قال كاتب أميركي إن أفعال التفضيل هي الصيغة التي يمكن أن تقاس بها الحرب المستعرة في السودان، فهي أكبر أزمة نزوح وأكبر أزمة تعليم وأسوأ أزمة جوع في العالم.

وحذر الكاتب إيشان ثارور في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" من أن واحدة من أسوأ المجاعات منذ عقود على وشك أن تتفشى في ثالث أكبر دولة في أفريقيا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الغارديان: من خرّب شبكة السكك الحديدية الفرنسية ولماذا؟list 2 of 2صحيفتان بريطانيتان: هل تندلع حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل؟end of list

وأضاف أن السودان سقط منذ أكثر من 15 شهرا في براثن حرب أهلية مدمرة تسببت في كوارث ورعب فوق الوصف تمثلت ربما في مقتل نحو 150 ألف شخص، بحسب تقديرات كبير مبعوثي الإدارة الأميركية إلى المنطقة.

مجاعة لا شبيه لها

وبحسب المقال، تزعم منظمة الأمم المتحدة أن نحو 750 ألف شخص على شفا مجاعة لا شبيه لها سوى تلك التي شهدتها الصومال عام 2011، حيث لقي ربع مليون شخص -نصفهم من الأطفال- حتفهم.

ومن تأثيرات الحرب في السودان التي تقاس بصيغ التفضيل -وفق المقال- أنها أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، حيث أُجبر نحو 11 مليون شخص على الفرار من منازلهم، كما تشهد البلاد أكبر أزمة تعليم في العالم، إذ أُغلقت معظم المدارس، مما حال دون التحاق 19 مليون طفل بمدارسهم.

ثم إن السودان -كما يقول ثارور نقلا عن وكالات الأمم المتحدة– أكبر موطن لأزمة جوع في العالم، حيث يعاني ما يقدر بنحو 26.6 مليون شخص -أي أكثر من نصف تعداد سكان البلاد- من "انعدام الأمن الغذائي".

سوابق في حملات الإبادة

ووفقا لكاتب المقال، فإن السودان ممزق بين جنرالين هما القائد الأعلى للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي "والتي لها سوابق في شن حملات إبادة جماعية عندما كانت تسمى مليشيا الجنجويد" في إقليم دارفور غربي البلاد.

ويشير ثارور في مقاله إلى أن هناك حالات موثقة لجرائم حرب من قبل قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها التي ارتكبت مذابح بحق مواطنين في المدن والبلدات التي استولت عليها، وأن تفشي أعمال النهب والسلب والعنف تسبب في تدمير المحاصيل الزراعية بالسودان، وأن منظمات الإغاثة تشكو من صعوبات جمة في إيصال المساعدات إلى المحتاجين داخل البلاد.

قبور بدون شواهد

وكشف الكاتب أن فريقا من زملائه في صحيفة واشنطن بوست قاموا مؤخرا بجولة في 5 مدن سودانية ورووا ما شاهدوه هناك.

وقال إن سجناء وجنودا تحدثوا "عن شبان قُتلوا بالرصاص بعيدا عن منازلهم، وتحللت جثثهم بفعل الحرارة، قبل أن تُلقى في قبور بدون شواهد".

التدخل الخارجي

ومضى الكاتب إلى القول إن جملة من المصالح الجيوسياسية المتضاربة هي التي تشكل الحرب المحتدمة في السودان.

وحذر ثارور من أن المرجح أن يؤدي استمرار التدخل الخارجي في السودان إلى إطالة أمد الحرب، مشيرا إلى أن منظمة العفو الدولية أكدت في إحاطة الأسبوع الماضي استمرار تدفق الأسلحة إلى البلاد.

وأوضح أن المنظمة وثقت وجود أسلحة وذخائر جديدة من دول متنوعة دخلت بـ"كميات كبيرة إلى السودان" ثم انتشرت في ساحات القتال، بما في ذلك إقليم دارفور الخاضع أصلا لحظر أسلحة فرضته الأمم المتحدة منذ عقدين من الزمن.

وقال ديبروز موشينا -من منظمة العفو الدولية- في بيان إن تحقيقاتهم أثبتت أن الأسلحة التي تدخل البلاد "وُضعت في أيدي المقاتلين المتهمين بارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان".

وتابع أنه "من الواضح أن حظر الأسلحة الحالي الذي يسري حاليا على دارفور فقط غير كاف على الإطلاق، ويجب تحديثه وتوسيع نطاقه ليشمل ربوع السودان بأكملها"، ووصف ما يحدث هناك بأنه "أزمة لا يمكن تجاهلها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات فی السودان أکبر أزمة فی العالم

إقرأ أيضاً:

هل أشعلت الحرب عقول الشباب السوداني؟

حدثنا البروفيسور شمس الدين زين العابدين عن الرئيس الهندي الأسبق أبوبكر عبد الكلام أنه خاطبهم في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم قائلا لهم: “لا تكتفوا بتدريس طلابكم، بل أشعلوا عقولهم”.
كتاب له مشهور عنوانه Ignited Minds إشعال العقول، عوّل فيه على إشعال العقول الشابة Igniting young minds حين بدأ التخطيط لفترة رئاسته. رأى أن يكون قائدًا ولا يفرض فكره على الآخرين.
كتب في مقدمة الكتاب أن صدمة كبيرة أوصلته إلى هذه القناعة، عندما نجا من تحطم مروحية كانت تقله.
يبدو أن الحرب قد أشعلت عقول السودانيين، أو كما نقول بالدارجة: “فَتحَت راسهم”. وربما أصابهم ما يصيب الجسم بعد العلاج بالصدمة الكهربائية. صدمة مؤلمة لكنها فعالة.
ظهرت العشرات من العناوين التي ألفها السودانيون في فترة الحرب، ومئات المنصات الالكترونية العلمية ومنها منصات ذات محتوى رفيع لشباب واعد يقدم مشروعات في الزراعة والصناعة والطاقة وغيرها.
قد يقال إن هذه الكتب والمؤلفات والمنصات ليست سوى مظهر لـ “قلة الشَغَلة” بعد أن أوى اللاجئون إلى الشقق في مصر وتركيا والسعودية ولم يجدوا شيئًا يفعلونه غير صياغة المشروعات وتأليف الكتب.
وقد يقال إن هذه المنصات الالكترونية الرصينة ليس لها أثر، لأن المؤثرين الفعليين هم (اللايفاتية) بأصواتهم العالية ورؤوسهم الخاوية!
هل يصل إلى الناس مثلا ما يقوله البروفيسور سيد أحمد العقيد أو الدكتور عباس أحمد الحاج؟ أذكر هذين الاسمين من علمائنا المرموقين، من باب المثال لا الحصر. الأول أنشأ مجموعة إعادة قراءة ونشر تاريخ السودان القديم المنسي من أجل الوعي بالذات. هكذا سمى المجموعة وقال إنها مجموعة تهدف إلى إيقاظ الحس الوطني. أما عباس فهو يعرِّف نفسه بأنه إعلامي، لكني أراه ممتلئًا بالتاريخ آخذًا بزمامه.
في صباح هذا اليوم الذي أكتب فيه بعث إليَّ الدكتور عباس تسجيلا صوتيًا يرد فيه على من أراد التقليل من الحضارة السودانية. ويعجبك عباس حين يتكلم بعمق عن أمة السودان العظيمة وعن الدولة العادلة في السلطنة الزرقاء وعن الكتلة التاريخية التي نشأت بتحالف عمارة دنقس وعبد الله جماع. ومن الجديد الذي سمعته منه أن نظام فصل السلطات أخذه الأمريكيون من السلطنة الزرقاء فقد زار أحد الآباء المؤسسين لأمريكا سنار وهو توماس جيفرسون، واحد ممن كتبوا الدستور الأمريكي. ويمضي دكتور عباس في القول بأن الحضارة السودانية سبقت بعلم الفلك وأن السودان موطن اللغة العربية، ففيه كان مبعث سيدنا إدريس عليه السلام أول من قرأ وأول من كتب في الرمل وأول من تطبب وأول من خاط الملابس.
أنشأ عباس مع آخرين مركز بحوث التاريخ والحضارة السودانية، ليضم أكثر من 180 عالما في التاريخ والثقافة. وجاء في تعريفه: مجموعة لإعادة قراءة تاريخ السودان بما يكشف جوانب المجد والسمو لهذا البلد العظيم.
إيه حكاية إعادة قراءة التاريخ؟
على طريقة السودانيين ترك البعض جوهر القضية وانغمسوا في حوار جانبي: هل الصحيح أن نقول إعادة قراءة التاريخ أم إعادة كتابة التاريخ؟ وكاد المتحاورون أن يتفرقوا إلى حزبين متشاكسين: حزب إعادة القراءة وحزب إعادة الكتابة!
يقول الكاتب المغربي محمد عابد الجابري: “مهمة المؤرخ إعادة بناء الماضي عقليًا”.
ليتفق المتحاورون إذن أن الكتابة والقراءة كلتيهما دراسة، فلتكن مهمة المجموعتين: إعادة دراسة التاريخ.
والمهم في إطلاق هذه المبادرات العلمية والأدبية أن تساعد في تنمية الوعي بأوضاع بلادنا التي تجتاز منعطفًا أساسيًا في تاريخه. معرفة الماضي تكشف الأسباب والعوامل التي قادت إلى ما نحن فيه الآن، والفهم الصحيح للماضي يساعد على فهم الحاضر واستشراف المستقبل.
يا ليت حركة التأليف والنشر لا تنتهي إلى مجرد إنتاج فكري متراكم، أو إلى بحوث توضع في أرفف المكتبات، وإلا فما أكثر الإنتاج البحثي في جامعاتنا التي لا تصل إلى الناس. المطلوب مشروع فكري يقود الحركة السياسية وتنفعل به حركة المجتمع، ولتكن هذه الصحوة الفكرية هي أساس صحوة وطنية شاملة.
بالله عليكم انبذوا مشعلي الإثارة والتهييج والعنف، وشجعوا مُشعلِي العقول الذين ينيرون طريق المستقبل المنشود.

بقلم: د. عثمان أبوزيد
صحيفة البلد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عن هُدنة لبنان.. بيانٌ أميركي جديد
  • بوتين: لو لم يُسرق فوز ترامب في انتخابات 2020 فربما لم تحدث أزمة أوكرانيا
  • الجيش السوداني: قوات الدعم السريع أحرقت مصفاة الخرطوم
  • مجلسا السيادة والوزراء يصدّقان على موازنة السودان 2025
  • مواطن يوفر محلاً لجارته بعد احتراق عربة الطعام التي تبيع فيها منتجاتها.. فيديو
  • السودان ودولة الحرب العميقة
  • تفاقم أزمة شح النقد في السودان بعد تغيير العملة: الأسباب والتداعيات
  • مشاورات مستمرة في «نيروبي» لتكوين أكبر جبهة مدنية سودانية
  • هل أشعلت الحرب عقول الشباب السوداني؟
  • الـ”جارديان”: الإمارات هي من تأجج الحرب في السودان