في جميع مراحل حربها ضد مليشيا الحوثي، تعثرت الحكومة الشرعية بعوائق كثيرة أدت في نهاية المطاف إلى إضعاف موقفها التفاوضي لإنهاء الحرب على أساس تسوية سياسية شاملة وعادلة. وفي حين تبدو بعض تلك العوائق خارجة عن إرادة السلطة الشرعية، تبدو أكبر العوائق وأخطرها من صنع يدها، وأبرزها طريقة تعاملها مع القضية الجنوبية في إطار الحل السياسي الشامل وإنهاء وضع الحرب.

خلال مشاورات الرياض للقوى اليمنية التي أسفرت عن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022، تمت مناقشة الإطار التفاوضي الخاص بالقضية الجنوبية، وتم إقرار وضع إطار تفاوضي خاص بها في سياق مفاوضات العملية السياسية الشاملة بين السلطة الشرعية ومليشيا الحوثي، وكذا بين مختلف القوى المنضوية تحت مظلة السلطة الشرعية الممثلة بمجلس القيادة الرئاسي. 

بموجب نتائج مشاورات الرياض تم تشكيل فريق تفاوضي مشترك لمجلس القيادة الرئاسي، يمثل كافة الأطراف المنضوية في إطار المجلس، لكن عامين مرّا دون تفعيل هذا الفريق.

في مطلع يوليو الجاري، أرسلت الحكومة فريقها التفاوضي بتشكيلته القديمة للمشاركة في جولة المفاوضات المنعقدة في مسقط مع مليشيا الحوثي بشأن الأسرى والمعتقلين، وبالتزامن مع تلك الجولة التي انتهت بالفشل في تحقيق أي نتائج عملية، جدد عضو مجلس القيادة الرئاسي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، تأكيده على ضرورة تفعيل الفريق التفاوضي المشترك للمجلس الرئاسي، وضرورة أن يتولى هذا الفريق مهام أي مفاوضات قادمة لإنهاء الصراع في اليمن. 

وقد كان تصريح الزبيدي صادما لبعض المراقبين الذين استنكروا عدم إرسال هذا الفريق التفاوضي المشترك إلى مفاوضات مسقط الأخيرة، ومع ذلك لم يصدر أي تعليق من قبل الحكومة الشرعية.

الزبيدي قال في ذلك التصريح الذي ورد خلال لقائه بالسفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، إن أي مفاوضات تتم خارج إطار الفريق التفاوضي المشترك للمجلس الرئاسي، "لن تكون محل قبول أو موافقة من الأطراف المنضوية في إطار المجلس".

وخلال النصف الثاني من يوليو الجاري، أعاد المجلس الانتقالي الجنوبي التذكير مرتين بخطورة التسويف والتأجيل الرئاسي لوضع الإطار التفاوضي الخاص بالقضية الجنوبية موضع التنفيذ. وفي لقاء موسع لقيادات المجلس الانتقالي في عدن الأسبوع الماضي، جدد رئيس الجمعية الوطنية في المجلس، علي عبدالله الكثيري، التأكيد على موقف المجلس الانتقالي الجنوبي الثابت والمعلن عنه في كل بياناته بشأن القضية الجنوبية، و"تمسكه التام" بما طرحه الزُبيدي خلال لقاءاته مع المبعوث الأممي وسفراء الدول الراعية للعملية السياسية، على أن "قضية شعب الجنوب لا مساومة فيها، وأن أي تسوية سياسية ستحاول أن تتخطى الجنوب وقضية شعبه لن يكتب لها النجاح".

والخميس الماضي ترأس الكثيري الاجتماع الدوري لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي، الذي حضره وزراء المجلس في الحكومة، وأكد على تمسك المجلس بموقفه الداعم لوقف الحرب وتحقيق سلام شامل ودائم، إضافة إلى تمسكه بضرورة استكمال المشاورات مع جميع الأطراف الرئيسية والفاعلة على أرض الواقع، لضمان تحقيق النجاح والشمولية لأي تسوية سياسية قادمة.

وفي الاجتماع نفسه، دعت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، مجلس القيادة الرئاسي إلى تنفيذ الالتزامات المتفق عليها، وفي طليعتها تفعيل الفريق التفاوضي المشترك، ليقوم بمهامه مباشرة في مختلف ملفات وقضايا التفاوض السياسية والاقتصادية والعسكرية -بحسب ما أورده الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي. 

كما شددت هيئة رئاسة الانتقالي على "سرعة إقرار الإطار الخاص بقضية شعب الجنوب في جميع مراحل العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، كما ورد في مخرجات مشاورات مجلس التعاون لدول الخليج العربية، محذرة في السياق من مآلات أي محاولات لتسويف وتأخير هذه الالتزامات".

ويرى مراقبون أن تحذيرات المجلس الانتقالي الجنوبي من تأجيل وضع الإطار التفاوضي الخاص بالقضية الجنوبية والتباطؤ في تفعيل الفريق التفاوضي المشترك، آخذة بالتصاعد منذ جولة المفاوضات الأخيرة في مسقط بشأن الأسرى والمحتجزين. كما يشير المراقبون إلى أن مطالبة هيئة رئاسة الانتقالي لمجلس القيادة الرئاسي بسرعة تنفيذ هذين الإجراءين بشكل عاجل، ينذر بتصعيد نبرة المطالبة الجنوبية في المرحلة القادمة إذا لم يتخذ المجلس الرئاسي قرارا عاجلا بتنفيذ المطلبين، خاصة بعد تراجع المجلس عن قرارات البنك المركزي في عدن والطيران الوطني، لصالح مليشيا الحوثي.

