سودانايل:
2025-04-26@08:05:34 GMT

من طرف المسيد: جزيرة مُسَّاوي

تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT

يرويها الاستاذ محمد سيد احمد الحسن
حررها عادل سيد احمد

سنتحدث، هنا، عن جزر الشايقية بوجه عام وجزيرة مُسَّاوي على وجه الخصوص.
ومنطقة الشايقية فيها أربعة جُزُر: تبدأ بأبو رنات، والتلبوناب، وفتني (فتنة)، ثم مُسَّاوي، ومحمد أحمد ابو رنات رئيس القضاء الشهير هو من جزيرة ابو رنات، والتلبوناب هم اولاد التلب والجزيرة معروفة باسمهم، اما فتني فقد سُميت بهذا الاسم للفتنة المستمرة في حدودها.

فقد كانت تصغر وتكبر، وفي كل مرة يتفق الناس على تقسيم أراضيها، يجيء النهر فيُغير وضعها، فيختلفوا فيه مرة أخرى وهكذا.
كما توجد بعض الجزر في مناطق البديرية، منها جزيرة اسمها ام درق وأخرى اسمها ام سيوف، وثالثة اسمها جزيرة الفيل، كما توجد جزر أخرى صغيرة كثيرة.
وكما هو واضح فإن اسمي الجزيرتين الأوليتين مشتقين من أسماء ادوات حربية مما يفيد بأنه قد تم الاستيلاء على تلك الجزيرتين، وهي أسماء عربية، مما يعني انها جزر حديثة النشأة وليست قديمة كمُسَّاوي.
وقد قال الشاعر في ام درق:
- النفوس الطيبي ما كانت شريرة
والله طاريك يا ام درق طاري العشيرة
وجزيرة مُسَّاوي هي أكبر الجزر الأربعة، وهناك خلاف حول معنى الاسم وبعض الناس يقولون انه اسم فرعوني ولكن لا نتفق مع هذا الرأي لان مُسَّاوي لم تكن موجودة في زمن الفراعنة اغلب الظن ونقدر عمرها بحوالي الثلاث مائة عام تقريبا وقد تحركت من مكانها لان الهدام يأكل من رأس الجزيرة (الكنج) ويرمي الطين في ذيلها (الساب).
ويقال ان مُسَّاوي كانت مقابلة لضاحية (حزيمة) وبدأت تتراجع تأخذ المياه الطين من الخلف وتضعه في الإمام. ولو سارت بهذا المعدل لوصلت إلى ضاحية (الكرفاب) بعد اربعمائة او خمسمائة عام.
والجزر نوعان: نوع ينتصب من الارض فيحتويه النيل ويفصل بينه وبين اليابسة كجزيرة (توتي) وأرضيتها ليست طمي بل صخور، ونوع اخر قائم اصلا على الطمي يتراكم فيها حتى ترتفع عن منسوب النيل وهي تظهر وتغيب، ومُسَّاوي من هذا النوع الاخير.
وقد اشتهرت لسبب انها أكبر الجزر اما سبب شهرتها الثاني فهو ميلاد السيد علي الميرغني فيها. والمكان الذي ولد فيه يسمى (الموضع) وهو مزار حتى يومنا هذا.
ولا توجد آثار في مُسَّاوي بحكم انها جزيرة.
وتربط اهل مُسَّاوي علاقة قوية بالمقل، فتجد من المقل من جده أو جدته من مُسَّاوي والعكس صحيح.
وبالنسبة لي فإن جدتي الكبيرة (بت اللينة) من مُسَّاوي وهي عمة الحليباب: اهل العمدة الحسن والعمدة محمد احمد (ناس الساب).
وورثت أرض في مُسَّاوي، لكن صارت أرض لا قيمة لها، فأهملتها والناس أهملوها.
وكنا نجلب عيش الريف والقرع واللوبيا من مُسَّاوي، ولكنها تصاغرت ونزح سكانها إلى الكُنيسة وأسلي، والان لا يوجد سكان فيها وصارت إلى المزرعة أقرب مع انها كانت مأهولة ومزدحمة وعندنا فيها اهل كثيرون، ومنهم ناس ود ميرغني وناس ود النجيب وناس باتوري وكلهم اهلي.
وكان اهل مُسَّاوي يتسوقون في سوق المقل ومقابرهم كانت في المقل، ففي المقل مقبرتان متداخلتان واحدة اسمها ود الطيب ويدفن فيها اهل مُسَّاوي والثانية اسمها ود تكاوي ويدفن فيها اهل المقل.
وود الطيب هذا هو جد اسامة عبد اللاهي (عبد الله) مدير السدود السابق، وقد كان رجلا متدينا وهم أقارب لنا قرابة شديدة، وهم من الخضراب، وقد جاء إلى الخرطوم وعمل عسكريا بسجن كوبر وسكن كوبر. وقد خطب شقيقه زوجتي الحالية لمدة سنتين او يزيد، وفي النهاية لم تسر الأمور كما أرادوا لها ولم يتم الزواج. وهي نفسها تقرب لهم، اظنها عمته او شيء من هذا القبيل.
ومن الخضراب، ايضا، الفنان المعروف بخيت صلاح، وهو من جيل بلاص وادريس إبراهيم والذين كانوا يتغنون بطريقة الشايقية المحلية الأصلية في الغناء، وقد عرفته منذ أن شبيت لان بخيت صلاح كان يشارك في مناسبات اهل المقل.
وقد التقيته مستقبلا في ساحات العمل العام فقد كان بخيت صلاح (رحمه الله) عضوا بالحزب الشيوعي وعضو نقابة عمال النقل الميكانيكي.
وقد اصيب في حادث أعجزه، وتوفي في ضاحية الحاج يوسف بالخرطوم، ومن أشهر اغنياته:
- كفارة البيك يزول
والمرض ما بيكتلو زول
ومن اغنياته أيضا:
- ان بقت طابت وجات عديل
وتمشي زي ما كانت قبيل
فوقي نذر اب قرنن كبير
(ويقصد رجله المكسورة- الراوي).
وكانت هناك عادة، لا أدري انها كانت وثنية أم أنها من العادات المسيحية، وهي أن يزور الناس النهر في جميع مناسباتهم كأنهم يحجُّون إليه، فالعريس يزور النهر في أيام زواجه، والنفساء تزور النهر عندها تكمل اربعينها، والأطفال يزورون النهر عند ختانهم.
وكانت مراكب المحس والدناقلة السفرية الكبيرة المختلفة عن مراكب الشايقية تمر بنا في طريقها إلى كريمة، وتجيء عندما يكون النهر مرتفعا، والنهر طبعا موصل جيد للصوت، بمعني أنك لو تحدثت بالشرق فإن من بالغرب يسمعك بوضوح. وحدث أن حظي (ود نعمي) بمولود ذكر، وكالعادة ورد الناس النهر، ونادوا (لإعلان الحدث) وهم يختاروا عادة شخص مرموق ينادوا عليه ولكن القصد إعلام الناس كلهم، ثم يبدأ الهزج والصفقة:
- يبقى متلك، وأخير منك!
او اهزوجة من هذا القبيل.
وأثناء ذلك مرت مركب من مراكب المحس في وسط النهر، فسمعوا أحدهم يصيح:
- يا علي ود خجيجي... يا علي ود خجيجي!
فلما رد عليه علي ود خجيجي ايوة، قال له:
- قالوا لك ود نعمي ولدوا له ولد، يبقى متلك وأخير منك!
وهنا ضحك أحد المحس مَن مِن هم بالمركب قائلا:
- دي بلد شنو دي الكلها ود نعمي وود خجيجي؟ البلد دي ما فيها رجال؟
وكنت اذهب انا ومحجوب كرار لمُسَّاوي لجلب العلف: اللوبيا والقرع وقش السعدة للماعز والعيش ريف والجرم الأخضر (وهو يسلق مع البليلة وهو يشبه الدردقو)، فنملا الشباك المصنوعة من جريد النخل ومنسوجة بطريقة معينة، شبكة او شبكتين نعود بهما للشرق.
وكنت اسعد في الأيام التي يتكاسل فيها محجوب عن الذهاب لمُسَّاوي، عندما يطنطن او يدعي المرض، لأنني انا من سيكون المرسال.
ولان مُسَّاوي خصيبة وفيها القشوش فإن تربية الأبقار كانت شائعة وبالتالي يتوفر فيها اللبن والروب، الذي اشتهرت به، وكم كنت اسعد بشرب الروب من اهلي ناس ود النجيب او باتوري، فقد كان ذلك متعة حقيقية، والشرق ليس به قش وبالتالي ابقار فلم يكن هناك البان.
ومرة ذهبنا انا وطه ود علي الشيخ ويوسف نعمان مع بعضنا البعض، وهم ينتمون لبعض، ووارثون في نفس الجدة التي ورثت عنها، وحملنا الشباك المليئة بالعلف لنعود للضفة الشرقية، ولكنا لم نجد احمد مكة واحمد مكة هو رواسي المركب وتساءلنا:
- ما العمل؟
فقال طه انه عنده الفجراوي ولا يستطيع المبيت، ويوسف لم يذكر سببا ولكنه قال انه لن يبيت، اما انا فقد حضرت خصيصا لجلب القش وعيش الريف واللوبيا فكان من غير الممكن أن أعود.
فقلت لهم:
- انا بمشي ببيت عند بت النجيب!
أما طه ويوسف فقد قالا إنهما سيقطعان البحر عوما.
وفعلا عاما ليقطعا البحر من مُسَّاوي للمقل، ولكن داهمتها شيمة (دوامة) وكانت المياه تدور وتجذبهما نحو المركز حتى اوشكا على الغرق.
وإذا بي وانا مستلقي في بيت بت النجيب اسمع الصراخ ونداءات الاستغاثة، ولكن لحقنا بهما وانقذناهما واخرجناهما من الدوامة.
وبعد ذلك رفضت جدتي فاطنة بت نعمي ان أذهب إلى مُسَّاوي مرة اخرى، فقد كنت صغير السن وعمري حوالي عشرة أو إحدى عشر عاما ولم أرجع منذ ذلك الوقت لمُسَّاوي.
وكان ذلك حوالي عام 42-1943م، وكان هذا آخر عهدي بجزيرة مُسَّاوي.

amsidahmed@outlook.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: جزیرة م س

إقرأ أيضاً:

الشيباني: سوريا لن تمثل تهديدا لأي دولة بما فيها إسرائيل

جدد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني٬ التأكيد على أن دمشق لا تشكل تهديداً لأي دولة، بما في ذلك الاحتلال الإسرائيلي. 

 ووصف الشيباني الضربات الإسرائيلية المتكررة داخل سوريا بأنها تهديد مباشر للاستقرار، تقوّض جهود إعادة الإعمار، وتقف عقبة أمام إحلال السلام. 

وطالب مجلس الأمن بممارسة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف اعتداءاتها والانسحاب من الأراضي السورية، مجدداً التأكيد على أن سوريا لا تشكل تهديداً لأي دولة، بما في ذلك دولة الاحتلال.

في سياق آخر، قال خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي إن رفع العلم السوري الجديد أمام مبنى الأمم المتحدة لم يكن سوى ثمرة لتضحيات جسام قدمها الشعب السوري في سبيل نيل حريته، معتبراً أن هذه اللحظة تجسّد انتصار إرادة الشعوب، وتُتوَّج مسيرة الثورة السورية نحو الحرية والكرامة.

وأكد الشيباني، أن حضوره في هذا المحفل الدولي يمثل سوريا الجديدة، التي تسعى إلى ترسيخ السلام وتحقيق العدالة لكل من تضرر من ممارسات النظام السابق. 

وأضاف أن الحكومة الحالية منحت للمرة الأولى المنظمات الدولية الكبرى حق الوصول إلى الأراضي السورية، وهو ما كان مرفوضاً في عهد النظام البائد.

وفي خطوة رمزية، أشار الوزير إلى أن الطائرات السورية، التي كانت في السابق تُلقي البراميل المتفجرة، باتت اليوم تُنثر الزهور، في إشارة إلى التغيير الجذري في المشهد السوري. 

كما شدد على أن الحكومة المؤقتة نجحت في التصدي لتفشي المخدرات، والحفاظ على مؤسسات الدولة من الانهيار، وتوحيد الفصائل العسكرية، منهية بذلك مرحلة الانقسام والتشرذم.


