واشنطن بوست: تأهُّب دُوَليّ لقرار إسرائيل بشأن الهجوم علي لبنان وَسَط مخاوف من نشوب حرب إقليمية
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
أفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية في عددها الصادر، اليوم الاثنين، بأن هناك ترقبا دُوَليّا لقرار إسرائيل بشأن الرد على هجوم شنته جماعة حزب الله اللبنانية على مرتفعات الجولان منذ يومين برغْم نفي الجماعة، ما يثير مخاوف من امتداد التصعيد إلى حرب إقليمية واسعة النطاق.
وأوضحت الصحيفة -في تقريرها- أن المدنيين يستعدون على المستوى المحلي على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية حاليًا لشن الجيش الإسرائيلي ضربة مضادة ذات نطاق وكثافة ما تزل غير معروفة بعد أن أذن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي برد عسكري على الهجوم الصاروخي الذي وقع بداية الأسبوع من لبنان والذي أسفر عن مقتل 12 شخصًا.
وذكرت الصحيفة أن المنطقة هناك في حالة من عدم اليقين، على أمل الحصول على رد محدد، لكنها تستعد لهجوم واسع النطاق حذر الدبلوماسيون من أنه قد يؤدي إلى حرب إقليمية تجر العديد من الدول.
وأضافت أن سكان بيروت قاموا بتخزين الإمدادات الطارئة في حالة وصول الضربات المتوقعة إلى العاصمة اللبنانية بينما هددت جماعة حزب الله باستهداف حيفا وغيرها من المدن الإسرائيلية إذا فعلوا ذلك فيمَا ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أنصاره إلى أن تركيا قد "تدخل" إسرائيل إذا لزم الأمر.
ولفتت الصحيفة إلى تعليق بعض شركات الطيران الكبرى رحلاتها إلى بيروت وإعادة جدولتها، مستشهدة بالتوترات في الشرق الأوسط فيمَا قالت الخطوط الجوية الفرنسية اليوم، إن الرِّحْلات الجوية بين باريس شارل ديجول وبيروت معلقة يومي الاثنين والثلاثاء، بينما قالت شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا إنها علقت رحلاتها إلى بيروت حتى الخامس من أغسطس.
وقالت الصحيفة، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد خلال زيارته لمرتفعات الجولان المحتلة اليوم، أن" إسرائيل لن تتجاهل هذا، وتعهد بالرد الشديد"، موضحة أن هذه التصريحات جاءت بعد أن سمح مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي لنتنياهو ووزير دفاعه في وقت متأخر من يوم أمسِ الأحد باتخاذ قرار بشأن "طريقة وتوقيت" رد إسرائيل على الضربة الصاروخية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته قوله إن: "المخاوف من أن الأمر قد يخرج عن السيطرة عالية جدًا".
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من قيام الجيش الإسرائيلي يوم أمسِ الأحد بضرب عددًا من أهداف حزب الله في عمق لبنان حيث قُتل شخصين وأصيب ثلاث أخرين، بينهم طفل، إلا أن رد إسرائيل حتى الآن لم يصل إلى مستوى الانتقام العنيف الذي تعهد به نتنياهو بعد ضربة الجولان.
وكشفت الصحيفة أن موجة من الجهود الدبلوماسية من واشنطن وباريس والعواصم الإقليمية بدأت في غضون ساعات من الهجوم لتهدئة الوضع، وفقًا لمسؤولين غربيين وإسرائيليين، فيمَا قال المسؤولون الأمريكيون إن إسرائيل لها الحق في الرد على الهجوم ولكنهم حثوا حليفتها أيضًا على إظهار ضبط النفس.
وأعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين عن تعازيه في القتلى في هجوم مجدل شمس في مكالمة هاتفية مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ اليوم، بالإضافة إلى التأكيد على "أهمية منع تصعيد الصراع"، وفقا لما ذكره المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر.
بينما قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي على وسائل التواصل الاجتماعي، إنه تحدث إلى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بشأن التوترات المتصاعدة، حيث اتفق كلاهما على أن "توسيع الصراع في المنطقة ليس في مصلحة أحد".
ونوهت الصحيفة بأن مأزِق إسرائيل، وفقًا لمسؤولين أمنيين حاليين وسابقين، هو كيفية الرد على الهجوم دون ترك حزب الله بلا خِيار سوى التصعيد بدوره - الأمر الذي قد يجذب إيران بشكل أكثر مباشرة إلى القتال، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يحتفظ بمجموعة من سيناريوهات الأهداف على الرف، ويتم تحديثها بانتظام بمعلومات استخباراتية جديدة، وفقًا لمسؤول عسكري وصف الوضع للصحيفة.
