د. سلطان بن محمد القاسمي
قال الله تعالى:

لِإِيلَٰفِ قُرَيشٍ ﴿١﴾ إِلَٰفِهِم رِحلَةَ الشِّتَآءِ وَالصَّيفِ﴿٢﴾ فَليَعبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا البَيتِ ﴿٣﴾ الَّذِىٓ أَطعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّن خَوفِ ﴿٤﴾.

١- لإيلاف قريش: الإيلاف: العهد، والإجازة.

قريش: قرش: جمعه من هنا ومن هناك، وضم بعضه إلى بعض، وقريش، قبيلة من العرب، سميت بذلك لتجمعها إلى الحرم بمكة.

٢- إلافهم رحلة الشتاء والصيف: الإلاف: العادة، إلافهم، عادتهم.

رحلة الشتاء والصيف: رحلة الشتاء إلى اليمن للتجارة، وكذلك رحلة الصيف إلى الشام، عبر طريق التجارة.

توقفت تلك الرحلات للخوف من الحرب في اليمن والحرب في الشام، وأصاب مجتمع مكة المجاعة.

فيما يلي نذكر الحوادث التي جرت في تلك الفترة:

قال الله تعالى:

وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) قُتِلَ أَصْحَٰبُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّآ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ (٩).

١- يقسم الله بالسماء ذات البروج.

والبروج هي نجوم في السماء، ووضع الإنسان صوراً على تلك النجوم وهي: اثنا عشر برجاً: الحمل أو الكبش، والثور والجوزاء أو التوأمان والسرطان والأسد أو الليث، والسنبلة أو العذراء، والميزان، والعقرب، والقوس أو الرامي، والجدي أو التيس، والدلو أو الساقي أو ساكب الماء، والحوت أو السمكة، والله أعلم بعددها ومهمتها.

٢- اليوم الموعود: يوم القيامة.
٣- شاهد ومشهود: يوم القيامة.

الآيات اللاحقة تصف ما حدث للمسيحيين في اليمن، والحادثة كما يلي: كان ذو نواس، آخر ملوك حميّر التبابعة، فتح نجران عام ٥٢٣م، وأحرق أهلها النصارى، بني الحارث بن كعب في أخدود النار، قضى عليه نجاشي الحبشة.

عاد ملك اليمن للحميريين، وفي حكم الملك سيف بن ذي يزن المولود عام ٥١٦م، وفي عام٥٧٠م، بعث نجاشي الحبشة القائد أبرهة الأشرم لاحتلال اليمن، فقام بطرد الملك سيف بن ذي يزن من الملك، حيث اشتكى المسيحيون من معاملته لهم لدى نجاشي الحبشة المسيحي.

التجأ سيف بن ذي يزن إلى كسرى ملك فارس، عدو الدولة البيزنطية المسيحية.

كان جيش فارس مشغولاً بالبيزنطيين في القدس والشام، فزود كسرى سيف بن ذي يزن بالمساجين، حيث دربوهم وجعلوا منهم جيشاً وتوجه إلى اليمن.

في اليمن، كان القائد أبرهة الأشرم يهدد بنشر المسيحية في الجزيرة العربية، وقيل له إن هناك بيتاً يتعبد العرب عنده وهو الكعبة، فقرر هدم البيت، وتوجه بجيش عظيم وفي مقدمته فيل، حتى إذا ما وصل إلى مكة، قضى الله على أبرهة الأشرم وفيله وجيشه، وقد وصف الله سبحانه وتعالى الحادثة كما يلي:

قال الله تعالى:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (٥).

كيدهم: مرادهم، والتضليل: ضل الهداية.

الطير الأبابيل: الإبل: مجموعة من الجمال.

والطير الأبابيل: مجموعات من الطير.

والسجيل: حجارة صلبة.

عصف التبن: حطامه.

كان ذلك في عام ٥٧٠م، وقيل عام الفيل وفيه ولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

جاء الإسلام، وأمر الله المسلمين أن يعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.

