تعمل جامعة السلطان قابوس ممثلة في كلية الهندسة على تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي وإدماجها في المركبات ذاتية القيادة، وتطوير المعالجات المسرعة للخوارزميات والعمليات التي تتم وتنجز الذكاء الاصطناعي على المركبات غير المأهولة، وقد حقق الفريق البحثي بالكلية إنجازات عديدة بينها مشروع بحثي لرصد التشققات في المنصات البحرية مما أسهم في تقليل التكلفة والوقت الزمني لميناء صحار، كما طوّر زورقًا ذاتي القيادة قادرًا على الإبحار إلى مناطق يحددها المستخدم لرصد التسربات الزيتية من السفن والناقلات، ويحمل على متنه طائرتين مسيّرتين بإمكانهما معاونته في رصد الملوّثات في المياه الإقليمية.

وقال الدكتور أحمد بن سعيد المعشني، أستاذ مشارك - رئيس قسم الهندسة الكهربائية والحاسب الآلي في كلية الهندسة بجامعة السلطان قابوس: إن الفريق البحثي بكلية الهندسة شرع في مجموعة من المشاريع المتعلقة بالمركبات ذاتية القيادة إذ يهدف هذا التوجه إلى إيجاد حلول عملية ناجعة للتحديات التي يواجهها المجتمع والقطاعان العام والخاص، وعلى الرغم من أن الطائرات المسيّرة (الدرون) تحظى بنصيب الأسد من التغطية الإعلامية عالميا، فإن المركبات الأخرى -الأرضية والمائية والتحت مائية- لها تطبيقات واسعة وفوائد جمّة لجميع مستخدميها والمنتفعين من الخدمات والسلع الناجمة عنها، وبالتالي سعى الفريق إلى بناء الكفاءات ونقل المعرفة والتقانة لتعظيم الاستفادة من هذه المركبات بشتى أنواعها، فعلى سبيل المثال وظفنا الطائرات المسيّرة لمسح المنصات البحرية لرصد الشقوق المتناهية الصغر وذلك بالشراكة مع شركة ميناء صحار والمنطقة الحرة، واستخدمنا المسيّرات في المحميات الطبيعية لتحديد أنواع وأعداد الحيوانات المهددة بالخطر وذلك بالتعاون مع مكتب حفظ البيئة بهيئة البيئة، كما استخدمناها في المزارع لتحديد المناطق التي تستدعي عناية أكبر من المزارعين، ومن ناحية أخرى طوّر الفريق زورقا ذاتي القيادة قادرا على الإبحار إلى مناطق يحددها المستخدم لرصد التسربات الزيتية من السفن والناقلات، وما يميز هذا الزورق أنه يعمل كحاملة طائرات حيث بإمكانه حمل طائرتين مسيّرتين بإمكانهما معاونة الزورق في رصد الملوّثات في المياه الإقليمية، كما يحوي الزورق على آلية لجمع عيّنات من الملوّثات دون تدخل بشري، إضافة إلى ذلك استخدمنا المركبات تحت المائية في تحديد أعداد وأنواع الأسماك التي تقطن الشعاب المرجانية بطريقة مؤتمتة وباستخدام تقنيات التعلم العميق، وهذه التجارب تمت إما عن طريق مشروع بحثي أو مشاريع تخرج لطلبة كلية الهندسة بالجامعة.

وأشار إلى أن كلية الهندسة أبدت اهتمامها بالمركبات ذاتية القيادة منذ ما يربو على عقد من الزمان، وتسارع هذا الاهتمام منذ عام 2018، حينما نضجت بعض التقنيات المُمكّنة للمركبات ذاتية القيادة، وانتقل الفريق البحثي من مرحلة تعلم التقنية وتطويعها إلى الاستفادة منها خلال وقت وجيز، والانتقال إلى مرحلة تعظيم الاستفادة وتطوير خوارزميات عالية التعقيد والتركيب، ونأمل في رفع وتيرة نقل ونشر المعرفة إلى المؤسسات الأخرى، مشيرا إلى أن القطاع الصناعي يؤدي دورا حيويا في الدفع قدما بتطوير وتجويد المركبات ذاتية القيادة والتقنيات الأخرى المصاحبة لها كتقنيات الذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بعد، إذ إن التحديات التي يواجهها القطاع الصناعي تترجم إلى مشاكل فنية تحتاج إلى حلول هندسية، وبالتالي، لا بد من تعزيز التواصل والترابط بين القطاع الصناعي والمؤسسات الأكاديمية، فالأول هو الأدرى بالتحديات وأوليات التعاطي معها، والأخيرة تملك أدوات البحث والتطوير اللازمة لإيجاد الحلول.