اقرأ أيضاًبلينكن يؤكد هاتفيا مع الرئيس الإسرائيلي أهمية منع التصعيد
متحدث الحكومة الإسرائيلية: حزب الله سيدفع ثمنًا غاليًا
مسؤول إسرائيلي: واشنطن أبلغت جالانت قلقها من شن ضربة على بيروت
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل لبنان حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»
البلاد- بيروت
فيما تواصل إسرائيل قصف الجنوب والضاحية والبقاع في محاولة لتفكيك البنية العسكرية لحزب الله، يراوغ الحزب في ملف تسليم السلاح، متمسكًا بشروطه، فيما تبذل الدولة اللبنانية جهودًا شاقة لبسط سيادتها دون الانزلاق إلى صدام داخلي أو استفزاز آلة القتل الإسرائيلية.
وفي أحدث تطور، زار رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، الجنرال الأمريكي جاسبر جيفرز، بيروت، أمس (الأربعاء)، حيث التقى الرئيس اللبناني جوزيف عون بحضور السفيرة الأمريكية ليزا جونسون. اللقاء شهد تأكيدًا لبنانيًا على ضرورة تفعيل اللجنة والضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وانسحابها من خمس تلال جنوبية لا تزال تحتلها، إضافة إلى إطلاق الأسرى اللبنانيين. كما قدم جيفرز خلفه، الجنرال مايكل جاي ليني، الذي سيتولى رئاسة اللجنة خلال المرحلة القادمة، وهو قائد قوة المهام في القيادة المركزية الأمريكية.
اللقاء جاء قبيل مغادرة عون إلى الإمارات برفقة وزير الخارجية يوسف رجّي، في زيارة رسمية تستمر يومين، تهدف إلى تعزيز العلاقات وجذب الدعم العربي لجهود الأمن والإصلاح وإعادة الإعمار، في ظل ظرف دقيق يتطلب دعمًا سياسيًا واقتصاديًا فوريًا.
بالتوازي، واصل الجيش اللبناني تنفيذ مهامه جنوب الليطاني، حيث أعلن الرئيس عون في لقاء مع وفد معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن، الثلاثاء، أن الجيش يطبق القرار 1701 رغم العراقيل الميدانية المتمثلة ببقاء إسرائيل في خمس نقاط حدودية. وأكد أن “قرار حصرية السلاح لا رجوع عنه”، وأن عملية سحب السلاح ستتم بالحوار، تجنبًا لأي اضطرابات أمنية.
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة فؤاد سلام أن الغارات الإسرائيلية على الضاحية وسواها تشكّل “خرقًا واضحًا لترتيبات وقف الأعمال العدائية”، مطالبًا بتفعيل آلية المراقبة الدولية. كما شدد خلال استقباله وفد نقابة الصحافة على أن لبنان ملتزم بالاتفاق وعلى إسرائيل أن تلتزم أيضًا، مضيفًا أن بقاء الدعم الأمريكي والفرنسي مهم لضمان ذلك.
ورغم إعلان حزب الله دعم الدولة، بدا موقفه أكثر تصلبًا في الخطاب الأخير لأمينه العام نعيم قاسم، الذي وضع ثلاثة شروط مسبقة قبل أي حوار حول السلاح: انسحاب إسرائيل، وعودة الأسرى، وبدء إعمار ما دمرته الحرب. وهو ما رآه مراقبون تناقضًا مع موقفَي رئيس الجمهورية والحكومة، وتراجعًا عن مضمون البيان الوزاري الذي نال ثقة “الحزب” نفسه.
السلطة الرسمية اللبنانية تراوح مكانها في ملف السلاح، متسلّحة بالتهدئة والحوار كسبيل لتفادي صدام داخلي، بينما يربط الحزب مصير سلاحه بتحولات الإقليم، خصوصًا في ضوء المفاوضات بين طهران وواشنطن. وعلى الأرض، لم تتوقف إسرائيل عن شن الغارات، متذرعة بعدم تفكيك قدرات الحزب، ومتمسكة بالبقاء في نقاط حدودية رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع برعاية أمريكية فرنسية أواخر نوفمبر الماضي.
وكان الاتفاق نص على وقف الأعمال العدائية، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب، مقابل انسحاب الحزب من جنوب الليطاني، وتوسيع انتشار الجيش اللبناني وقوات “يونيفيل”، إلا أن التنفيذ تعثر وسط مماطلة إسرائيلية ومراوغات من حزب الله.
بين تصعيد إسرائيلي لا يهدأ، ومناورات حزب الله ومواقفه المتباينة حول حصر السلاح، تقف الدولة اللبنانية في مفترق طرق حرج. فالمضي نحو السيادة يتطلب مواجهة مزدوجة: مقاومة الضغوط الخارجية دون الخضوع لها، ومراكمة التوافق الداخلي دون الانفجار من الداخل.