لجريدة عمان:
2025-01-31@12:12:23 GMT

إنسانية العالم في خطر كبير

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

إنسانية العالم في خطر كبير

Your browser does not support the audio element.

رغم أن القضية الفلسطينية في أساسها قضية عربية إسلامية مرتبطة في كثير من أجزائها بالجوانب الدينية والعقدية، إلا أنها مع الزمن خرجت من إطارها الجغرافي العربي لتكون قضية دولية تُبحث، ولو على استحياء، في المنظمات العالمية. لكن القضية بعد السابع من أكتوبر 2023 أخذت بعدا إنسانيا فوق الجغرافيا وفوق الأطروحات الدينية أو المناظير العقدية التي يُنظر من خلالها إلى القضية.

لا يمكن اليوم فصل ما يحدث في قطاع غزة عن إنسانية الإنسان أينما كان موقعه من الجغرافيا أو أيا ما كان اعتقاده الديني. إن مشهد قتل الأطفال والنساء والمدنيين بالجملة في قطاع غزة مشهد تُعنى به الإنسانية بامتياز، ومساءلة هذا الفعل لا بد أن تكون إنسانية قبل أن تكون سياسية، وهذا يعني أن الجميع مسؤول عن هذه المساءلة وعن تطبيق القانون إن كنا نؤمن أنه وُضع لحماية الإنسانية بشكل فردي أو جماعي؛ فالجُرم الذي نشاهده لا يقع على الفلسطينيين في قطاع غزة فقط، إنما يقع على إنسانيتنا جميعًا، إنسانيتنا في سلطنة عُمان أو في أمريكا أو في بريطانيا أو في السويد أو الصين أو أستراليا أو غيرها من البلدان، وحتى في إسرائيل نفسها، فليس كل سكان الأراضي المحتلة سعداء بما تفعله آلة القتل الخاصة بجيش الاحتلال بما في ذلك «اليهود» أنفسهم الذين يطالب بعضهم بوقف هذه الحرب.

إن قتل الأطفال الخدّج في المستشفيات، وقتل المدنيين في الشوارع وتجويع الشيوخ والنساء بالطريقة التي يشاهدها الجميع في شمال غزة وجنوبها، وقنص الأمهات والآباء الذين خرجوا للبحث عن أي طعام يبقيهم وأطفالهم يومًا آخر على قيد الحياة، كل تلك الأفعال منافية للإنسانية قبل أن تكون منافية لقواعد الحرب وسلوكياتها، أو هو- بمعنى أكثر دقة- وصمة عار في جبين الإنسانية، وهذا السياق أكبر وأهم من أن نقول: إنه تجاوز لقواعد القانون الدولي أو لقواعد الاشتباك في الحروب، وهذا أدعى لأن تنتفض من أجله الإنسانية جمعاء لأنه يضرب في جوهرها وفي كينونتها ووجودها ومنجزها.

إن إسرائيل بهذا المعنى وبهذه الصورة التي بات يعرفها الجميع اليوم تضرب كل قيم الإنسانية، وتقوضها، وتحاربها، بل وتغتالها بدم بارد أمام الجميع، وفي تحدٍ للجميع وليس للفلسطينيين والعرب وحدهم. وردة الفعل على هذه الجرائم لا بد أن تكون إنسانية ومن منطلق إنساني شامل لا من منطلق جغرافي أو أيديولوجي محدود.

وصف نتانياهو أمام الكونجرس الأمريكي الأسبوع الماضي حرب إبادته الجماعية في قطاع غزة بأنها حرب «حضارية» ضد «البربرية»، وسبق أن كررها في كل خطاباته منذ بداية الحرب. ولم يكن غريبا أن يقول نتانياهو ذلك، ولكن المفاجئ أن يقوله أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي، وهم كبار المشرعين في أمريكا وعلى مستوى كبير من الوعي السياسي والثقافي والتاريخي. والمفاجئ أكثر أن الجميع صفّق وبشدة مؤيدا لوصف نتانياهو الذي كان فيه الكثير من الاستخفاف بإنسانية الحضور إن لم يكن بإنسانيتنا جميعا. فلا يمكن أن يقول قائل: إن الإبادة الجماعية أو إن قتل الأطفال والنساء فعل حضاري جاء ضد البربرية رغم ما في استخدام هذا المصطلح من تحيّز ثقافي وتاريخي!!

