سجن في قاعدة عسكرية بصحراء النقب على بعد 30 كيلومترا من قطاع غزة في اتجاه مدينة بئر السبع. أنشأه الجيش الإسرائيلي مباشرة بعد بداية عدوانه على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب عملية طوفان الأقصى، ونقل إليه العديد ممن اعتقلهم في غزة، بينهم أطفال وشباب وكبار في السن.

وتقول تقارير حقوقية وإعلامية إن الجنود الإسرائيليين ارتكبوا في هذا السجن انتهاكات حقوقية فظيعة في حق المعتقلين، وأذاقوهم فيه مختلف أصناف التعذيب والإهانة.

وفي ديسمبر/كانون الثاني 2023 بدأت أولى التقارير عن هذه الانتهاكات تظهر، إذ تحدثت صحيفة هآرتس الإسرائيلية آنذاك عن حالات تعذيب للأسرى في هذا المعسكر، ثم تلتها فيما بعد تقارير إعلامية وحقوقية أخرى في السياق نفسه.

ومنذ بدء العدوان على غزة حول الجيش الإسرائيلي 3 منشآت عسكرية إلى معسكرات اعتقال للفلسطينيين، وهي قاعدة "سدي تيمان" في النقب، وقاعدتا عناتوت وعوفر في الضفة الغربية.

الموقع

وحسب وصف بعض المعتقلين الذين أفرج عنهم وبعض الحقوقيين والمحامين، يقع معتقل "سديه تيمان" في قلب صحراء النقب، وهو بعيد جدا عن أي تجمعات سكنية، ويوجد في منطقة معزولة ومقطوعة عن العالم.

ويقول المحامي خالد محاجنة في حوار سابق مع الجزيرة نت "أثناء سفري إلى المعتقل، برفقة المحامية المتمرنة مرح أمارة، وعندما وصلت إلى مشارف مدينة رهط بالنقب، تلقيت اتصالا من إدارة المعتقل وأبلغوني أنه يُحظر الدخول إليه بمركبات مدنية، وطلبوا مني إيقاف سيارتي والسير على الأقدام، وبعد السير لأكثر من 10 دقائق، اعترضني وزميلتي جيب عسكري بداخله 3 جنود، وطلبوا منا الصعود، ثم ذهبنا باتجاه المعتقل".

ويضيف "بعد سفر بالجيب لمدة 20 دقيقة تقريبا، دخلنا المعتقل، ورغم أني أعمل منذ عقد ونيف في قضايا متعلقة بالأسرى وأزورهم في السجون الإسرائيلية، فإن هذه أول مرة أرى فيها مثل هذا السجن".

ويقول محاجنة إن سجن "سديه تيمان" بدا وكأنه معسكر أو ثكنة عسكرية وليس سجنا عاديا، إذ كانت العديد من الدبابات والمدرعات والمعدات العسكرية منتشرة في كل مكان، وكان هناك جنود ينتشرون بين كثبان الرمال.

ويصف محاجنة المعتقل قائلا إنه "يمتد على مساحات واسعة، وإنه مقسم إلى 4 أقسام للاحتجاز واعتقال الأسرى الغزيين، وفي كل قسم هناك 4 بركسات من صفيح وزينك، هي أشبه بالحظيرة، وفي كل واحدة يتم احتجاز 100 أسير في ظروف غير إنسانية وبلا مقومات للحياة".

تحقيقات رسمية

ووفق البيانات التي سمح جيش الاحتلال بنشرها، هناك نحو 700 معتقل في سجن "سدي تيمان"، كما أعلن الجيش التحقيق في مقتل 36 معتقلا فيه معظمهم اعتقلوا من قطاع غزة، وحسب تقديرات أخرى يتم احتجاز أكثر من ألف معتقل هناك، وتحدثت تقارير حقوقية أيضا عن آلاف المعتقلين.

