قال الدكتور يوسف حميتو من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في أبو ظبي، في كلمته خلال الجلسة العلمية الثالثة بالمؤتمر العالمي التاسع للإفتاء في القاهرة، إنه في عصر تتسارع فيه وتيرة التطور العلمي والتكنولوجي، تبرز الحاجة إلى تجديد الفتوى لتواكب هذه التغيرات وتستجيب للتحديات الأخلاقية الجديدة.

مفتي البوسنة السابق: المفتي وارث النبي ودوره يأتي قبل القاضي وكيل الأزهر: الناس في حاجة ماسة إلى فتوى بصيرة واعية تحمل قدرا من التفاؤل والأمل

 الفتوى ليست مجرد حكم شرعي، بل هي توجيه أخلاقي يسعى إلى تحقيق التوازن بين المبادئ الشرعية والتحديات الواقعية، مسترشدة بأصول الشريعة السمحة التي تراعي مصالح الناس وتسعى لتحقيق العدالة والرحمة.


وأشار الدكتور حميتو إلى أن الفتوى تعتبر أداة لتعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع، موضحًا أنه في ظل الثورة الرقمية، يجب أن تكون الفتوى دينامية، قادرة على استيعاب المستجدات وتأطيرها بالنسق القيمي والأخلاقي الشرعي. تسعى الفتوى إلى توجيه الأفراد نحو السلوك القويم وتعزيز قيم الأمانة، النزاهة، والعدالة، مما يتطلب من الفقيه المعاصر أن يكون ملمًّا بالتطورات التكنولوجية وقادرًا على تقديم حلول شرعية تتماشى مع روح العصر.


وأكد الدكتور حميتو على التحديات التي تواجه الفتوى في ظل الثورة الرقمية، حيث إن الثورة الرقمية والتطور التكنولوجي السريع يفرضان تحديات جديدة على الفتوى. التطورات مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة تطرح تساؤلات تحتاج إلى إجابات شرعية مستنيرة. الفقيه المعاصر مطالب باستخدام منهجية تحليلية واستنتاجية للتعامل مع هذه المستجدات، مع الحفاظ على التوازن بين الابتكار والالتزام بالقيم الإسلامية.

 

وتحدث الدكتور حميتو في كلمته عن التعددية الثقافية والدينية في العالم الرقمي، موضحًا أن التعددية الثقافية والدينية تتطلب فتاوى تراعي هذا التنوع وتحترم القيم الإنسانية المشتركة. يمكن للفتاوى أن تستخدم التكنولوجيا لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، وتشجيع التفاهم والتعاون، مما يعزز التعايش السلمي.


كما تناول الدكتور حميتو التحديات البيئية، مشيرًا إلى أن الفتوى يجب أن تسهم في مواجهة التحديات البيئية والحفاظ على البيئة في ظل الثورة الرقمية، وأن الإسلام يدعو إلى الحفاظ على البيئة وعدم الإفساد في الأرض. الفتوى يجب أن تشجع على استخدام التكنولوجيا بطريقة مستدامة تحترم البيئة وتقلل من الأضرار البيئية، مثل تقليل النفايات، واستخدام الطاقة المتجددة، والحفاظ على الموارد الطبيعية.


وشدد على ضرورة تحقيق التوازن بين السيادة الوطنية والقيم الإنسانية في الفتوى الرقمية، وهو الأمر الذي يعد من التحديات الرئيسية التي تواجه الفتوى في العصر الرقمي. 

 

يجب على الفتاوى أن تعزز من السيادة الوطنية وتحترم في الوقت نفسه المبادئ الأخلاقية والإنسانية، مما يضمن استقرار المجتمعات وتنميتها في إطار من القيم الشرعية والإنسانية.


وأوضح الدكتور حميتو تأثير وسائل الإعلام على الفتوى، قائلًا: "وسائل الإعلام تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام والتأثير على الإدراك المجتمعي. الإعلام يعيد صياغة الوقائع والأحداث بطريقة تلوينية وتحليلية، مما قد يؤدي إلى تشويه الفهم الديني للقضايا المطروحة. هذا يستدعي تساؤلًا حول كيفية حفاظ الفتوى على نقائها الشرعي في ظل هذه المؤثرات."


وأضاف أن التضليل الإعلامي يشكل تحديًا كبيرًا أمام المفتين الذين يسعون لتقديم فتاوى نزيهة وموضوعية. يجب على الفقهاء تقديم فتاوى تتسم بالوضوح والدقة، وتراعي سرعة انتشار المعلومات وتأثيرها على الجمهور، لضمان أن تظل الفتوى نورًا يهدي الناس في حياتهم اليومية بعيدًا عن التضليل الإعلامي.

 

وفي ختام كلمته، دعا الدكتور حميتو إلى تجديد الفتوى لتظل مرجعًا موثوقًا يمكنه مواجهة تحديات العصر الرقمي والتفاعل مع التطورات التكنولوجية والأخلاقية بشكل فعّال، مما يضمن تحقيق مصالح المسلمين ودعم القيم الإسلامية في المجتمع الحديث.

يشهد المؤتمر على مدار يومَي 29 و30 يوليو العديدَ من الفعاليات المهمة، حيث ستنطلق الفعاليات في التاسعة صباحًا وستشهد الجلسة الافتتاحية عرضًا لفيلم تسجيلي حول الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وأهداف المؤتمر والتحديات التي تواجهها الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع.

كما تشهد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كلمة دولة رئيس الوزراء، والتي سيلقيها معالي الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، فيما سيلقي كلمة الأزهر الشريف فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف.
كما سيلقي كلمـة "القدس" سماحة الشيخ محمد حسين، مفتي القدس، ويلقي كلمة منظمـة التعـاون الإسلامي معالـي الدكتـور قطـب سـانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، ويلقي معالي الشيخ الدكتور عبد الرحمن الزيد -رئيس المجمع الفقهي ونائب الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي- كلمة عن الرابطة، بينما يتسلَّم الشيخ حسين كافازوفيتش، مفتي البوسنة، جائزة القرافي.

ويعدُّ المؤتمر منصةً هامة لمناقشة دَور الفتوى في تعزيز الأخلاق والقيم الإنسانية في عالم يزداد تسارعًا، حيث يهدُف إلى تعزيز الوعي بأهمية الفتوى الرشيدة في ترسيخ الأخلاق والقيم الإنسانية، ومناقشة دَور الفتوى في مواجهة تحديات العصر الحديث، إضافة إلى تعزيز التعاون بين مؤسسات الفتوى والمنظمات الدولية والإقليمية، ومحاولة الخروج بتوصياتٍ عمليةٍ لتعزيز البناء الأخلاقي في المجتمعات.

ومن المنتظر أن يتمَّ الإعلان عن إطلاق عدد من المشروعات والمبادرات المهمة، من بينها: بلوغ المَعلمة المصرية للعلوم الإفتائية 102 مجلد، وإصدار الميثاق العالمي للقيادات الإفتائية والدينية في صُنع السلام ومكافحة خطاب الكراهية وحل النزاعات، والإعلان عن أدلة إرشادية باللغات المختلفة في مجالات عدة، والموسوعة العلمية للتدين الصحيح والتدين المغشوش، وأهم الدراسات التي قام بها المؤشر العالمي للفتوى، ومركز سلام لدراسات التطرف ومواجهة الإسلاموفوبيا وأهم مخرجاته، وإصدارات مجلات "جسور" و"دعم" ومجلة الأمانة، وغيرها من المشروعات المهمة.
كما ستعقد جلسة في ختام المؤتمر تُستعرَض فيها رسالة المؤتمر وأهدافه وما تم خلال فترته من جلسات وورش عمل، وعرض توصيات المؤتمر التي يكون المجلس التنفيذي للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم قد ناقشها وأقرَّها في اجتماعه بأول يوم من أيام المؤتمر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية مركز سلام لدراسات التطرف سانيه المشروعات والمبادرات مركز سلام نامي المؤتمر العالمي التاسع المؤتمر العالمي التاسع للإفتا تحقيق التوازن القیم الإنسانیة الثورة الرقمیة الفتوى فی

إقرأ أيضاً:

عادة غذائية تطيل العمر: نصيحة الدكتور حسام موافي للأكل الصحي

كشف الدكتور حسام موافي، أستاذ الحالات الحرجة بكلية طب قصر العيني، عن عادة غذائية مهمة يمكن أن تساعد في إطالة العمر وتحسين الصحة العامة، مشيرًا إلى أن اتباع هذه العادة قد يجعل الشخص يعيش حياة طويلة مثل سيدنا نوح عليه السلام. 

جاءت هذه التصريحات خلال تقديمه لبرنامجه "رب زدني علمًا" عبر قناة "صدى البلد"، حيث ألقى الضوء على الأهمية الكبرى للتغذية السليمة وكيفية تحسين العادات الغذائية اليومية.

