القدس المحتلة – اقتحم مئات المتطرفين الإسرائيليين من تيار أقصى اليمين معسكر الاعتقال في قاعدة سدي تيمان العسكرية بصحراء النقب، حيث يحتجز الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية أسرى من قطاع غزة منذ بداية الحرب، وذلك بعد أن أوقفت الشرطة العسكرية 9 من جنود الاحتياط، للتحقيق معهم بشبهة الاعتداء جنسيا والتعذيب والتنكيل بالعديد من الأسرى.

ومكث المقتحمون داخل القاعدة لبعض الوقت، حيث ساندهم في الاقتحام والاحتجاج عشرات من جنود الاحتياط، ملثمين ومسلحين، وحمل بعضهم شعار "القوة 100" على زيهم العسكري.

ووقعت صدامات بين ضباط الشرطة العسكرية من جهة وجنود الاحتياط وناشطي أقصى اليمين من جهة أخرى، حيث حاولوا منع احتجاز الجنود الذين يشتبه بأنهم اعتدوا جنسيا على أحد أسرى غزة، وقد نقل إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع وهو يعاني من جروح خطيرة.

وتمكنت الشرطة العسكرية في نهاية المطاف من نقل الجنود الموقوفين إلى قاعدة بيت ليد العسكرية شمال تل أبيب لاستكمال التحقيقات، لكن أنصار اليمين ما لبثوا أن توجهوا إلى هذه القاعدة أيضا وتمكنوا من اقتحامها.

وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن الجيش يستعد للدفع بكتيبتين من لواء ناحل لتأمين قاعدة بيت ليد.

ما هذا المعتقل؟ ولماذا داخل قاعدة عسكرية؟

يقع هذا المعتقل الذي بات يعرف بـ"غوانتانامو إسرائيل" داخل القاعدة العسكرية سدي تيمان، التابعة للقيادة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، وقد أعيد افتتاحه مع اندلاع الحرب على غزة بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بغية احتجاز الفلسطينيين الذين اعتقلوا من القطاع، وكذلك عناصر "وحدة النخبة" من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذين تم أسرهم خلال معركة "طوفان الأقصى".

وتضم القاعدة العسكرية -التي أقيمت في أوائل أربعينيات القرن الماضي خلال فترة الانتداب البريطاني، وتقع على بعد حوالي 10 كيلومترات شمال غرب مدينة بئر السبع- أيضا مقرا بديلا لمديرية التنسيق والارتباط في غزة، والتي يفترض أن تعمل في حالات الطوارئ على حدود غزة، وكذلك منشآت الاعتقال التي استخدمت أيضا خلال العمليات العسكرية السابقة في غزة.

واحتجز الجيش الإسرائيلي خلال معركة "الفرقان" التي تسمى إسرائيليا "الرصاص المصبوب" عام 2008، وخلال معركة "البنيان المرصوص" أو ما تسمى إسرائيليا "الجرف الصامد" عام 2014 مئات المعتقلين الفلسطينيين من غزة.

واحتجز خلال "طوفان الأقصى" نحو 1500 غزي، وذلك بموجب أمر عسكري صادر عن وزير الدفاع يوآف غالانت.

وأقيمت منشآت الاعتقال داخل القاعدة العسكرية، ليكون الإشراف على المعتقلين من قبل الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية، دون أن يكون لسلطة السجون الإسرائيلية أي صلاحية بشأنه، وذلك بغية التكتم على الإجراءات التي تنفذ ضد المعتقلين، وعدم الكشف عما يجري بمنشآت الاعتقال أو السماح بالزيارات.

ومع بدء الحرب على غزة، أصدر غالانت أمرا يجعل من القاعدة مكانا للاحتجاز والاعتقال الإداري، وأقيمت بالمعسكر 5 منشآت تحتوي على أقفاص حديدية وبركسات لاحتجاز من يتم اعتقالهم من غزة، كما أقيمت 5 خيام واعتبرت مستشفى ميدانيا لعلاج الجرحى من المعتقلين.

