شبكة انباء العراق:
2024-09-08@18:13:38 GMT

46 عاماً من الذكريات في قلعة الأسود

تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT

بقلم : فراس الحمداني ..

أقول أحياناً أن من عوامل نجاح الكاتب والصحفي والفنان الإطلاع على سير الماضين من المبدعين والتزود من الذين نعاصرهم منهم لنحتفظ بإرث يمكننا من معرفة الوجهة التي فيها نسير لنصل إلى الغايات . عندما أعود بذاكرتي إلى أيام الشباب الأولى والبحث عن الذات وتحقيق الإمكانات أكتشف أن أكثر من يجدر به الكتابة عني وعن مسيرتي هو أنا الكاتب والصحفي فراس الحمداني رئيس لجنة الإنضباط في نقابة الصحفيين العراقيين والخبير القضائي في محكمة الإعلام والنشر الذي عرفني الجمهور كاتباً وصحفياً قبل عشرات السنين والملقب بالغضبان .

أنا الذي فتح عينيه على بغداد وعاش مآسيها ولحظات السعادة فيها وشاهد ما لم يخطر على بال من الأحداث والتقلبات التي ترغمني أن أقول وبلا تردد أن بغداد بالفعل هي مدينة ألف ليلة وليلة وليس من مدينة كبغداد في شموخها وعنفوانها البعيد الموغل في تاريخ من الأسى والعذابات والرغبات والإبداع .
بغداد التي يهتز كل وجداني بأجمعه حين أسمع لتلك القصيدة الخالدة للشاعر محمود حسن إسماعيل بصوت كوكب الشرق أم كلثوم التي زارت بغداد عام 1932 وغنت في مسرح الهلال الذي هو عبارة عن ركام الآن حيث تقول في تلك الأغنية الزلزال :
بغداد ياقلعة الأسود
ياكعبة المجد والخلود
ياجبهة الشمس للوجود
سمعت في فجرك الوليد
توهج النار في القيود
وبيرق النصر من جديد
يلوح في ساحة الرشيد
زأرت في حالك الظلام
وقمت مشدودة الزمام .
ربما يكون التمثيل هو البداية في حياتي ولكن الكتابة هي التاريخ والأرث الحقيقي وعندما أسجل هذا لأنني لم أعد متمسكاً بالحياة كما كنت أول أيام الشباب فقد بدأت في فلم أحزان الظهيرة عام 1978 وأخرجه سمير حنا زوج الصحفية أنعام كججي وكان معي كبار رجال الفن الراحل يوسف العاني والعملاقان سامي قفطان وحسن حسني وشاركت بعدها في مسلسل جنوح العاطفة الذي أخرجه الراحل محمد يوسف الجنابي مع الراحل قائد النعماني وسامي قفطان والفنانة الكبيرة سناء عبد الرحمن ، وكان فلم الماء والزيت من إخراج الراحل كريم حمزة واحداً من الأعمال التي أعتز بها ومثل فيه نخبة من كبار الفنانين رحم الله الماضين وحفظ الباقين منهم ورزقهم العافية . في مجال الكتابة فقد بدأت في العام 1977 بمقال بمجلة الاذاعة والتلفزيون التي حملت إسم فنون لاحقاً وكان يرأس تحريرها الزميل الراحل محمد الجزائري ومن ثم مقالات في عديد من الصحف والمجلات . واستمرت المسيرة بعد سنوات من سقوط النظام بالعديد من الصحف العراقية والمصرية والكويتية وأرتفع نجمي من خلال الكتابة بجريدة البينة الجديدة الذي كان يرأس تحريرها الراحل ستار جبار وبعد رحيله إستمر برئاستها الزميل الرائع عبدالوهاب جبار ، واليوم تنشر مقالاتي بين الجريدة الأم البينة الجديدة وجريدة الوطن الجديد الذي يرأس تحريرها الزميل حسين السومري الذي أبدع في المهنية الرصينة التي ورثها من عمه الراحل ستار جبار .
عندما تستمر الحياة نكتشف كم هي مملة خاصة حين يحيطك هذا الكم من بعض الأغبياء الذين يدعون المهنية والمنافقين والموتى الأحياء الذين يدعون الشرف والفضيلة فتنتهي بك الطموحات إلى الرغبة في مغادرة الحياة ويتقدم بك العمر حتى تمل منه ولا يعود لديك الكثير لتفكر فيه ولتفعله على قاعدة ( شفت وعفت ) وتنادي في ذاتك : متى تنتهي أيها العمر وأتخلص من حياتي التي أرهقتني وكبلتني كثيراً وجعلتني أتوق إلى النهايات السريعة فقد خسرت الكثير من أحبابي وخسرت أصدقاء طواهم الموت ولم يتبقى إلا ذكرى عزيزة تشدني إلى رغبة الخلاص والإبتعاد عن زحمة الحياة الشريرة الباعثة على اليأس .
Fialhmdany19572021@gmail.com

