أدانت الأمم المتحدة بشدة "الهجمات العشوائية" على المدنيين في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، والتي وقعت يوم السبت، وأدت إلى مقتل وإصابة ما لا يقل عن 97 شخصا، وفقا للسلطات المحلية.

في بيان صدر اليوم الاثنين، قالت منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، إنها "حزينة للغاية إزاء هذه الهجمات المروعة" التي طالت مستشفى ومناطق سكنية وسوقا للماشية.

وأضافت: "لا ينبغي أبدا أن تكون البنية التحتية المدنية هدفا وهي محمية بموجب القانون الإنساني الدولي".

فوجئ المدنيون في الفاشر بالعديد من هذه الهجمات، بينما كانت المدينة تشهد هدوءا نسبيا لمدة أسبوعين تقريبا، الأمر الذي مكن من إعادة فتح الأسواق واستئناف العديد من الأسر لكسب عيشها، وهو "أمر بالغ الأهمية للسودان لتجنب التهديد الوشيك بالمجاعة"، إلى جانب الوصول الإنساني دون عوائق وزيادة التمويل الإنساني، بحسب السيدة نكويتا سلامي.

يواجه السودان حاليا أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في تاريخه، حيث يعاني أكثر من نصف سكانه - 25.6 مليون شخص - من الجوع الحاد. ويواجه أكثر من 8.5 مليون شخص مستويات طارئة من الجوع، بينما يعيش أكثر من 755 ألف شخص في ظروف كارثية في دارفور الكبرى وجنوب وشمال كردفان والنيل الأزرق والجزيرة والخرطوم.

ومنذ بدء الحرب في نيسان/أبريل 2023، قُتل أكثر من 18,800 شخص وأصيب أكثر من 33 ألفا، فيما فر أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم، بمن فيهم أكثر من خمسة ملايين طفل.

وقالت منسقة الشؤون الإنسانية: "في هذه اللحظة التي يسابق فيها الشركاء الزمن ويفعلون كل ما في وسعهم لتجنب كارثة إنسانية واسعة النطاق، أدعو الأطراف إلى وقف القتال وبذل كل ما في وسعهم لحماية المدنيين والسماح لهم بحرية الحركة ومواصلة حياتهم اليومية".

وعلى الرغم من التمويل المحدود وبيئة العمل الصعبة، فقد تمكن العاملون في المجال الإنساني من الوصول إلى أكثر من 7.1 مليون شخص ببعض أشكال المساعدة الإنسانية في الفترة بين كانون الثاني/يناير وأيار/مايو. إلا أن السيدة نكويتا سلامي قالت إن هذا ليس كافيا، وحثت المانحين على تكثيف الجهود على وجه السرعة للوفاء بالتزاماتهم فيما يتعلق بالتمويل كي تتمكن المنظمات الإنسانية من تلافي خطر انتشار مجاعة واسعة النطاق. جدير بالذكر أن النداء الإنساني للسودان، الذي يسعى إلى جمع 2.7 مليار دولار، لم يتم تمويله سوى بنسبة 32 في المائة بعد مرور أكثر من نصف العام.

15 مليون شخص محرومون من المساعدات الصحية العاجلة
وعلى صعيد ذي صلة، استنكرت منظمة الصحة العالمية الهجمات المتزايدة على الرعاية الصحية في السودان، مشيرة إلى التحقق من 22 هجمة من هذا القبيل خلال الأسابيع الثمانية الماضية وحدها.

وأوضحت المنظمة أن الهجمات على الرعاية الصحية مؤسفة وتمثل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي، منبهة إلى أن الحصول على الرعاية الصحية في السودان يعاني من قيود شديدة بسبب الحرب المستعرة منذ أكثر من عام.

منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023، تحققت منظمة الصحة العالمية من 88 هجوما على الرعاية الصحية – شملت هجمات على المرافق الصحية وسيارات الإسعاف والنقل والأصول والمرضى والعاملين الصحيين – مما أسفر عن مقتل 55 شخصا وإصابة 104 آخرين.

