«العدالة والبناء» الليبي لـ«عربي21»: هذا موقفنا من انتخابات رئاسة مجلس الدولة (فيديو)
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
قال رئيس حزب العدالة والبناء الليبي، عماد البناني، إن موقفهم من انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة سيتم حسمه خلال أيام قليلة جدا، لافتا إلى أنهم وجّهوا كتلتهم البرلمانية في العام الماضي لدعم ترشح محمد تكالة في انتخابات رئاسة مجلس الدولة، وهو الأمر الذي ساهم في فوزه بتلك الانتخابات حينها.
وبشأن موقفهم من دعم تكالة في الانتخابات المقبلة، أضاف في مقابلة مصورة مع "عربي21": "دعمنا السابق له كان موقفا سياسيا حققنا منه غايتنا السياسية، أما بعد ذلك فلم يكن هناك أي تحالف بيننا، بل العلاقة بعد ذلك باتت علاقة فاترة جدا من طرفه، ونحن نعتب عليه في هذا الأمر؛ لأن التواصل الوطني في صناعة المعادلات والمسارات لا ينبغي أن تتحقق بمعزل عن القوى الوطنية".
وأردف: "نحن الآن نضع المعادلة السياسية على الطاولة، وندرس المسارات والضمانات دراسة مُعمّقة، ولم نحدد بعد أنسب مسار للحزب، ونتمنى أن تسير الأمور بشكل إيجابي؛ لأن حالة الصراع تكشف كل التصرفات السياسية في ليبيا، ونريد أن ننأى بأنفسنا عن حالة الصراع إلى حالة البناء التي تقودنا إلى توافقات وطنية".
يُشار إلى أن مدة ولاية أعضاء المكتب الرئاسي بالمجلس الأعلى للدولة تبلغ سنة واحدة، تبدأ من تاريخ انتخابهم.
ويتم إجراء انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة في الأسبوع الأول من شهر آب/ أغسطس من كل عام.
والمجلس الأعلى للدولة هو مؤسسة تنفيذية وهيئة استشارية أُسست في ليبيا بعد "اتفاق الصخيرات"، الذي وُقع في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015 تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف وضع حد للحرب الأهلية الليبية الثانية، ومن المفترض أنه يشارك -نظريا على الأقل- في سنّ التشريعات والقوانين مع مجلس النواب.
ويتشارك مجلس الدولة مع مجلس النواب في عدة صلاحيات من بينها اختيار رئيس الحكومة، وتقديم الملاحظات على الميزانية المقترحة، واختيار المناصب السيادية.
وحول الخلاف الحالي بشأن إقرار الميزانية العامة للدولة، ذكر البناني: "هذا أخطر مظاهر الصراع الليبي؛ لأنها تتعلق بالجانب الاقتصادي والمالي، والميزانية وُضعت بطريقة تحتاج إلى مراجعة قانونية، وإجراءاتها غير مكتملة، ومضمونها لا يصب في المصلحة العامة لحالة التوازن الليبي، وقيمتها أعلى بكثير من كل التوقعات، لذا نحن لا نتوقع أنها ستمر بسهولة، وفي حال عرقلتها ستنعكس بالسلب على كل الليبيين".
وشدّد رئيس حزب "العدالة والبناء" على أن "الانتخابات هي مفتاح الحل السياسي للأزمة الليبية، لكن الطريق للانتخابات ليس سهلا، ولا بد من التخلص من حالة الصراع التي هي سيدة الموقف في ليبيا، وواجب علينا أن نواجه الصراعات، ونقول كفى للصراعات، وهذا يتطلب الجلوس سويا على طاولة واحدة، وليس التحصن في حصن كل فريق".
