محبة الله تعالى لعباده المؤمنين المخلصين ثابتة بالقرآن الكريم والسنة النبوية المباركة، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
(1) قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54].
(2) قال جل شأنه: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [الفتح: 18، 19].
(3) روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانًا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانًا فأبغضه، قال فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض).
قوله: (إن الله إذا أحب عبدًا)؛ أي: إذا أراد إظهار محبته لعبد من عباده.
قوله: (دعا جبريل): يدل على عُلو منزلته عند الله تعالى؛ حيث خصَّه سبحانه من بين الملائكة.
قوله: (إني أحب فلانًا): وفي عدم ذكر سبب لمحبته من أوصاف عبده إشارةً إلى أن أفعاله تعالى مبرأة عن الأغراض والعلل، بل يترتَّب على محبته تعالى محبةُ العبد إياه بسلوك سبيله واتباع رُسله، ودوام اشتغاله بذكره ودعائه وثنائه، والشوق إلى رضائه ولقائه.
قوله: (فأحبه)؛ أي: أنت أيضًا، زيادةً لإكرام العبد، وإلا فكفى بالله محبًّا ومحبوبًا وطالبًا ومطلوبًا وحامدًا ومحمودًا.
قوله: (فيحبه جبريل)؛ أي: ضرورة عدم عصيانه أمرَ ربِّه، فيحبه لحبه، وهذا من المحبة في الله؛ أي: لا يحبه لغرض سوى مرضاة مولاه، ومحبة جبريل دعاؤه واستغفاره له، ونحو ذلك.
قوله: (ثم ينادي في السماء)؛ أي: جبريل بأمر الملك الجليل في أهل السماء.
قوله: (فيحبه أهل السماء)؛ أي: جميعهم.
* قال الإمام النووي (رحمه الله): محبة الله تعالى لعبده هي إرادته الخير له، وهدايته وإنعامه عليه، ورحمته، وبُغضه إرادةَ عقابه أو شقاوته ونحوه، وحب جبريل والملائكة يحتمل وجهين:
أحدهما: استغفارهم له وثناؤهم عليه ودعاؤهم.
والثاني: أن محبتهم على ظاهرها المعروف من المخلوقين، وهو ميل القلب إليه واشتياقه إلى لقائه.
وسبب حبهم إياه كونه مطيعًا لله تعالى محبوبًا له.
قوله: (يوضع له القبول في الأرض)؛ أي: الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه، فتميل إليه القلوب وترضى عنه.
قوله: (إني أبغض فلانًا فأبغضه)؛ أي يضع الله تعالى له في الأرض الكراهية والاجتناب في نفوس الناس.
(4) روى أحمد عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليلتمس مرضاة الله فلا يزال بذلك، فيقول الله لجبريل: إن فلانًا عبدي يلتمس أن يرضيني ألا وإن رحمتي عليه، فيقول جبريل: رحمة الله على فلان، ويقولها حملة العرش، ويقولها من حولهم، حتى يقولها أهل السماوات السبع، ثم تهبط له إلى الأرض؛ (حديث حسن)
قوله: (فلانًا) كناية عن اسمه ووصفه.
قوله (عبدي)؛ أي: المؤمن، إضافة تشريف.
قوله: (يلتمس أن يرضيني)؛ أي: لأن أرحمه (ألا) للتنبيه.
قوله: (وإن رحمتي عليه)؛ أي: رحمتي الكاملة واقعة عليه ونازلة إليه.
قوله: (رحمة الله على فلان): خبر، أو دعاء، وهو الأظهر.
قوله: (ويقولها)؛ أي: هذه الجملة حملة العرش، ويقولها من حولهم جميعًا.
قوله: (تهبط له إلى الأرض)؛ أي: تنزل الرحمة لأجله إلى أهل الأرض.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محبة الله تعالى القران الكريم لسنة
إقرأ أيضاً:
أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
مِن أينَ أبدَأُ وَاللِّسانُ عاجِزٌ عَن وَصفِ طه المُصطفى المُتَنَوِّرِ
لَو كُلُّ ما في الكَونِ مِن قَلَمٍ جَرى يُدَوِّنُ في وَصفِكَ مِن أسطُرِ
لَتَوَقَّفَ القَلَمُ بِوَصفِك حائِراً مَهما تَكونُ حِبارُهُ مِن أبحُرِ
وَيَقُولُ عُذرَاً سَيِّدِي خَيرَ الوَرى فَلَقَد تَحَيَّرَ كُلُّ ما في دَفتري
في وَصفِكُم قرآنُ فِيكم يُجهَرا يُتلى لِيَومِ الدِّينِ يِومِ المَحشَرِ
خُلُقٌ عَظِيمٌ آيُهُ مُتَيَسِّراً في حَقِّكُم طه الحَبيبِ الأَنوَرِ
صَلَّى عَلَيكَ اللهُ ما قَلَمٌ جَرى ما خَطَّ في الأَوراقِ مِن مُتَسَطِّرِ
فاللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلاَةً تُنْجِينَا بِهَا مِنْ جَمِيعِ الأَهْوَالِ وَالآفَاتِ وَتَقْضِي لَنَا بِهَا جَمِيعَ الْحَاجَاتِ وَتْطَهِّرُنَا بِهَا مِنْ جَمِيعِ السَّيِّئاتِ وَتَرْفَعُنَا بِهَا عِنْدَكَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَتُبَلِّغُنَا بِهَا أَقْصَى الْغَأيَاتِ مِنْ جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ.