شهد المشهد الجيوسياسي العالمي في السنوات الأخيرة، تجدد الاهتمام بالمشاركة الاستراتيجية من جانب روسيا في مناطق مختلفة حول العالم. إحدى هذه المناطق التي استحوذت على الاهتمام الدولي هي إفريقيا، وعلى وجه التحديد، مدى النفوذ الروسي في دول مثل النيجر. 

تقع النيجر في غرب إفريقيا، وتتمتع بأهمية استراتيجية بسبب مواردها المعدنية الهائلة، والمواقع الجيوسياسية، والتحديات الأمنية.

وفي هذا التقرير، يسلط موقع صدي البلد الإخباري الضوء علي الطبيعة متعددة الأوجه للتأثير الروسي ومدي نفوذ موسكو في النيجر، وتستكشف الجوانب الرئيسية والدوافع والآثار المحتملة.

السياق التاريخي

انخراط روسيا مع الدول الأفريقية ليس ظاهرة جديدة. وخلال حقبة الحرب الباردة، سعى الاتحاد السوفيتي إلى إقامة تحالفات وتوسيع نفوذ أيديولوجي عبر القارة الأفريقية. بيد أن هذا التأثير تضاءل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لكن السنوات الأخيرة شهدت عودة الاهتمام الروسي بأفريقيا، مدفوعة بدوافع اقتصادية وجيوسياسية.

المصالح الاقتصادية

أحد الدوافع الرئيسية للانخراط الروسي في النيجر هو ثروتها المعدنية الهائلة. النيجر منتج مهم لليورانيوم، وهو مورد حيوي لتوليد الطاقة النووية.

من جهتها، أعربت شركة روساتوم الروسية للطاقة النووية المملوكة للدولة عن اهتمامها بالتعاون مع النيجر في تطوير احتياطاتها من اليورانيوم. ويمكن أن توفر هذه الشراكة لروسيا مصدرًا موثوقًا لليورانيوم من أجل صناعة الطاقة النووية لديها، مما يعزز هدفها المتمثل في توسيع نطاق وجودها النووي على مستوى العالم.

الاعتبارات الجيوسياسية

يحمل موقع النيجر الاستراتيجي في غرب إفريقيا أهمية جيوسياسية بالنسبة لروسيا. تشترك البلاد في حدودها مع العديد من دول الساحل التي تواجه تحديات أمنية، بما في ذلك الإرهاب والتطرف. 

يمكن أن يسمح التدخل الروسي في النيجر بالتأثير في منطقة الساحل الأوسع والمساهمة في الاستقرار الإقليمي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الوجود الروسي في النيجر من موازنة تأثير الجهات الخارجية الأخرى، مثل القوى الغربية والصين.

التعاون الأمني

تشارك روسيا أيضًا في التعاون الأمني مع النيجر، حيث توفر المعدات العسكرية والتدريب لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب في البلاد. يتماشى هذا التعاون مع الاستراتيجية الأوسع لروسيا المتمثلة في وضع نفسها كشريك في مكافحة الإرهاب في مناطق مختلفة، مع توسيع نفوذها أيضًا من خلال العلاقات العسكرية.

الآثار والمخاوف

بينما يقدم التدخل الروسي في النيجر فوائد محتملة، فإنه يثير أيضًا العديد من المخاوف. قد يؤدي توسع النفوذ الروسي في إفريقيا إلى زيادة المنافسة مع القوى العالمية الأخرى، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الجيوسياسية الحالية. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن الشفافية والآثار طويلة المدى للشراكات الاقتصادية، مثل التعاون بين روساتوم وصناعة اليورانيوم في النيجر.

موازنة النيجر

بالنسبة للنيجر، يعد التعامل مع مختلف الشراكات الخارجية مع الحفاظ على سيادتها ومصالحها الوطنية بمثابة توازن دقيق. يمكن أن يوفر التعامل مع روسيا فرصًا اقتصادية ومساعدة أمنية، لكن يجب على الحكومة أن تنظر بعناية في العواقب المحتملة لمثل هذا الارتباط.

يعد مدى النفوذ الروسي في النيجر ظاهرة معقدة ومتطورة لها آثار بعيدة المدى. مع استمرار روسيا في تأكيد وجودها في القارة الأفريقية، لا سيما في بلدان مثل النيجر، سيراقب المجتمع الدولي عن كثب الدوافع والتطورات والآثار المحتملة لهذه المشاركة. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: روسيا النيجر نفوذ النفوذ الروسي الروسی فی النیجر

إقرأ أيضاً:

واشنطن تريد الحصول من كييف على تفاصيل حول استراتيجية الضربات في عمق روسيا

الولايات المتحدة – ذكرت “بلومبيرغ” نقلا عن مصادر أن واشنطن تريد من فلاديمير زيلينسكي أن يقدم تفاصيل عن استراتيجية الضربات في عمق الأراضي الروسية قبل رفع القيود المفروضة على استخدامها.

وكتبت “بلومبيرغ”: “تخطط الولايات المتحدة لدفع فلاديمير زيلينسكي إلى تقديم تفاصيل عن استراتيجيته للضربات في عمق الأراضي الروسية قبل الموافقة على رفع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة بعيدة المدى التي تقدمها واشنطن وحلفاؤها”.

وقالت المصادر إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي خططا للضغط على زيلينسكي وفريقه خلال زيارتهما إلى كييف لوضع خطة طويلة المدى للعام المقبل. وأشارت إلى أن هذا سيجعل من الممكن فهم ما تهدف إليه أوكرانيا.

وأفادت صحيفة “فايننشال تايمز” بأن هناك انقساما في الدوائر الحاكمة الأمريكية حول مسألة السماح للقوات الأوكرانية بشن ضربات في عمق الأراضي الروسية، مشيرة إلى أن البنتاغون ومجتمع الاستخبارات الأمريكي يحذران بشكل خاص من استخدام أسلحة بعيدة المدى لضرب عمق الأراضي الروسية.

وأشار المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تعليقه على الرد المحتمل لروسيا على الهجمات على الأراضي الروسية إلى أن القيادة الروسية والجيش على علم بذلك وهم “الذين يتخذون الإجراءات المضادة المناسبة ويستعدون لها”.

وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق أن ممثلي دول “الناتو” يجب أن يكونوا على دراية “بما يلعبون به” عندما يتحدثون عن خطط السماح لكييف بضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية باستخدام منظومات الصواريخ التي إرسلها الغرب إلى القوات الأوكرانية.

المصدر: “نوفوستي”

مقالات مشابهة

  • خوفاً من تصادم جيوسياسي.. نظام عالمي لتتبع المعادن الحيوية
  • 4 أسباب تدفع بايدن لتجاهل "الخطوط الحمراء" مع روسيا
  • ميدفيديف: لدينا بالفعل أسباب لاستخدام الأسلحة النووية
  • زعيم كوريا الشمالية يقول إنه سيوسع التعاون مع روسيا في المستقبل
  • «الأعلى للإعلام» يوقع بروتوكول تعاون مع وزارة التنمية الرقمية بالاتحاد الروسي
  • غدا.. جمعية الفيلم تعرض الفيلم البولندي «عيد القربان» بالمركز الثقافي الروسي
  • الجيش الروسي: سماح أمريكا وبريطانيا لـ كييف بمهاجمة روسيا لن يغير وضع الجبهة
  • رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن لدولة النيجر يهنئ الرئيس تبون
  • واشنطن تريد الحصول من كييف على تفاصيل حول استراتيجية الضربات في عمق روسيا
  • “الزوي” يبحث مع السفير الروسي سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الإعمار والتنمية