وأكد أن "الأداء العام لحكومة الوحدة الوطنية يحتاج إلى مراجعة، خاصة أن الظروف الآن صعبة جدا، وتحتاج إلى تركيز كبير، وأزعم أن الحكومة حاليا لا تستطيع أن تدير دفة السياسة منفردة، وأرجو أن تصلهم هذه الرسالة من خلال (عربي21)، ولا بد أن تتضافر جميع الجهود في هذه المرحلة لتحقيق حالة من التوافق والتوازن الوطني".
وإلى نص المقابلة المصورة مع "عربي21":
ما تقييمكم لأداء حكومة الوحدة الوطنية التي مضى على تشكيلها أكثر من 3 سنوات؟
حكومة الوحدة الوطنية تشكّلت في ظروف صعبة جدا، وبدأت بداية عسيرة؛ بسبب التنافس على رئاسة الحكومة، وحاولت إنشاء نوع من التوازن مع القوى الأخرى في المنطقة الشرقية، لكن كانت مهمة صعبة وثقيلة، وأنا أقدّر أن أداء حكومة الوحدة الوطنية في بعض الأحيان كان إيجابيا وجيدا، وأحيانا أخرى كان ينقصه الحكمة والعمق.
هذه الحكومة بدأت أعمالها بالاعتماد على ذاتها، وكان عندها إحساس بضرورة الدفاع عن الذات، فتمركزت وتحصنت بعيدا عن مشاركة الآخرين، وأنا أعتب عليها في هذا الأمر عتابا شديدا، لأن القوة الحقيقية هي القوة الجمعية في العمل السياسي، وليست الأحادية؛ فالمعادلة تتطلب توسعة في الأداء أكثر مما هو حادث الآن.
وإجمالا، الأداء العام يحتاج إلى مراجعة، والظروف الآن صعبة جدا، وتحتاج إلى تركيز كبير، وأزعم أن الحكومة منفصلة ومنفردة لن تستطيع أن تدير دفة السياسة منفردة، وأرجو أن تصلهم هذه الرسالة من خلال “عربي21”، لأن القوى الوطنية لا بد أن تتكاتف في هذه المرحلة التي تحتاج إلى تواصل وتضافر جميع الجهود لتحقيق حالة من التوافق والتوازن الوطني.
ما تداعيات الخلافات المستمرة منذ أشهر بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، ومحافظ المصرف المركزي الليبي، الصديق الكبير، في ظل الاتهامات التي توجّه للحكومة بإهدار المال العام واستنزاف العملات الصعبة؟
الإشكالية في كل المؤسسات السياسية الأربعة (الرئاسي، ومجلسي النواب والدولة، وحكومة الوحدة)، والمؤسسات السيادية في الدولة، والعلاقة بين كل هذه المؤسسات تسيطر عليها حالة الصراع السياسي في البلاد، وإذا استمرت حالة الصراع بهذه الطريقة فمن المستحيل أن تنتهي إلى توافقات وطنية، ولا إلى انتخابات ناجحة.
الأوضاع العامة صعبة، والقوى الإقليمية والدولية لا تعمل على حلحلتها بشكل إيجابي حتى الآن، وإذا استمرت هذه الأوضاع فلن تكون المشكلة في علاقة الحكومة بالمصرف المركزي فقط، ولكن هي مشكلة كل مؤسسات الدولة المختلفة.
ونحن في حزب “العدالة والبناء” –أحد القوى الوطنية في البلاد- نحذّر الجميع بأن هذه الأمور التي تقودنا إلى صراعات سياسية -والتي كانت عسكرية حادة- هي خطوات خطيرة على وطننا جميعا، فرجاء الانتباه لذلك جيدا.
كيف ترون الميزانية العامة للدولة في ظل الخلافات بين مجلسي النواب والدولة بشأن إقرارها؟
إشكالية الميزانية العامة هي إحدى مظاهر الصراع في أهم جوانبه؛ لأنها تتعلق بالجانب الاقتصادي والمالي.
