قال الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفَّقنا إلى اختتام فعاليات مؤتمر «الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع» الذي نظمته الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إيمانًا منها بحاجة العالم الماسة إلى منظومة مبادئ حاكمة قائمة على الأخلاق والقيم الإنسانية المشتركة، لا سيما والعالم اليوم يشهد تحديات كبيرة تهدد السلم والاستقرار العالميين، وإدراكًا منا جميعًا بأن المزيد من التعاون والتفاهم العابر للحدود هو السبيل للتصدي لهذه التحديات.

مفتي الديار الهندية: المنهجية المنظمة في الفتوى ضرورة لضمان دقة الأحكام والتوجيهات مفتي البوسنة السابق: المفتي وارث النبي ودوره يأتي قبل القاضي

وأضاف خلال إلقاء فضيلته البيان الختامي، إن فعاليات المؤتمر شهدت حضورًا مميزًا من كبار المفتين والوزراء، ومن علماء الشريعة ورجال الفكر والإعلام، والباحثين وعلماء الفلسفة والأخلاق والاجتماع والسياسة، والمتخصصين في حقوق الإنسان والقانون، حيث ناقش المؤتمرُ في فعالياته المتنوعةِ بين جلساته العلمية وورش عمله وأبحاثه المقدمة ونقاشاته قضايا الفتوى والبناء الأخلاقي، مبينًا دور الفتوى في إرساء بناءٍ أخلاقي يراعي القيم الدينية والمشتركات الإنسانية.

كما أوضح المفتي أن المؤتمر حرص خلال أعماله، وانطلاقًا من رسالته على تحقيق مجموعة من الأهداف، من أهمها: تعزيز الوعي والتفاهم العالمي بأهمية الفتوى الرشيدة في إرساء منظومة المبادئ والأفكار العالمية لتكون قائمةً على الأخلاق والقيم الإنسانية المشتركة، ومعليةً قيمَ السلام والعدل والمساواة، تحديد القيم الأخلاقية التي يجب أن تكون أساسًا للواقع العالمي ودور الفتوى في ذلك، تحديد الأُطر والمبادئ التي ينبغي أن تحكم النُّظُم السياسية والاقتصادية في الواقع العالمي وبيان دور الفتوى في تعزيز هذه المبادئ، وكذلك تعزيز التعاون والتضامن العالمي لتحقيق السلام والعدل والمساواة بين الدول والشعوب وأهمية دور الفتوى والإفتاء في هذا التعاون، وبيان دور هيئات ومؤسسات الإفتاء دوليًّا وإقليميًّا في تعزيز الأخلاق والقيم الإنسانية، إبراز الأرضية الأخلاقية المشتركة للتعاون بين مؤسسات الفتوى والمنظمات الدولية، وتقديم الحلول الإفتائية لمواجهة تحديات البناء القائم على الأخلاق الإنسانية.

ولفت المفتي النظر إلى أن المؤتمر أطر نقاشاته وفق ثلاثة محاور، حيث ناقش المحور الأول "البناء الأخلاقي في الإسلام ودور الفتوى في تعزيزه"، وتناول المحور الثاني "الفتوى والواقع العالمي.. الأفكار والمبادئ"، ثم ختم المحور الثالث بمناقشة "دور الفتوى في مواجهة عقبات وتحديات البناء الأخلاقي لعالم متسارع".
وعلى هامش هذه الجلسات عُقدت مجموعة من ورش العمل، تناولت الورشة الأولى منها صناعة ميثاق أخلاقي إفتائي للتطورات في مجالات العلوم التجريبية والطبيعية والاجتماعية والذكاء الاصطناعي؛ حيث استهدفت بيان التعريفات الأساسية المتعلقة بالعلم والأخلاق والدين والعلاقة بينها، وعرض تحليل إحصائي وشرعي لعينة متنوعة من الفتاوى المتعلقة بأخلاقيات العلم الشرعي، وعينة أخرى من الفتاوى المتعلقة بتطبيق الأخلاق على العلوم التجريبية.

مناقشة موضوع الذكاء الاصطناعي 

كما أوضح أن الورشة الثانية خُصِّصت لمناقشة موضوع الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في العلوم الشرعية عامة وعلوم الفتوى على وجه الخصوص؛ حيث ركزت على طرح مفاهيم الذكاء الاصطناعي الأساسية، وعرضت لتطبيقاته في هذا المجال، والتحديات التي تواجهه، وأكدت على أهمية تعزيز ثقافة استخدام الذكاء الاصطناعي في البحوث الشرعية، وضرورة التعاون بين العلماء الشرعيين والمتخصصين في التكنولوجيا، وموضحة المبادئ الأخلاقية لاستخدامه، وضرورة تصميم برامج تعليمية تدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم الشرعي، واستشراف المستقبل الواعد بهذا المجال.

