المقارنة بين الإخوة.. كيف تؤثر نفسياً على الأبناء؟
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
غالباً ما يستخدم الآباء أسلوب المقارنة بين الإخوة، لتحفيزهم أو لتغيير سلوكهم للأفضل، إلا أن ما لا يعرفه هؤلاء الآباء أن هذه المقارنات قد تضر بالأبناء وتسبب لهم مشاكل نفسية مستدامة يصعب التخلص منها، في هذا الصدد، للإضاءة على الموضوع أكثر، قالت منيرة الكيومي أخصائية نفسية بمؤسسة التنمية الأسرية ضمن مقال لها بمجلة «دارنا» التي أصدرتها مؤسسة التنمية الأسرية مؤخراً: إن الوالدين يستخدمان في أغلب الأحيان أسلوب المقارنة بين الإخوة بشكل تلقائي، بهدف توفير جوٍّ من التنافس بينهم، أو تعديل سلوك غير مرغوب به لدى الطفل، حيث تتم مقارنته بأخيه الأفضل وفق معايير الوالدين، وأحياناً يستخدم بهدف تحفيز الطفل لسلوك معين كي يكون مثل أخيه.
ميول وهوايات
وأوضحت الكيومي أن الإخوة ينشؤون في المنزل نفسه ويتلقون التربية نفسها ويعيشون حياة مشتركة، إلا أنهم لا يشبهون بعضهم بعضاً بشكل مطلق، وإن كانت هناك اهتمامات وأنشطة مشتركة، ولكن هذا لا يعني أن نطالب أطفالنا بأن يشبهوا بعضهم بعضاً، وما علينا إدراكه كآباء وأولياء أمور أن هناك اختلافاً في القدرات الجسدية والإدراكية بين الإخوة، إضافة إلى الاختلافات في الميول، والهوايات والأنشطة والاهتمامات.
مقارنة مدمرة
ولفتت الكيومي إلى أن الوالدين يلجؤون للمقارنة للتحفيز على سلوك معين، من دون وعي بالضرر المترتب على هذا الأسلوب، فليس من المنطق أن نطالب أطفالنا بأن يكونوا نسخاً مكررة من بعضهم بعضاً، وأحياناً قد يحقق الأب أو الأم الهدف الذي يرجونه من المقارنة مثل: «ادرس مثل أخيك»، «كن مرتباً مثل أختك»، وقد يمتثل الطفل لهذا الأمر، لكن هذا لا يعنى أن الطفل اكتسب السلوك الصحيح، فهذا الامتثال قد يكون لحظياً فقط، لكن الواقع يكون عكس ذلك تماماً. أخبار ذات صلة «التنمية الأسرية»: تعزيز مهارات السنع للأطفال «التنمية الأسرية» تنمي مهارات «إعلامي المستقبل»
نظرة الطفل لنفسه
وأشارت الكيومي إلى أن المقارنات بين الإخوة لها تأثير ضار على الطفل، حيث إنه يستقبل رسائل بشكل متكرر تشعره بأنه أقل مستوى من أخيه، وأن أخاه أفضل منه، موضحة أن المقارنات غير الصحية تؤدي إلى تأثيرات سلبية قد تستمر لسنوات، وتسهم في تشكيل هوية ونظرة الطفل لنفسه، وتابعت: غالباً ما يكون تأثير ما يقوله الوالدان لأطفالهم قويّاً، فالكلمات التي يتلقاها الطفل يتعامل معها على أنها حقيقة، وعندما يطالبه الوالدان بأن يكون مثل أخيه، يتولد لديه انطباع بأن أخاه هو الأفضل دائماً، وبذلك ينمو لدى الطفل تقدير ذات منخفض، ومع مرور الوقت تتعمق بداخله نظرة دونية لنفسه.
تصدع العلاقة
حذرت الكيومي من مخاطر المقارنات بين الإخوة وانعكاسها على نوع العلاقة بينهم وجودتها، مشيرة إلى أن المقارنة غير الصحية بين الإخوة، ينتج عنها مخاطر جمّة، تتمثل في تصدع العلاقة بينهم، وأضافت «المقارنة غير الصحية بين الإخوة، ينتج عنها الحزن والغضب لدى أحد الأطراف، وقد تتراكم هذه المشاعر السلبية داخل الطفل من دون أن يعبر عنها لفظياً، لكنها تظهر من خلال ردود أفعاله ومشاجراته مع أخوته، نتيجة شعوره بالغيرة.
