اكتشافات أثرية تستكمل صورة تعاقب الحضارات على أرض الإمارات
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
سجلت دولة الإمارات خلال العام 2024 مجموعة من الاكتشافات الأثرية المهمة التي شكلت إضافة نوعية للدلائل المادية الملموسة حول ما شهدته الدولة من تعاقب للحضارات العريقة على أرضها عبر التاريخ.
وتسهم مجموعة الاكتشافات المعلن عنها في تكوين صورة أوضح وأكمل عن تاريخ أرض دولة الإمارات خلال العصور القديمة، وطبيعة العادات والتقاليد والعلاقات الإنسانية لسكانها وكيفية تعاملهم مع مختلف موارد الطبيعة المحلية وتسخيرها لصالحهم.
وفي 25 يونيو الماضي أعلنت حكومة الفجيرة – بالتعاون مع فريق دولي من الباحثين من دائرة السياحة والآثار في الإمارة وجامعة “يينا” الألمانية، وجامعة أكسفورد بروكس في المملكة المتحدة – عن اكتشاف أدلة جديدة تشير إلى تواجد بشري قديم يعود لعصور ما قبل التاريخ في إمارة الفجيرة.
وأثبتت النتائج الجديدة أن المجموعات البشرية المتنقلة اتخذت من الملجأ الصخري في جبل كهف الدور الواقع بمنطقة حبحب موطناً لها على نحو متكرر منذ حوالي 13 ألفا إلى 7500 عام، حيث ساد الاعتقاد سابقاً بأن منطقة جنوب شرق الجزيرة العربية كانت غير مأهولة بالسكان منذ حوالي 38000 عام عندما سادتها الظروف المناخية الجافة، إلى أن أصبح مناخها أكثر رطوبة قبل حوالي 7000 عام.
ويجسد الاكتشاف التراث التاريخي الغني للفجيرة، إذ كشفت التنقيبات الأثرية التجريبية في الملجأ الصخري بجبل كهف الدور عن ثلاث طبقات تحتوي على أدوات حجرية وعظام حيوانات ومواقد، وقد أشارت عملية التأريخ بالكربون المشع للفحم المأخوذ من هذه المواقد إلى أن الموقع كان مأهولاً عدة مرات منذ حوالي 13000 إلى 7500 عام، ما يجعل هذا الملجأ الصخري أقدم موقع أثري في الإمارة.
بدورها أعلنت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، في يناير الماضي، عن أحدث اكتشافاتها في جزيرة ساس النخل، والتي تسلط الضوء على ثقافة العصر البرونزي في منطقة “أم النار” في أبوظبي، التي كانت سائدة في الحقبة الزمنية ما بين 2700 – 2000 قبل الميلاد.
وبعد مرور حوالي 65 عاماً على إجراء التنقيبات الأثرية الأولى في أبوظبي في هذا الموقع، بدأت عمليات التنقيب الجديدة في ساس النخل، كما يتضمن برنامج التنقيب الأثري الحالي أيضاً أعمالاً في مواقع مختلفة في جميع أنحاء أبوظبي، بما في ذلك مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو في العين.
وتضمنت اللُّقيات التي تمّ اكتشافها مجموعة محفوظة بشكل جيد تضم أكثر من 30.000 عظمة تسمح بمعرفة المزيد من المعلومات حول النظام الغذائي الذي كان سائداً في العصر البرونزي، حيث وجدت عظام بعض الحيوانات الكبيرة حول مدفأة دائرية كبيرة ما يشير غالباً إلى ممارسة أنشطة جماعية أو احتفالية، أو إلى أنّ هذا المكان كان مخصّصاً لتجمّع الناس من أجل تناول الطعام.
وشملت الاكتشافات الحجرية الرّحى والأحجار المصقولة والفؤوس والخرز، ووعاء من الحجر الناعم، بالإضافة إلى أقراص حجرية دائرية مثقوبة كانت تستخدم لتثقيل شباك الصيد، بينما تضمنت اللُّقيات النحاسية مطرقة صغيرة أو إزميلاً وخطافات صيد.
وعثر خلال عمليات التنقيب الأخيرة على عدد كبير من الأواني الفخارية التي تم استيرادها من مناطق بعيدة مثل بلاد ما بين النهرين القديمة وحضارة وادي السند ، ما يؤكّد الدور المحوري للجزيرة في التجارة التي كانت سائدة بين المناطق البعيدة آنذاك.
وجرى مطابقة البيتومين “القار” الموجود في الموقع مع مصادر في بلاد ما بين النهرين القديمة، حيث استخدم في صناعة الفخار المقاوم للماء بالإضافة إلى حفرة تخزين مبطنة بالطين، كما تشير الآثار على الحبال والأخشاب إلى استخدام القار في العزل المائي لهياكل القوارب من العصر البرونزي، ما يشكّل دليلا على ازدهار الملاحة البحرية لفترات زمنية طويلة، كما تشير هذه الاكتشافات المهمّة إلى أن جزيرة ساس النخل كانت ميناءً بحريا مزدهرا خلال الفترة من 2800 إلى 2200 قبل الميلاد.
من جهتها كشفت دائرة السياحة والآثار بأم القيوين، خلال أعمال التنقيب النظامية في موقع تل أبرق الأثري بالإمارة وبالتعاون مع البعثة الإيطالية، عن مجموعة من المسكوكات الذهبية الرومانية، وهي عملات تمت محاكاتها لعملات أصلية معروفة باسم “أوري” يعود تاريخها إلى فترة ازدهار موقع الدور الأثري خلال القرن الأول الميلادي.