ويعرف المشرعون في الكونجرس الأمريكي وبينهم من هم على مستوى مفكرين أن طرح ثنائية «الحضارة» و«البربرية» هو خطاب سياسي يستخدم منذ الأزل لتسويغ الأعمال العسكرية، وتشكيل سردية يؤمن بها الرأي العام للإمعان في تشويه الآخر وشيطنته وتسويغ العنف وتحفيز الدعم سواء كان شعبيا أو دوليا.

إن العالم أجمع مطالب في هذه اللحظة التاريخية أن يراجع قيم إنسانيته وحساسيته تجاه كل ما يحدث في العالم ليس في قطاع غزة، وإن كانت في المقدمة، ولكن ضد الظلم والطغيان وغياب العدل والعنف والاستبداد في كل مكان.

ما يحدث في غزة هو ذروة كل ذلك، ذروة الظلم والطغيان وغياب العدالة والاستبداد بالقوة والاستبداد بالسرديات، وتوظيف مؤسسات النظام العالمي لصالح المستبد، وتوظيف الكثير من البشر من أجل التصفيق للظلم ونصرته. إن إنسانية العالم في خطر كبير، فلا تتركوها تتلاشى فإن في تلاشيها «الظلام» الذي تحدث عنه نتانياهو.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی قطاع غزة أن تکون

إقرأ أيضاً:

أستاذ تمويل: العلاقات المصرية العراقية تتطور بشكل كبير ولافت للنظر

قال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة، إن مصر لا تركن لفكرة أن هناك تحديات جيوسياسية وتنتظر حتى تستقر الأمور لتبدأ في التفكير والاتجاه نحو مزيد من التعاون والتنمية؛ بل إنها تتحرك في إطار التنمية والإعمار حتى في ظل هذه التوترات الجيوسياسية.

علاقات متنوعة لمصر مع دول العالم

وأضاف الدكتور هشام إبراهيم، خلال مداخلة هاتفية عبر شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن العلاقات المصرية مع معظم دول العالم تتجه لمزيد من التنوع، وهو ما تستهدفه الدولة المصرية في الفترة الحالية، مشيراً إلى أن مصر تسعى إلى الانفتاح والتعاون مع جميع دول العالم.

وتابع: «المنطقة العربية تحظى بالاهتمام الأول من قبل الدولة المصرية، ومن هنا تأتي العلاقات بين مصر والعراق لتشكل حجر أساس لتقوية العلاقات المصرية مع الدول العربية».

العلاقات المصرية العراقية تتطور بشكل كبير

وأكد أن العلاقات المصرية العراقية تتطور بشكل كبير ولافت للنظر منذ انعقاد الدورة الأولى للجنة العليا المشتركة عام 2020، ثم توقيع عدد من الاتفاقات خلال تلك الفترة، تلاها الجولة الثانية التي عقدت في 2023 وشهدت المزيد من الاتفاقيات بين البلدين.

مقالات مشابهة

  • دخول 290 شاحنة مساعدات إنسانية وإغاثية إلى قطاع غزة
  • أستاذ تمويل: العلاقات المصرية العراقية تتطور بشكل كبير ولافت للنظر
  • دهيلي: “أتمنى أن تكون مشاركتنا في بطولة العالم مفيدة للاعبينا الشبان”
  • مسئول بميناء رفح البري: إدخال 200 شاحنة مساعدات إنسانية للفلسطينيين بغزة
  • تفاصيل لقاء صيدم مع المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في فلسطين
  • 130 شاحنة مساعدات إنسانية للفلسطينيين تدخل قطاع غزة
  • تحرك شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبري العوجة وكرم أبو سالم
  • الأردن يطلق جسرًا جويًا جديدًا للمساعدات الإنسانية إلى غزة
  • اليونيسف: أكثر من 350 شاحنة مساعدات إنسانية دخلت غزة
  • هل تكون أفريقيا هي مستقبل العالم؟