ضعف الشخصية
أكدت منيرة الكيومي أن المقارنات تؤدي إلى غياب فرص التعلم لدى الطفل، وتحرمه من الحرية في تحديد هواياته واهتماماته وخياراته ومهاراته، مما يقلل من رغبته في الاستكشاف وحب المعرفة وشغف التجربة، وفي النهاية يصبح شخصية ضعيفة واعتمادية وتابعة على المدى البعيد.
تمرد
أكدت منيرة الكيومي، قائلة: التمرد رد فعل طبيعي ينتج عن المقارنات بين الإخوة، فالطفل الذي ينشأ في بيئة أسرية تنتشر المقارنات بشكل دائم بين أفرادها، يشعر بأنه بلا قيمة، كما أنه يستمر في بذل الكثير من الجهد ليكون مثل أخيه، ومع الوقت يتخلى عن محاولاته ويبدأ في التمرد والرفض.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مؤسسة التنمية الأسرية الأسرة الأبناء التنمیة الأسریة بین الإخوة
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: التفاهم بين الآباء والأبناء أساس أي علاقة أسرية ناجحة (فيديو)
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أهمية التشاور والتفاهم داخل الأسرة، خاصة بين الأبوين والأبناء، مشيرًا إلى أن ذلك يساهم في تقوية الروابط الأسرية، ويمنع التفكك الذي قد يحدث نتيجة لضعف التواصل.
مفاهيم خاطئة حول التفكك الأسريوقال عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج «لعلهم يفقهون»، المذاع على قناة «dmc»، اليوم الخميس: «التفاهم والاحترام المتبادل بين الأب والأم والأبناء هو أساس لأي علاقة أسرية ناجحة، لكن للأسف هناك بعض المفاهيم الخاطئة التي تنتشر حول التفكك الأسري، حيث يعتقد البعض أنه فقط مرتبط بالمشاكل بين الزوجين، والحقيقة أن المشاكل مع الأبناء أيضًا يمكن أن تؤدي إلى نفس النتيجة، خاصة عندما تنقطع لغة التواصل بين الأهل وأبنائهم».
وأوضح أن الجيل الجديد يعاني من عدم فهمه لحقوقه وواجباته داخل المنزل، وهو ما يؤدي إلى فجوة كبيرة بين الأبناء وآبائهم، وبالتالي أصبح من الطبيعي أن ترى الأبناء ينادون والديهم بأسمائهم، مثل: «يا ليلى» أو «يا نادية» أو «يا سناء»، وهذه ظاهرة يجب أن ننتبه لها، فالعلاقة بين الأبناء والآباء يجب أن تتسم بالاحترام المتبادل.
عقد اتفاق بين الأبناء والوالدينوتحدث الشيخ الجندي، عن فكرة «العقد الأسري»، حيث اقترح أن يقوم كل والد ووالدة بكتابة عقد اتفاق مع أبنائهم يشمل مجموعة من البنود التي تضمن الاحترام والتفاهم، موضحا: «الفكرة بسيطة جدًا، كل ما عليك هو كتابة عقد يتضمن بنودًا مثل الاحترام المتبادل، تبادل الثناء، والبعد عن الصراخ، وتشاور الآراء في القرارات، ثم اقرأ العقد مع أبنائك في اجتماع عائلي على مائدة الطعام أو في أي مكان يجمعكم، واجعل هذا العقد ملزمًا لجميع الأطراف: الأب، الأم، والأبناء».
وأكد أن مثل هذا الاتفاق بين الأفراد في الأسرة سيعزز من تواصلهم ويشعر الأبناء بأن لهم دورًا في اتخاذ القرارات داخل البيت، موضحا: «التشاور ليس ضعفًا، بل هو احترام لآراء الآخرين، والأبناء يجب أن يشعروا بأنهم جزء من هذا القرار».
وأشار إلى أن التشاور مع الأبناء في القرارات ليس علامة على ضعف، بل هو تعزيز لثقافة الاحترام والتقدير داخل الأسرة، وذكر مثالًا من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يشاور أصحابه في الكثير من الأمور.
وتابع: «حتى عندما كان صلى الله عليه وسلم يواجه قرارات صعبة، كان يشاور أصحابه، وهذا أمر يجب أن نتعلمه، سواء في تربية أولادنا أو في حياتنا اليومية، فالتشاور مع الأبناء يبعث فيهم الثقة ويشعرهم بقيمتهم في العائلة».
وأضاف: «إذا أردنا بناء جيل قوي ومتوازن نفسيًا، يجب أن نكون نحن الأهل قدوة في كيفية التعامل مع بعضنا البعض باحترام وتقدير، ومن ثم نعلم أبناءنا ذلك».