علي يوسف السعد يكتب: فاس.. مرة أخرى
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
عندما يتعلق الأمر بمدينة فاس المغربية، فإن الكلمات تقف عاجزةً أمام جمالها وتاريخها العريق، لكن دعونا نحاول سوياً رسم صورة بألوان الكلمات عن زيارتي الممتعة والمليئة بالمغامرات لهذه المدينة الساحرة التي دائماً ما تكون ضمن جدول رحلاتي إلى المغرب.
لحظة وصولي إلى مدينة فاس، أشعر كأنني قد خطوت ببوابة الزمن إلى عالم آخر، حيث الأزقة الضيقة والأسواق المزدحمة والعمارة الإسلامية الفخمة التي تتحدث عن تاريخ طويل وعريق.
سأعطيك بعضاً من أسرار فاس الغامضة، مدينة الألف قصة وقصة، حيث تخبئ في أزقتها وأسواقها وبيوتها التاريخية كنوزاً من المعلومات الغريبة والرائعة التي تجعل الزيارة لها ليست مجرد رحلة، بل رحلة استكشافية مثيرة.
أولاً، هل تعلم أن جامعة القرويين في فاس، التي تأسست في عام 859 م، تعتبر من أقدم الجامعات المستمرة في العالم حتى يومنا هذا؟ وما يجعلها أكثر إثارة للاهتمام هو أن مؤسستها كانت امرأة، فاطمة الفهرية، مما يبرز دور المرأة القوي في المجتمع المغربي القديم.
ثانياً، في قلب المدينة القديمة، توجد منطقة الدباغة التي تشتهر بأسلوبها التقليدي الذي لم يتغير كثيراً عبر القرون، الغريب في الأمر هو استخدام الدباغين لمواد طبيعية مثل البول والجير في عملية دباغة الجلود، وهو أمر قد يبدو غريباً للزائر العادي، لكنه يضفي على المنتج النهائي جودة ومتانة لا مثيل لهما، لكن خذ حذرك، فالرائحة نفاذة وقوية.
ثالثاً، في إحدى زوايا فاس، توجد مكتبة القرويين التي يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن التاسع، وهي واحدة من أقدم المكتبات في العالم، أتدري ما الجزء الأكثر غرابة؟ أن بعض المخطوطات في هذه المكتبة قديمة لدرجة أنها تحتاج إلى مفاتيح خاصة لفتحها، وهي مخطوطات تعود لأكثر من ألف عام!
رابعاً، فاس معروفة برياضها الساحرة، ولكن ما قد يجهله الكثيرون هو أن بعض هذه الرياض كانت قصوراً للنبلاء والأثرياء في الماضي، وتم تحويلها إلى فنادق فاخرة وبيوت للضيافة، محافظة على جمالها المعماري وزخرفتها الداخلية الفاخرة.
وأخيراً، هل تعلم أن فاس تضم أحد أقدم الأسواق في العالم، حيث يعود تاريخه إلى أكثر من ألف ومائتي عام؟ هذا السوق الذي يعج بالحياة يقدم مزيجاً فريداً من الحرف اليدوية، والأطعمة المغربية الشهية، وأكثر من ذلك بكثير، مما يجعله متحفاً حيّاً يروي قصة تاريخ المدينة وثقافتها، ففي كل زاوية من زواياه، يمكنك العثور على بائعين يعرضون بضائعهم من النسيج اليدوي، الفخار، الجلود، والمجوهرات التقليدية التي تعكس الحرفية المغربية العريقة.
ويمكن للزوار أيضاً تذوق مجموعة واسعة من الأطباق المحلية كالطاجن والكسكس التي تستمد نكهاتها من التأثيرات الثقافية المتنوعة التي مرت بها المدينة، هذا السوق لا يقدم فقط تجربة تسوق غنية، بل يوفر نافذة على الحياة التقليدية في فاس.. فهل عرفت سبب حبي وعشقي لفاس؟ هذه المدينة الحبيبة المرحبة بزوارها، والتي تفتح ذراعيها لي في كل زيارة. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: علي يوسف السعد
إقرأ أيضاً:
محمد كركوتي يكتب: الإمارات.. اتفاقيات شراكة ناجعة
يمضي مسار اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة للإمارات مع دول العالم، بثبات وقوة، كما أنه حقق قفزات نوعية في فترة زمنية قصيرة.
البرنامج الذي أُطلق في عام 2021، أنجز حتى اليوم 20 اتفاقية، وفي غضون فترة قصيرة أيضاً، دخلت ست اتفاقيات نطاق التنفيذ، كما أن البرنامج يساهم بقوة متصاعدة في تحقيق هدف الإمارات الاستراتيجي في رفع مستوى التجارة غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم بحلول عام 2031.
في نهاية العام الماضي، لامست هذه التجارة فعلاً 3 تريليونات درهم، لتحقق القطاعات غير النفطية فيها نمواً بلغ 14.6%. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن التجارة العالمية للسلع سجلت نمواً السنة الماضية بلغ 2% فقط.
برنامج اتفاقيات الشراكة الشاملة، وفر في الفترة الماضية مزيداً من المزايا التي صبت في صالح الحراك على الجانب الإماراتي، في مقدمتها رفع حجم التبادل التجاري للدولة، والوصول إلى الأسواق سريعة النمو. كما دعم قطاعات عدة على الساحة الإماراتية، منها «مثلاً» الخدمات المالية والصناعات الخضراء والخدمات اللوجستية والطاقة النظيفة وتطبيقات التكنولوجيا والزراعة والنظم الغذائية المستدامة.
إلى جانب قطاعات أخرى، تعزز الوصول إلى الهدف الأهم، وهو تكريس التنوع الاقتصادي، ورفع مساهمته بصورة متواصلة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
فالخطة الاستراتيجية التي وضعت منذ سنوات تستهدف تحويل الإمارات إلى عاصمة عالمية للاستثمار والابتكار الاقتصادي، بفعل الحراك التنموي العام، وهي تتمتع بقوة في الوقت الراهن كمركز مالي وتجاري واقتصادي متطور.
من هنا، يمكن النظر إلى برنامج الشراكات الاقتصادية الكبير. فتنظيم العمل التجاري بين الإمارات وشركائها وفق أسس مرنة ومتطورة بالطبع، يرفع تلقائياً من قيمة الصادرات الإماراتية، كما يعزز الاستثمارات بصورة قوية، إلى جانب توفير الدعم للشركات من كل الأحجام، لا سيما الصغيرة والمتوسطة، عبر فتح أسواق جديدة ومتنوعة أمامها. اليوم بلغ عدد اتفاقيات الشراكة 20، والحراك مستمر لرفع عددها في الأعوام المقبلة.
فتوسيع شبكة الشركاء التجاريين والاستثماريين عالمياً، يوفر تسهيلاً مباشراً لتدفقات تجارة السلع غير النفطية والخدمات، ويبقى هذا هدفاً رئيسياً في الاستراتيجية العامة للبلاد، ويفتح آفاقاً متواصلة معززة للحراك التنموي الشامل.