راشد عبد الرحيم: من العلمين سلام
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
مدينة العلمين المصرية من اقدم المدن نشاة و حضارة و تم تطويرها مؤخرا و اصبحت العاصمة الصيفية .
من الروايات في معني إسمها ان شابا و فتاة من قبيلتين متصارعتين أحبا بعضهما و قتلا و نشبت حرب بين قبيلتيهما إنتهت بصلح قررت بموجبه القبيلتان ان ترفع كلا منهما علما علي حدودها رمزا للسلام .
تعددت دعوات التفاوض حول السودان مؤخرا
اليوم يجتمع قادة خمس دول معنية بالحرب هي تشاد و اثيوبيا و الإمارات إضافة للسودان صاحب الشان و مصر صاحبة الدعوة
الدعوة رتبت لها القيادة المصرية في صمت .
مصر دولة قوية وذات حضور دولي و إقليمي يجعل من الصعوبة التأثير عليها لتغيير مواقفها .
تمتاز مصر علي بقية الدول الثلاث ان موقفها من الحرب حاسم و إستراتيجي و هذا واضح في انها لم تستقبل أيا من قيادات التمرد .
و روابط مصر بالسودان قوية و متينة و اصيلة لم تحددها و لا اثرت فيها المتغيرات الجارية .
روابط مصر بالسودان تأريخية و حضارية و ثقافية و إجتماعية .
هي الأجدر و المؤتمنة علي التوسط .
السودان منفتح في التعامل مع كل الوساطات و موقفه قوي ينطلق من إرادة قومية عمادها التلاحم الوطني بين الشعب و قواته المسلحة .
مطالب السودان الأساسية واضحة و معلنة فيها ثوابت لا تقبل التنازل عنها و اساسها ان ما إرتكبه التمرد من إنتهاكات العفو عنها حق الضحايا و هي إنتهاكات فظيعة من المستحيل معها قبول الممردين بين المواطنين و في الأعيان المدنية .
ثمة مساحات يمكن عبرها الوصول لحلول و إتفاق سلام .
نأمل و نرجو ان يأتينا من ( العلمين سلام )
راشد عبد الرحيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
على طريقِ الانعتاقِ من الهيمنةِ المصرية (2 – 20)
"لن يستطيع أحدٌ أن يركبَ على ظهرِك، ما لم تكن منحياً"
مارتن لوثر كينج
النور حمد
منعطف إستعادة الاستقلال
المنعطف الذي نمر به الآن هو، بصورةٍ أساسية، منعطف استعادة استقلالنا المسروق. وهي سرقةٌ ما كانت لتحدث لولا أن نخبنا السياسية قد تعاونت فيها مع النخب العسكرية المصرية. بل، لا تزال بعضٌ من نخبنا تعمل، حتى هذه اللحظة، لكي تحول دون أن نستعيد ذلك الجزء الأكبر المسروق من استقلالنا. لقد خرج البريطانيون من السودان في عام 1956، غير أن المصريين الذين شاركوهم استعمارنا المباشر حتى أخرجهم البريطانيون بسبب حادثة مقتل السير لي ستاك في القاهرة في 1924، لم يخرجوا من حيث التأثير على سلطة القرار السودانية، إلى اليوم. لقد المصريون وراءهم من أجل الاختراق من الداخل، ما يماثل حصان طروادة. وهو مجموعة النخب العسكرية والمدنية السودانية التي ظلت تساعدهم على خلط الأوراق السياسية، ليبقى السودان رازحًا تحت استعمارهم المستتر، الذي امتد، حتى الآن، لقرنين كاملين.
لقد أتاحت لنا هذه الحرب، على بشاعتها وكلفتها الباهظة، فرصةً ذهبيةً لكي نستعيد استقلالنا المسروق هذا. فإن نحن أخذنا بها تحرَّرنا وانفكت، إلى الأبد، القيود التي ظلت تكبل بلادنا وتمنعها من الانطلاق. وإن نحن فرطنا في هذه اللحظة الحاسمة، فإن كوارث أكبر من هذه التي نحن فيها الآن ستكون في انتظارنا. ولسوف تنتهي تلك الكوارث، طال الزمن أم قصر، إلى تقسيم البلاد، بل وإلحاق جزءٍ منها بمصر، بصورةٍ نهائية. وقد بدأت ارهاصات ذلك تلوح في الأفق. فإسترجاع السودان هو الحلم الذي ما انفكت مصر الرسمية تحلم به، وتعمل له بدأبٍ شديد، منذ خروج جيوش محمد علي باشا من السودان في عام 1885. لذلك، لا أرى أن حالة الاستقطاب والاصطفاف القائمة الآن هي انقسامٌ بين الواقفين وراء جيش ما تسمى "الحركة الإسلامية السودانية"، والواقفين وراء قوات الدعم السريع، كما يصور ذلك إعلام الفريق البرهان وغيرهم ممن اشتروا هذا التشخيص الخاطئ. وإنما هو اصطفافٌ بين الذين لا تزعجهم الهيمنة المصرية ويريدون العيش تحت ظلها، لأسباب سوف نأتي إلى ذكرها لاحقًا، وبين الذين يريدون خروجًا بائنًا للسودان من تلك الهيمنة التاريخية المقيتة المكبِّلة، التي أقعدت البلاد وعطلتها وجعلتها في ذيل الدول الإفريقية والعربية في كل شيء.
الطمع المصري في السودان
من المعلوم أن لكل دولتين جارتين مصالح مشتركة مع بعضهما. وكثيرًا ما نسمع دولةً ما تقول: إن الدولة الأخرى تمثِّل عمقًا استراتيجيًا بالنسبة لها، وأن أمنهما لا ينفصلان، وهذا مفهوم جدًا في العلاقات الدولية. لكن، إذا تمعنَّا في نظرة الدولة المصرية نحو الدولة السودانية، وطريقتها في إدارة علاقاتها الحيوية معها، فإننا نجد أن إنشغالها بالسودان يبلغ درجة الهوس. كما أن نهجها في حراسة مصالحها في السودان، نهجٌ استعلائيٌّ، فوقيٌّ، إملائيٌّ، أنانيٌّ، استحواذيٌّ، متغطرس. وفوق هذا وذاك فإن مصر بناء على استعمارها المباشر للسودان في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ظلت تدير شؤونها مع السودان عبر جهاز المخابرات، وليس عبر وزارة الخارجية. وما ذاك إلا لأنها ترى السودان محافظة خرجت عن سلطتها ويجب استعادتها بكل سبيلٍ ممكن. ونحن نفهم المسببات الموضوعية لهذا الهوس، وهذا النهج المجافي للحكمة وللموضوعية. وما نريد للمصريين أن يفهموه أن هذا النهج من شأنه أن يلحق ضررًا فادحًا بمصالح البلدين.
قمت في عام 2012، بتقديم ورقةٍ في مؤتمرٍ عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة. وكان المؤتمر تحت عنوان: "العرب والقرن الإفريقي: جدلية الجوار والانتماء". وكانت الورقة بعنوان "من الاستتباع إلى الشراكة: في نقد نظرة مصر إلى جوارها الجنوبي". وكان من ضمن حضور المؤتمر سيدتان من الباحثات المصريات المرموقات. دعوت في تلك الورقة إلى الانتقال من نهج الهيمنة والإملاء المصري الذي يجري التعاطي به مع السودان، منذ نيله استقلاله في خمسينات القرن الماضي، وإلى اليوم، إلى نهجٍ قائمٍ على تبادل المصالح والشراكات التي تنفع البلدين في إطارٍ يرعى مصالح الدولتين. لكن، بناءً على معرفتي بالكيفية التي ظلت تُحكم بها مصر من بداية الحكم الخديوي، فإن أملي لم يكن كبيرًا في الاستجابة لتلك الدعوة. وبالفعل، لم تجد الدعوة صدى في ذلك المؤتمر. فالأقطار التي تحكمها أجهزة المخابرات، كما هو الحال في السودان ومصر، فإن من المتعذر جدًا أن تقوم برسم السياسات فيها مراكز الأبحاث المستقلة التي يقف عليها العلماء والباحثون، وإنمايُترك رسمها لرجال المخابرات محدودي المعارف، قصيري النظر. وهكذا سارت الأمور إلى أن بلغت هذه الحرب الأخيرة المدمرة التي لعبت فيها الأطماع المصرية في الهيمنة على السودان واستتباعه اقتصاديًّا، وسياسيًّا، ودبلوماسيَّا، دورًا رئيسا. كما أظهرت في نفس الوقت في فترة حكم الفريق البرهان المقيتة هذه، خنوعًا وانبطاحًا سودانيًّا مخزيًا فاق كل خنوعٍ وانبطاح سابق أظهرته النخب السياسية الحاكمة في السودان لمصر، منذ الممالك الكوشية القديمة.
مصر هبة النيل والصحراء
مصر بلدٌ صحراويٌّ لا تتناسب مقوِّماتٍ الحياة فيه، مع التزايد المتسارع لعدد سكانه. فالحياة تنحصر في مصر في الشريط النيلي الزراعي بالغ الضيق، الذي لا يتعدى عرضه، في كثيرٍ من مناطقه الأكثر اتساعًا، الكيلومتر الواحد. وأكثر مناطق مصر الزراعية اتساعًا هي منطقة الدلتا، التي تبلغ مساحتها ما يزيد قليلاً على 44 ألف كيلومترا مربعا. والدلتا المصرية رقعة من الأرض الخصبة على شكل مثلث تجلس على زواياه الثلاث مدن القاهرة والإسكندرية وبورسعيد. وفي حين أن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في السودان تقارب 200 مليون فدان، فإن الأراضي الصالحة للزراعة في مصر لا تتعدى 10 مليون فدانا. ولذلك، يمكن القول، إنه لا يوجد أي تناسبٍ يذكر بين مساحة الأراضي الصالحة للعيش في مصر وبين عدد السكان الذي يتزايد بوتيرة بالغة السرعة. وعلى عكس ذلك تمامًا، فإننا نجد أن عدد السكان في السودان قليلٌ جدًا بالقياس إلى أراضي السودان الصالحة للزراعة. ولذلك فإن انشغال مصر بالسودان انشغالٌ لا مثيل له. فالسودان، من عديد النواحي الاقتصادية يمثل المتنفس الوحيد ليكون هناك اقتصادٌ مصري قادرٌ على أن يؤمن للبلد حاجتها.
لقد كان السودان، منذ الأزمنة السابقة للميلاد، المستودع الذي تأخذ منه مصر الكثير مما تحتاجه من موارد. ومع تقدم الأزمنة ونشوء الاقتصادات الحديثة جعلت ضغوط الجغرافيا مصر منشغلةً بالسودان هذا الإنشغال الاستثنائي. فبالإضافة لضيق الأراضي في مصير مقارنةً بالسودان، فإننا نجد أن القسم الأكبر من نهر النيل وروافده تجري في الأراضي السودانية. وبما أن مصر ليس لها مصدر حياة غير النيل، فإن اهتمامها بأمر النيل وسياسات توزيع المياه بين دول حوض النيل يقع في صدر أولوياتها.
لقد كانت مصر القديمة مكتفيةً غذائيًا، بسبب التناسب بين ما تنتجه وعدد سكانها، آنذاك. وقد كانت مصر من أغنى بقاع الأرض ما جعل مختلف الشعوب تتطلع للعيش فيها. فثراؤها مقارنةً بغيرها في التاريخ القديم، هو ما جعلها، مقصدًا مفضَّلاً للغزاة. لكن، مع التزايد الهائل في أعداد السكان واختلال التناسب بين تلك الأعداد المتزايدة فيما يشبه الانفجار، وبين وجود أراضي يمكن استصلاحها والتمدد فيها لزيادة الإنتاج الزراعي والحيواني، اتسعت الهوة بين إنتاج مصر الزراعي والحيواني والزيادة المتفاقمة في أعداد السكان. وبما أن أراضي مصر الصالحة للعيش على ضفتي النيل تحدها من جهة الغرب الصحراء، ومن جهة الشرق الصحراء، ومن الشمال البحر الأبيض المتوسط، فإن المتنفَّس الوحيد المتبقي لزيادة الإنتاج الزراعي والحيواني، هو الأراضي السودانية.