الصورة

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة

إقرأ أيضاً:

حقائق وغرائب جزر المالديف

جزر المالديف، دولة مسلمة لا نعرف عنها الكثير، وتاريخها الموثق هو أقرب إلى الأساطير.

جزر المالديف دولة مسلمة تقع فى المحيط الهندي، وهى مجموعة جزر صغيرة يبلغ عددها ١١٩٠ جزيرة، والمأهول منها ٢٠٠ فقط، واسم عاصمتها ماليه، وكانت محمية بريطانية واستقلت فى عام ١٩٦٥ م، ويبلغ عدد سكانها ٣٠٩ آلاف نسمة كلهم مسلمون،

ونظام الحكم فيها جمهوري، ورئيسها يُعيّن من قبل البرلمان، ويكون التصويت للمسلمين فقط، ودستورها ينص على أن جميع مواطنيها يجب أن يدينوا بديانة الإسلام، وبالتالى فإن الشخص الذى يرغب أن يكون مواطنًا فيها عليه أن يكون مسلمًا، ويُمنع أن يكون أى شخص غير مسلم مواطنًا فيها، كما يشير دستورها إلى أن مبادئها الجمهورية هى المبادئ الإسلامية. أما شعب المالديف فمتدين يحب الإسلام، ويحرص على الآداب الإسلامية، والسلوكيات الإسلامية واضحة للعيان، فالحجاب منتشر، ويحترم السكان الأذان، ويقبلون على المساجد، وتغلق المطاعم نهارا فى شهر رمضان، وتُمنع المجاهرة بالفطر فيه.

وتوجد بها هيئة عليا، لمراقبة التطبيق الصحيح لأحكام الشرع الإسلامى فى جميع المحاكم. ويقوم رئيس الدولة بإلقاء خطبة الجمعة، وإمامة الصلاة بالناس، وإلقاء الوعظ والإرشاد فى المناسبات الدينية والاجتماعية، كما يقوم بإلقاء الدروس والنصائح، فى الإذاعة والتليفزيون، بالإضافة إلى تدريس بعض المواد الدينية فى كلية الدراسات الإسلامية، وكذلك يقوم رئيسهم بإصدار صحيفة دينية أسبوعية، باسم «سبيل الدين»، منذ ثمانية عشر عامًا.

وأكثر أعضاء الحكومة فى المالديف، من خريجى الجامعات الإسلامية، ومنهم وزير الحج. نسبة الأمية فى تلك البلاد طفيفة جدًا لا تتجاوز ٢%، ورغم أن اللغة الرسمية ليست العربية، إلاّ أنه لا يوجد بين السكان من لا يستطيع أن يقرأ فى كتاب الله تعالى بنفسه، وذلك بفضل مدارس تعليم القرءان الكريم.

اما السياحة فتعتبر المصدر الثانى للدخل القومى بعد الصيد. والسياحة فى ذلك البلد، يضرب بها المثل فهى لا ابتذال فيها، ولا تنازل عن المبادئ الإسلامية، فيُمنع تقديم الخمور للسياح، ويُلزم السائح باحترام قوانين البلاد الإسلاميه، فلا يوجد عري، ولا خروج على الآداب العامة. وقد خصصوا للسياح أربعة وثمانين جزيرة منعزلة للسياحة فقط، ولا يسمح للسائح أن يذهب إلى الجزر المأهولة بالسكان المسلمين، إلا إذا التزم بالآداب الإسلامية، ولا يسمح له ولا لغيره بإظهار الإفطار فى نهار رمضان. وعلى الرغم من صرامة تلك القوانين، فقد انتعشت السياحة هناك كثيرا، ووصل عدد السياح عام ٢٠٠٧ م إلى أكثر من ثمانية مليون سائح، وهو رقم ضخم بالمقارنة مع عدد السكان، الذى لا يتجاوز ثلاثمائة ألف. أما عن قصة دخول الإسلام إلى تلك البلاد، وهى قصة أقرب إلى الأساطير، وقد وثّقها الرحالة ابن بطوطة، فى كتابه «تحفة النُظّار فى عجائب الأمصار وغرائب الآثار «، والقصة منقوشة على لوحة جدارية، بجانب الجامع الكبير فى ماليه.

دخل الإسلام إلى تلك الجزر فى بدايات القرن الخامس الهجرى (١١٥٣م)، عندما وصل إلى شواطئها شاب مسلم حافظ للقرأن الكريم، من المغرب العربى اسمه أبو البركات يوسف البربري، يقال أن السفينة التى كان يُبحر بها تحطّمت قبالة شواطئ إحدى تلك الجزر، وقذفته الأمواج إلى الشاطئ، حيث عالجه واعتنى به أحد الصيادين مع أسرته، واستضافه فى بيته، حيث تعلّم لغة السكان. وذات يوم، رأى ذلك الشاب الصياد وزوجته يبكيان بحرقة، وعلم منهما أن القرعة قد وقعت على ابنتهما الشابة، لتقديمها قربانًا لوحش الجزيرة، حيث اعتاد السكان أن يقدّموا للوحش فتاةً كل شهر، يضعونها ليلًا عند طرف الغابة، فيأتى الوحش ويأخذها، ولا يتعرّض بعد ذلك للقرويين بسوء طوال الشهر. قرر ذلك الشاب، أن يذهب بدلًا من تلك الفتاة إلى الغابة، وأخبر الصياد وأسرته، أنه سيكون بخير بإذن الله تعالى. وفعلًا وضعوه فى المكان المعهود، فأخذ يقرأ سورة يس، وأيات القرآن الكريم طوال الليل، وكان يشعر بالوحش يقترب منه فإذا سمع الآيات يبتعد، إلى أن أشرقت الشمس. وأعاد الشاب الكرّة ثلاث ليالٍ، فذهب الوحش ولم يعد فى الليلة الرابعة، وتخلّص منه القرويون.

عندما سمع السلطان، وكان اسمه ماها كلامنجا بأمر ذلك الشاب، استدعاه وسأله عن حقيقة الأمر، فقرأ عليه القرأن الكريم، وحدّثه عن الإسلام ودعاه إليه، فدخل الملك فى الإسلام، وغيّر اسمه إلى «محمد بن عبد الله»، وأسلم كل سكان البلاد. وقد أقام ذلك الشاب فى تلك الجزر يُعلّم أهلها القرءان الكريم، والفقه الشافعي، والعلوم الدينية الأخرى التى كان يعرفها، إلى أن توفّاه الله تعالى.

وقبره لا زال موجودا معروفا فى تلك الجزيرة، وقد بنوا بجانبه مسجدًا. سبحان الله، رجل واحد، أكرمه الله تعالى، وجعل على يديه إسلام أمّة.

بلاد مثل جزر المالديف، يجب أن تكون قدوة للعالم الإسلامى والعربى فى احترام القيم والآداب والتمسك بالدين القويم.

محافظ المنوفية الأسبق

مقالات مشابهة

  • سلطان القاسمي يعيّن مستشاراً بهيئة الشارقة للتعليم الخاص
  • صحيفة عبرية تسلط الضوء على رواية "الصبي اليتيم الضائع".. رحلة خطيرة من اليمن إلى أرض الميعاد (ترجمة خاصة)
  • سلطان القاسمي يوجه بتخصيص موقع جديد لمعرض الشارقة للكتاب
  • سلطان القاسمي يوجه بتخصيص موقع جديد لمعرض الشارقة الدولي للكتاب
  • سلطان بن أحمد القاسمي يفتتح «معرض جلال الدين الرومي» في بيت الحكمة
  • الإسلام والسلام
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد لقاء «أسمار» في «الشارقة للكتاب»
  • الدكتور سلطان القاسمي يكـتب: فطنة زعاب سكان الجزيرة الحمراء
  • حقائق وغرائب جزر المالديف
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد لقاء «أسمار» في «الشارقة للكتاب»