وفي سياق متصل، توقع المراقبون أن يجد مجلس القيادة الرئاسي نفسه أمام غضب شعبي جديد في المحافظات الجنوبية على خلفية التسويف في وضع الإطار التفاوضي الخاص بالقضية الجنوبية وعدم تفعيل الفريق المشترك، خاصة إذا كشفت زيارة الرئيس العليمي إلى حضرموت عن اتفاق جديد غير معلن بمنح مليشيا الحوثي حصة من عائدات النفط مقابل توقفها عن قصف منشآت التصدير أو التهديد بقصفها. وفي هذا السياق، يرى المراقبون أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي قد يتمكن من احتواء الغضب الشعبي واستياء القوى السياسية في الجنوب، إذا ما أقدم على إجراء مشاورات مكثفة مع جميع أعضاء المجلس، واتخاذ قرارات عاجلة وحاسمة لتحويل القضية الجنوبية وفريق التفاوض المشترك إلى عنصر قوة للمجلس وإنقاذه من أي تهديد للتوافق المستمر بين أعضائه منذ العام الماضي.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: المجلس الانتقالی الجنوبی مجلس القیادة الرئاسی ملیشیا الحوثی تفعیل الفریق

إقرأ أيضاً:

افرام من بكركي: لعرض مسودة ورقة التفاوض أمام مجلس النواب

طالب رئيس المجلس التنفيذي لـ"مشروع وطن الإنسان" النائب نعمة افرام، اليوم الثلاثاء، بـ"عرض مسودة ورقة التفاوض أمام مجلس النواب، ليتمكن المجلس من الاطلاع على محتواها وإبداء الملاحظات اللازمة".


وقال بعد لقاء جمعه مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطر الراعي في الصرح البطريركي في بكركي: "إذا كانت البنود إيجابية، سنباركها ونحتفل بها. أما إذا تبين وجود أي شوائب، فسنطالب بالإجراءات التصحيحية اللازمة لضمان تحقيق مصلحة كل لبنان من دون استثناء".


أضاف: "لا يزال محتوى هذه الورقة غير معلوم، وهو أمر يستوجب معرفته بشكل عاجل وشفاف. ونحن كنواب، نحمل أمانة تمثيل الشعب اللبناني، وواجبنا أن نجيب على تساؤلات المواطنين الذين انتخبونا. ولذا، نطالب باسم الشعب اللبناني بمعرفة تفاصيل ورقة التفاوض".


تابع: "نأمل ونصلي أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أسرع وقت ممكن، وأن يكون هذا الاتفاق ركيزة خير للبنان. نريده اتفاقا طويل الأمد ينهي الحرب الحالية ويحصن لبنان من أي حروب مستقبلية".


وأكمل: "النقاش مع البطريرك الراعي تناول أيضا أوضاع النازحين، الذين نعتبرهم مسؤولية مشتركة بين جميع اللبنانيين. لقد أثبت اللبنانيون تعاضدهم في الأزمات، لكن علينا بذل المزيد لتخفيف معاناتهم وتأمين استمراريتهم في هذه الظروف الصعبة، خصوصا إذا طال أمد الحرب، وكل هذا مع الحفاظ على السلم الأهلي. وفي ظل تزايد الأعباء، يجب أن نتحلى بالصبر والحكمة لتفادي الوقوع في أوضاع خطرة".

هذا وأشار افرام إلى أن "الموضوع الثالث الذي طرح تطرّق إلى مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار، حين يعود جميع اللبنانيين إلى كنف الدولة وتحت مظلة خيمة الدولة اللبنانية، حيث حينها يمكن للدولة أن تباشر عبر موازنتها، عملية إعادة الإعمار ومساعدة المتضررين"، وقال: "لذلك، الالتزام بالدولة ومؤسساتها يجب أن يكون الشرط الأساسي والضامن لإعادة الإعمار".


أضاف: "أما بالنسبة إلى الموازنة المقبلة، فيجب أن تكون قائمة على ركائز النهوض الاقتصادي، والعدالة في الإنفاق، ومرتبطة مباشرة بقدرة لبنان على التعافي الاقتصادي. ويجب أن نضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار، وأن نبني موازنة توازن بين حاجات الناس والقدرة على تحقيق استدامة مالية".

مقالات مشابهة

  • لقاء نادر.. وفد من الإصلاح يلتقي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي
  • لقاء وفد من الإصلاح مع نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي لمناقشة القضايا الحيوية
  • قرارات هامة لمجلس القيادة الرئاسي بشأن التطورات الوطنية والإقليمية
  • نتنياهو يرفض منح توسيع صلاحيات فريق التفاوض للوصول إلى تبادل أسرى مع حماس
  • أكاديميون وتربويون يطالبون مجلس القيادة الرئاسي بإقامة مؤتمر وطني للحفاظ على الهوية اليمنية من أفكار الحوثيين
  • نتنياهو يرفض توسيع صلاحيات فريق التفاوض مع حماس
  • صحافة إسرائيلية: نتنياهو يرفض توسيع صلاحيات فريق التفاوض مع حماس
  • نتانياهو يرفض مقترحات فريق التفاوض بشأن صفقة الرهائن بغزة
  • افرام من بكركي: لعرض مسودة ورقة التفاوض أمام مجلس النواب
  • فريق ترامب الرئاسي.. يعادي فلسطين وعناصره من أهل الثقة والمتشددين