الميزانية وُضعت بطريقة تحتاج إلى مراجعة قانونية، وإجراءاتها غير مكتملة، ومضمونها لا يصب في المصلحة العامة لحالة التوازن الليبي، وقيمتها أعلى بكثير من كل التوقعات، لذا نحن لا نتوقع أنها ستمر بسهولة، وفي حال عرقلتها ستنعكس بالسلب على كل الليبيين.
المطلوب الآن هو وضع ميزانية طبيعية متناسبة مع الناتج المحلي، وتحقق حالة تنموية إيجابية، ولكن وفق الأطر والقوانين، وفي نفس الوقت تراعي حالة التوازنات السياسية بين كل الأقاليم.
من المقرر إجراء انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة في الأسبوع الأول من شهر آب/ أغسطس المقبل.. فهل لا زلتم تدعمون مرشحكم محمد تكالة، وهل التحالف بينكم وبين "تكالة" لا زال قائما؟
في الانتخابات السابقة للمجلس الأعلى للدولة درسنا الموضوع سياسيا، وقرّرنا أن نمضي بما يحقق المصلحة الوطنية حينئذ، وهو ما جعلنا نوجّه كتلتنا البرلمانية لدعم ترشح السيد محمد تكالة.
هذا الأمر لم يكن تحالفا، بل كان موقفا سياسيا وحققنا منه غايتنا السياسية، أما بعد ذلك فلم يكن هناك أي تحالف مع السيد محمد تكالة، بل باتت العلاقة بعد ذلك علاقة فاترة جدا من طرفه، ونحن نعتب عليه في هذا الأمر؛ لأن التواصل الوطني في صناعة المعادلات والمسارات لا ينبغي أن تتحقق بمعزل عن القوى الوطنية، وعلى رأسها الأحزاب السياسية التي نحن جزء فاعل وبارز فيها.
أما عن دعمنا له في الانتخابات المقبلة من عدمه: فنحن الآن نضع المعادلة السياسية على الطاولة، وندرس المسارات والضمانات دراسة مُعمّقة، ولم نحدد بعد أنسب مسار للحزب، ونتمنى أن تسير الأمور بشكل إيجابي؛ لأن حالة الصراع تكسو كل التصرفات السياسية في ليبيا، ونريد أن ننأى بأنفسنا عن حالة الصراع إلى حالة البناء التي تقودنا بعد ذلك إلى توافقات وطنية.
مَن هو المرشح الأقرب لدعمكم في حال قرّر الحزب عدم دعم محمد تكالة؟
الحزب لا يملك أن يُحدد المرشحين لرئاسة المجلس الأعلى للدولة، المرشحين يقتضيهم الوضع العام في المجلس الأعلى للدولة ونحن عادة نميز ونختار من بين المرشحين، وخلال أيام قليلة جدا سنحسم موقفنا بهذا الخصوص.
هناك اتهامات متبادلة بين الأطراف الليبية حول عرقلة إجراء الانتخابات البلدية التي لم يُحدد موعدها.. فمَن الذي يعرقل إجراء الانتخابات البلدية؟
الانتخابات في ليبيا لن تكون حرة ونزيهة وشفافة إلا بوجود توافق وطني حقيقي، والانتخابات ليست البلديات فحسب، بل الانتخابات البرلمانية والرئاسيات أيضا.
الانتخابات البلدية أُعيقت في كثير من الدوائر من قِبل القوى القاهرة التي تضغط على المعادلات الانتخابية، وستضغط في كل معادلة انتخابية قادمة، ولن تتحقق من خلالها حرية التعبير والنزاهة والشفافية؛ فمَن من المواطنين يستطيع السير مُطمئنا إلى دائرته الانتخابية في المنطقة الشرقية، وكذلك بعض مناطق المنطقة الغربية التي تكسوها حالة الصراع الشديد.