وجاء الأمر الصادر عن غالانت بموجب "قانون المقاتلين غير الشرعيين"، الذي يجيز لرئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، اتخاذ قرار بتنفيذ اعتقالات إدارية واسعة دون الحق بالاستئناف أو المرافعة القانونية، علما أن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) صادق هذ الأسبوع على تمديد العمل بالقانون حتى يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

من جنود الاحتلال الموقوفون للاستجواب؟

داهم أفراد من الشرطة العسكرية، معسكر الاعتقال سدي تيمان، واعتقلوا للاستجواب 9 من جنود الاحتياط للاشتباه في اعتدائهم جنسيا على أسير فلسطيني والتنكيل به بشكل خطير.

وكان من بين الموقوفين ضابط برتبة رائد، وهو قائد "القوة 100″، الوحدة العسكرية بالجيش الإسرائيلي التي تتولى حراسة الأسرى في المنشأة.

وينتمي الموقوفون الآخرون إلى هذه القوة أيضا، والتي أعيد تشكيلها في بداية الحرب على غزة، لحراسة المعتقلين الغزيين.

وتشير الأدلة التي وصلت إلى صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى تورط جنود تلك الوحدة في عدة حوادث عنف في الأشهر الأخيرة.

على سبيل المثال، قال جندي خدم في سدي تيمان، إن رجال الوحدة كانوا عنيفين تجاه المعتقلين خلال تفتيشهم، "وفي إحدى المرات طلبوا من الجميع الاستلقاء على الأرض، وعلى الفور ألقوا قنابل صوت صوبهم، ثم ركلوهم بعنف".

من الفلسطينيون الذين استشهدوا داخل المعتقل؟ وكم عددهم؟

في أعقاب التماس قدمته 5 جمعيات ومنظمات حقوقية إسرائيلية وعلى رأسها جمعية "حقوق المواطن" إلى المحكمة العليا للمطالبة بإغلاق معتقل سدي تيمان والكشف عن مصير المئات من الأسرى الغزيين الذي اختفوا قسرا، اعترف الجيش الإسرائيلي بأن عشرات المعتقلين من غزة قضوا تحت التعذيب، لكن دون الكشف عن الملابسات.

ووفقا للبيانات التي نشرها الجيش الإسرائيلي، فإنه يجري تحقيقا جنائيا ضد الجنود في مقتل 48 فلسطينيا، معظمهم أسرى تم اعتقالهم من قطاع غزة، ومن بينهم 36 تم احتجازهم في سدي تيمان، بينما تطالب المنظمات الحقوقية والهيئات التي تعنى بشؤون الأسرى بالكشف عن مصير آلاف الغزيين الذين كانوا في مناطق داخل الخط الأخضر قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول بموجب تصاريح عمل، لكنهم اختفوا قسرا.

ويستدل من مداولات المحكمة العليا الإسرائيلية، وبحسب الإفادات والشهادات التي قدمتها المنظمات الحقوقية على أن الغالبية العظمى ممن تم احتجازهم في معتقل سدي تيمان، هم من المدنيين من سكان قطاع غزة ومن مختلف الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية من الذكور والإناث، حيث تم احتجازهم تحت طائلة الضرب والانتهاكات والتعذيب للحصول على معلومات عن حركة حماس وعن المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.

ما الانتهاكات السابقة بحق الأسرى في سدي تيمان؟ ولماذا تنقلهم إسرائيل إلى معتقل آخر؟

خلال الأشهر الأخيرة، تراكمت الأدلة والإفادات حول ما يحصل في معتقل سدي تيمان، والتي جمعت من قبل منظمات حقوقية وشهادات لمعتقلين من غزة تم احتجازهم لأسابيع وبعضهم لأشهر في المعتقل العسكري، حيث تكشفت صورة مروعة عن أساليب التعذيب والتنكيل بالأسرى من قبل الجنود إلى حد تنفيذ اعتداءات جنسية بحق بعضهم.