وتابع: لما كان من المهام التي تضطلع بها الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم مواجهة الأفكار المتطرفة؛ فقد خصصت الورشة الثالثة لرصد وتحليل إشكاليات المحتوى الديني المتطرف في المنصات الرقمية وسبل معالجته، حيث تناولت تطور المحتوى المتطرف عبر منصات التواصل الاجتماعي والوسائل الرقمية، محللة أسباب رواجه وانتشاره على تلك المنصات، ومؤكدة على أهمية محاربته عبر قنواته نفسها، وضرورة بناء وتعزيز الشراكات بين مراكز البحوث لرصده وتتبعه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وضرورة التعاون مع المجتمع المدني لمحاربته، واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في ذلك، مع التأكيد على أهمية بناء القدرات الرقمية للمفتين والمؤثرين في مواجهة هذا الفكر، ومنوهة بأهمية التعاون مع شبكات التواصل الاجتماعي في تتبع وإزالة هذا المحتوى المتطرف، مع عرض التجارب السابقة في هذا المجال للوقوف على النجاحات وأوجه القصور، واقتراح التوصيات الملائمة لتفعيل برامج محاربته.

وفي ختام كلمته أعلن فضيلة المفتي عن خروج المؤتمر بمجموعةٍ من التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ التي خَلَصَ إليها من خلال اقتراحاتِ السادةِ المشاركينَ مِنَ العلماءِ والباحثينَ، وجاءت التَّوصياتُ بما يلي:

أولًا: يدعو المؤتمرُ جميعَ الدولِ العربيةِ والإسلاميةِ إلى تعزيزِ التعاونِ والتنسيقِ فيما بينها لدعمِ القضيةِ الفلسطينيةِ عبرَ الجهودِ الدبلوماسيةِ في المحافلِ الدوليةِ أو من خلالِ المساعداتِ الإنسانيةِ والتنمويةِ للشعبِ الفلسطينيِّ، تأكيدًا على وحدةِ الصفِّ والتضامنِ الإسلاميِّ.

ثانيًا: يُثَمِّنُ المؤتمرُ جهودَ القيادة المصرية في تعزيز الخطاب الديني الوسطي المعتدل، وتقديم خطاب ديني مستنيرٍ يواكب العصر، ويحافظُ على القيم الإسلامية السمحة ودورها كذلك في مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب، مما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.

ثالثًا: يُشيد المؤتمرُ بالسياسات المصرية التي تدعمُ الحوارَ والانفتاح على العالم  مع احترام الخصوصيات الدينية، مما يعزز التعاون الإنساني المشترك.

رابعًا: يُثمن المؤتمرُ دور مصر في تعزيز الإعلام المستنير، ودعوتها إلى استخدام وسائل الإعلام لنشر القيم الأخلاقية والتوعية بمخاطر الفكر المتطرف.

خامسًا: يؤكد المؤتمر أهمية الدور الذي تلعبه التعاليم الإسلامية السمحة في الارتقاء بالأفراد والمجتمعات البشرية، وهي التي نجدها منصوصًا عليها في كافة الشرائع السماوية، ومن ثم فإن المؤتمر يهيب بالمجتمع الدولي بضرورة احترام هذه التعاليم والعمل من خلالها على ضبط التسارع في الحركة العالمية، وتنامي النزعة الفردية على كافة المستويات؛ من أجل الحفاظ على القيم الإنسانية الرئيسية.

سادسًا: يثمِّن المؤتمر كافة المخرجات التي صَدَرت وعُرِضَت في فعالياته، ويدعو الباحثين والمختصين للإفادة منها.

سابعًا: يدعو المؤتمر جميع المؤسسات الإفتائية الوطنية إلى التعاون والتكاتف لمواصلة التجديد الفقهي والإفتائي، وتقديم خطاب فقهي وإفتائي يناسب العصر انطلاقًا من مقاصد الشريعة وغاياتها العليا.

ثامنًا: يؤكد المؤتمر على أن ما نملكه من ثروة فقهية وتشريعية غزيرة قادرة على صناعة فتوى تتناسب وحجم التسارع والمتغيرات العالمية في كافة المجالات.

تاسعًا: يدعو المؤتمر المجتمع الدولي للبعد عن توظيف التفسيرات والتأويلات المتطرفة للتعاليم الدينية السماوية السمحة في شن الحروب وإذكاء الفتن والنزاعات العِرقية والطائفية، بما يهدد أمن وسلامة المجتمعات البشرية لا سيما الإسلامية، ويحذر المؤتمر من أن هذه التوجهات تمثل وقودًا لتغذية تطرف مقابل لها قد لا يقل خطورةً عنها، وبما قد يدخل منطقتنا والعالم أجمع في أتون صراعات لا تنتهي.

عاشرًا: يؤكد المؤتمر على أهمية مواصلة العمل في مجال التأهيل الإفتائي، وبناء المزيد من جسور التفاهم والتعاون بين القائمين على صناعة الفتوى في العالم من مؤسسات وهيئات وطنية؛ لمواجهة التحديات الكبرى التي يفرضها علينا العالم المعاصر بتغيراته وأحداثه المتسارعة.

حادي عشر: يدعو المؤتمر المؤسسات التعليمية والدينية والثقافية في العالم كله إلى تكثيف جهودها في نشر ثقافة الحوار والتفاهم بين الأديان، وتعزيز التعايش السلمي، وتضمين مناهجها الدراسية مواد تعليمية تنشر ثقافة الحوار والتعايش السلمي.

