معسكر سدي تيمان.. غوانتنامو إسرائيلي في صحراء النقب
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
سجن في قاعدة عسكرية بصحراء النقب على بعد 30 كيلومترا من قطاع غزة في اتجاه مدينة بئر السبع. أنشأه الجيش الإسرائيلي مباشرة بعد بداية عدوانه على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب عملية طوفان الأقصى، ونقل إليه العديد ممن اعتقلهم في غزة، بينهم أطفال وشباب وكبار في السن.
وتقول تقارير حقوقية وإعلامية إن الجنود الإسرائيليين ارتكبوا في هذا السجن انتهاكات حقوقية فظيعة في حق المعتقلين، وأذاقوهم فيه مختلف أصناف التعذيب والإهانة.
وفي ديسمبر/كانون الثاني 2023 بدأت أولى التقارير عن هذه الانتهاكات تظهر، إذ تحدثت صحيفة هآرتس الإسرائيلية آنذاك عن حالات تعذيب للأسرى في هذا المعسكر، ثم تلتها فيما بعد تقارير إعلامية وحقوقية أخرى في السياق نفسه.
ومنذ بدء العدوان على غزة حول الجيش الإسرائيلي 3 منشآت عسكرية إلى معسكرات اعتقال للفلسطينيين، وهي قاعدة "سدي تيمان" في النقب، وقاعدتا عناتوت وعوفر في الضفة الغربية.
الموقعوحسب وصف بعض المعتقلين الذين أفرج عنهم وبعض الحقوقيين والمحامين، يقع معتقل "سديه تيمان" في قلب صحراء النقب، وهو بعيد جدا عن أي تجمعات سكنية، ويوجد في منطقة معزولة ومقطوعة عن العالم.
ويقول المحامي خالد محاجنة في حوار سابق مع الجزيرة نت "أثناء سفري إلى المعتقل، برفقة المحامية المتمرنة مرح أمارة، وعندما وصلت إلى مشارف مدينة رهط بالنقب، تلقيت اتصالا من إدارة المعتقل وأبلغوني أنه يُحظر الدخول إليه بمركبات مدنية، وطلبوا مني إيقاف سيارتي والسير على الأقدام، وبعد السير لأكثر من 10 دقائق، اعترضني وزميلتي جيب عسكري بداخله 3 جنود، وطلبوا منا الصعود، ثم ذهبنا باتجاه المعتقل".
ويضيف "بعد سفر بالجيب لمدة 20 دقيقة تقريبا، دخلنا المعتقل، ورغم أني أعمل منذ عقد ونيف في قضايا متعلقة بالأسرى وأزورهم في السجون الإسرائيلية، فإن هذه أول مرة أرى فيها مثل هذا السجن".
ويقول محاجنة إن سجن "سديه تيمان" بدا وكأنه معسكر أو ثكنة عسكرية وليس سجنا عاديا، إذ كانت العديد من الدبابات والمدرعات والمعدات العسكرية منتشرة في كل مكان، وكان هناك جنود ينتشرون بين كثبان الرمال.
ويصف محاجنة المعتقل قائلا إنه "يمتد على مساحات واسعة، وإنه مقسم إلى 4 أقسام للاحتجاز واعتقال الأسرى الغزيين، وفي كل قسم هناك 4 بركسات من صفيح وزينك، هي أشبه بالحظيرة، وفي كل واحدة يتم احتجاز 100 أسير في ظروف غير إنسانية وبلا مقومات للحياة".
تحقيقات رسميةووفق البيانات التي سمح جيش الاحتلال بنشرها، هناك نحو 700 معتقل في سجن "سدي تيمان"، كما أعلن الجيش التحقيق في مقتل 36 معتقلا فيه معظمهم اعتقلوا من قطاع غزة، وحسب تقديرات أخرى يتم احتجاز أكثر من ألف معتقل هناك، وتحدثت تقارير حقوقية أيضا عن آلاف المعتقلين.
وبعد تسريب تقارير وشهادات من داخل السجن تتحدث عن فظاعات وعن تعذيب ممنهج، أمرت النيابة العسكرية الإسرائيلية بفتح تحقيق رسمي في النازلة، وخاصة بعد الحديث عن تعذيب جنسي وحشي لمعتقل فلسطيني، وتم توقيف تسعة جنود للتحقيق معهم بتهمة انتهاك القوانين وممارسة التعذيب على المعتقلين.
وفي بداية يونيو/حزيران 2024 بدأت المحكمة العليا في إسرائيل -وللمرة الأولى- مناقشة إغلاق معسكر "سدي تيمان"، في حين أعلن الادعاء العام أنه سيتوقف تدريجيا استخدام المعسكر للتحقيق مع المعتقلين، وسيتم نقل من فيه إلى سجون أخرى.
وقال ممثل الادعاء أنير هيلمان -في رد على التماس رفعته جمعية حقوق المواطن بإسرائيل للمحكمة- إن 700 معتقل نقلوا بالفعل لسجن عوفر العسكري بالضفة الغربية، وإنه من المقرر نقل 500 آخرين.
