عربي21:
2024-09-08@18:29:40 GMT

لماذا هدد أردوغان إسرائيل؟

تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT

أثار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جدلاً كبيراً بتصريحه الأخير بخصوص موقف بلاده من العدوان على قطاع غزة. فقد قال أردوغان إن على بلاده أن تكون "قوية جداً، حتى لا تستطيع إسرائيل أن تفعل ما تفعله بالفلسطينيين"، مضيفاً أنها تدخلت في كل من إقليم ناغورنو قره باخ (الإقليم المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان) وليبيا و"قد تفعل الشيء نفسه مع إسرائيل"، إذ ليس ثمة ما يمنع ذلك "يكفي فقط أن نكون أقوياء" على حد تعبيره.



التصريح اللافت للرئيس التركي تسبب بردات فعل حادة ومتشنجة لدى دولة الاحتلال، حيث قال وزير خارجيتها يسرائيل كاتس إن أردوغان بتهديده "يسير على خطى صدام حسين" الذي كان هدد "إٍسرائيل" ثم رماها بالصواريخ مضيفاً أن على أردوغان "أن يذكر ما حصل وكيف انتهى الأمر هناك". كما قال زعيم المعارضة يائير لابيد إن "إسرائيل لن تقبل التهديد من دكتاتور" داعياً أعضاء حلف الناتو لإدانة تصريحه "وإجباره على إنهاء دعمه لحماس".

كما كان من اللافت أن تأتي انتقادات لتصريح الرئيس التركي من خارج دولة الاحتلال، حيث دعا السياسي الهولندي المتطرف خيرت فيلدر إلى طرد تركيا من حلف الناتو، وهو مطلب تلاقى فيه مع وزير خارجية الاحتلال كاتس.

ليست المرة الأولى التي يطرح فيها أردوغان فكرة التدخل عسكرياً في فلسطين، حيث كان سبق وأن اقترح أكثر من مرة أن تشارك تركيا ضمن الدول الضامنة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وأن تشارك في إطار ذلك بقوات على الأرض في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية.وردّت الخارجية التركية على تهديدات وتلميحات كاتس، ببيان للخارجية شبه نتنياهو بـ "مرتكب الإبادة الجماعية هتلر" مؤكداً على أن الأول سيلقى المصير ذاته الذي لقيه الثاني، وعلى أن "الإنسانية ستقف إلى جانب الفلسطينيين" الذين "لن تستطيعوا إبادتهم" وفق البيان. كما كتب وزير الخارجية خاقان فيدان على حسابه على منصة إكس إن الرئيس أردوغان "بات صوت الضمير الإنساني، والذين يحاولون إسكات صوت الحق وعلى رأسهم الدوائر الصهيونية وإسرائيل يعيشون حالة من الهلع الكبير"، مؤكداً على أن التاريخ يظهر أن "النتائج ستكون واحدة لكل مرتكبي الإبادة الجماعية وداعميها".

وفي حين يتابع الجميع التراشق في التصريحات والمواقف بين أنقرة وتل أبيب، يبقى السؤال الأكثر حضوراً بخصوص التصريح أسبابه وما عنى به الرئيس التركي.

من المهم الإشارة أولاً إلى أنها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها أردوغان فكرة التدخل عسكرياً في فلسطين، حيث كان سبق وأن اقترح أكثر من مرة أن تشارك تركيا ضمن الدول الضامنة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وأن تشارك في إطار ذلك بقوات على الأرض في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية. ومن البديهي أن سياق هذه التصريحات السابقة يختلف جذرياً عن التصريح الأخير الذي أشار إلى النزاع في كل من ليبيا وجنوب القوقاز حيث تدخلت أنقرة عسكرياً بشكل مباشر وداعم لأحد طرفي النزاع بالسلاح والخبرة.

قد يُظن بأن الأمر لا يعدو عن كونه زلة لسان للرئيس التركي من باب أنه كان في لقاء حزبي في مسقط رأسه ـ مدينة ريزة ـ في البحر الأسود وبين كوادر الحزب وأنصاره، بيد أن الالتزام الحديدي بالنص المعروف عنه ونقل الكلام على الهواء مباشرة يضعف كثيراً من هذه الفرضية.

إن السياق الرئيس لتصريح أردوغان هو سياق دفاعي أو اعتذاري، إذ أتى في معرض الرد على انتقادات ومناشدات وجّهت للحكومة في الآونة الأخيرة من الشارع و/أو النخب و/أو بعض أحزاب المعارضة بخصوص الموقف من الحرب على غزة، ومن بين ذلك المطالبة بدعوة شخصية فلسطينية لإلقاء كلمة أمام البرلمان التركي كردٍّ على خطاب نتنياهو أمام الكونغرس. ولذلك فقد حرص الرجل على تأكيد أنه "ليس هناك ما يمنع" أن تفعل بلاده ذلك في فلسطين رابطاً ذلك بشرط "القوة والقدرة"، أي أنه أراد إثبات النية والموقف رابطاً الأمر بعدم القدرة حالياً.

وعليه، فالدافع الأساسي لكلام الرئيس التركي هو الرد على المعارضة التي طالما اتهمها بالمزايدة على مواقفه والتحدث بدون إلمام ومعرفة. بيد أن ذلك لا يبدو كافياً لوحده لفهم سياق الحديث، إذ أن الحكومة تتعرض لانتقادات شبيهة منذ بداية العدوان.

ثمة سياقان متعلقان بشكل مباشر بـ "إسرائيل" مهمان جداً في فهم الأبعاد الكاملة لتصريح أردوغان. الأول أن التصريح أتى على هامش تهديدات "إسرائيلية" متزايدة بضربة كبيرة للبنان/حزب الله يمكن أن تشعل مواجهة إقليمية وفق تحذير عدد من الأطراف الإقليمية والدولية، وستكون تركيا بالتأكيد من ضمن الدول المتأثرة بها إن حصلت. هنا، يوجّه أردوغان تحذيراً للولايات المتحدة ـ على طريقته ـ بأن ترك المجال لنتنياهو لتنفيذ خططه ضد لبنان ستكون له تداعيات وخيمة على كامل المنطقة. وقد كان له تصريح قبل أسابيع بهذا المعنى لدى تصاعد نبرة التهديد ضد لبنان آنئذ.

ثمة ما ينبغي على أنقرة ويمكنها فعله دون أثمان كبيرة متخيّلة. يمكن ـ وينبغي ـ مثلاً تفعيل خيار الانضمام لقضية الإبادة أمام محكمة العدل الدولية، وقطع التجارة بشكل كامل ونهائي مع دولة الاحتلال، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، ووقف تصدير النفط الأذربيجاني إليها عبر الموانئ التركية، وغلق المجال الجوي التركي أمام دولة الاحتلال والدعم الذي قد يصلها، وإقرار حزمة من القوانين في البرلمان (بخصوص مزدوجي الجنسية في جيش الاحتلال وغير ذلك).والسياق الثاني هو تطاول المدى الزمني للعدوان على غزة دون قدرة الاحتلال على الحسم من جهة وباقترافه المزيد من المجازر بحق المدنيين من جهة ثانية. بمعنى أن الاحتلال الذي عجز عن القضاء على المقاومة كما ادعى في بدايات الحرب بات اليوم أكثر عجزاً عن ذلك، وكشفت معركة طوفان الأقصى الكثير من الثغرات والأخطاء في بنيته الأمنية والعسكرية ما جرّأ الكثيرين على انتقاده في هذه الزاوية تحديداً.

وقد كان من بين من وجه الانتقادات للمنظومة الأمنية ـ العسكرية لـ "إسرائيل" واتضاح أنها أضعف مما تروج عن نفسها وزير الخارجية التركي (رئيس جهاز الاستخبارات السابق) فيدان ورئيس جهاز الاستخبارات السعودي الأسبق تركي الفيصل الذي قال إن "طوفان الأقصى حطمت صورة إسرائيل القوية أمام العالم". بمعنى، أن الطوفان قد كشف عورة الاحتلال الأمنية والعسكرية وهشّم أساطيرها وعرّضها للنقد، بل والسخرية من أطراف إقليمية وليس فقط من قبل المقاومة. وهنا، من المهم الإشارة إلى أن تصريح أردوغان لم يشر فقط لفكرة التدخل (الفعل) بل تجاوزها نحو القدرة على لجم "إٍسرائيل" (التأثير).

أخيراً، لا تفوتنا الإشارة إلى أن التصريح ورغم حدته وسقفه المرتفع جداً، ورغم انزعاج الاحتلال منه، ورغم أنه يشكل سابقة مهمة يجدر الالتفات لها ومتابعة ارتداداتها، يبقى ـ رغم كل ما سبق ـ تصريحاً وموقوفاً بدعوى "عدم القدرة"، أي أنه كلام دون انعكاس عملي حالياً، ما يؤكد وجود هوّة واسعة بين سقف الخطاب الرسمي لأنقرة وحدود مواقفها العملية.

والحقيقة أنه دون الخيار العسكري، أياً كان شكله، ثمة ما ينبغي على أنقرة ويمكنها فعله دون أثمان كبيرة متخيّلة. يمكن ـ وينبغي ـ مثلاً تفعيل خيار الانضمام لقضية الإبادة أمام محكمة العدل الدولية، وقطع التجارة بشكل كامل ونهائي مع دولة الاحتلال، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، ووقف تصدير النفط الأذربيجاني إليها عبر الموانئ التركية، وغلق المجال الجوي التركي أمام دولة الاحتلال والدعم الذي قد يصلها، وإقرار حزمة من القوانين في البرلمان (بخصوص مزدوجي الجنسية في جيش الاحتلال وغير ذلك).