الأكل كما جاء في القرآن الكريم

استند الدكتور موافي في نصيحته إلى القرآن الكريم، مشيرًا إلى الآيات الكريمة في سورة الواقعة التي تتحدث عن الأكل في الجنة، حيث قال:
"وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)".
وأوضح أن الأكل على طريقة القرآن الكريم يمكن أن يساعد على تحسين صحة الإنسان بشكل كبير، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بترتيب تناول الأطعمة، نصح بأن يتم تناول الفاكهة قبل الوجبات الرئيسية، معتبرًا أن هذه العادة الغذائية هي أفضل نصيحة يمكن لأي شخص اتباعها، حيث تسهم في الحماية من مشاكل الكوليسترول.

تأثير الزيوت المهدرجة والدهون على الصحة

في سياق حديثه عن العادات الغذائية، حذر الدكتور حسام موافي من تناول الزيوت المهدرجة والدهون الزائدة في الأطعمة، مشيرًا إلى أن هذه المواد ترفع من مستويات الكوليسترول الضار في الدم. 

يؤدي الكوليسترول المرتفع بدوره إلى انسداد الشريان التاجي، وهو من أكثر الأمراض انتشارًا في العصر الحديث.

وأكد موافي أن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن هو المفتاح للوقاية من هذا المرض وغيره من الأمراض المرتبطة بنمط الحياة الغذائي.

أهمية تنظيم الأكل

دعا الدكتور موافي إلى ضرورة تنظيم الأكل والابتعاد عن العشوائية في تناول الوجبات، مشددًا على أن النظام الغذائي السليم هو أحد أهم العوامل التي تسهم في الحفاظ على صحة القلب والشرايين.

بالإضافة إلى ذلك، أكد أن تناول الطعام خارج المنزل قد يكون خطرًا على الصحة، حيث يصعب التحكم في جودة المكونات المستخدمة وكمية الدهون والزيوت في الأطعمة.

الأكل خارج المنزل: مخاطر محتملة

تناول الطعام في المطاعم أو الأماكن العامة يعتبر جزءًا من الحياة اليومية لكثير من الناس، إلا أن الدكتور موافي شدد على أن هذا العادة قد تشكل خطرًا على الصحة.

فالأطعمة المعدة خارج المنزل تحتوي غالبًا على كميات كبيرة من الدهون المشبعة والزيوت المهدرجة، مما يزيد من احتمالية ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم والإصابة بأمراض القلب والشرايين.

نصائح غذائية للحماية من الكوليسترول

من أبرز النصائح التي قدمها الدكتور حسام موافي للحماية من الكوليسترول وأمراض القلب:

تناول الفاكهة قبل الوجبات: هذه العادة تساعد في تنظيم عملية الهضم وتحسين امتصاص العناصر الغذائية.الابتعاد عن الأطعمة الغنية بالدهون المهدرجة: مثل الأطعمة المقلية والمعلبات التي تحتوي على زيوت غير صحية.تناول اللحوم بشكل معتدل: ويفضل اللحوم البيضاء مثل لحم الطير، كما جاء في الآيات الكريمة.تجنب الأكل خارج المنزل قدر الإمكان: لضمان تناول أطعمة صحية ومراقبة كمية الدهون والزيوت المستخدمة.تنظيم مواعيد الأكل: لتحقيق التوازن الغذائي والحفاظ على صحة القلب.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الدكتور الزنداني تسلم أوراق اعتماد سفير جديد لدى اليمن
  • بحضور رئيس تحرير "الفجر" الدكتور مصطفى ثابت.. وزير الأوقاف يلتقي رؤساء تحرير الصحف
  • "الشعبية": تقرير الأمم المتحدة حول مجاعة غزة يكشف خطورة الأوضاع الإنسانية التي يسببها الاحتلال
  • الدكتور سعيد العيسائي يدشن صالونه الثقافي الأول بالقاهرة
  • عادة غذائية تطيل العمر: نصيحة الدكتور حسام موافي للأكل الصحي
  • الدكتور محمد كمال يكتب: الاستثمار في رأس المال البشري
  • واشنطن قد تفرض رقابة على وسائل الإعلام الروسية في "المعركة" ضدها
  • ولاية أميركية ثانية تفرض حظراً للتجوال بسبب فيروس قاتل
  • انتشار واسع لـ حمى غرب النيل في أوروبا.. 3 دول تفرض إجراءات استثنائية
  • أمريكا تفرض عقوبات إضافية على "أسطول الظل"