة القديمة، أعجبت بالمباني التي تعكس الطراز المعماري العماني. قلعة جوادر، التي كانت موقعًا عسكريًا خلال الحكم العماني، كانت تقف بفخر. المسجد، الذي يعد جوهرة معمارية من الفترة العمانية، أظهر التاريخ الغني.

زيارة جوادر لا تكتمل بدون تذوق "حلوى جوادر". تناولنا الكثير منها، واستمتعنا بكل قضمة. تشتهر جوادر بموقعها الاستراتيجي، وحلوياتها، وأسماكها، وقدمت لنا متعة لا تنتهي.

تقع جوادر بين منظرين طبيعيين متناقضين -البحر الأزرق الفيروزي والجبال الوعرة- وتقدم مشهدًا ساحرًا يأسر الروح. يتميز ساحل المدينة على شكل هلال بشواطئه النقية، التي توفر مناظر خلابة للرمال الذهبية.

غروب الشمس على شاطئ جوادر هو مشهد ساحر، حيث تتلون السماء بألوان البرتقالي والوردي، وتنعكس على البحر الهادئ. وتعتبر جوادر، ذات تاريخ غني مشترك مع عمان، خاصة من العام 1783 إلى 1958. خلال الحكم العماني، ازدهرت جوادر بتطوير البنية التحتية، بما في ذلك الموانئ التي عززت التجارة والاتصال. لا يزال هذا الارتباط التاريخي ملموسًا في شوارع المدينة وهندستها المعمارية، مما يجعل جوادر مزيجًا فريدًا من الثقافات والتاريخ.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تجربة كمومية تكشف وجود اتجاهين للزمن وليس اتجاها واحدا!

اكتشف فيزيائيون في جامعة سري البريطانية أنه داخل أنظمة كمومية معينة يمكن للزمن أن يتدفق في اتجاهين متعاكسين في آن واحد، على عكس ما يمكن أن نجد في عالمنا الواقعي، الذي نعيشه كل يوم، والذي ينطلق فيه الزمن في اتجاه واحد فقط، وهو المستقبل.

ولقرون عديدة، تجادل العلماء حول السبب في سهم الزمن، أي فكرة أن الزمن يتدفق بشكل لا رجعة فيه من الماضي إلى المستقبل، وبينما يبدو هذا بديهيا في واقعنا المُعاش، فإن قوانين الفيزياء الأساسية لا تُفضّل بطبيعتها اتجاها واحدا، فسواء تحرك الزمن للأمام أو للخلف، تبقى المعادلات كما هي.

يختلف عالم الكم عن عالمنا، وتحكمه قوانين مختلفة (غيتي) سهم الزمن

بالنسبة للقانون الفيزيائي فإن التحرك في الزمن يشبه التحرك في الفضاء، لا يوجد أعلى أو أسفل مثلا، كذلك يمكن للقانون الفيزيائي أن يعمل دائما في كلا الاتجاهين، يمكن له أن يتنبأ بمستقبل نظام ما وأن يتصور ماضيه.

ويربط فريق من العلماء بين سهم الزمن والقانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي ينص على أن الإنتروبيا (عدم الانتظام) تكون دائما في ازدياد ضمن نظام مغلق.

يمكنك ملاحظة ذلك بسهولة في سيارتك، حيث لا تُستخدم كامل الطاقة الناتجة من البنزين لتحريك السيارة لكن بعضها يُفقد في صوت الموتور، والبعض في ارتفاع درجة حرارة المحرك، والبعض في الاحتكاك ما بين التروس. لكن هل يمكنك جمع كل تلك الطاقة المفقودة مرة أخرى لإعادتها؟

إعلان

لا، تتخذ الإنتروبيا اتجاها واحدا دائما وهو الازدياد، وكذلك يبرد كوب من القهوة الساخنة بمرور الوقت، لكنه لا يسخن أبدا من تلقاء نفسه، وتنكسر البيضة عند سقوطها، لكنك لا ترى بيضة مكسورة تُصلح نفسها! وفي تلك النقطة يرتبط ازدياد الإنتروبيا بسهم الزمن، فالتغير الحاصل في أحداث الكون يتطلب تدرجا زمنيا.

تلك النتائج تشير إلى أن اتجاه الزمن ربما لا يكون ثابتا كما نراه (سايتك ديلي) عالم الكم الغريب

ولكن الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة "ساينتفك ريبورتس"، فحصت هذه الفكرة في سياق كيفية تفاعل نظام كمي مع بيئته، وهو ما يسمى بالنظام الكمي المفتوح.

وجاءت النتائج لتوضح أنه عند تطبيق نهج رياضي شائع (تقريب ماركوف) على هذه الحالة، فإن النظام الكمي تصرف بالطريقة نفسها سواء تحرك الزمن للأمام أو للخلف، بمعنى آخر: نشأ اتجاهان للزمن، لا اتجاه واحد.

لا يعني ذلك أي شيء له علاقة بالسفر في الزمن، بمعنى أن هذا لا يعني أننا سنرى بيضا مكسورا يتم تجميعه في الحياة الواقعية، بل ينطبق فقط في ظروف كمية محددة.

وتشير تلك النتائج إلى أن اتجاه الزمن ربما لا يكون ثابتا كما نراه، وتقدم الدراسة الجديدة منظورا جديدا لأحد أكبر ألغاز الفيزياء، إذ إن فهم الطبيعة الحقيقية للزمن قد تكون له آثار عميقة على ميكانيكا الكم وعلم الكونيات، وما وراءهما.

مقالات مشابهة

  • مليشيا الدعم السريع المتمردة غدرت بقوات الجيش والاحتياطي المركزي التي كانت تؤمّن القصر الجمهوري
  • رئيس الخلود يرد على الانتقادات: لن أغير تصريحي لو عاد الزمن .. فيديو
  • استشراف مستقبل العمل في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي
  • قوات السلطان المسلحة تحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى
  • القبض على وافد بتهمة القتل في صلالة.. عاجل
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد افتتاح معرض “روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية” في المتحف الوطني العماني
  • ‏سباق مع الزمن.. المال السياسي يثير القلق مع اقتراب الانتخابات
  • الهلال يسابق الزمن لتجهيز البليهي قبل مواجهة النصر
  • تجربة كمومية تكشف وجود اتجاهين للزمن وليس اتجاها واحدا!
  • البنك الوطني العماني يطلق حملة "شهر العطاء" لدعم المجتمع