من بين هذه الهجمات، تسببت الهجمات الـ 22 التي تم التحقق منها منذ الأول من حزيران/يونيو 2024 في مقتل 16 من العاملين الصحيين والمرضى، بمن فيهم الأطفال، وإصابة 56 شخصا.

صمود في مواجهة القصف والترهيب
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن المستشفيات والمرافق الصحية وسيارات الإسعاف وغيرها من الأصول الصحية تعتبر بمثابة شريان حياة لشعب السودان، الذي يعاني من وطأة استمرار القتال المستمر وتكرار النزوح.

وأكدت أن العاملين الصحيين في السودان يواصلون تقديم الرعاية المنقذة للحياة – ويعملون في ظروف صعبة للغاية – مدفوعين بالتزامهم بخدمة ملايين الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة. مع ذلك، فإن صمودهم وتفانيهم يقابل بالقصف والمضايقات والترهيب والإصابة والموت.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن العاملين الصحيين لا ينبغي أن يخاطروا بفقدان حياتهم أو أطرافهم بينما هم يسعون لإنقاذ الآخرين. ولا ينبغي أن يخاطر المرضى بالموت أثناء البحث عن الرعاية الطبية.

ضرورة حماية العاملين الصحيين
النظام الصحي في السودان على المحك بسبب الحرب والنزوح وتفشي الأمراض ونقص حاد في الإمدادات الطبية ونقص السيولة النقدية لتشغيل العمليات ودفع الرواتب. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن أقل من 25 في المائة من المرافق الصحية تعمل في الولايات السودانية الأشد تضررا من الحرب، بينما تعمل 45 في المائة فقط من هذه المرافق بكامل طاقتها في ولايات أخرى.

يعاني شعب السودان بالفعل في سبيل الوصول إلى الرعاية المنقذة للحياة، إذ يحتاج نصف السكان - 24.8 مليون شخص - إلى مساعدات إنسانية، ويحتاج ما يقرب من 15 مليون شخص إلى مساعدة صحية عاجلة من أجل البقاء على قيد الحياة. ونبهت المنظمة إلى أن الهجمات على الرعاية الصحية تحرم هؤلاء الأشخاص - أكثر من 10.6 مليون منهم نازحون داخل البلاد - من الرعاية المنقذة للحياة.

وشددت منظمة الصحة العالمية على أنه بموجب القانون الإنساني الدولي يتعين حماية الرعاية الصحية والأصول الصحية والعاملين الصحيين والمرضى حتى في الحرب، وأكدت على أهمية حماية جميع العاملين الصحيين والمرضى والمرافق في جميع الأوقات.

وأكدت المنظمة على أهمية السلام بوصفه شرطا أساسيا لضمان صحة شعب السودان وإعادة بناء النظام الصحي في البلاد.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: منظمة الصحة العالمیة على الرعایة الصحیة العاملین الصحیین فی السودان ملیون شخص أکثر من

إقرأ أيضاً:

العقوبات على البرهان وأثرها: السودان بحاجة إلى قرار أممي لوقف المأساة الإنسانية

في 16 يناير 2025، أعلنت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على قائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، مشيرة إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم حرب ارتكبتها القوات تحت قيادته. القرار جاء ضمن سلسلة إجراءات دولية تهدف إلى محاسبة المسؤولين عن الفظائع في السودان، لكن الحقيقة الماثلة أمامنا تشير إلى أن العقوبات وحدها ليست كافية. الوضع الإنساني في السودان يتطلب استجابة أممية أكثر شمولاً، لإيقاف الحرب وفرض حماية حقيقية للمدنيين.
التداعيات الحالية للعقوبات
لا شك أن العقوبات الأمريكية على البرهان ومورد الأسلحة المعني تمثل إشارة قوية بعدم التسامح مع مرتكبي الجرائم في السودان. استهداف القادة العسكريين وأذرعهم المالية يهدف إلى تقويض قدرتهم على استمرار الصراع. ومع ذلك، فإن التأثير الفعلي لهذه العقوبات غالبًا ما يتباطأ بسبب تعقيدات النزاع السوداني وتعدد الأطراف المتورطة فيه.
فبينما تسعى الولايات المتحدة للضغط على البرهان ودقلو (حميدتي)، فإن الواقع الميداني يشهد تصاعدًا في العنف ضد المدنيين. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 25 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهو رقم صادم يعكس عجز العالم عن حماية الأبرياء في مناطق النزاع.
العقوبات ليست كافية
بالرغم من أهمية العقوبات كأداة للضغط الدبلوماسي، فإنها بمفردها لا تستطيع وقف نزيف الحرب. يحتاج السودان إلى تدخل أممي عاجل لحماية المدنيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية. غياب الإرادة الدولية لاتخاذ خطوات حاسمة يجعل المدنيين يدفعون الثمن الأكبر للصراع بين قوى عسكرية لا تعير اهتمامًا لمستقبل البلاد.
تشير الأوضاع إلى ضرورة فرض منطقة آمنة لحماية المدنيين، تحت مظلة الأمم المتحدة، تترافق مع مراقبة صارمة لوقف إطلاق النار وإجراءات تمنع استهداف البنية التحتية المدنية.
ضرورة قرار أممي شامل
من غير الممكن أن يظل المجتمع الدولي يكتفي بإدانة الجرائم وتوجيه العقوبات. ما يحتاجه السودان الآن هو قرار أممي يتضمن-
1. نشر قوات حفظ سلام دولية في المناطق الأكثر تضررًا لحماية المدنيين ومنع التصعيد العسكري.
2. فرض حظر كامل على توريد الأسلحة للأطراف المتحاربة في السودان، مع مراقبة دقيقة لتطبيقه.
3. إطلاق محادثات سلام ملزمة تحت إشراف الأمم المتحدة، تضمن مشاركة جميع الأطراف بما فيها القوى المدنية، لتهيئة الطريق نحو انتقال ديمقراطي حقيقي.
4. آلية مراقبة إنسانية دولية تضمن تدفق المساعدات بلا عوائق وتمنع استخدام الغذاء كسلاح حرب.
المستقبل في ظل الضغط الدولي
بين العقوبات الأمريكية ودعوات الأمم المتحدة، لا يزال الأمل قائمًا لإنقاذ السودان. ولكن هذا الأمل لن يتحقق دون تعاون دولي واسع يستند إلى رؤية شاملة لإنهاء الصراع ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.
إن الشعب السوداني الذي يعاني يوميًا من تداعيات الحرب يستحق أكثر من بيانات الإدانة. يحتاج إلى أفعال ملموسة تُعيد له أمنه واستقراره، وتفتح الباب أمام مستقبل يعمه السلام والديمقراطية.
العقوبات على البرهان خطوة مهمة، لكنها ليست الحل الكامل. الوضع في السودان يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي، فالمدنيون المحاصرون بين نيران المتقاتلين يستحقون حماية أممية عاجلة. آن الأوان أن ينتقل العالم من الإدانة إلى الفعل لإنقاذ السودان من دوامة الفشل والدمار.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • بعد هجمات ولاية الجزيرة.. تحذير أممي: حرب السودان تزداد خطورة على المدنيين
  • اعتماد 429 منشأة وتدريب أكثر من 11 ألف متخصص لتحسين جودة الرعاية الصحية
  • تحذير أممي: الصراع في السودان يأخذ منعطفا أكثر خطورة على المدنيين
  • الأمم المتحدة: الحرب في السودان تزداد خطورة على المدنيين بعد الهجمات في ولاية الجزيرة  
  • العقوبات على البرهان وأثرها: السودان بحاجة إلى قرار أممي لوقف المأساة الإنسانية
  • الأمم المتحدة تُدين الهجوم على المدنيين في السودان وتدعو لوقف العنف
  • الأمم المتحدة تندد بحملة القمع الحوثية ضد المدنيين في البيضاء
  • بريطانيا تدين بشدة اعتقالات موظفي المنظمات وتؤيد حق إسرائيل في الرد على الحوثيين
  • برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يدعم التعافي الاقتصادي في السودان
  • استشهاد وإصابة أكثر من 100 طفل خلال شهر واحد في سوريا