نمط التفكير الخديوي
لقد كان من الممكن لمصر، بعد نهاية الحكم الخديوي، وقيام الجمهورية أن تتخلي عن النهج الخديوي الاستعماري الاستحواذي وتتجه إلى الشراكات التي تعود بالمنفعة للقطرين الجارين، لكنها لم تفعل. ولا يبدو، حتى الآن، أن لديها أي استعداد لكي تفعل. هناك شيء ما في البناء النفسي وفي تكوين الشخصية لدى النخب القابضة على أعنة الحكم في مصر يجعلها لا تؤمن بالتشارك والتعاون، خاصةً فيما يتعلق بالعلاقة مع السودان، بقدر ما تؤمن بأسلوب التحكم الكامل، أو شبه الكامل، والهيمنة والاستحواذ. وهذه هو ذات البناء النفسي والأخلاقي الذي سوَّغ للشعوب الأوروبية نهب ثروات الشعوب الفقيرة، بعد أن سبقت أوروبا هذه الشعوب بامتلاكها السلاح الناري.
لابد هنا من لفت النظر إلى حقيقةٍ ربما تفوت ملاحظتهاعلى كثيرين، وهي أن مصر قد سبقت باستعمارها السودان في عام 1821، الهجمة الاستعمارية الأوروبية على أفريقيا التي عُرفت باسم Scramble for Africa . فالهجمة الأوروبية على إفريقيا بدأت في عام 1876. وبهذا تكون مصر قد سبقت باستعمارها السودان تلك الهجمة الأوروبية على إفريقيا، بأكثر من خمسين عاما. ومثلما خلف الاستعمار عند خروجه نخبًا وطنيةً في البلدان المستعمَرة لكي تخدم مصالحه عقب مغادرته، أيضًا خلفت مصر نخبًا سودانيةً لخدمة مصالحها في السودان. فمصر مارست في السودان نفس الأسلوب المسمى: "الاستعمار الجديد"،Neocolonialism . وهو الاستعمار من على بعد عبر احتلال عقول نخب البلد المستعمَر وربط المصالح الشخصية لنخبه السياسية والاقتصادية بمراكز السلطة والثروة في البلد المستعمِر. وهذا هو ما حدث من مصر تجاه السودان، بل وفاق في تأثيره الاستعمار الجديد الأوروبي بسبب الاستعمار الثقافي المصري لعقول النخب المسيطرة في السودان. وهو ما لم يتوفر، بنفس القدر، للاستعمار البريطاني، بسبب اختلاف الدين واللغة والثقافة.
