جنين.. والدة الشهيد باسل غزاوي تبكي حلمه باجتياز الثانوية
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
جنين- انهارت عبير غزاوي (45 عاما) باكية بعد تلقيها رسالة نصية على هاتفها المحمول تفيد بعدم إدراج اسم ابنها الشهيد باسل ضمن قوائم الناجحين في شهادة الثانوية العامة لهذا العام.
وعبير غزاوي التي تسكن مخيم جنين شمال الضفة الغربية، لم تتمالك نفسها بعد الإعلان، اليوم الاثنين، عن أسماء الطلبة الذين اجتازوا هذه الامتحانات.
وبحسرة كبيرة، قالت إنها انتظرت هذا اليوم مدة 12 عاما لتحتفل بنجاح باسل وانتقاله لمرحلة الدراسة الجامعية، وأضافت "لكنهم حرموني منه ومن الفرحة بنجاحه، باسل قُتل قبل أن يحقق أيا من أحلامه، كان يحلم بإنهاء الثانوية العامة والدراسة في الجامعة".
حلم الدراسةأواخر يناير/كانون الثاني الماضي، قتلت قوات خاصة إسرائيلية باسل غزاوي وشقيقه محمد داخل إحدى غرف مستشفى ابن سينا حيث كان يعالَج من إصابة خطيرة تعرض لها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بقصف من مُسيّرة إسرائيلية بإحدى حارات مخيم جنين.
وتسللت القوة الخاصة بلباس سيدة تحمل عربة أطفال وزي طبيب إلى غرفة الغزاوي في الطابق الثالث من المستشفى وأطلقت النار عليه من مسدس كاتم للصوت هو وشقيقه وصديقهما الشهيد محمد جلامنة.
أصيب باسل بشظايا صاروخ في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أدت إلى جروح في الرئة والعمود الفقري، وكانت إصابته بالغة الخطورة حيث مكث في العناية المكثفة قرابة 27 يوما.
ومنذ اليوم الأول، أعلموا أسرته أنه لن يتمكن من المشي مرة أخرى، وعلى الرغم من ذلك كان مع كل يوم تتحسن فيه صحته، يخبر والدته أنه عازم على العودة للدراسة فور تعافيه، تضيف عبير للجزيرة نت.
وبعد أشهر من العلاج تمكن باسل من إكمال إجراءات المسجلين في صفوف طلبة الثانوية العامة (التوجيهي)، ورغم صعوبة إصابته واضطراره لملازمة سرير المستشفى لإكمال علاجه، فإنه أخبر والدته بنيته الدراسة من المستشفى وتقديم الامتحانات النهائية فيها. لكن حلمه اغتيل على السرير نفسه برصاص قوة خاصة، في حادثة كان لها وقع كبير في الضفة كلها.
وتتابع عبير "كنت سعيدة جدا حين قدمت للمستشفى لزيارة باسل، وفوجئت بأوراق التحضير للامتحانات النهائية، قال لي إنه لن يضيع الوقت، وسيتقدم بطلب لوزارة التربية والتعليم ليتم امتحانه في المستشفى، وبعدها بدأنا نخطط ليوم نجاحه".
عبير والدة الشهيد باسل تحمل بطاقة الجلوس الخاصة به لامتحان الثانوية العامة (الجزيرة) مواساة ومساندةورغم استشهاد باسل قبل دخوله امتحانات الثانوية العامة، استعدت عائلته ليوم النتائج، واستقبلت الضيوف القادمين لمواساتها ومساندتها، كما هو حال عشرات العائلات التي فقدت شهيدا من طلبة الثانوية العامة أو أسيرا في سجون الاحتلال.
وتؤكد عبير "أفرح لنجاح أصدقاء باسل وزملائه، ولكل طالب في المخيم وفي جنين بشكل عام، وقد عقدت النية على توزيع الحلويات لأشاركهم فرحتهم، وليبقى اسم باسل حاضرا معهم".
ولا تنكر أن هذا اليوم صعب جدا، وعلى قدر قسوته يصلها إحساس كل طالب في غزة لم يقدم "التوجيهي"، وتصلها مشاعر كل أُم في غزة فقدت أولادها وحُرمت من فرحة نجاحهم.
وأما بالنسبة لباسل، فتقول عبير "لقد نجح فعلا، وأخذ أعظم شهادة ممكن أن يحصل عليها أي إنسان". وانتقدت "عدم تضمّن كلمة وزير التربية أسماء الطلبة الشهداء كتكريم لهم".
ومع كل الألم الذي صاحب هذه الأم منذ الإعلان عن النتائج وحتى نهاية اليوم، أصرت على مشاركة طلاب وطالبات المخيم الناجحين فرحتهم، ووزعت الكنافة والعصير للزائرين الموجودين في منزلها.
وباسل غزاوي هو الطالب الشهيد الوحيد من محافظة جنين لهذا العام والذي يستشهد قبل تقدمه لامتحانات الثانوية.
عام مختلفوترافقت نتائج الثانوية العامة لهذه السنة مع قرار شعبي بعدم الاحتفال وإطلاق الألعاب النارية في ظل المجازر الإسرائيلية المروّعة التي تحدث في قطاع غزة. وكانت القوى الوطنية والإسلامية قد دعت المواطنين إلى الالتزام باقتصار الاحتفال على أهالي الطلاب وداخل البيوت وعدم إظهار الفرح في الشوارع والمدارس والأماكن العامة.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية نتائج الثانوية العامة في فلسطين، صباح اليوم الاثنين في مؤتمر صحفي، قرأ فيه وزير التربية أسماء الطلبة المتفوقين، دون إعلان نسبة النجاح العامة "لعدم اكتمال أعداد الطلبة المتقدمين بسبب الحرب على غزة وحرمان قرابة 39 ألف طالب وطالبة من التقدم للامتحانات". وجاء في بيان الوزير أن 10 آلاف طالب و400 معلم استُشهدوا هذا العام في غزة.
وبحسب المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور، فقد استشهد 20 طالبا من الثانوية العامة في محافظات الضفة المختلفة منذ بدء الحرب على غزة. كما قتلت إسرائيل 69 طالبا في المراحل الدراسية المختلفة في الضفة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووفقا لبيانات نادي الأسير الفلسطيني، تعتقل إسرائيل في سجونها ما لا يقل عن 55 طالبا في مرحلة الثانوية العامة. ومن ضمنهم يقضي الطالب يامن محمد أبو بكر من جنين حكما "إداريا" (بلا تهمة ولا موعد إفراج) وهو من الطلبة المتفوقين واعتُقل في يناير/كانون الثاني 2024، وجرى تمديد اعتقاله إداريا 3 مرات، ولمدة 6 أشهر في كل مرة.
ولأول مرة منذ سنوات، لم تحظ محافظة جنين بأي ترتيب بين الطلبة العشرة الأوائل في الثانوية العامة، ويرجع الأهالي السبب في ذلك لحالة عدم الاستقرار الأمنية التي تعيشها المحافظة من تكرار الاقتحامات الإسرائيلية وعمليات الاغتيال والقصف بالطائرات الحربية والمُسيّرة طيلة العام الأخير.
وتعرضت جنين ومخيمها لأكثر من 69 اقتحاما عسكريا إسرائيليا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما استشهد 150 مواطنا من أبناء المحافظة في الفترة ذاتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أکتوبر تشرین الأول التربیة والتعلیم الثانویة العامة أسماء الطلبة
إقرأ أيضاً:
اعتبارًا من العام الدراسي 2024-2025.. هل تحقق «السنة التأسيسية» أحلام طلاب الثانوية العامة؟
وافقتِ الحكومة على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الجامعات الخاصة والأهلية، الذي صدر بالقانون رقم 12 لسنة 2009. ينص التعديل على منحِ الجامعات الخاصة والأهلية الحقَّ في قبول الطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، اعتبارًا من العام الدراسي 2024/2025، حتى لو لم يحصل هؤلاء الطلاب على الحد الأدنى المطلوب للقبول في الكلية التي يرغبون في الالتحاق بها، شريطةَ اجتيازهم مرحلة تأهيلية تُعرف بالسنة التأسيسية.
تُحدَّد الضوابط والقواعد الخاصة بالسنة التأسيسية من قِبل الوزير المختص بالتعليم العالي، بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للجامعات، مع التأكيد على عدم تجاوز نسبة التخفيض 5% من الحد الأدنى المطلوب للقبول في كل تخصص بالجامعات الخاصة أو الأهلية.
التعديلات أثارت تساؤلات حول: مدى إمكانية أن تكون السنة التأسيسية فرصةً لطلاب الثانوية العامة لتحقيق حلمهم في الالتحاق بالكليات التي يرغبون بها، كما تطرح علامات الاستفهام حول مزايا وعيوب هذه السنة، وما إذا كان هذا القرار سيساهم في جذب الطلاب الوافدين للدراسة في الجامعات المصرية، وإمكانية استقطاب الطلاب المصريين الذين يلتحقون بجامعات خارج البلاد.
فوائد وعيوبيُعتبر نظام السنة التأسيسية وفقًا للخبير التربوي وأستاذ المناهج، د.حسن شحاتة، ضرورةً تعليميةً وتربويةً تهدف إلى تهيئة الطلاب للالتحاق بالتعليم الجامعي بشكل حديث. هذه السنة تُطبق في العديد من الجامعات العالمية، وتهدف إلى تقديم أساسيات بعض المواد المؤهلة للدراسة الجامعية، التي لم تلتفت إليها المرحلة الثانوية العامة. تستمر الدراسة لمدة عام دراسي، يتبعها امتحان تحريري يُعتبر بمثابة تقييم للطالب، دون منح تقديرات، مع فرض رسوم دراسية على الطالب.
ويشير شحاتة إلى فوائد هذا النظام، موضحًا أنه يساعد الطلاب على النجاح في مسيرتهم الجامعية، من خلال تزويدهم بمفاهيم أساسية تعزز من قدرتهم على استيعاب المواد الدراسية في السنة الأولى. يُعَد النظام حلقةَ وصل حيوية بين التعليم الثانوي والجامعي، كما يُساهم في تقليل الفقد التعليمي الناتج عن رسوب الطلاب في السنة الأولى، وبالتالي يقلل من أعداد المفصولين من التعليم الجامعي بسبب عدم إتقان أساسيات التخصصات.
ومع ذلك، يُشير شحاتة إلى بعض العيوب المحتملة لهذا النظام، حيث يمكن أن يشكل عبئًا ماليًّا إضافيًّا على أولياء أمور الطلاب، نظرًا للتكاليف الدراسية المرتبطة به. كما يُعبر عن قلقه من أن النظام من شأنه أن يؤخر تخرج الطلاب عامًا كاملًا، لأنه يُضيف سنة دراسية جديدة إلى المدة المقررة للدراسة الجامعية.
مزايا ومحاذيريرى الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي في جامعة عين شمس، د.تامر شوقي، أن تأسيس سنة تأهيلية للالتحاق بالجامعات الخاصة والأهلية يحقق مزايا متعددة، رغم وجود بعض المحاذير. يُشير شوقي إلى أن هذا النظام مُطبَّق في معظم دول العالم، بما في ذلك أوروبا وأمريكا والدول العربية، وقد سجل نجاحًا ملحوظًا في تحقيق أهدافه.
تتمثل إحدى أبرز مزايا هذا النظام في توفير فرصة للطلاب الذين لم يتمكنوا من الحصول على المجموع المطلوب لأسباب قهرية، مما يُتيح لهم إمكانية الالتحاق بالجامعات الخاصة أو الأهلية. كما يساهم في توسيع دائرة خريجي الجامعات في التخصصات المطلوبة بسوق العمل الحديث، ويعمل على تقليل فرص التحاق الطلاب بالكيانات التعليمية الوهمية والجامعات الأجنبية التي تتطلب تكاليف باهظة من الطلاب وأولياء الأمور. علاوة على ذلك، يُسهم هذا النظام في جذب مزيد من الطلاب الوافدين من دول أخرى للدراسة في مصر، مما يُعزز من مكانة الجامعات المصرية كوجهة تعليمية مميزة.