اقتحام للسجنويوم 28 يوليو/تموز 2024 وصل محققون عسكريون إسرائيليون إلى السجن للتحقيق مع الجنود التسعة الذين تم توقيفهم سابقا بتهمة انتهاك القوانين وممارسة التعذيب على المعتقلين في "سدي تيمان"، فاصطدم معهم جنود من وحدة متهمة بالتنكيل بالأسرى.
وقد رفض الجنود المتهمون بالتعذيب التعاون مع الشرطة العسكرية، كما اقتحم محتجون إسرائيليون المعسكر رافضين التحقيق مع الجنود، وعبرت شخصيات حكومية وبرلمانية إسرائيلية بدورها عن تضامنها معهم.
ومن هذه الشخصيات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، وقال في بيان إن "مشهد ضباط الشرطة العسكرية وهم يأتون لاعتقال أفضل أبطالنا في سدي تيمان ليس أقل من مخز".
كما توجه أعضاء من الكنيست (من حزب الصهيونية الدينية) إلى المعسكر لدعم الجنود المتهمين، وشارك في الاقتحام أيضا وزير التراث عميحاي إلياهو، وشوهد وهو يهتف "الموت للإرهابيين"، في إشارة للمعتقلين الفلسطينيين داخل المعسكر.
كما شارك في العملية عضوا الكنيست تسِفي سوكوت (من حزب الصهيونية الدينية)، ونيسيم فاتوري (من حزب الليكود)، وفق صحيفة "هآرتس".
تعذيب وحشيوحسب التقارير الحقوقية التي تحدثت عن هذا السجن فإن المعتقلين فيه يتعرضون لصنوف من التعذيب والتنكيل تلخصها الشهادات في ما يلي:
إبقاء المعتقلين مقيدين على الدوام، وبعضهم تم بتر أطرافهم بسبب آثار القيود والأصفاد. انتهاكات وامتهان للكرامة وتعذيب جنسي. تعريضهم لروائح كريهة وحشرهم في مساحات ضيقة ومنعهم من التحدث والكلام. مقتل عشرات منهم تحت التعذيب (أكثر من 30). إجبار المعتقلين على الوقوف لساعات وضربهم بالهراوات. ترك الجرحى منهم لآلامهم ومنع العلاج عنهم. إحاطتهم بالجنود المسلحين والكلاب البوليسية على مدار الساعة. السماح لهم باستخدام دورة المياه لمدة دقيقة واحدة فقط، ومن يتجاوز الوقت يتعرض لعقوبات تصل إلى الضرب والتنكيل والاعتداء الجنسي. منعهم من الاستحمام، إذ يسمح لكل واحد منهم بالاستحمام دقيقة واحدة فقط في الأسبوع. التجويع وعدم تقديم الطعام الكافي. عدم توفير الأفرشة والأغطية للمعتقلين. منعهم من الصلاة وأداء شعائرهم الدينية.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سدی تیمان
إقرأ أيضاً:
مغردون: من يقف وراء مقتل الجنود السوريين على الحدود مع لبنان؟
شهدت منصات التواصل الاجتماعي السورية واللبنانية حالة من الجدل الكبير على خلفية قصف الجيش السوري مواقع داخل الأراضي اللبنانية، وذلك عقب مقتل ثلاثة من جنوده برصاص مسلحين في منطقة غرب حمص على الحدود السورية اللبنانية.
وأفادت وكالة الأنباء السورية عبر حسابها على منصة إكس بأن "مجموعة من مليشيا حزب الله نفذت كمينا وخطفت ثلاثة من عناصر الجيش العربي السوري قرب سد زيتا على الحدود السورية اللبنانية غرب حمص، قبل أن تقتادهم إلى الأراضي اللبنانية وتقوم بتصفيتهم ميدانيا".
في المقابل، نفى حزب الله -في بيان رسمي- بشكل قاطع أي علاقة له بالأحداث التي وقعت على الحدود اللبنانية السورية.
مجموعة من ميليشيا حزب الله تقوم وعبر كمين بخطف ثلاثة من عناصر الجيش العربي السوري على الحدود السورية اللبنانية قرب سد زيتا غرب حمص، قبل أن تقتادهم للأراضي اللبنانية وتقوم بتصفيتهم تصفية ميدانية. pic.twitter.com/I3EQ0DiIQh
— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) March 16, 2025
بالتزامن مع الأخبار المتداولة عن الكمين ومقتل الجنود السوريين، انتشر مقطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي قيل إنه لأحد الجنود السوريين الذين قتلوا وهو يتعرض للرجم حتى الموت على أيدي عناصر من حزب الله.
أحد عناصر حزب الله اللبناني يوثق لحظة ضرب أحد عناصر الجيش السوري رجم بالحجارة حتى الموت بعد وقوعه في كمين غادر على الحدود السورية اللبنانية ..
تقبله الله pic.twitter.com/fe6cRHUH7X
— الكوردستاني???? (@Imaqak) March 16, 2025
إعلانمن جهته، علّق الجيش اللبناني على الحادثة مبينًا أنه "بتاريخ 16 مارس (آذار) 2025، وبعد مقتل سوريَّين وإصابة آخر في محيط منطقة القصر – الهرمل على الحدود اللبنانية السورية، تم نقل المصاب إلى أحد المستشفيات، لكنه فارق الحياة لاحقًا".
وأضاف البيان أنه وعلى إثر ذلك، نفذ الجيش اللبناني تدابير أمنية مشددة، وأجرى اتصالات مكثفة منذ ليل 16 مارس حتى ساعات الصباح الأولى من يوم 17 مارس، حيث تم تسليم الجثامين الثلاثة إلى الجانب السوري".
بتاريخ ٢٠٢٥/٣/١٦، بعد مقتل سوريَّين وإصابة آخر عند الحدود اللبنانية السورية في محيط منطقة القصر – الهرمل، نُقل الجريح إلى أحد المستشفيات للمعالجة وما لبث أن فارق الحياة. على أثر ذلك، نفذ الجيش تدابير أمنية استثنائية، وأجرى اتصالات مكثفة منذ ليل ١٦-٢٠٢٥/٣/١٧ حتى ساعات الصباح… pic.twitter.com/WktykTRMwx
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) March 17, 2025
مقطع رجم الجندي السوري أثار استنكارا واسعا بين السوريين، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن هذا العمل.
وانتشرت عبر وسائل التواصل مقاطع فيديو توثق استلام جثامين الجنود السوريين، وسط مطالبات شعبية سورية بمحاسبة المسؤولين عن الحادثة، فيما حمّل ناشطون مسؤولية الجريمة المباشرة لعناصر حزب الله، رغم نفي الحزب تورطه.
pic.twitter.com/BpNK97WezD
— Omar (@hi44391574) March 16, 2025
كما سادت أجواء من الانقسام بين مستخدمي وسائل التواصل اللبنانيين حيث اتهم البعض المهربين بتنفيذ الهجوم، بينما شكك آخرون في رواية حزب الله.
مين قال للتكفيريين ان العشائر اللبنانية مثل الساحل السوري ????
الفرق هناك في الساحل ناس أبرياء عزل .
العشائر اللبنانية مسلحة تسليح أقوى من الجيش اللبناني .
— AHMAD SLMAN (@1ahmadslman) March 16, 2025
وعلق مدونون بأنه "إذا كان حزب الله بريئًا من العملية، فمن الذي استهدف سيارات الجيش السوري بصواريخ مضادة للدروع؟ هل العشائر اللبنانية الشيعية تمتلك هذه الإمكانيات العسكرية؟"
إعلانورأى بعض المدونين أن العملية قد تكون اختبارا من حزب الله لرد فعل القيادة السورية ومدى قدرتها على ضبط المنافذ الحدودية، خاصة تلك التي تمر من خلالها الأسلحة الإيرانية، في ظل تغييرات دولية وإقليمية تتطلب إعادة ترتيب الأوضاع الميدانية.
لهذه الأسباب .. ما يجري على حدود لبنان خطير !
ما يفعله حزب الله من تسلل وقتل كان مقرراً له أن يتم في ٦ آذار !
جلب الحزب قواته من جنوب لبنان وحشدها مقابل بلدة القصير بريف #حمص، كان مقرراً لها التدخل لصالح الانقلابيين من بقايا نظام الأسد، لكن فشل الانقلاب أخَّرها.
مؤخراً تلقى…
— أحمد رمضان Ahmed Ramadan (@AhmedRamadan_SY) March 17, 2025
واعتبر البعض الآخر أن هذه التطورات تشير إلى صراع داخلي بين الجيش السوري وفلول النظام السابق بدعم من حزب الله والحشد الشعبي.
من رجم وقتل الجنود السوريين على الحدود اللبنانية السورية أراد ان تحدث مواجهة بين الحكومة السورية والحزب، بالرغم ان الحزب لا مصلحة له بالدخول في حرب الآن، ولكن بعض المقربين منه ممن خسروا نفوذهم على الحدود لا يريدون القبول بالوضع الجديد.
لعن الله من ارتكب هذا الجرم وفتح باب… pic.twitter.com/CogTRcrBIk
— Houssem Hammedi حسام الهمادي (@hammedi_houssem) March 16, 2025
من جهة أخرى، أشار مراقبون إلى أن الأطراف التي نفذت الكمين ضد الجنود السوريين ربما تسعى إلى إشعال مواجهة مباشرة بين الحكومة السورية وحزب الله، مؤكدين أن الحزب لا مصلحة له في خوض حرب في هذه الفترة.
وأضاف ناشطون أن هذه الأحداث قد تكون استمرارًا للصراع على النفوذ في المناطق الحدودية، خاصة بعد تراجع دور بعض الجهات التي كانت تسيطر على خطوط التهريب سابقًا ورفضها للواقع الجديد.