وبعد تسريب تقارير وشهادات من داخل السجن تتحدث عن فظاعات وعن تعذيب ممنهج، أمرت النيابة العسكرية الإسرائيلية بفتح تحقيق رسمي في النازلة، وخاصة بعد الحديث عن تعذيب جنسي وحشي لمعتقل فلسطيني، وتم توقيف تسعة جنود للتحقيق معهم بتهمة انتهاك القوانين وممارسة التعذيب على المعتقلين.

وفي بداية يونيو/حزيران 2024 بدأت المحكمة العليا في إسرائيل -وللمرة الأولى- مناقشة إغلاق معسكر "سدي تيمان"، في حين أعلن الادعاء العام أنه سيتوقف تدريجيا استخدام المعسكر للتحقيق مع المعتقلين، وسيتم نقل من فيه إلى سجون أخرى.

وقال ممثل الادعاء أنير هيلمان -في رد على التماس رفعته جمعية حقوق المواطن بإسرائيل للمحكمة- إن 700 معتقل نقلوا بالفعل لسجن عوفر العسكري بالضفة الغربية، وإنه من المقرر نقل 500 آخرين.

اقتحام للسجن

ويوم 28 يوليو/تموز 2024 وصل محققون عسكريون إسرائيليون إلى السجن للتحقيق مع الجنود التسعة الذين تم توقيفهم سابقا بتهمة انتهاك القوانين وممارسة التعذيب على المعتقلين في "سدي تيمان"، فاصطدم معهم جنود من وحدة متهمة بالتنكيل بالأسرى.

وقد رفض الجنود المتهمون بالتعذيب التعاون مع الشرطة العسكرية، كما اقتحم محتجون إسرائيليون المعسكر رافضين التحقيق مع الجنود، وعبرت شخصيات حكومية وبرلمانية إسرائيلية بدورها عن تضامنها معهم.

ومن هذه الشخصيات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، وقال في بيان إن "مشهد ضباط الشرطة العسكرية وهم يأتون لاعتقال أفضل أبطالنا في سدي تيمان ليس أقل من مخز".

كما توجه أعضاء من الكنيست (من حزب الصهيونية الدينية) إلى المعسكر لدعم الجنود المتهمين، وشارك في الاقتحام أيضا وزير التراث عميحاي إلياهو، وشوهد وهو يهتف "الموت للإرهابيين"، في إشارة للمعتقلين الفلسطينيين داخل المعسكر.

كما شارك في العملية عضوا الكنيست تسِفي سوكوت (من حزب الصهيونية الدينية)، ونيسيم فاتوري (من حزب الليكود)، وفق صحيفة "هآرتس".

تعذيب وحشي

وحسب التقارير الحقوقية التي تحدثت عن هذا السجن فإن المعتقلين فيه يتعرضون لصنوف من التعذيب والتنكيل تلخصها الشهادات في ما يلي:

إبقاء المعتقلين مقيدين على الدوام، وبعضهم تم بتر أطرافهم بسبب آثار القيود والأصفاد. انتهاكات وامتهان للكرامة وتعذيب جنسي. تعريضهم لروائح كريهة وحشرهم في مساحات ضيقة ومنعهم من التحدث والكلام. مقتل عشرات منهم تحت التعذيب (أكثر من 30). إجبار المعتقلين على الوقوف لساعات وضربهم بالهراوات. ترك الجرحى منهم لآلامهم ومنع العلاج عنهم. إحاطتهم بالجنود المسلحين والكلاب البوليسية على مدار الساعة. السماح لهم باستخدام دورة المياه لمدة دقيقة واحدة فقط، ومن يتجاوز الوقت يتعرض لعقوبات تصل إلى الضرب والتنكيل والاعتداء الجنسي. منعهم من الاستحمام، إذ يسمح لكل واحد منهم بالاستحمام دقيقة واحدة فقط في الأسبوع. التجويع وعدم تقديم الطعام الكافي. عدم توفير الأفرشة والأغطية للمعتقلين. منعهم من الصلاة وأداء شعائرهم الدينية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سدی تیمان

إقرأ أيضاً:

تظاهرة أمام سفارة مصر في لندن تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين (شاهد)

تظاهر العشرات في العاصمة البريطانية، لندن، السبت أمام السفارة المصرية تنديدا باستمرار حبس آلاف المعتقلين السياسيين في مصر.



 وطالب المتظاهرون بالإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين وإلغاء الأحكام القضائية الجائرة بحقهم.

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها،" لن ننسى المعتقلين" و "الحرية لكل سجين" مرديين هتافات: "علي سور للسجن وعلي بكرة الثورة تشيل ما تخلي "، والحرية لمين ولمين جو السجن شباب صامدين".




وقال المحامي والحقوقي أحمد عبد العزيز إن السجون المصرية لا تزال تعج بآلاف المعتقلين السياسيين، ويتم توقيفهم وفق قانون الحبس الاحتياطي دون ضمانات قضائية سليمة.



وأضاف عبد العزيز أن تخصيص دوائر قضائية بعينها للفصل في قضايا المعتقلين هو أمر غير دستوري، مشيرا إلى أن المعتقليين السياسيين يتعرضون للتعذيب وانتهاكات ممنهجة تتمثل في منع الزيارات وتدويرهم في قضايا سياسية رغم قضائهم مدة العقوبة أو الحصول على البراءة أو إخلاء سبيلهم

من جهته قال الإعلامي محمد داود إن قضية المعتقلين محل إجماع من قبل القوى السياسية المصرية وعلى النظام أن يصغي لمطالب الإفراج عن المعتقلين، مشددا على ضرورة أن يفتح النظام صفحة جديدة تستوعب الجميع بما يصب في مصلحة مصر.  

ويدخل آلاف المعتقلين السياسيين في السجون المصرية عامهم العاشر على التوالي، كأطول فترة اعتقال لهذا العدد الكبير في تاريخ سجون مصر، منذ بدء عمليات الاعتقال بحق آلاف المعارضين للانقلاب العسكري في صيف 2013.




ولا تفصح السلطات المصرية عن الأعداد الحقيقية للمحبوسين في السجون المصرية منذ الانقلاب العسكري، أو المفرج عنهم، أو عدد الذين لقوا حتفهم في السجون، وترفض إصدار أي إحصاء بهذا الصدد.

وتقدر منظمات حقوقية أعداد المعتقلين السياسيين في مصر  بحوالي 60 ألفا، لكن منظمة العفو الدولية قدّرت،  عدد المعتقلين والمسجونين بمصر بنحو 114 ألف سجين قبل عدة أعوام.

مقالات مشابهة

  • المعسكر التدريبي الثالث لـ«حياة كريمة» يستهدف التعريف بالقضية الفلسطينية
  • العراق.. الحشد الشعبي يدمر مستودعا نفطيا ومضافتين لداعش الإرهابي غرب الأنبار
  • عملية مشتركة لمكافحة الإرهاب والمخابرات تنتهي بالعثور على مبرزات مهمة لداعش في صحراء الانبار
  • حاخام إسرائيلي يدعو لتكريم جنود اعتدوا جنسيا على أسير فلسطيني
  • تظاهرة أمام سفارة مصر في لندن تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين (شاهد)
  • نادي الأسير الفلسطيني : تسريب صور ومقاطع من تعذيب المعتقلين امر متعمد
  • نادي الأسير الفلسطيني: تسريب صور ومقاطع من تعذيب المعتقلين امر متعمد
  • هبوط مركبة الفضاء ستارلاينر دون طاقمها في صحراء نيو مكسيكو
  • شبوة.. مقتل شاب تحت التعذيب في أحد سجون العمالقة في بيحان
  • ختام المعسكر التدريبي للاعبي منتخب الريشة الطائرة