يؤكد د.تامر شوقي أن السنة التأسيسية تُعزز من توافق قدرات ومهارات الطلاب مع متطلبات الدراسة في الكلية بشكل فعلي، مما يساهم في تخفيف الضغوط النفسية التي يتعرض لها طلاب الثانوية العامة. فهذه السنة تمنحهم فرصًا أكبر للالتحاق بالجامعات، وفي الوقت نفسه تتيح للجامعات التشغيل بكامل طاقتها، حيث كانت قيود المجموع تؤثر سلبًا على أعداد الملتحقين بها.
يضيف أن النظام الجديد يساعد في اكتشاف المواهب العلمية المتخصصة بين الطلاب، إذ إن مجموع الثانوية العامة، سواء كان مرتفعًا أو منخفضًا، لا يعكس بشكل حقيقي مستوياتهم الأكاديمية. ويشير إلى أن مرونة نظام الدراسة في السنة التأسيسية تعتمد على الساعات المعتمدة، مما يمكّن الطلاب من إنهاء دراستهم إما خلال فصل دراسي واحد أو على مدار عام كامل، وذلك وفقًا لقدراتهم.
كما يتيح هذا النظام للطلاب في شعبة العلمي الالتحاق بكليات شعبة الرياضة، والعكس صحيح، مما يُعطي فرصًا إضافية للطلاب الأدبيين للالتحاق بالكليات التي لم يتمكنوا من الالتحاق بها سابقًا، مما يُسهم في توسيع خياراتهم الأكاديمية وفتح آفاق جديدة لهم.
يشير الدكتور تامر شوقي إلى بعض المحاذير المرتبطة بنظام السنة التأسيسية، أبرزها: القلق من أن يتحول هذا النظام إلى وسيلة للطلاب القادرين ماليًّا فقط للالتحاق بالجامعات، مما قد يؤدي إلى ارتفاع مصروفاتها بشكل مبالَغ فيه. ويضيف أنه في حال تجاوز الفارق المسموح به 5%، فقد يقبل النظام طلابًا غير مؤهلين، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم.
تكافؤ الفرصمن جانبه، يوضح أستاذ علم النفس التربوي في جامعة القاهرة، عاصم حجازي، أن الشكل الحالي للثانوية العامة لا يصلح كوسيلة وحيدة للالتحاق بالجامعة، ويحتاج إلى تطوير شامل. ويرى أن نظام السنة التأسيسية لا يقضي على تكافؤ الفرص كما يُعتقد، إذ إن الحد الأدنى من الدرجات المطلوبة للالتحاق بها ليس مرتفعًا، ولن يحصل الطالب على شهادة تخرج منها، بل ستكون بمثابة تأهيل للدراسة الجامعية، مع التركيز على التعليم والتقويم المناسبين لتحديد مستوى الطالب.
يؤكد حجازي أن الفوارق البسيطة في الدرجات لا تُعَد حاجزًا فاصلًا بين الطلاب المتفوقين وغير المتفوقين، وإنما تُستخدم كمؤشر عند وجود أماكن محدودة في الكليات. وفي حالة توافر أماكن، فإن تأثير هذه الفوارق يصبح أقل.
يُبرز حجازي فوائد هذا النظام، حيث يتضمن برامج تأهيل متكاملة للطلاب لتمكينهم من الالتحاق بالتخصصات الجديدة، مما يُعزز مبدأ المرونة، وهو أمر بالغ الأهمية في أي نظام تعليمي. ويَعتبر أن السنة التأسيسية تلعب دورًا حيويًّا في جذب الطلاب الوافدين، وتُعِدهم بشكل مناسب للدراسة في الجامعات المصرية. كما تسهم في معالجة العديد من أوجه القصور الموجودة في الثانوية العامة، وتساعد على تقليل المشكلات المرتبطة بها، مما يتيح زيادة عدد الملتحقين بالجامعات، وبالتالي تحقيق مبدأ الإتاحة، وهو معيار مهم لتقييم جودة الأنظمة التعليمية.