هل يستطيع ترامب الغاء حق الجنسية الأميركية بالولادة؟
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
السومرية نيوز - دولي
أثارت تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بشأن عزمه إلغاء الحق الدستوري في الجنسية الأميركية بالولادة، تساؤلات عما إذا كان قادرا على تنفيذ هذا الوعد الانتخابي. وكان المرشح الجمهوري السابق للرئاسة الأميركية قد أصدر أمرا تنفيذيا في عام 2017 خلال ولايته الرئاسية، يحظر السفر من بلدان ذات أغلبية مسلمة، وانتهى الأمر في المحكمة العليا، التي أيدت نسخة مخففة من الحظر.
وإذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض بعد انتخابات تشرين الثاني، فقد يتبع مسارا مماثلا بشأن اقتراح طرحه خلال حملته الانتخابية وهو إنهاء حق المواطنة بالولادة. وفي ايار من العام الماضي، نشر ترامب مقطع فيديو يجدد دعوته لإنهاء الحق الدستوري في الحصول على الجنسية بالولادة على الأراضي الأميركية، قائلا إنه سيوقع على أمر تنفيذي في اليوم الأول من رئاسته من شأنه أن يضمن عدم اعتبار الأطفال المولودين لآباء ليس لديهم وضع قانوني في الولايات المتحدة مواطنين أميركيين. وقال ترامب في الفيديو: "الولايات المتحدة من بين الدول الوحيدة في العالم التي تقول إنه حتى لو لم يكن أي من الوالدين مواطنا أو حتى موجودا بشكل قانوني في البلاد، فإن أطفالهم في المستقبل هم مواطنون تلقائيا". وكان من المتعارف عليه منذ فترة طويلة أن الحصول على الجنسية بالولادة متاح بموجب التعديل الرابع عشر للدستور، والذي ينص على "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها. ولا يجوز لأية ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطني الولايات المتحدة. كما لا يجوز لأية ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة أو الحرية أو الممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية. ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطانها من المساواة في حماية القوانين. وتقول وزارة الخارجية الأميركية إنه بالإضافة إلى التجنس، تعترف الولايات المتحدة بالمواطنة للأفراد وفقا لمبدأين أساسيين: حق الأرض (حق مكان الميلاد) وحق الدم. ويضمن التعديل الـ14 لدستور الولايات المتحدة الجنسية عند الولادة لجميع الأفراد المولودين في الولايات المتحدة أو في الولايات القضائية الأميركية استنادا إلى حق الأرض. وهناك فئة من الأفراد المولودين خارج الولايات المتحدة يتم اعتبارهم مواطنين أميركيين استنادا إلى حق الدم، وهو يعني أن جنسية الطفل هي نفس جنسية والديه. والكونغرس مسؤول عن سن القوانين التي تحدد كيفية نقل الجنسية من الوالدين الأميركيين أو أحدهما، وفقا لمبدأ حق الدم. وهذه القواعد منصوص عليها في قانون الهجرة والجنسية. وتقول "أن بي سي"، في تقرير عن مقترح ترامب، إن علماء القانون من جميع المشارب الإيديولوجية فهموا العبارة الواردة في التعديل الـ14 بشكل عام على أنها واضحة بذاتها، وهي الحصول على الجنسية لكن من يولد على أرض أميركية. لكن هذا لم يمنع بعض دعاة مناهضة الهجرة من الضغط من أجل تفسير بديل. وتركز الحجة القانونية التي قدمها هؤلاء على اللغة الواردة في التعديل الذي ينص على أن الجنسية بالولادة تُمنح لأولئك الخاضعين للولاية القضائية للولايات المتحدة. ديفيد غولوف، أستاذ القانون الدستوري في جامعة نيويورك يوضح لموقع "الحرة" أن من المعروف منذ فترة طويلة أن التعديل الـ14 يشمل الأطفال المولودين لآباء غير أميركيين في أراضي الولايات المتحدة. ومع ذلك، يقول إنه رغم ذلك، لم تقرر المحكمة العليا بشكل قاطع أن نفس القاعدة تنطبق سواء كان الوالد غير المواطن موجودا في أراضي الولايات المتحدة عند ولادة الطفل بشكل قانوني أو غير قانوني. ويبدو أن القرارات السابقة تفترض أن وجود الوالد في الولايات المتحدة بشكل قانوني أو غير قانوني ليس ذي صلة، وسيظل الطفل مواطنا أميركيا بالولادة. ويقول أستاذ الإدارة والسياسة في جامعة بوسطن، ديفيد روزنبلوم، إن "التعديل الـ14 واضح في أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة هم مواطنون أميركيون. اللغة واضحة، وقد صُممت للتأكد من أنه عندما تنتهي العبودية، فإن كل الأشخاص الذين كانوا عبيدا سابقا سيكونون مواطنين أميركيين". ويشرح روزنبلوم أن بإمكان ترامب تحدي هذا النص بإيجاد تفسير آخر له من خلال المحكمة العليا، وغالبيتها من المحافظين (6 مقابل 3). وبإمكانه أيضا، وفق الخبير، إصدار أمر تنفيذي لكنه سيتم الطعن على الفور أمام أعلى محكمة في البلاد. ويعتقد أن المحاكم الأميركية لو نظرت في الأمر التنفيذي، ستقرر على الفور بأنه غير دستوري، ومع ذلك لا يستبعد أنه مع وجود قضاة محافظين، عين ترامب ثلاثة منهم، فقد يفسرون، أو يحاولون تفسير لغة النص بشكل مختلف. ويشير روزنبلوم إلى أن بإمكان ترامب محاولة تغيير الدستور لكنها ستكون عملية صعبة وتتطلب موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس وغالبية الهيئات التشريعية في الولايات. أستاذ السياسية والقانون في الجامعة الأميركية، وليام لورانس، يشرح ثلاثة مسارات يمكن أن يتبعها ترامب. المسار الأول هو الطريق الرسمي، ومن خلاله، سيقدم ترامب على محاولة تمرير تعديل دستوري وليس نصا دستوريا لأن النص الحالي ليس موجودا في الدستور نفسه، بل في تعديل، وهو التعديل الـ14 الذي يحتوي على لغة تستهدف التأكد من حصول ذوي الأصول الأفريقية على جنسيتهم الكاملة بعد الحرب الأهلية. ويعتقد لورانس أن بإمكان ترامب استخدام هذا التعديل لمحاولة تفسير مسألة حق المواطنة بالولادة لصالحه. ويتفق لورانس مع روزنبلوم أيضا على صعوبة تعديل الدستور بالنظر إلى الشروط الصعبة المنصوص عليها لتحقيق ذلك "والتي تتطلب الكثير من العمل الشاق". وينص الدستور على أنه "يجوز اقتراح تعديل إما من قبل الكونغرس بأغلبية ثلثي الأصوات في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ أو من خلال مؤتمر دستوري تدعو إليه الهيئات التشريعية لثلثي مختلف الولايات". ولم يتم اقتراح أي من التعديلات من قبل من خلال مؤتمر دستوري، لكن تم ذلك من خلال الكونغرس في شكل قرار مشترك. ونظرا لأن الرئيس ليس له دور دستوري في عملية التعديل، فإن القرار المشترك لا يذهب إلى البيت الأبيض للتوقيع عليه. والمسار الثاني لترامب، وفق لورانس، هو تقديم طعون قضائية، وهي طريقة أسهل من تعديل الدستور. ويشرح أنه يمكن تقديم الحجج أمام المحكمة العليا لتفسير هذا التعديل لصالح ترامب مثل القول إنه تمت إساءة تفسير الدستور وإن الأميركيين من أصل أفريقي حصلوا على جنسيتهم الكاملة بعد الحرب الأهلية. والطريقة الثالثة هي محاولة تمرير تشريع في الكونغرس يلغي حق المواطنة بالولادة، لكن قد يخضع التشريع للطعن أمام المحاكم العادية وصولا إلى المحكمة العليا لأنه يمس الدستور. والطريقة الثانية أو الثالثة "قد تنجح وقد لا تنجح، لكنها ستكون أسهل من الأولى". لكن ترامب لن يستطيع إحالة القضية إلى المحاكم بنفسه، بل سيكون المواطنون المتضررون. والنظام القانوني الأميركي يختلف عن أوروبا، على سبيل المثال، حيث من السهل أن يطلب قائد الدولة من المحكمة الدستورية تفسير الدستور. أما في الولايات المتحدة، يتوجب أن يكون هناك أشخاص متضررون من سوء تفسير الدستور، وهؤلاء يتقدمون بالطعن، وتأخذ الطعون مسارها الطبيعي في المحاكم المحلية ثم الاستئناف قبل الانتقال إلى المحكمة العليا لو أمكن.