فراس الغضبان الحمداني

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

ورش الكتابة الإبداعية: ضد الالتزام بالكتابة وحيدا أم اتباع لوجهة المدرب وذائقته؟

طالب الرفاعي: ورش الكتابة الإبداعية لا تغيّر وجهة نظر الكاتب، ولا تتدخل في نصه غصبًا

محمد عبد النبي: مسؤولية المدرب لا تقل عن مسؤولية المعلّم والمرشد بل الأب أحيانًا

محمود الرحبي: إذا لم تفرز الورشة كتبا أو محاولات جادة ستدور في حدود التعارف

حمود الشكيلي: ورش الكتابة تشبه تماما ورش إنتاج المعدّات أو حتى إصلاحها

اخترعت أمريكا "ورش الكتابة الإبداعية" لتُخرج الكاتب من عزلته وضعه أمام مجموعة متنوعة من الآراء والأفكار في مرحلة مبكرة من ولادة نصه، فهل على الكاتب أن يشارك في ورش الكتابة الإبداعية في مرجلة ما من حياته؟ وأي مرحلة تحديدا؟ وهل الكتابة في مجموعة تتنافى مع فكرة الإلترام بالكتابة وحيدا؟ وهل تطوير النص في مجموعة ورشة إبداعية شرط أساسي؟ وهل ينظر إليه بوصفه تقييدًا للنص، وتحويله إلى وجهة جديدة هي وجهة المدرب وذائقته، ووجهة الطلاب المشاركين في الورشة؟. طرحنا هذه الأسئلة على عدد من الكتاب الذين قدموا ورشا في الكتابة الإبداعية منهم الكاتب الكويتي طالب الرفاعي، والكاتب المصري محمد عبدالنبي، والكاتبان العمانيان محمود الرحبي وحمود الشكيلي.

*************************

إغناء لكتابة أي كاتب

يرى الكاتب طالب الرفاعي أن ورش الكتابة الإبداعية لا تغيّر وجهة نظر الكاتب، ولا تتدخل في نصه غصبًا، وقال: "مهمة ورشة الكتابة الإبداعية الأساسية، هي مشاركة الكاتب في أفكاره، ومحاولة تجويد وتطوير نصه وفق ما جاء به، ووفق فكرته الأساسية وقناعاته. وبالتالي فإن ورش الكتابة الإبداعية لا تُجبر كاتبًا أو تلزمه بقناعات أستاذها أو الطلبة المشاركين فيها. مع ملاحظة أن ورش الكتابة الإبداعية الأكاديمية العربية الصحيحة ما زالت في بداياتها، وفي جميع أقطار الوطن العربي، وتكفي الإشارة إلى أنه وحتى اللحظة لا يوجد قسم للكتابة الإبداعية في أي جامعة عربية على الإطلاق، وأن مادة الكتابة الإبداعية قد تُدرّس في أقسام اللغة العربية بوصفها مادة اختيارية".

وعودة إلى الاختراع الأمريكي ومدارس الكتابة الإبداعية الأمريكية أشار الرفاعي إلى أنها ترى أهمية أن يشارك الكاتب، وتحديدًا الكاتب الشاب في ورش الكتابة الإبداعية ولأكثر من سبب، وعددها: "الأول: هو قناعة المدرسة الإبداعية الأمريكية بأن الكتابة الإبداعية الشخصية بقدر ما تعتمد على الموهبة تعتمد على الإلمام بالعناصر الفنية اللازمة للجنس الأدبي الذي يكتب به الكاتب، وثانيًا، لأن منْ يقوم بتدريس مناهج الكتابة الإبداعية في عموم الجامعات والمعاهد الأمريكية، هم بالضرورة مبدعين مشهود لهم بأعمالهم الإبداعية المهمة، وبالتالي فإن المدرِّس إنما يتكلم عن علم ودراية ومعرفة وخبرة وكتابة ونشر، وهذه العناصر مهم جدًا أن يلمّ بها أي كاتب خاصة في بداية مشواره الكتابي. وثالثًا وأخيرًا، فإن المدرسة الأمريكية ترى في النقاش المُنفتح على مختلف آراء المشاركين في الورشة، إغناء لكتابة أي كاتب، دون الضغط عليه لتبني أي وجهة نظر، ولكن النقاش والملاحظات إنما تُعد بمنزلة فتح نوافذ واسعة وملوّنة من الآراء والمقترحات أمام الكاتب، وله وحده أن يكتب نصه".

وفي سؤال: هل وضع الكاتب أمام مجموعة متنوعة من الآراء والأفكار في مرحلة مبكرة من ولادة نصه تتنافى مع الالتزام بالكتابة وحيدا؟ يقول الرفاعي: "علينا أن نتفق أن للكتابة الإبداعية في الغرب أسس ومبادئ مستقرة، منذ مئات السنوات، وفي المقدمة من تلك الأسس أن قرار نشر أي كتاب، إنما يعود بالدرجة الأولى للناشر، وأكثر بكثير مما يعود للكاتب، كون الكتاب سلعة، ويتحكم عنصر الربح والخسارة في نشره وتوزيعه، وبالتالي فإن أي كاتب، مهما بلغت سمعته وحضوره الإبداعي المكرّس، لا يستطيع أن يلزم ناشرًا بنشر كتابه إن كان الناشر رافضًا لذلك الكتاب. نشر الكتاب في الغرب هو مشروع تجاري ربحي، والناشر يتخذ كل الدراسات اللازمة لإنجاح هذه المشروع، ويعمل ما يشبه "دراسة جدوى-Visibility study" ضمانًا لنجاح طباعة ونشر وتسويق الكتاب. وعليه فإن أحد العناصر المهمة في النشر هو وجود "المحرر الأدبي-The editor" وعلى كل كاتب الاستماع لنصائح وملاحظات المحرر الأدبي، ومن ثم له كامل الحرية في عمل تلك الملاحظات، أو ترك أمرها للمحرر والناشر. ومن هنا فإن أصول الكتابة الإبداعية في الغرب لا ترى تنافيًا بين عمل الكاتب المبدع، وبين نصائح وملاحظات المحرر الأدبي المختص وصاحب الدراية الكبيرة بعمله، كما أن المحرر الأدبي ملمّ بوضع الساحة الإبداعية والثقافية، وآخر نتاجاتها الإبداعية، وبما يجعل من عنايته إضافة مهمة لعمل الكاتب، ولا تتنافى أبدًا مع الالتزام الكاتب بالكتابة وحيدًا؟ فالكاتب صانع النص يكتبه لوحده، وفق موهبته وخبرته وقناعاته، ودور المحرر الأدبي المختص، العارف تمامًا بحدود وطبيعة علاقته بالكاتب، مكمّل، ومكمّل مهم جدًا لعملية الكتابة والنشر."

الانتباه للتعدد والاختلاف

يرى الكاتب محمد عبد النبي أن عُزلة الكاتب شيء محمود ومنشود، مضيفا: "لكن لا بدَّ أن يبقى في حدود المعقول، وأن تقطعها بين الحين والآخر نوبات خروج للعالَم وتفاعل مباشر معه، ربما يكون من بينها الورش، سواء كان الكاتب شابًا مبتدئيًا أو مخضرمًا يمارس التدريب على الكتابة، لكن ليس على الكاتب أن يشارك في ورش الكتابة مدربًا أو متدربًا، فهو حُر تمامًا، القصد أن ينتبه لنفسه ولاحتياجاته، فإذا شعرَ في لحظة ما أنه بحاجة لخوض هذه التجربة فليفعل بلا تردد، المؤكَّد عندي أنه سوف ينتفع بها، ولو لم يخرج منها إلَّا باليقين أنَّ هذه المسائل غير مناسبة له وأنَّه يفضل القعود في البيت للقراءة والكتابة".

وتابع: "أمَّا بالنسبة للكاتب المخضرم أو المدرب الذي يضطلع بمهمة التدريب فالأمر ليس بهذه السهولة، وإذا اتخذ قرار التدريب فعليه أن يستعد له جيدًا، وأن يقيس ويحسب كل خطوة يتخذها، لأنّ عليه مسؤولية تجاه المتدربين معه في الورشة لا تقل عن مسؤولية المعلّم والمرشد بل الأب أحيانًا، فإن لم يكن يصلح لهذه المهمة عليه أن يعترف بهذا مبكرا لكيلا يظلم نفسه والآخرين معه."

وبين الالتزام بالكتابة وحيدا ومواجهة الآاراء المتنوعة، قال عبد النبي: "لا أجد تعارضًا ما بين وجود الكاتب في سياق تنوّع وتعدد من الأفكار والرؤى وبين التزامه بالكتابة وحيدًا في منزله، وتجربتي تقول إنَّ هذا التفاعل مع آخرين كثيرًا ما يكون له أثر إيجابي على تشجيع الكاتب وتخصيب خياله وإنعاش أفكاره حيال نصه حين يتصور الاحتمالات الكثيرة والآفاق الممكنة أمامه، عبر آراء المدرب والزملاء".

وأضاف: "لا توجد شروط بالمرة في رحلة الكتابة، فلكل كاتب تجربته وسياقه وخصوصيته، وقد تناسب الورش شخصًا ولا تناسب آخَر، كما أن المشاركة في ورشة لا تعني بالمرة (تحويل النص لما لا يلائم ذائقة المدرب)، فلا يوجد كاتب (إلَّا إن كان مضطربًا نفسيًا بشدة) يريد أن يصنع نسخًا مصغرة منه، بل بالعكس، المدرب الحقيقي منتبه للتعدد والاختلاف وهذا أهم منبع من منابع جمال الفن والأدب، وأن يكون كل منّا نفسه لا ينفي بالمرة إمكانية التعاون وتبادل الخبرات التقنية والآراء الأدبية والنقدية، جزء من ديناميكية الورش الإبداعية في حرية أن نكون مختلفين ولكن معًا في تناغم".

قصر السراب وفراشات الروحاني

يقول محمود الرحبي: "ربما لم أقدم ورشا سوى اثنتين في جمعية الكتاب واحدة عن الفصل الروائي الأول والثانية أظنها عن الرواية أو القصة. كلاهما لم تأت ثمارهما عمليا. أقصد لم تنبثق عنهما كتب. والورشة حسب ظني الخاص إذا لم تفرز كتبا أو محاولات جادة ستدور في حدود التعارف،أي تتحول إلى محاضرات للتعارف وأيضا للمعرفة والنقاش وهذا أمر جيد ولكنه مختلف طبعا عن ما يفترض أن تنتجه أي ورشة ذات طموح جاد. الغريب أيضا أنه حتى الورشة التي شاركت فيها بجائزة البوكر لم تثمر رواية لي ولا حتى لجوخة الحارثي التي كانت معي في الورشة حيث كتبنا قصصا. بقية المشاركين ربما كان وضعهم مختلفا".

وعن تجربة كتابته لرواية فراشات الروحاني بعد ورشة قصر السراب: "لو لا هذه الورشة التي أقيمت في فندق قصر السراب بأبوظبي لما كتبت رواية فراشات الروحاني التي كانت أطول ما كتبت سرديا، وثمة سببان: الأول أن الورشة كانت تساعد كثيرا على الجلوس وقتا طويلا للكتابة وهذا لا يمكن تعليمه إلا بالممارسة وهذا ما فعلته ورشة قصر السراب لكاتب هذه السطور، فحين رجعت إلى بلدي، وكنت حينها أسكن في مطرح تحديدا بحارة الزبادية، شرعت بالجلوس ساعات طويلة من أجل كتابة خمسة إلا كلمة أولى، وهكذا إلى أن أنهيت فصول الرواية كاملة. والسبب الثاني أن الرواية كانت تتخيل هذه الرحلة السحرية التي أقمت فيها بقصر السراب وهو مكان سحري دون مبالغة في وسط الصحراء ومبني بالطين حيث لا يوجد به أي مسمار أو قطعة حديد، وجدته فضاءً مثاليا لكتابة رواية تدور حول عوالم الروح وتنمية النفس. حيث أن هذه الرواية تدور حول ما كان سائدا في ذلك الوقت من انتشار ما كانوا يسمون بخبراء تطوير الذات، في جانب منها أيضا هجاء لمن يستغل هذا الأمر تجاريا. عموما أجواء هذه الرواية كانت تخيلا لما شاهدت وعشت في قصر السراب. وقد اجتمعنا لمحاولة كتابة روايات ولكن الذي حصل أن ما كتبناه في الورشة لم ينشر في كتاب، ولكن حملت معي زادا بعد انتهاء الورشة ساعدني كليا في كتابة رواية ولكن ليس في قصر السراب الضحم إنما في حارة الزبادية الشعبية بمطرح وفي غرفة تطل نافذتها على مقبرة."