ثاني عشر: يؤكد المؤتمر أهمية تعاون المتخصصين في مجالات التقنية ووسائل التواصل الرقمية مع مؤسسات الإفتاء لمساعدتها على تدشين بيئة آمنة عبر وسائل الاتصال لأتباع الدين الإسلامي يتم خلالها احترام خصوصياتهم، ومساعدتها في الترويج عالميًا لرقي وسماحة الدين الإسلامي لباقي الشعوب.

ثالث عشر: يؤكد المؤتمر على أهمية تحليل وتفكيك خطاب الجماعات المتطرفة، ومواصلة الجهود للتحذير منه، وبيان خطورته على أمن المواطنين واستقرار الأوطان.

رابع عشر: يَتوجَّهُ المجتَمِعونَ بالشكر لفخامة السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي؛ لرعايته الكريمة للمؤتمر، ولكل من أسهم في نجاح المؤتمر، مُتمَنِّينَ لمصر وكافة بلاد الأمة الإسلامية والعالمية التوفيق والنجاح والاستقرار الدائم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية مفتي الجمهورية المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء الفتوى الذکاء الاصطناعی القیم الإنسانیة دور الفتوى فی یدعو المؤتمر یؤکد المؤتمر الإفتاء فی فی العالم على أهمیة ن المؤتمر فی تعزیز

إقرأ أيضاً:

المؤتمر: القمة الـ11 لمنظمة الدول الثماني خطوة لتعزيز التعاون الدولي ودعم الشباب

أكد القبطان وليد جودة، أمين مساعد حزب المؤتمر، أن استضافة مصر للقمة الـ11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي في العاصمة الإدارية الجديدة يعد إنجازًا جديدًا يعكس مكانة مصر المتقدمة على الساحة الدولية.

وأوضح جودة، أنه تأتي القمة هذا العام تحت عنوان "الاستثمار في الشباب ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: تشكيل اقتصاد الغد"، وتجمع عددًا من قادة وزعماء الدول النامية بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي.

وأشار أمين مساعد حزب المؤتمر، إلى أن اختيار هذا العنوان يعكس أهمية الدور الحيوي الذي يلعبه الشباب في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي.

وتابع أمين مساعد حزب المؤتمر، ضرورة دعم وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة كركيزة أساسية لتنمية الاقتصاد المحلي والدولي.

وقال القبطان وليد جودة، إن الشباب هم عماد المستقبل، والاستثمار فيهم يعني استثمارًا في اقتصاد أكثر استدامة وإبداعًا، كما أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي حجر الزاوية في تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.

وأضاف أمين مساعد حزب المؤتمر، أن العاصمة الإدارية الجديدة، التي تستضيف القمة، تمثل رمزًا للتنمية والتطور الذي تشهده مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرًا إلى أن هذه القمة تشكل فرصة مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء وتبادل الخبرات والرؤى بشأن التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي.

وأشاد القبطان وليد جودة، بالدور الذي تقوم به مصر في دعم جهود التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون الدولي، معتبرًا أن هذه القمة ستساهم في تحقيق المزيد من الشراكات الاقتصادية بين الدول النامية، خاصة في مجالات الاستثمار في الشباب ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

واختتم أمين مساعد حزب المؤتمر، بيانه بالتأكيد على أهمية تفعيل توصيات القمة والعمل على تنفيذها بشكل عملي لدعم جهود التنمية في الدول الأعضاء وتوفير بيئة ملائمة لنمو الشركات الصغيرة وتطوير الكفاءات الشابة.

اقرأ أيضاًانطلاق فعاليات المؤتمر العلمي الأول لقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي

ختام فعاليات المؤتمر الدولي للباحثين الزراعيين بجامعة جنوب الوادي

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يؤكد أهمية مواصلة تعزيز التعاون بين مصر وبنجلاديش
  • السيسي يؤكد على أهمية مواصلة تعزيز التعاون مع بنجلاديش في شتى المجالات
  • الرئيس السيسي ورئيس حكومة بنجلاديش يؤكدان أهمية مواصلة تعزيز التعاون بين البلدين
  • الرئيس السيسي ونظيره التركي يؤكدان على ضرورة مواصلة تعزيز التعاون الثنائي
  • الرئيس السيسي ونظيره التركي يؤكدان ضرورة مواصلة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين
  • الرئيسان السيسي وأردوغان يؤكدان ضرورة مواصلة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في كافة المجالات
  • عاجل - الرئيس السيسي وأردوغان يؤكدان ضرورة مواصلة تعزيز التعاون الثنائي بشتى المجالات
  • المؤتمر: القمة الـ11 لمنظمة الدول الثماني خطوة لتعزيز التعاون الدولي ودعم الشباب
  • المشهداني يؤكد على أهمية تعزيز التعاون العربي المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية
  • المفتي يبحث مع سفيرة البحرين تعزيز التعاون المشترك