وهذا أمر صعب تحقيقه لأنه "لا يوجد الكثير من الناس ممن هم متضررون من حصول شخص آخر على الجنسية". ويقول إنه من الصعب تغيير الدستور وكذلك تغيير تفسير الدستور، لكن مع تشكيلة المحكمة العليا الحالية (أغلبهم محاظفون) "ليس مستبعدا حدوث مفاجآت مثلما حكمت المحكمة من قبل في قضايا مثل حق التصويت، وحق الإجهاض، وقضية "شيفرون" دون الرجوع إلى سوابق تاريخية". ويوافق غولوف على أن "من الصعب للغاية تعديل دستور الولايات المتحدة، ومن المرجح جدا أن تفشل أي محاولة للقيام بذلك". ويضيف غولوف: "من المحتمل أن يأتي أي تغيير من الكونغرس في شكل قانون، وحتى ذلك سيكون عرضة للطعن بموجب التعديل الرابع عشر في المحاكم". ويقول لورانس: "قبل 10 سنوات، لم يكن من المرجح أن تفعل المحكمة أي شيء من شأنه أن يغير القرارات السابقة لكن هذا لم يعد مستبعدا الآن". ويشير إلى قرار المحكمة الشهر الماضي إلغاء "مبدأ شيفرون" الذي ظل لمدة حوالي 40 عاما مبدأ قانونيًا أساسيا يوجه القضاة إلى الإذعان لتفسيرات الوكالات الفيدرالية للقوانين عندما لا تكون القوانين واضحة تماما. والقرار الصادر عام 1984 ظل فترة طويلة هدفا للمحافظين الذين يرون أنه يمنح السلطة التي ينبغي أن يمارسها القضاة للخبراء الذين يعملون في الحكومة. ويقول لورانس إنه "كان من المعتاد أن تكون الحكومة الفيدرالية قادرة على وضع لوائح دون الرجوع إلى الكونغرس أو المحكمة، أما الآن فالحكومة الفيدرالية، عندما لا يكون هناك قانون، لا يمكنها استخدام خبرائها واتخاذ القرارات". ويرى أن المحكمة ألغت هذه السوابق المهمة، التي ساعدت الحكومة في القيام بالإجراءت الضرورية لمدة 40 عاما. ولا يستبعد أن تتخذ المحكمة قرارا مماثلا في التعديل الـ14.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة المحکمة العلیا على الجنسیة دستوری فی من خلال على أن
إقرأ أيضاً:
أمريكا اللاتينية تواجه ضغوطاً للاختيار بين الولايات المتحدة والصين
أصبحت أمريكا اللاتينية ساحة صراع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والصين، متعرضة لضغوط من واشنطن تدفعها لاختيار أحد الطرفين.
وحتى الآن، فضلت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسة العصا على الجزرة في استراتيجيتها لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة، والذي تعتبره تهديداً للأمن القومي والاقتصاد الأمريكي.
美国还是中国?拉丁美洲面临选边站的压力 https://t.co/oMU5eN7wo3
— 美国之音中文网 (@VOAChinese) February 14, 2025وهدّد ترامب مراراً "باستعادة" قناة بنما التي شقّتها الولايات المتحدة، إذا لم تعمل بنما على الحد من النفوذ الصيني المفترض في هذا الممر المائي، الذي تمر عبره نحو 40% من حركة الحاويات الأمريكية.
وإلى ذلك تعد الصين هدفاً غير مباشر للرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، على واردات بلاده من الصلب والألمنيوم من دول حليفة مثل المكسيك. ويؤكد البيت الأبيض أن المنتجين الصينيين يستغلون اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، من خلال شحن الألومنيوم إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك من دون رسوم جمركية.
وندّدت الصين بـ "عقلية الحرب الباردة" التي تعتنقها واشنطن، واتهمت الولايات المتحدة باستخدام "الضغط والإكراه لتقويض" استثماراتها في أمريكا اللاتينية.