الانتخابات هي مفتاح الحل السياسي، لكن الطريق للانتخابات الناجحة ليس سهلا، ولا بد من التخلص من حالة الصراع؛ فحالة الصراع لازالت هي سيدة الموقف في ليبيا، وواجب علينا أن نواجه الصراعات، ونقول كفى للصراعات، وهذا يتطلب الجلوس سويا على طاولة واحدة، وليس التحصن في حصن كل فريق؛ فالنفسية العامة هي نفسية الصراع في كل تصرف وكل قرار، وكل إجراء يحتوي مضمونه على “إما أنا وإما أنت”.
هل الانتخابات البلدية ربما تكون خطوة تمهيدية نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية؟
بالتأكيد هي خطوة تمهيدية مهمة إن كانت انتخابات ناجحة، لكن ليس كالتي نعيشها اليوم؛ فهناك دوائر كثيرة لا يمكن أن تكون فيها مراكز انتخابية، والتي يسودها التنافس، والتدخل الأمني، والتدخل القسري والمليشياوي، وهذا لا يصح بالمرة.
هل سيشارك حزب “العدالة والبناء” في انتخابات البلدية بفاعلية كبيرة؟
الانتخابات التي تشير المؤشرات إلى نجاحها، وإمكانية إجراءاها بحرية سنشارك فيها بكل تأكيد؛ فنحن جزء مهم من المعادلة السياسية، ولا بد لنا من المشاركة فيها، لكن الانتخابات القسرية، والمُسيطر عليها أمنيا لا يمكننا، كما بقية المواطنين، المشاركة فيها.
كيف قرأتم مطالبات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور للبعثة الأممية بضرورة دعم المسار الدستوري وتصحيح المسار والتوقف عن اختزال الشعب في أطراف تشاورهم في غرف مُغلقة؟
هذا نموذج آخر يشير إلى أن الصراع أقوى من العدل والقانون؛ فالهيئة الدستورية هي هيئة مُنتخبة انتخابا شعبيا، وعقدت جلستها بحضور أكثر من ثلثي الأعضاء، ثم اعتمدت مسودة مشروع الدستور بأكثر من ثلثي الأعضاء، ومع ذلك يُجمّد هذا المشروع ويُوضع على الرف، وقد يكون إنتاجها ليس مرضيا للجميع، لكنه يُحترم من الناحية الدستورية والقانونية، ومن ناحية احترام إرادة الشعب، والسؤال هو: لماذا أُهمل هذا الإنتاج المهم؟، وهذا ليس سؤالا محليا فحسب، بل إقليميا، ودوليا، وتشترك فيه البعثة الأممية في ليبيا، ويعطي إشارة إلى أن الصراع في ليبيا ليس صراعا محليا فحسب، بل صراع تتداخل فيه القوى الدولية والإقليمية، ونحن نرفض هذه التدخلات، كما نرفض هذه الصراعات من الأساس.
مسودة الدستور لابد أن نحترمها كذلك كليبيين لأنها إنتاج ليبيين، أما عن مدى صدق البعثة الأممية في طرحها، وهل الأطراف الدولية راضية عن هذه المسودة: فمن الواضح أن المسودة لا تعجب الكثير من الأطراف السياسية المتدخلة.
إلى أي مدى يمكن أن تنجح المبعوثة الأممية ستيفاني خوري في إحداث اختراق في الأزمة الليبية؟
البعثة الأممية أمام تحدٍ كبير، وحتى الآن للأسف الشديد لم تحقق أي نجاحات ذات قيمة منذ عام 2011. كانت هناك محاولات وكثير منها إيجابيا، لكن في الأخير لم تكن نتائجها مرضية، ولم تحقق أشياء مهمة.
التحدي الآن حاد وخطير، والبعثة بتشكيلها الجديد أمام اختبار كبير، ونحن ندعم البعثة الأممية لأنها مفتاح الحل الدائم في ليبيا، ويصعب تجاهلها في إيجاد أي حل سياسي، لكن عليها أن تنفتح على كافة الأطراف، لتحقيق حالة التوازن السياسي الذي يؤدي إلى توافق سياسي؛ فالتوافق لا ينجح إلا بالمرور من محطة التوازن.
وكان التوازن مفقودا من الناحية العسكرية؛ فعدم التوازن العسكري توج بحالة الهيمنة، ومحاولة دخول طرابلس عسكريا، والآن التوازن مفقود لكنه بوسائل سياسية، واقتصادية، ومؤسساتية وقانونية؛ فلن نستطيع تحقيق نجاحات في غياب التوازن.
لماذا فشلت كل محاولات البعثة الأممية في حلحلة الأزمة الليبية؟
الأزمة الليبية صعبة ومُعقّدة؛ لأن الصراع في ليبيا ليس صراعا محليا فقط، بل هو صراع محلي وإقليمي ودولي بين دول كبرى؛ فالصراع الآن بين الوجود الروسي مثلا، ومحاولة الاستدراك من الولايات المتحدة الأمريكية، هو صراع في صميم المعادلة الليبية وهو صراع حاد.
لذا، البعثة الأممية دورها صعب، ومن خلفها الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الذي هو غير متوافق على الحل الليبي فمهمتها صعبة، لكن يمكننا دعم البعثة كثيرا لوضع حلول متوازنة تساعد على الاستقرار والتوافق الوطني.
ينبغي أن تكون في ليبيا محاولات جادة تقودها رؤية وطنية صادقة، بعيدا عن الاستئثار والصراع الذي لن يؤدي إلا لضياع البلاد.
هل هناك تحركات دولية وإقليمية جديدة من أجل محاولة حلحلة الأزمة السياسية في ليبيا؟
نحن لا نلمس أي تدخلات جادة لإيجاد حلحلة؛ فالدول لا زالت لديها مصالح كثيرة ومتباينة في ليبيا، وليست هناك دولة واحدة قوية بإمكانها إيقاف الصراع بشكل كبير، والولايات المتحدة حتى الآن لم تتدخل بشكل واضح، ودخولها الأخير كان بسبب تخوفات من الوجود الروسي على الأراضي الليبية، نحن نُقدّر هذه المسائل، لكنها لم توضع حتى الآن في إطار الحل الليبي، وإنما وُضعت في إطار الصراع الدولي، ولا نريد أن تتحول ليبيا لساحة صراع دولي، وإنما نريد أن تساعدنا الدول الكبرى، والإقليمية في إيجاد حلول لبناء حالة الاستقرار وبناء الدولة، وهذا لم يحدث بعد.
كلما نشأت دوائر صراع جديدة نشأت لها أحلاف محللين، وتتصاعد دوائر الصراع المحلي، لكن إلى متى؟، وإلى أين تقودنا؟، هذا هو السؤال الموجّه لليبيين، لأنهم المعنيين الأساسيين، فإن ضاعت بلادهم ضاعوا كلهم، فلن نجد جميعا ملجأ نلجأ له في ليبيا إذا استمر الصراع بهذه الحالة.
ما رأيكم في فاعلية الدور الأمريكي في ليبيا وخاصة في ظل الانتخابات الأمريكية المقبلة؟
الانتخابات الأمريكية المقبلة لا زالت في خانة الغموض، وكل العالم يتساءل، لأن التحول إلى معادلة تبتعد بها الولايات المتحدة الأمريكية عن مؤسساتها العريقة سيكون له تبعات عالمية كبيرة، وليست محلية في ليبيا، إذن مصيرها غير معروف، ونرجو أن يكون لها نتائج إيجابية.
التدخل الأمريكي في ليبيا إلى الآن –حتى مع الإدارة الحالية– هو تدخل بسيط جدا وسطحي، وغير متعمق، ولا يصب في نظرنا في المسارات الإيجابية لنزع فتيل الصراع، وتحقيق بناء الدولة، ودعم البعثة الأممية في تحقيق دورها.
هل الأوضاع في ليبيا تتحمل سنوات أخرى من استمرار هذا المشهد؟
الأوضاع صعبة وخطيرة ومُقلقة جدا؛ فالصراع مستمر منذ 10 سنوات، وبدأ يدخل في منحنيات اجتماعية، واقتصادية، وهو صراع مدعوم من دول دولية وإقليمية متباينة المصالح فيما بينها، ونخشى أن يؤدي إلى خراب أو دمار الدولة، والأمر يحتاج لوقفة جماعية جادة، ولا ينبغي لنا كليبيين الرضا بهذا الواقع الأليم، وعلينا أن ننتقل لحالة الاستدراك الجماعي؛ فالمؤسسات المتصارعة وحدها لن تستطيع وحدها تحقيق حالة الاستقرار، وهو مرهون بتدخلاتنا جميعا كليبيين.
ما المخرج المناسب لأزمة ليبيا السياسية؟
المخرج لا يمكن أن يوضع في إطار صغير؛ لأن المعادلات مُعقّدة، وتحتاج لحلول مُتعمّقة ومتشابكة، وهذا الموضوع يجب أن تحدث حوله توافقات مبنية على أساس التوازنات.
لا أحد يستطيع أن يستأثر بليبيا، مستحيل أن يستآثر طرف واحد بليبيا، ولن تسمح له الأطراف الأخرى، مهما كانت الوسائل، سواء كانت صلبة كالوسائل العسكرية والأمنية، أو كانت وسائل ناعمة مثل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وستبقى هناك فئات غير قابلة للاستئثار الأحادي، وعلينا أن نرضى بتواجدنا كلنا كليبيين في المعادلة، وعلى الدول ذات المصالح أن ترضى بتحقيق جزء من مصالحها في ليبيا، والبعض المصالح الأخرى تحققه دول أخرى صديقة قريبة من ليبيا وقادرة على أن تساهم في إعادة البناء.
المخرج من الأزمة يحتاج لوسائل غير المعمول بها حاليا، ونحن ندعو في حزب “العدالة والبناء” وبكل انفتاح لفتح دوائر النقاش والحوار حول هذه القضايا، لأن هذا هم جماعي، ولا يختص بمؤسسات الدولة السيادية، ولا السياسية فحسب.
مؤسسات الدولة لن تستطيع وحدها على الإطلاق تقديم الحل المناسب دون دعم جميع الليبيين لها، ودون التوافق، ودون الجلوس على طاولة واحدة نطمئن لوجودنا فيها جميعا كليبيين، وسنبقى في المعادلة. ولا بد أن يرضى الحلفاء والمتدخلون الإقليميون والدوليون بأن هذه نتيجة هي نتيجة طبيعية تعطيهم بعض المكاسب، وليس كل المكاسب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات عماد البناني ليبيا المجلس الأعلى للدولة حكومة الوحدة الوطنية ليبيا حفتر المجلس الأعلى للدولة حكومة الوحدة الوطنية عماد البناني المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئاسة المجلس الأعلى للدولة حکومة الوحدة الوطنیة الانتخابات البلدیة البعثة الأممیة فی انتخابات البلدیة العدالة والبناء انتخابات رئاسة القوى الوطنیة حالة التوازن حالة الصراع محمد تکالة إلى مراجعة هذا الأمر الصراع فی فی لیبیا حتى الآن بعد ذلک صراع فی هو صراع ولا بد إلى أن
إقرأ أيضاً:
الواقعية السياسية التي قيدت يد إسرائيل
ترجمة - أحمد شافعي -
يرى الصديق والعدو سواء بسواء أن الجيش الإسرائيلي من أقوى الآلات العسكرية في العالم. ولكن قادة إسرائيل درجوا على تصوير بلدهم باعتباره خاضعا لحصار من دول معادية عازمة على تدميره. وتستمر هذه السردية برغم أن بعض أهم الدول في الشرق الأوسط ـ من قبيل مصر والمملكة العربية السعودية والأردن ـ لم تعد تتسق وهذا الوصف إلا لماما، بل إنها فضلا عن ذلك متحالفة مع الولايات المتحدة الحامية الأساسية لإسرائيل. ولكن هذا المفهوم لمأزق إسرائيل هو الذي أفضى بقادتها إلى إيثار صيغة معينة لردع الخصوم وهي أنه عند التعرض للضرب، لا بد من رد الضرب بسرعة وبمزيد من القوة.
وهكذا، عندما ضربت مائة طائرة مسيرة تقريبا مواقع في إيران ـ وكذلك في العراق وسوريا ـ في السادس والعشرين من أكتوبر، لم يكن هذا مفاجأة حقيقية لأحد. فقد كان السؤال دائما هو متى ستضرب إسرائيل وليس سؤال عما لو كانت ستضرب. غير أن رد إسرائيل لم يأت متسقا مع منطقها المعهود وهو الرد بسرعة وبمزيد من القوة. ابتداء، أخرت إسرائيل ضربتها لقرابة شهر، إذ كانت إيران قد أطلقت وابلا من الصواريخ على إسرائيل في الأول من أكتوبر في أعقاب اغتيال حسن نصر الله زعيم حزب الله. ولعل مجلس إسرائيل الوزاري الحربي انقسم حيال الأهداف الإيرانية الواجب ضربها. ولعل الولايات المتحدة كانت بحاجة إلى وقت أكبر مما توقعت لإقناع إسرائيل بعدم ضرب بنية إيران الأساسية والنووية. في كل الحالات: كان الإبطاء مفاجئا.وكذلك كان نطاق الانتقام الإسرائيلي عندما تحقق. فهي لم تضرب مواقع البنية الأساسية في إيران وقصرت ضربها على مصانع إنتاج الصواريخ، وأنظمة الدفاع الجوي، وأجهزة الرادار ومواقع عسكرية ـ تبلغ إجمالا عشرين موقعا بحسب ما قال الجيش الإسرائيلي ـ تحيط بطهران وإيلام وخوزستان. فكان هذا بعيدا كل البعد عن سيناريوهات نهاية العالم التي خشيها المتخصصون. فقد كان من شأن أي ضربة لمراكز تخصيب اليورانيوم وأجزاء مجمعات الطاقة في إيران لتزيد من احتمالية التراشق في حلقة مفرغة ومتزايدة التصعيد.
مرة أخرى: يحتمل أن تكون الولايات المتحدة قد استعملت قوتها بوصفها مصدر السلاح والدعم الاقتصادي الذي لا غنى عنه لإسرائيل في إقناع بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت للاكتفاء بضربة محدودة، أو إن إسرائيل أرادت أن تجتنب فترة تراشق طويلة. ولكن إسرائيل باللجوء إلى الحكمة لم تتبع كتاب قواعدها. بل إن إسرائيل، بحسب تقرير باراك رافيد في أكسيوس، أنذرت إيران قبل يوم من الضربة ونبهتها إلى عدم الرد. وقد أثار هذا الشكل من ضبط النفس استياء الساسة في اليمين الإسرائيلي المتطرف، ومنهم وزير الأمن الوطني إيتمار بن جيفير وكذلك زعيم المعارضة الوسطي يائير لابيد.ولقد كانت لإسرائيل أسباب اقتصادية لتعديل الضربة. فلو كانت إسرائيل ضربت البنية الأساسية النفطية لإيران لاهتزت سوق النفط، ولتسبب ذلك في ارتفاع صاروخي لأسعار النفط، وما كان ذلك ليروق للحكومة الأمريكية قبيل أيام من الانتخابات الرئاسية، وما كان أيضا ليروق لداعمي إسرائيل في الغرب. صحيح أن إنتاج إيران من النفط لا يعدو محض 4% من إنتاج النفط العالمي، وصحيح أنها تبعثه كله إلى الصين. ولكن المغزى لا يكمن في هذا، وإنما في أن الأسواق تتفاعل على نحو سيء مع الإضرابات وانعدام اليقين، وليس سوق النفط استثناء من هذا.
وأهم من ذلك أن خمس تجارة النفط البحرية العالمية يمر عبر مضيق هرمز اللصيق بإيران. وسياسات التأمين في الغالب لا تغطي أضرار الحروب وخسائرها، ولو أن إيران حذرت فقط من أن حاويات النفط سوف تبحر في هذا الممر المائي على مسؤوليتها الخاصة، لمنعت شركات الشحن قباطنها من الإبحار في المضيق. وإسرائيل نفسها شديدة الحساسية تجاه ارتفاع أسعار الطاقة. فهي تستورد فعليا قرابة كل النفط الذي تستهلكه، ويتعرض اقتصادها لتوتر بالغ من تصاعد تكاليف حروبها في غزة ولبنان (فقد تضخمت التكاليف الشهرية من متوسط 1.8 مليار دولار قبل حرب غزة إلى 4.7 مليار دولار بنهاية العام الماضي، ولا شك أنها ازدادت أكثر من ذلك الحين).
لو كانت لدى إسرائيل أسباب وجيهة لاجتناب التصعيد، فقد كانت لإيران مثل ذلك أيضا. فالقيادة الإيرانية تعلم أن نتنياهو أراد منذ أمد بعيد أن يسقط الجمهورية الإسلامية التي يعدها أخطر خصومه، وأن إيران لا تستطيع أن تستبعد احتمال استدراج الولايات المتحدة إلى الحرب بين إيران وإسرائيل. وبرغم خطاب الكراهية المعهود من القيادة الإيرانية، لكنها لا تفتقر إلى العقلانية، وهي تقدر في المقام الأكبر الحفاظ على الدولة. وخلال المشاحنات مع إسرائيل وأمريكا، عمدت إلى ما يعرف بـ«الصبر الاستراتيجي»، ومارسته من جديد بعد ضربات نهاية الأسبوع. إذ قال المرشد الأعلى علي خامنئي قولا محسوبا وهو أنه لا ينبغي «التهويل أو التهوين» من الضربة، بينما تجاهل الجيش الإيراني التأثير تماما، مشيرا إلى «الضرر المحدود» ومشيدا بأداء بطاريات الدفاع الجوي الإيرانية.
يبدو أننا اجتنبنا مواجهة هائلة وطويلة بين إسرائيل وإيران، وذلك لسبب بسيط هو أن كلا الطرفين كانت لديه أسبابه الوجيهة لاجتنابها. ومع ذلك فإن ضربات إسرائيل لإيران زادت عزلتها في الشرق الأوسط. فقد انتقدت دول عربية كبيرة الضربة، ومنها مصر والمملكة العربية السعودية والأردن، وجميعها ذات ارتباط قوي بالولايات المتحدة وليس بينها في الوقت الراهن من يعادي إسرائيل. ومن الممكن تفسير إداناتها باعتبارها مواقف محسوبة. لكنها تشهد مع ذلك بعداء «الشارع» العربي لإسرائيل بعد حرب غزة وحساسية الحكام لهذه المشاعر. وفيما تبدو حرب إسرائيل المزدوجة لحماس وحزب الله مستمرة، فسوف يزداد هذا العداء. وفي حال إعراب دول عربية أخرى عن مزيد من الدعم للقضية الفلسطينية، فإن التوتر بين إسرائيل وإيران في الشهور الماضية قد يبدو لشعوب المنطقة محض عرض جانبي لصراع إقليمي لا تبدو له من نهاية في الأفق.
راجان مينون أستاذ فخري للعلاقات الدولية في كلية مدينة نيويورك، وباحث أول في معهد سالتزمان لدراسات الحرب والسلام
عن نيوستيتسمان