وكشف الشيباني عن نية الحكومة الإعلان قريباً عن تشكيل هيئتين: إحداهما للعدالة الانتقالية والأخرى للمفقودين، ضمن مساعي ترسيخ المصالحة وكشف مصير الضحايا. 

وأشار إلى عودة بعض اليهود السوريين إلى وطنهم، للمرة الأولى منذ عقود، وتفقدهم لمعابدهم، في رسالة تؤكد تنوع المجتمع السوري، ورفضه لمفاهيم التقسيم الطائفي.

وحذر الوزير من الأثر الخانق للعقوبات الاقتصادية، مؤكداً أن استمرارها يعيق دخول رؤوس الأموال والخبرات، ويدفع البلاد إلى الاعتماد على المساعدات، ويعزز ازدهار شبكات الاقتصاد غير المشروع. 

ودعا إلى رفع هذه العقوبات، باعتبارها خطوة ضرورية لتحفيز التنمية، وتحويل سوريا إلى شريك فاعل في الاستقرار والازدهار الإقليمي والدولي.
 


وفي ختام تصريحاته، شدد الشيباني على أن سوريا فتحت أبوابها للتعاون الإقليمي والدولي، وقدّمت الأمل لشعبها في العودة وبناء مستقبل مستقر، إلا أن استمرار العقوبات يظل التحدي الأكبر أمام تحقيق هذه الأهداف.

وفي تصريحاته للصحافة عقب رفع العلم السوري الجديد خارج مبنى الأمم المتحدة، قال الشيباني: "أقف اليوم باسم الجمهورية العربية السورية، في لحظة تفيض بالكرامة والعزة، لأرفع علمنا الجديد في هذا الصرح الأممي للمرة الأولى، بعد أن طوينا صفحة مؤلمة من تاريخ وطننا"، مضيفاً أن هذه الخطوة ستعزّز من مكانة سوريا الجديدة داخل المؤسسات الدولية.

وقد رافق لحظة رفع العلم حضور عدد من السوريين المقيمين في نيويورك الذين هتفوا ابتهاجاً بهذه الخطوة، رافعين علم الاستقلال السوري المكون من ألوان الأخضر والأبيض والأسود وثلاث نجمات حمراء، وهو العلم الذي اعتمد لأول مرة عام 1932 خلال فترة مقاومة الاحتلال الفرنسي، وظل معتمداً حتى ما بعد الاستقلال في عام 1946.

وشارك الشيباني، بصفته الرسمية، في جلسة مجلس الأمن إلى جانب الدول الأعضاء، بالإضافة إلى حضور المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون.

في لحظة تاريخية، وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني يرفع علم الجمهورية العربية السورية في مقر #الأمم_المتحدة. pic.twitter.com/NnfItKpvuM — وزارة الخارجية والمغتربين السورية (@syrianmofaex) April 25, 2025

مقالات مشابهة

  • احترس.. أخطاء شائعة يقع فيها الحجاج وأمور يجب اتباعها
  • بن نافل : ليلة أخرى يبهر فيها الهلال وعشاقه العالم
  • الشيباني: سوريا لن تشكل تهديداً لأي من دول المنطقة بما فيها إسرائيل
  • الشيباني: سوريا لن تمثل تهديدا لأي دولة بما فيها إسرائيل
  • تحطم مروحية إثر اصطدامها بشجرة واشتغال النيران فيها .. فيديو
  • إسلام آباد تهدد نيودلهي: قطع مياه النهر إعلان حرب
  • تماثيل مسروقة ومخدرات في قبضة الأمن خلال مداهمة في جزيرة كريت اليونانية
  • إدارة مكافحة المخدرات بالتعاون مع إدارة الأمن العام، تضبط كميات كبيرة من المواد المخدّرة في درعا، كانت معدّة للتهريب إلى الخارج وذلك في إطار العمليات المستمرة لمكافحة تجارة المخدرات وتجفيف منابع التهريب وتعقّب المتورّطين فيها
  • في أثر فرانسيس دينق: سؤال الهوية بين النهر والمجلس
  • عود على بدء: شبه جزيرة القرم توسّع صدع الخلاف بين ترامب وزيلينسكي