Latin America has emerged as a key battleground in U.S. President Donald Trump's confrontation with China, and the region is coming under pressure from Washington to choose a side.https://t.co/ATbHdd1seo
— The China-Global South Project (@ChinaGSProject) February 14, 2025وقال أرتورو ساروخان الذي شغل منصب سفير المكسيك لدى الولايات المتحدة من 2006 إلى 2013، إنه "ليس هناك شك في أن إدارة ترامب ترى في وجود الصين في الأمريكيتين تهديداً لأمنها القومي ومصالحها في السياسة الخارجية".
وأضاف أن "هذا يفسر بشكل أساسي الترهيب الدبلوماسي الذي يمارسه الرئيس ترامب على بنما، وسياسته التجارية القائمة على مبدأ أمريكا أولاً... وتهديداته بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية".
واعتبرت الولايات المتحدة خلال قرنين من الزمن، أن أمريكا اللاتينية جزء من دائرة نفوذها، لكن تمكنت الصين من تحقيق اختراقات فيها. وانضم ثلثا دول أمريكا اللاتينية إلى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية للبنى التحتية، وباتت الصين الشريك التجاري الأكبر للبرازيل والبيرو وتشيلي وعدة دول أخرى في المنطقة متقدّمة على الولايات المتحدة.
ويبدو أن الاهتمامات الفورية لإدارة ترامب تتركز على النفوذ الصيني في محيطها، وخصوصاً في بنما، وفي المكسيك أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة.
وزادت الاستثمارات الصينية في المكسيك بشكل كبير منذ ولاية ترامب الرئاسية الأولى (2017-2021)، عندما نقلت شركات في قطاعات مستهدفة بالرسوم الجمركية الأمريكية أجزاء من سلاسل توريدها إلى المكسيك.
ورداً على إعلان واشنطن بأنها أقرت اتفاقية تجارة حرة "مع المكسيك، وليس الصين"، أعلنت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم عن خطط لتقليص الواردات الصينية مع تعزيز الإنتاج المحلي من السيارات والمنسوجات وغيرها من السلع.
كما تشارك الصين بشكل عميق في اقتصاد بنما، وتملك شركة من هونغ كونغ امتيازاً لإدارة اثنين من موانئ قناة بنما الـ 5 ما يثير مخاوف واشنطن. ورأى المدير الأول لمركز أمريكا اللاتينية التابع للمجلس الأطلسي في واشنطن، جيسون ماركزاك، أن أجزاء من البلاد "أغرقها الصينيون الذين يحلون محل رواد الأعمال البنميين المحليين".
وهنا أيضاً يبدو أن تكتيكات الضغط التي تنتهجها واشنطن تؤتي ثمارها: انسحبت بنما من مبادرة "طرق الحرير الجديدة" الصينية بعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى البلاد.
ويتوقع الخبراء منافسة شرسة في أمريكا الجنوبية، حيث استثمرت الصين بكثافة في معادن استراتيجية مثل النحاس والليثيوم.
وقبل وصوله إلى السلطة في العام 2023، وعد الرئيس الأرجنتيني الليبرالي المتطرف خافيير ميلي الذي يتوق إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، بأنه "لن يتعامل تجارياً مع الصين أو مع أي (دولة) شيوعية". وبعد مرور عام واحد، أشاد ميلي بالصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، واصفاً إياها بأنها شريك تجاري "مثير للاهتمام جداً"، ولا يطلب أي شيء في المقابل.
US or China? Latin America under pressure to pick a side https://t.co/E4xeLk0dOb
— Inquirer (@inquirerdotnet) February 14, 2025 إلى أحضان بكينومن جانبها، تحافظ البرازيل على علاقات وثيقة مع كل من واشنطن وبكين. ورأى السفير المكسيكي السابق ساروخان أن تهديدات دونالد ترامب واستفزازاته لدول أمريكا الجنوبية "قد تدفعها أكثر إلى أحضان بكين".
وعلى سبيل المثال، أعلن الرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بيترو عن خطط لتعزيز العلاقات مع الصين، بعدما هدّد ترامب بوغوتا بعقوبات ورسوم جمركية، عقب رد بيترو في البداية طائرتين عسكريتين أمريكيتين تحملان مهاجرين تم ترحيلهم.
وقال ماركزاك "لا تريد أي دولة أن تكون في خضم معركة جيوستراتيجية عالمية من نوع (إما نحن أو هم)، ولكن عندما تُمنح الخيار، وبحكم التوافق مع القيم الأمريكية والغربية، فإن الاستثمار الأمريكي هو المفضل".