وأكد أن المركبات ذاتية القيادة هي المستقبل، ولكن، مدى تبنّي واستخدام هذه المركبات قد يختلف من قُطر لآخر وبتسارع زمني متفاوت، وهناك عوامل عدة تحدد ذلك، منها مدى تقبل المجتمع لها، وانخفاض تكاليف اقتنائها واستخدامها، والبطالة التي قد تنشأ بسبب استبدال الآلة بالبشر في بعض الوظائف، وكذلك التقنيات المُمّكنة لهذه المركبات، ولذلك سنجد تزايدا مطردا في استخدام هذه المركبات خلال الأعوام الخمسة إلى العشرة القادمة إقليميا وعالميا.

وأوضح أن المركبات ذاتية القيادة تتشكّل من مجموعة مركّبة من المكوّنات الصلبة والبرمجيات، وما يميزها عن المركبات التقليدية هي أنها مزوّدة بمستشعرات عدة تُمكّن المركبة من تحسس البيئة التي حولها، وتُنقل إشارات المستشعرات إلى مُعالج (أو عدة مُعالجات) لتحليل الإشارات وبالتالي إدراك البيئة المحيطة واتخاذ القرار المناسب، فعلى سبيل المثال، مركبة أرضية ذاتية القيادة تحاول الالتفاف إلى اليمين عند تقاطع به ممر مشاة، ففي هذه الحالة، يجب على المركبة التأكد من أن الإشارة خضراء، وأنه لا يوجد مشاة، وأن المسافات بينها وبين المركبات الأخرى تسمح بالالتفاف الآمن، حينها فقط ستتحرك المركبة في الاتجاه المقصود، كل هذه العمليات يجب أن تحصل في جزء من الثانية لحماية أمن وسلامة الركاب والمشاة، وبالتالي هذا يستدعي معالجات عالية الكفاءة ومجموعة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي المركّبة القادرة على تمييز الأشياء واتخاذ القرارات الصحيحة بهامش خطأ متدنٍ جدّا.

وأضاف: إن كل الجهود التي تسعى إلى فهم المركبات ذاتية القيادة والتقنيات المصاحبة لها والاستفادة منها هي جهود مكملة لبعضها البعض، وقد تبنّى الفريق البحثي روح التعاون والانفتاح على تجارب الآخرين من أجل المصلحة المشتركة، ولذلك تميزت المشاريع التي عمل فيها الفريق بالسعي الدؤوب لغرس ثقافة نقل التقنية للمجتمع المحلي الاستفادة القصوى منها في حل مشكلات فعليّة تضيف قيمة للمجتمع المحلي، وتجنب المشاريع ذات الصدى العالي، ولكنها تنعكس بفائدة ضئيلة على المجتمع، كما سعينا إلى نشر المعرفة بالتقنيات قدر الإمكان ليستفيد منها الباحثون الآخرون في شتى أنحاء سلطنة عمان، مضيفا: إن الفريق طوّع مجموعة من التقنيات مثل المتحكمات الإلكترونية، والمُسرّعات، والاستشعار عن بعد، وتقنيات الذكاء الاصطناعي تأتي على رأس تلك التقنيات المستخدمة، حيث شهد العالم خلال العقد الماضي تسارعًا في هذه التقنيات لم نشهده من قبل في أي تقنية أخرى، وسعينا لتوظيف هذه التقنيات ليس فقط لأتمتة العمليات المُنجزة، بل لرفع الجودة، وتخفيض التكلفة، وتقليص الوقت اللازم لإنجاز المهمات.

وحول امتلاك الإمكانيات لتصنيع مركبات ذات القيادة في سلطنة عمان؟ قال إن المكوّنات المادية والبشرية موجودة، ويبقى فقط القرار للسعي قُدمّا في هذا الاتجاه. فعلى سبيل المثال، شركة أفق عُمان هي شركة محلية متخصصة في صناعة الطائرات المسيّرة داخل سلطنة عمان، وهذا مثال أرجو أن يُحتذى به في تصنيع وتطوير مركبات أخرى بشتى أنواعها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المرکبات ذاتیة القیادة الذکاء الاصطناعی الفریق البحثی هذه المرکبات کلیة الهندسة

إقرأ أيضاً:

تنظيم برنامج تدريبي حول إعداد قادة الذكاء الاصطناعي

ينظم معهد إعداد القادة بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية وجامعة العقبة للتكنولوجيا بالمملكة الأردنية الهاشمية، البرنامج التدريبي الخامس الذي يأتي بعنوان: "إعداد قادة الذكاء الاصطناعي وحرب المعلومات"، في الفترة من 8 إلى 12 سبتمبر الجاري. 