وعثر على هذه العملات الذهبية التي تحمل صورة الإمبراطور الروماني “تيبيريوس” الذي حكم الإمبراطورية الرومانية في الفترة من 14 م إلى 37 م داخل جرة صغيرة من الفخار، إضافة إلى مجموعة أخرى من العملات البرونزية مستوحاة من العملة المعروفة باسم “أبيل” والتي تم سكها محلياً وأيضاً سوار من البرونز.
وتولي دولة الإمارات أهمية كبيرة للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية، باعتبارها تجسيدا لذاكرة الشعوب والمجتمعات، وقد عكست الاكتشافات الأثرية التي شهدتها الدولة خلال الفترة الماضية والتي تعود إلى آلاف السنين طبيعة الحضارات التي توافدت عليها منذ عصور قديمة.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
الإمارات تشارك في الملتقى التشاوري لمحافظي البنك الإسلامي للتنمية
أبوظبي: «الخليج»
ترأس محمد بن هادي الحسيني، وزير دولة للشؤون المالية، وفد دولة الإمارات لحضور الملتقى التشاوري لمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية، الذي انعقد في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، بهدف التشاور وتقديم المقترحات حول وضع إطار استراتيجي عشري للمجموعة ورسم مسار جديد للعقد المقبل (2026-2035)، وتحديد استراتيجية مجموعة البنك طويلة الأمد إلى جانب استراتيجيتين خمسيتين متتاليتين للبنك تحددان خارطة طريق مفصلة، وضم وفد الدولة علي عبدالله شرفي، الوكيل المساعد لشؤون العلاقات المالية الدولية بالإنابة وحمد عيسى الزعابي، مدير مكتب وزير دولة للشؤون المالية.
وحضر الملتقى لعزيز فايد وزير المالية الجزائري، رئيس مجلس المحافظين الإسلامي للتنمية، ومحمد بن عبدالله الجدعان، وزير المالية السعودي، والدكتور محمد الجاسر، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، والمحافظين والمحافظين المناوبين للبنك الإسلامي للتنمية، والمديرين التنفيذيين ومديري مؤسسات مجموعة البنك.
شراكة استراتيجية
وخلال اجتماع الطاولة المستديرة للمحافظين، أعرب محمد بن هادي الحسيني، عن تقدير دولة الإمارات للشراكة الاستراتيجية مع مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، مشيداً بالإنجازات التي حققتها المجموعة خلال الخمسين عاماً الماضية.
وأشار الحسيني إلى أهمية تبني نهج جريء ومبتكر لمواجهة التحديات العالمية المتغيرة، والعمل على مواءمة دورة التخطيط الجديدة لمجموعة البنك مع تطلعات المساهمين والأولويات العالمية الناشئة، وإطلاق مبادرات مؤثرة من أجل دعم التنمية المستدامة ودفع عجلة النمو وبناء القدرة على الصمود في البلدان الأعضاء، مؤكداً أن الهدف العام يتمثل في جعل مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الشريك الإنمائي المفضل للبلدان الأعضاء من خلال توفير حلول إنمائية مؤثرة ومستدامة.
رؤية مستقبلية
وأشار إلى أهمية تركيز مجموعة البنك على المساهمة في نمو الاقتصادات الناشئة والتركيز على تمويل المجالات التنموية ذات الأولوية، وتعزيز الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة والمستدامة، باستعمال منتجات وخدمات مالية مبتكرة وهذا يتطلب من البنك تطوير أسس للاستعلام المبكر والاستباقية في استشراف الفرص وتطوير القدرة على الصمود للتقلبات الاقتصادية. ودعا إلى تطوير آليات للاستعداد المبكر للأزمات والكوارث، وتعزيز الشراكات مع البنوك وصناديق الابتكار لدعم المشاريع الناشئة في الدول الأعضاء، كما دعا مجموعة البنك إلى الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة والرقمية لتطوير العمليات والإجراءات التشغيلية مع تقييم ومقارنة الأثر مع الكلفة للموارد التشغيلية المتاحة.
وأكد تعزيز دور مجموعة البنك عبر توفير حلول تمويل مستدامة ومؤثرة وتنفيذ مشاريع استراتيجية للبلدان الإسلامية منخفضة الدخل ومحاربة الفقر عبر تعزيز الشراكات مع البنوك الإنمائية لدعم وتوفير التمويل للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة للمساهمة في خلق فرص عمل جديدة لفئة الشباب،
وأشار الحسيني إلى ضرورة تعظيم الاستفادة من المزايا النسبية المتعددة التي يتمتع بها البنك كونه المؤسسة الدولية الإنمائية متعددة الأطراف الوحيدة التي تعمل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، والاستفادة من متانة مركزه والذي ساعدته على الحفاظ على أعلى درجات التصنيف الائتماني وهي AAA الممنوحة من وكالات التصنيف العالمية منذ عام 2006، وشدد على تحقيق التوازن المطلوب بين تغطية الالتزامات التمويلية حيال الدول الأعضاء من ناحية، والحفاظ على الاستقرار المالي للمجموعة من ناحية أخرى، إلى جانب التعبئة الفاعلة للموارد، والتوزيع الرشيد لهذه الموارد لتوسيع نطاق أثرها الإنمائي.