الورش الكتابية فرصة

يقول الكاتب العماني حمود الشكيلي: "إن أُتيحت لأي كاتب فرصة المشاركة في ورشة كتابية فعليه ألا يتردد في التسجيل والتفاعل فيها، فليشارك في أي عمرٍ، إذ الكتابة لا ترتبط بعمر محدد، لا بداياتها، ولا النضوج فيها سيأتي في عمر معلوم، حتى الكتاب الوحيد لأيٍ كاتب لا يمكن أن يأتي في عمر معروف لديه، أشير إلى هذا إذا ما تذكرنا أن لكل واحد كتابٌ سيرتبط باسمه، ما قبله أو ما بعده تنويعات وحنين إلى الكتاب الوحيد، العزلة في ذاتها تجربة تختلف بين اثنين، تصعب أن تكون مطلقة يطبق الكاتب فيها على نفسه، عليه خلق تجليات تساهم في إثراء تجربته الكتابيّة."

وأضاف: "ورش الكتابة تشبه تماما ورش إنتاج المعدّات أو حتى إصلاحها، أمام المعدات الثقيلة " مثلًا" تقف مجموعة بشرية بخبرات متنوعة، يلتقون معًا لتأمّل هذه القطعة وتلك الأخرى، كأن ينظر هؤلاء إلى المعدّة؛ لكشف علل أو إصلاح خلل قبل إعادتها في الهيكل؛ لتسير بثبات في الشارع أو في الجوِّ إن كانت لطائرة، الحال نفسه أمام نصٍّ تشكّلت فكرته في المسودّة الأولى، فبعد الانتهاء من الكتابة يحتاج النّص إلى إدامة النظر والتأمّل من قبل محبين مخلصين إن قبلوا العمل على ذلك. "

وتابع" :يمكنني الإشارة إلى أن ورش الكتابة تنقسم إلى قسمين، الأولى تحفِّز وترغِّب الكاتب لإنتاج فكرة في أسطر أو فقرات تتشكّل فيها ما قد يصير عوالم لنصِّ منتظر، لعلي أشير بهذا إلى رواية "فراشات الروحاني" للقاص والروائي محمود الرحبي، فكتابتها نتاج التأثّر النفسي والتعلّق الروحي، فمكان الورشة التي شارك فيها أغراه كثيرا، لعل العزلة إن توفّرت فقد أعانته وأجواء مكان الاستضافة لينكبّ ويعتكف على كتابة رواية "فراشات الروحاني" بعد عودته من تجربة الورشة المفتوحة على تجارب روائية متنوِّعة. أما النوع الثاني فالمشاركة فيها تتاح لمتقدِّم بمسودة ميلاد نصّ. في هذا النوع نتذكّر تجربة الصحفية والكاتبة هدى حمد في روايتها الثانية" التي تعدّ السلالم" وهي نتاج مشاركتها في محترف " نجوى بركات" كيف نكتب رواية، وأحسب" التي تعدّ السلالم" أهم وأنضج تجارب هدى حمد الروائية، ولعل المدرّبة رافقت النص ولم تتخل عنه منذ كلماته الأولى حتى نضج واكتمل، لي أن أتخيّل عصفًا ذهنيا في موضوع الرواية وحوارا فنيًّا في الشخصيات والحوار حدث بينهما، وهذا ليس عيبًا أبدا، إنما نعمة تستوجب الشكر والتقدير على وجود مرافق يتأمل النص مرات ومرات بين ألوف كلماته حتى النهاية. أراني الآن لست مخطئا في تأكيد دعوة استغلال أي فرص تعرض على الكاتب أو يتعرض إليها ليقدم نتاجا نثريًّا يراكم لديه خبرة المشاركة، كما يمكنه الاشتغال على فكرته في عزلة ينتج فيها تجربة مختلفة."

مقالات مشابهة

  • ورش الكتابة الإبداعية: ضد الالتزام بالكتابة وحيدا أم اتباع لوجهة المدرب وذائقته؟
  • الوجه الآخر للفنان حلمي التوني.. موقف مؤثر في حياة «مي» عمره 23 عاما
  • محطة معالجة تروي عطش دواوير قلعة السراغنة
  • 3 أشهر حبس لمن ادعى العجز عن الكتابة أو حمل سلاحا أثناء الاقتراع
  • فرنسا.. ابنة الرجل الذي دعا غرباء لاغتصاب زوجته على مدار سنوات تتحدث عن الجحيم
  • فرنسا.. ابنة الرجل الذي دعا غرباء لاغتصاب زوجته تتحدث عن الجحيم
  • لاعب الإسماعيلي يعود إلى الدوري التونسي
  • طيف سامي في كردستان غدا.. هذه هي الملفات التي ستناقشها
  • الكتابة في زمن الحرب (41)
  • القبض على أب حاول بيع ابنته بعمر 11 عاما