حين غزا محمد علي باشا السودان في عام 1821، كان غرضه الأساسي منحصرًا في استجلاب المال والرجال. وكان المال المعني هو الذهب، الذي قيل، آنذاك، أن خامه متوفرٌ في منطقة بني شنقول السودانية، التي أصبحت، لاحقًا، تابعةً لإثيوبيا. أما الرجال، فكانوا المسترقِّين الذي يجري قنصهم من المناطق التي يقطنها ذوو الأصول الزنجية ويجري إرسالهم قسرًا إلى مصر، بغرض تجنيدهم في الجيش الخديوي الذي كان يحارب آنذاك الحركة الوهابية في الجزيرة العربية. وإلى جانب ما تقدم، فإن الجنود السودانيين سوف يحلون مكان الجنود الأرناؤوط غير المطيعين ومن ثم استخدامهم في تحقيق حلم محمد علي باشا في إنشاء امبراطورية في وادي النيل. وقد كان اهتمام مصر الحديثة بمياه النيل كبيرًا منذ الحقبة الخديوية. ولذلك سيَّر الخديوي إسماعيل في عام 1875 حملاتٍ لاحتلال إثيوبيا مُني فيها بالهزيمة في معارك جوندت وجورا وعدوة. وكانت خطة الخديوي إسماعيل التمدد من السودان نحو يوغندا ودارفور ونحو إريتريا وإثيوبيا وجيبوتي والصومال، ليضع كامل وادي النيل تحت السيطرة الخديوية المصرية. غير أن حلم الخديوي إسماعيل لم يتحقق بسبب هزائمه في إثيوبيا في عامي 1875 و1876. وبعد عشرة أعوامٍ من هزيمة جيوش الخديوية في إثيوبيا، أنهت الثورة المهدية الحكم الخديوي في السودان. لكن، عاد الحكم الخديوي للسودان مرة أخرى، مع البريطانيين في عام 1898، بعد هزيمتهما لقوات المهدويين في معركة كرري. وأسست كل من بريطانيا ومصر في السودان ما سُمي الحكم الثنائي الإنجليزي المصري. وفي عام 1924، أجبر البريطانيون الجيوش المصرية على الانسحاب من السودان كما ذكرنا. وأصبح حكم مصر للسودان عقب ذلك، حكمًا إسميًا، إذ سيطر البريطانيون على مقاليد الحكم في السودان، بمفردهم، حتى خروجهم في عام 1956.
ورثت الجمهورية العقلية الخديوية
لقد كان نهج الخديوية في التعاطي مع السودان هو نهج الاستعمار المباشر القاصد إلى استرقاق الرجال ونهب الموارد بقوة السلاح. وهذا أمرٌ مفهومٌ في ذلك السياق الذي سبق الهجمات الاستعمارية. لكن، من غير المفهوم أبدًا، أن ترث مصر التي أصبحت "جمهورية"، النظرة الخديوية تجاه السودان والنهج الخديوي في التعاطي مع موارد السودان وحقه في اختيار الديمقراطية نهجًا للحكم. فقد بقى نهج التعاطي مع السودان هو نفسه. ولم يختلف أبدَا؛ لا في عهد جمال عبد الناصر، ولا في عهد أنور السادات، ولا في عهد حسني مبارك، ولا في عهد عبد الفتاح السيسي الحالي. بل، إن نهج التعاطي الحالي مع السودان، في عهد عبد الفتاح السيسي قد بلغ درجةً من السوء، من حيث التدخلات السافرة، لم يبلغها أي نظامٍ سابقٍ له، منذ أن قوض انقلاب الضباط الأحرار بقيادة محمد نجيب الحكم الملكي في مصر في يوليو من عام 1952. فالنهج الذي بقي ثابتًا هو التحكم في مجريات السياسة في السودان، ودس الأنف في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ من شؤونه. ولأن السودان المستقل قد وُلد ديمقراطيًّا، فقد كانت خطة النظام المصري في بدايات عهد جمال عبد الناصر متجهةً إلى تقوية السياسيين الاتحاديين في السودان، لكونهم قد كانوا الداعين إلى الوحدة مع مصر قُبيْل خروج البريطانيين من السودان. لذلك، قامت مصر بضخ أموالٍ طائلةٍ للتأثير على نتائج انتخابات 1953، لتجعل حلفاءها في الأحزاب الاتحادية السودانية يسيطرون على البرلمان، ويصبح، من ثم، قرار الوحدة مع مصر في يدهم. لكن، فشلت تلك الخطة، واختار السودانيون، بمن فيهم الاتحاديون أنفسهم خيار الاستقلال التام عن كلٍّ من بريطانيا ومصر. فقد توافق السودانيون حول قيام جمهورية سودانية مستقلة. بسبب ذلك، غيَّرت الأنظمة المصرية أسلوبها واتخذت أسلوبًا آخر وهو قتل الديمقراطية في السودان، بتشجيع الانقلابات العسكرية يصبح على رأس السلطة فيها جنرال يمكن التحكم فيه من وراء ظهر الإرادة الشعبية السودانية. ولذلك، بقيت مصر الرسمية، على الدوام، داعمةً للانقلابات العسكرية في السودان.
(يتواصل)
elnourh@gmail.com