هذه الخيارات والمسارات ـ وغيرها ـ ممكنة ومفيدة عملياً، وفي إطار القدرات التركية، ولا يتوقع أن يكون لها كلف أو أثمان سياسية واقتصادية باهظة، وهي إلى ذلك تتسق مع توصيف أنقرة للحرب على غزة بالإبادة الجماعية ولـ "إسرائيل" بدولة الإرهاب، حيث ينبغي قطع أي علاقة و/أو تعاون يمكن أن يقوّي شوكتها للاستمرار بالإبادة، وهذا أضعف الإيمان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أردوغان إسرائيل التهديد تركيا إسرائيل تركيا أردوغان تهديد رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس الترکی دولة الاحتلال أن تشارک على أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا يشكل نتساريم أكبر معضلة في مراقبة إسرائيل لغزة؟ الدويري يعلق

قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن آلية المراقبة التي يجري الحديث عنها إسرائيليا في غزة مختلفة حسب المناطق، مشيرا إلى أن المعضلة الإسرائيلية الكبرى تكمن في محور نتساريم.

وأشار الدويري -للجزيرة- إلى وجود 3 مناطق يمكث فيها جيش الاحتلال بالقطاع من بينها محور فيلادلفيا الذي يتفاوت عرضه من 75 إلى 225 مترا وفق تقارير، وسط حديث عن إمكانية توسعته إلى 1450 مترا على طول 14 كيلومترا.

ولفت إلى أن محور نتساريم تمت توسعته من 2 كيلومتر إلى 4 كيلومترات، في حين دمرت مناطق مبنية كثيرة على طول السياج الحدودي الفاصل بين غزة وإسرائيل وأضيفت إلى المناطق العازلة، ليؤكد أن الحديث يجري حول 100 كيلومتر مربع بالمناطق الثلاث.

محور فيلادلفيا

وعن آلية المراقبة، قال الدويري إن هناك حديثا عن تنسيق أميركي مصري إسرائيلي في محور فيلادلفيا لإنشاء جدار عميق تحت الأرض مزود بمجسات وأجهزة استشعار وكاميرات وأبراج مراقبة.

ويؤكد الخبير الإستراتيجي أنه لا قيمة عسكرية أو حيوية لفيلادلفيا في ظل السيطرة المصرية والتحليق المستمر لطائرات التجسس الإسرائيلية والغربية والأقمار الصناعية.

كما أن إسرائيل لم تهاجمه أو تحتل هذا المحور منذ بداية العملية العسكرية البرية الواسعة أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023 سوى بعد 7 أشهر من بداية الحرب، وفق الدويري.

وخلص الخبير العسكري إلى أن تمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمحور فيلادلفيا "مناورة وألاعيب سياسية أكثر منها إستراتيجية".

محور نتساريم

في الجهة المقابلة، تعتبر الإجراءات الإسرائيلية للمراقبة في نتساريم مختلفة كليا، إذ توجد خنادق طولية وعرضية، إلى جانب 4 نقاط عسكرية 3 منها بين شارعي صلاح الدين والرشيد، كما يقول الدويري.

ولفت إلى أن المعضلة الحقيقية في نتساريم تتمثل بكون هذا المحور يقطع وسط القطاع ويحدد حركة المواطنين من الشمال إلى الجنوب أو العكس، في حين يأخذ محور فيلادلفيا بعدا سياسيا لأنه يفصل غزة عن العالم، بينما تحرم المناطق العازلة القطاع المحاصر من سلة الغذاء.

وعن المناطق الزراعية الحدودية، شدد الخبير العسكري على أن الجدار والسياج كانا موجودين على طول الحدود ولكنهما لم يمنعا هجوم "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل ستطالب الولايات المتحدة بالضغط على مصر.. لماذا؟
  • لن تقف عند حدود غزة ورام الله.. أردوغان يحذر من مخططات إسرائيل في المنطقة
  • أردوغان يدعو لتشكيل تحالف إسلامي ضد إسرائيل
  • أردوغان يدعو لتحالف إسلامي ضد مطامع إسرائيل التوسعية: حماس تدافع عنا
  • أردوغان يعلق على مقتل الناشطة الأمريكية التركية.. ويزعم: إسرائيل لن تكتفي بغزة
  • أردوغان يدعو لتشكيل تحالف إسلامي ضد إسرائيل.. عاجل
  • أردوغان: إسرائيل لن تتوقف عند غزة وستطمع بأراضي الأردن وسوريا ولبنان وتركيا
  • صحفي: تركيا مهزومة أمام مصر!
  • أردوغان: تركيا ستواصل بذل الجهود أمام المحافل لضمان محاسبة إسرائيل
  • لماذا يشكل نتساريم أكبر معضلة في مراقبة إسرائيل لغزة؟ الدويري يعلق