وأظهرت الإفادات والأدلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق المعتقلين وعدم ضمان الحد الأدنى من الظروف الإنسانية، واحتجازهم تحت طائلة التعذيب والانتهاكات داخل أقفاص حديدية وفي أوضاع قاسية.

ودأب الجنود في معسكر الاعتقال على احتجاز جميع المعتقلين الغزيين في مناطق مفتوحة محاطة بسياج حديدي أو داخل بركسات دون أي أسرة وبلا مقومات الحياة الأساسية، وذلك عبر تكبيل أطرافهم على مدار الساعة، ما تسبب في بتر أطراف بعضهم، وكذلك تعصيب العينين لفترات طويلة، حتى خلال العلاج الطبي للجرحى منهم أو قضاء الحاجات مع ظروف احتجاز تمس بكرامتهم وصحتهم.

كما تكشفت معلومات عن سماح وزارة الصحة الإسرائيلية للطواقم الطبية في المعتقل بإجراء عمليات جراحية من دون تخدير، كما يقدم العلاج للجرحى وهم مكبلون ومعصوبو الأعين.

وفي أعقاب التماس المنظمات الحقوقية أخطرت الحكومة الإسرائيلية المحكمة العليا يوم 19 يوليو/تموز الحالي، بأنها بصدد إغلاق تدريجي لمعتقل سدي تيمان، وأنه سيتم نقل معتقلي قطاع غزة المحتجزين هناك إلى قسم خيام جديد في سجن النقب.

وفي الأشهر الأولى من الحرب، عندما بدأت هذه الأدلة في الظهور، بذل مكتب المدعي العام العسكري الإسرائيلي جهودا كبيرة لتأجيل التحقيقات، لكن مع تزايد الضغوط الدولية، وبعد التحقيقات التي أجرتها الصحافة الأجنبية والخطوات المتخذة ضد إسرائيل في المحاكم الدولية في لاهاي، تقرر فتح تحقيقات في عشرات القضايا التي تحمل مثل هذه الشبهات، وذلك في محاولة للالتفاف على أي إجراءات قضائية دولية.

ما الجماعات التي اقتحمت المعتقل؟ ومن يساندهم سياسيا؟

نشطاء من معسكر اليمين تقدمهم أعضاء في الكنيست من الائتلاف الحاكم وخاصة حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، و"الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموتريتش، ومن حزب "عظمة يهودية" برئاسة إيتمار بن غفير، اقتحموا سدي تيمان، وذلك في محاولة لإطلاق سراح الجنود الموقوفين من قبل الشرطة العسكرية بشبهة التنكيل والتعذيب الجنسي لمعتقل فلسطيني من غزة.

وتوجه المئات من المتظاهرين إلى مدخل المعتقل العسكري احتجاجا على توقيف الجنود، واقتحم المتظاهرون البوابة ودخلوا القاعدة، وبرفقتهم عضو الكنيست تسفي سوكوت من الصهيونية الدينية، وعضو الكنيست نيسيم فاتوري من الليكود، والوزير عميحاي إلياهو، الذي تم تصويره وهو يصرخ مع المتظاهرين: "الموت للإرهابيين"، وحضر أيضا عضو الكنيست ألموغ كوهين من حزب "عظمة يهودية" الذي دعا إلى التقدم واقتحام الأقفاص الحديدية التي يحتجز بها المعتقلون، لكن الجنود أوقفوهم.

