لجريدة عمان:
2025-03-05@01:21:17 GMT

إنسانية العالم في خطر كبير

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

إنسانية العالم في خطر كبير

Your browser does not support the audio element.

رغم أن القضية الفلسطينية في أساسها قضية عربية إسلامية مرتبطة في كثير من أجزائها بالجوانب الدينية والعقدية، إلا أنها مع الزمن خرجت من إطارها الجغرافي العربي لتكون قضية دولية تُبحث، ولو على استحياء، في المنظمات العالمية. لكن القضية بعد السابع من أكتوبر 2023 أخذت بعدا إنسانيا فوق الجغرافيا وفوق الأطروحات الدينية أو المناظير العقدية التي يُنظر من خلالها إلى القضية.

لا يمكن اليوم فصل ما يحدث في قطاع غزة عن إنسانية الإنسان أينما كان موقعه من الجغرافيا أو أيا ما كان اعتقاده الديني. إن مشهد قتل الأطفال والنساء والمدنيين بالجملة في قطاع غزة مشهد تُعنى به الإنسانية بامتياز، ومساءلة هذا الفعل لا بد أن تكون إنسانية قبل أن تكون سياسية، وهذا يعني أن الجميع مسؤول عن هذه المساءلة وعن تطبيق القانون إن كنا نؤمن أنه وُضع لحماية الإنسانية بشكل فردي أو جماعي؛ فالجُرم الذي نشاهده لا يقع على الفلسطينيين في قطاع غزة فقط، إنما يقع على إنسانيتنا جميعًا، إنسانيتنا في سلطنة عُمان أو في أمريكا أو في بريطانيا أو في السويد أو الصين أو أستراليا أو غيرها من البلدان، وحتى في إسرائيل نفسها، فليس كل سكان الأراضي المحتلة سعداء بما تفعله آلة القتل الخاصة بجيش الاحتلال بما في ذلك «اليهود» أنفسهم الذين يطالب بعضهم بوقف هذه الحرب.

إن قتل الأطفال الخدّج في المستشفيات، وقتل المدنيين في الشوارع وتجويع الشيوخ والنساء بالطريقة التي يشاهدها الجميع في شمال غزة وجنوبها، وقنص الأمهات والآباء الذين خرجوا للبحث عن أي طعام يبقيهم وأطفالهم يومًا آخر على قيد الحياة، كل تلك الأفعال منافية للإنسانية قبل أن تكون منافية لقواعد الحرب وسلوكياتها، أو هو- بمعنى أكثر دقة- وصمة عار في جبين الإنسانية، وهذا السياق أكبر وأهم من أن نقول: إنه تجاوز لقواعد القانون الدولي أو لقواعد الاشتباك في الحروب، وهذا أدعى لأن تنتفض من أجله الإنسانية جمعاء لأنه يضرب في جوهرها وفي كينونتها ووجودها ومنجزها.

إن إسرائيل بهذا المعنى وبهذه الصورة التي بات يعرفها الجميع اليوم تضرب كل قيم الإنسانية، وتقوضها، وتحاربها، بل وتغتالها بدم بارد أمام الجميع، وفي تحدٍ للجميع وليس للفلسطينيين والعرب وحدهم. وردة الفعل على هذه الجرائم لا بد أن تكون إنسانية ومن منطلق إنساني شامل لا من منطلق جغرافي أو أيديولوجي محدود.

وصف نتانياهو أمام الكونجرس الأمريكي الأسبوع الماضي حرب إبادته الجماعية في قطاع غزة بأنها حرب «حضارية» ضد «البربرية»، وسبق أن كررها في كل خطاباته منذ بداية الحرب. ولم يكن غريبا أن يقول نتانياهو ذلك، ولكن المفاجئ أن يقوله أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي، وهم كبار المشرعين في أمريكا وعلى مستوى كبير من الوعي السياسي والثقافي والتاريخي. والمفاجئ أكثر أن الجميع صفّق وبشدة مؤيدا لوصف نتانياهو الذي كان فيه الكثير من الاستخفاف بإنسانية الحضور إن لم يكن بإنسانيتنا جميعا. فلا يمكن أن يقول قائل: إن الإبادة الجماعية أو إن قتل الأطفال والنساء فعل حضاري جاء ضد البربرية رغم ما في استخدام هذا المصطلح من تحيّز ثقافي وتاريخي!!