يأتي ذلك برعاية الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري، والدكتور عزمي محافظة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الأردني. 

ويشارك 16 دولة عربية وهي ( مصر، الإمارات، قطر، البحرين، سلطنة عمان، العراق، جزر القمر، الصومال، المغرب، تونس، لبنان، سوريا، الأردن، فلسطين، ليبيا، واليمن).

ويحظى البرنامج التدريبي بإشراف الدكتور عمرو عزت سلامة الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية، والدكتور محمد الوشاح رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا، والدكتور كريم همام، مستشار وزير التعليم العالي للأنشطة الطلابية ومدير معهد إعداد القادة.

ويشمل البرنامج التدريبي تنظيم محاضرات وورش عمل متعددة، ويبدأ البرنامج باجتماع تحضيري للوفود المشاركة من الدول العربية، يعقبه الجلسة الافتتاحية والتقاط صورة تذكارية مع الطلاب المشاركين، ومن أبرز المحاضرات التي يُقدمها البرنامج، (القائد الكاريزما ومهارات القيادة اللازمة لبناء الشخصية، تطبيقات الذكاء الاصطناعي ودورها في مواجهة التحديات المجتمعية) 

ورش عمل حول دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة

كما يتضمن البرنامج ورش عمل حول دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة، والأمن السيبراني وحرب المعلومات، والقيادة والدبلوماسية، بالإضافة إلى تنظيم جلسات علمية وكذلك تنظيم جولة ميدانية داخل جامعة العقبة للتكنولوجيا للاطلاع على نظام الدراسة والبنية التحتية للجامعة، بالإضافة إلى جولة سياحية في مدينة العقبة.

وأكد الدكتور أيمن عاشور أهمية المشاركة في البرنامج التدريبي، الذي يدعم جهود إعداد كوادر قيادية مؤهلة قادرة على دفع عجلة التنمية المُستدامة على المستويين المحلي والعربي، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل دائمًا على دعم الشباب المصري والعربي وصقل مهاراتهم من خلال برامج متنوعة تُسهم في تأهيلهم ليصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع، وكذلك إتاحة الفرص لهم للمشاركة في مختلف الأنشطة الطلابية. 

وأشار الدكتور كريم همام إلى أن البرنامج يعُد نقطة تحول في التعاون العربي المُشترك، حيث يهدف إلى تمكين الشباب العربي من مواكبة التغيرات السريعة في العالم الرقمي والمعلوماتي، موضحًا أن البرنامج يسعى إلى بناء قدرات الشباب العربي في مجالات الذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات، حيث يتجاوز الدروس النظرية إلى تطبيقات عملية، مما يؤهلهم ليكونوا قادة المستقبل في هذه المجالات الحيوية، مؤكدًا أن الشباب العربي يمكنهم رسم ملامح مستقبل مشرق للمنطقة بأفكارهم الابتكارية وإبداعاتهم، والمُساهمة في بناء مستقبل أكثر أمانًا واستدامة.

مقالات مشابهة

  • 10 توصيات لمجلس الشيوخ بشأن الذكاء الاصطناعي.. تعرف عليها
  • «الإفتاء» تبحث التعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم في مجال الذكاء الاصطناعي
  • تنظيم برنامج تدريبي حول إعداد قادة الذكاء الاصطناعي
  • محمد مغربي يكتب: قوانين الذكاء الاصطناعي.. ولكن!
  • طلبة جامعة السلطان قابوس ينتزعون الصدارة في مسابقة "تحدي الجامعات"
  • الطلبة العمانيون يتفوقون في تحدي الجامعات بالإمارات
  • أوروبا تعتمد أول معاهدة دولية ملزمة بشأن الذكاء الاصطناعي
  • ولاية الخرطوم تقرر تسليم المركبات التي تم جمعها من شوارع أمدرمان لأصحابها
  • سوء استخدام الذكاء الاصطناعي سيكلّف العالم 10 تريليونات دولار
  • هل NVIDIA متهمة بمكافحة الاحتكار في مجال الذكاء الاصطناعي