ولخص المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، ما قام به ناشطو اليمين بدعم من المستوى السياسي بالقول إن "أعضاء الكنيست الذين اقتحموا سدي تيمان حاولوا بث الفوضى في صفوف الجيش الإسرائيلي، فاليمين المتطرف، الذي يحاول السيطرة بالقوة داخل الجيش، كان ينتظر فقط الفرصة التي أتيحت لهم في المعتقل العسكري. إن الاستسلام لهم يعني الآن تدمير الجيش من الداخل، وتآكلا عميقا لما تبقى من الانضباط والقيم في وحدة المجتمع الإسرائيلي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی الشرطة العسکریة معتقل سدی تیمان جنود الاحتیاط قطاع غزة من جنود من قبل من غزة

إقرأ أيضاً:

مدرب ريال مدريد يكشف الصعوبات التي تواجهه داخل الملكي

كشف المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، المدير الفني للفريق الأول لكرة القدم بنادي ريال مدريد، حجم الصعوبات التي يواجهها مع النادي الإسباني خلال فترة تواجده.

برشلونة يستهدف ضم موهبة مالاجا خلال الانتقالات الشتوية

وتحدث أنشيلوتي في تصريحات لصحيفة "ماركا" الإسبانية، حيث قال: "بالتأكيد، هناك العديد من الصعوبات التي أجدها كل يوم، إنها مهمة ذات قوة ومسؤولية كبيرة، يمكنني اختيار الوقت الذي أتدرب فيه".

وتابع: "في النهاية، إنها علاقة بين الناس، وهذا هو الجانب الأكثر أهمية، أحيانًا أسأل اللاعبين من أنتم؟ فيقولون لي أنا لاعب وأنا أقول لهم لا، أنت شخص يلعب كرة القدم".

وأكمل المدرب الإيطالي تصريحاته: "أبحث عن بناء علاقة على المستوى الشخصي والمهني، لأنه بهذه الطريقة يمكنك الحصول على أداء أفضل من المحترفين، أحاول أن أفعل ذلك".

وأردف: "بالطبع، الأمر ليس سهلاً لأن اللاعب يريد اللعب دائمًا، و11 يفعلون ذلك، لكن 15 يذهبون لمشاهدة المباراة، هذا هو الشيء الأكثر تعقيدا، ولكن إذا تمكنت من الحصول على علاقة شخصية جيدة، فهذا يساعدك على العمل بشكل أفضل".

وأضاف: "لابد من أن يكون لديك فكرة واضحة عما يجب عليك فعله، من المهم أن تستمع إلى مساعدك، إلى اللاعب، لا توجد حياة بدون ضغوط أو القليل من التوتر، ليس الكثير من التوتر، اليوم الذي لا أشعر فيه بأي مشاعر قبل المباراة هو اليوم الذي يجب أن أتوقف فيه، قبل المباراة، هناك قلق، كما أن هناك شعور سلبي بالتفكير في أن الأمور لن تسير على ما يرام، وأنهم سيسجلون هدفًا، عندما تبدأ المباراة، يتوقف كل شيء، لذا، عليك أن تجد راحة البال للتعامل مع مواقف كرة القدم".

مقالات مشابهة

  • ‏الجيش الإسرائيلي: مسلح جاء من الأردن بشاحنة وفتح النار على القوات الإسرائيلية التي تعمل في معبر اللنبي
  • سي إن إن عن مسؤول أميركي: الأصوات داخل الجيش الإسرائيلي لإنهاء الحرب تتزايد
  • بعد هجماته ضد لبنان.. بيانٌ من الجيش الإسرائيليّ
  • مدرب ريال مدريد يكشف الصعوبات التي تواجهه داخل الملكي
  • الاستعدادات انطلقت.. الجيش الإسرائيلي: قواتنا ستتحرك لهجوم داخل لبنان
  • الذكرى الثالثة والخمسين في معتقل شرق المتوسط ـــ قصر النهاية
  • الجيش الإسرائيلي: العملية العسكرية في جنين مستمرة
  • الجيش الإسرائيلي ينسحب من جنين ومخيمها بعد 10 أيام من العمليات العسكرية
  • الجيش الإسرائيلي ينسحب من جنين
  • رئيس أركان الجيش المصري يجري زيارة مفاجئة على حدود غزة