ويعرف المشرعون في الكونجرس الأمريكي وبينهم من هم على مستوى مفكرين أن طرح ثنائية «الحضارة» و«البربرية» هو خطاب سياسي يستخدم منذ الأزل لتسويغ الأعمال العسكرية، وتشكيل سردية يؤمن بها الرأي العام للإمعان في تشويه الآخر وشيطنته وتسويغ العنف وتحفيز الدعم سواء كان شعبيا أو دوليا.

إن العالم أجمع مطالب في هذه اللحظة التاريخية أن يراجع قيم إنسانيته وحساسيته تجاه كل ما يحدث في العالم ليس في قطاع غزة، وإن كانت في المقدمة، ولكن ضد الظلم والطغيان وغياب العدل والعنف والاستبداد في كل مكان.

ما يحدث في غزة هو ذروة كل ذلك، ذروة الظلم والطغيان وغياب العدالة والاستبداد بالقوة والاستبداد بالسرديات، وتوظيف مؤسسات النظام العالمي لصالح المستبد، وتوظيف الكثير من البشر من أجل التصفيق للظلم ونصرته. إن إنسانية العالم في خطر كبير، فلا تتركوها تتلاشى فإن في تلاشيها «الظلام» الذي تحدث عنه نتانياهو.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی قطاع غزة أن تکون

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي يوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، أنه لن يتم السماح بوقف إطلاق النار ما لم يتم الإفراج عن الإسرائيليين المحتجزين بقطاع غزة.

وذكر مكتب نتنياهو، حسبما أوردت صحيفة (تايمز أوف إسرائيل): "بنهاية المرحلة الأولى من اتفاق الرهائن، وفي ضوء رفض حماس مقترح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف- الذي وافقت عليه حكومة نتنياهو- تقرر اعتبارًا من صباح اليوم، وقف دخول كل السلع والإمدادات إلى قطاع غزة".


وكانت رئاسة الوزراء الإسرائيلية قد وافقت على مقترح ويتكوف بشأن تهدئة مؤقتة في قطاع غزة خلال شهر رمضان.. فيما طالبت حركة "حماس" بتطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي انتهت مرحلته الأولى والتي امتدت لستة أسابيع.. ووصفت حماس مقترح المبعوث الأمريكي بخصوص الهدنة حتى منتصف أبريل المقبل بأنه "تنصل من الاتفاق الموقع مع إسرائيل"، إذ ينص الاتفاق على ثلاث مراحل.
ويهدف المقترح الأمريكي الذي قدمه ويتكوف إلى تهدئة الوضع في قطاع غزة بتمديد وقف إطلاق النار لمدة 42 يومًا، لإجراء مفاوضات على وقف دائم لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين في اليوم الأول لتمديد وقف إطلاق النار.


على صعيد متصل.. ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي قررت، اليوم، وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وإغلاق المعابر مع القطاع "حتى إشعار آخر"، وذلك في سياق تنصل إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار.

يذكر أنه تم الإعلان يوم (الأربعاء 15 يناير2025م) عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة "حماس" والعودة إلى الهدوء المستدام ينفذ على ثلاث مراحل؛ بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية؛ ليبدأ سريان الاتفاق اعتبارًا من يوم الأحد(19 يناير 2025م).

ويتم خلال المرحلة الأولى من الاتفاق ومدتها 42 يومًا منذ بدء سريان الاتفاق ؛ انسحاب وإعادة تموضع القوات الإسرائيلية خارج المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتبادل رفات المتوفين، وعودة النازحين داخليًا إلى أماكن سكناهم في قطاع غزة، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج.. وتتضمن المرحلة الأولى أيضا تكثيف إدخال والتوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة، وإعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز، وإدخال مستلزمات الدفاع المدني والوقود، وإدخال مستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب.

 

مقالات مشابهة

  • غوتيريش : غزة ينبغي أن تكون جزءا من الدولة الفلسطينية
  • التنمية بغزة: وقف دخول المساعدات ينذر بكارثة إنسانية وعودة للمجاعة
  • شهيد في غزة وإغلاق المعابر ينذر بكارثة إنسانية
  • اليونيسف تحذر: توقف المساعدات الإنسانية يهدد أطفال غزة بكارثة إنسانية
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُدين قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • نتانياهو: ترامب "أعظم صديق" لإسرائيل
  • السعودية تدين قرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • رمضان في غزة.. حصار وأزمة إنسانية ومساجد مدمرة وحرب مستعرة
  • إسرائيل توقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • الاحتلال الإسرائيلي يوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة