لجريدة عمان:
2024-09-08@15:03:33 GMT

ظفار .. سياحة الوجدان

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

لا يزال المشهد عالقا في ذهني عندما سافرت برفقة والدي لأول مرة إلى محافظة ظفار، حينها كنت في الخامسة من العمر متشوّقا لزيارة المحافظة التي نشاهد مناظرها الخلابة فقط في التلفزيون خلال موسم الخريف. تلك اللحظات تميّزت بشغف السفر وباكتشاف موقع سياحي جديد في سلطنة عُمان، تزامنت هذه الزيارة مع بدء الإجازة الصيفية وتخطيط غالبية الأسر للتنزه في ربوع عُمان التي شهدت تطورا ملحوظا في معظم مواقعها السياحية وتحديثا للبنى الأساسية وتوفير الخدمات، التي ينشدها السياح من مقار للسكن وأنشطة ترفيهية وفعاليات متنوعة، إضافة إلى تنوّع أصناف الوجبات التي يقدمها الباعة الجائلين في المواقع السياحية.

محافظة ظفار بجميع ولاياتها تمثّل هاجسا وجدانيا للسياح بدءًا من ولاية ثمريت التي يتوقّف عندها غالبيتهم للتزوّد بالوقود والتهيؤ لارتياد طريق الجبل -المعروف باسم الخط الأخضر؛ لاكتسائه بالأشجار الخضراء- حيث يتميّز بنسمات الأجواء الباردة مع زخات المطر. وولاية ثمريت رغم بعدها عن تأثيرات السحب الماطرة وارتفاع درجات الحرارة؛ إلا أنها تحتضن في مناطقها مزارع بمساحات شاسعة، أصبحت محط أنظار المستثمرين من مختلف محافظات وولايات سلطنة عُمان، وهي إحدى المناطق الواعدة لتعزيز برامج الأمن الغذائي؛ لعدم اكتظاظها بالسكان ولملاءمة طقسها لكثير من المزروعات التي تنمو في البيئة الصحراوية، إضافة إلى إمكانية الاستفادة من مساحتها في توظيف الطاقة الشمسية لتوفير بعض الخدمات وغيرها من الفرص الثمينة التي يمكن استكشافها في الولاية واستثمارها مستقبلا بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة أو المهتمين ببعض الصناعات الإبداعية والابتكارية. ومن الجيد التفكير أيضا في إمكانية الاستفادة من المساحات الشاسعة في ولاية ثمريت لإنشاء مجمعات سكنية بمرافق وخدمات متكاملة للسياح؛ لتسهم في معالجة الازدحام الحاصل في ولاية صلالة، ولإنعاش الولاية اقتصاديا بحيث يقضي السياح وقت النهار في المواقع السياحية وفي الليل يعودون إلى ثمريت للمبيت.فعند رؤية السحب الركامية باللون الرمادي وهي تغطي جبل الخط الأخضر ويبدأ الرذاذ يتساقط على الزجاج الأمامي للمركبة ونوافذها يتحول تعب مشقة الطريق الطويل إلى شغف بالوصول إلى قلب المحافظة للاستمتاع بأجواء الخريف الباردة والانتقال من مرحلة تأثيرات الحر في مسقط رأس السائح إلى مرحلة البرد اللطيف بزخات المطر الهادئة التي تزيد اكتساء المسطحات المرتفعة والمنخفضة والجبال والسهول في بهاء وجمال المكان خاصة في طريق الجبل الأخضر، الذي يشهد حركة سياحية نشطة طيلة المرسم في مناطق طيطام وغدو وغيرها من البلدات الرائعة والجميلة ذات الأجواء المعتدلة، والأجمل من ذلك قيام بعض السياح بممارسة بعض الرقصات الشعبية وترديد الفنون الشعبية المغنّاة مثل الهبوت والنانا؛ فهي بمثابة الترحيب بحفاوة لاستقبال السياح من داخل سلطنة عُمان وخارجها. وعند النزول من طريق الجبل يحتار السائح في اختيار الموقع المراد زيارته، فكل موقع سياحي يجذبه للزيارة، فهل يتجه العيون المائية والشلالات أم السهول والتلال، أم يتجه إلى منطقة المغسيل حيث الشواطئ الذهبية الناعمة، أم يذهب بعيدا باتجاه ولايتي طاقة ومرباط لاستكشاف المواقع الأثرية والتعرف على النزل التراثية؟

إن محافظة ظفار بجميع ولاياتها ومواقعها السياحية تمثّل هاجسا وجدانيا لكل من تعوّد على زيارتها سنويا أو على فترات متقاربة؛ فهي تحوي بين ولاياتها مواقع أثرية جديرة بالتعرف عليها عن قرب وقراءة تاريخها والتمعن في تفاصيلها؛ فهي مدرسة ينبغي الاستفادة من كل أركانها لإثراء الجانب المعرفي. وتُعد ولايتا طاقة ومرباط من الولايات الجميلة في المحافظة؛ لجوهما العليل ونسمات هوائهما الباردة وشطآنهما التي تروي حكايات تاريخية يفوح منها عبق الماضي ومنجزات الآباء والأجداد على مر العصور. أما سوق الحافة الذي يقصده غالبية زوّار محافظة ظفار؛ لتنوع المنتجات والسلع المعروضة في السوق الذي تفوح منه رائحة البخور واللبان والعود التي يحرص السياح -الخليجيون خاصة- على شرائها؛ لتبقى ذكرى زيارة المحافظة، وما يميّز الحافة عن غيرها من المناطق أنها قريبة من منطقة الحصيلة التي يحرص السياح على ارتيادها؛ لشراء المشلي والنارجيل؛ كونها تحوي أكشاكا عديدة تعرض مختلف المنتجات الزراعية المحلية. ويشهد شاطئ الحافة أيضا حركة نشطة من السيّاح في معظم الأوقات؛ لتوفّر جميع المقومات الجاذبة ولوجود الكثير من المشروعات الشبابية مثل الكافيهات وغيرها، وأيضا لتوفّر الجلسات المناسبة للعوائل وتناول الوجبات المختلفة؛ بهدف قضاء أجمل الأوقات على هذا المكان. أما وادي دربات وشاطئ المغسيل فهما من الأماكن التي يستشعر الزائر فيهما حجم التطور والتحديث في الفعاليات والأنشطة المقامة.إن محافظة ظفار بجميع مقوّماتها وإمكاناتها السياحية تُعد فرصة للتنزه والاستمتاع بأجواء الخريف الاستثنائية، وحضنا لمن تعوّد على زيارتها سنويا وكوّن ذكريات لطيفة في أرجائها، ومتنفسا للعوائل والأسر وأفراد المجتمع عموما؛ لقضاء الإجازة الصيفية والاستعداد جيدا للعام الدراسي المقبل، إنها فرصة للاستمتاع بالإجازة الصيفية وشحذ الهمم للعودة للعمل بطاقة إيجابية.

راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: محافظة ظفار

إقرأ أيضاً:

سياحة الإمارات.. أرقام قياسية وأداء استثنائي

يواصل القطاع السياحي في دولة الإمارات تسجيل أرقام استثنائية على صعيد أعداد السياح الدوليين والحجوزات الفندقية، بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للسياحة، الهادفة إلى جذب استثمارات سياحية بقيمة 100 مليار درهم، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 450 مليار درهم بحلول 2031.

وتعد دولة الإمارات لاعباً رئيسياً في صناعة السياحة على المستويين الإقليمي والعالمي بعدما أضحت وجهة مستدامة للسائحين من مختلف أنحاء العالم بفضل منشآتها الفندقية عالية المستوى، والمقاصد السياحية والتراثية المتنوعة، إضافة إلى ما تتميز به من أمن واستقرار، وموقع استراتيجي، وما تستضيفه وتنظمه من فعاليات متنوعة، لتحافظ بذلك على ريادتها الإقليمية والعالمية كوجهة سياحية متميزة تلبي أذواق السائحين كافة.

وتستمر الدولة بفضل رؤية وتوجيهات قيادتها الرشيدة في تعزيز العلاقات السياحية مع دول العالم المختلفة في المجالات والقطاعات السياحية كافة، وتبادل أفضل الخبرات والممارسات وبناء جسور شراكة مع المنظمات السياحية الدولية، بما يعزز نمو واستدامة الاقتصاد الوطني ويدعم تنافسيته إقليمياً وعالمياً، ويرسخ مكانة الإمارات على خريطة السياحة العالمية.

وتتوقع مؤسسات السياحة الدولية أن تحقق سياحة الإمارات نمواً استثنائياً وأرقاماً قياسية خلال العام الجاري، بعد أن نجحت في تطوير سياستها وبنيتها التحتية السياحية وفق أفضل الممارسات العالمية، مدعوماً بالرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة نحو تطوير وتنمية السياسات والإستراتيجيات السياحية المستدامة لهذا القطاع الحيوي، باعتباره مساهماً رئيساً في تعزيز نمو الاقتصاد الوطني ودعم تنافسيته، وبما رسخ مكانة الدولة كوجهة سياحية رائدة عالمياً.

وأسهم قطاع السياحة في اقتصاد الدولة عام 2023 بنسبة 11.7% من الناتج المحلي الإجمالي، بما يصل إلى 220 مليار درهم، في حين يتوقع أن ترتفع مساهمته بنسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي بما يعادل 236 مليار درهم خلال العام الجاري، وذلك بحسب مجلس السفر والسياحة العالمي.

أخبار ذات صلة الشارقة ودجلة إلى نصف نهائي «دولية السلة» أقل درجة حرارة سجلت في الدولة اليوم

ويتوقع المجلس أن يسهم قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بنحو 275.2 مليار درهم بحلول عام 2034، وذلك بفضل ما توفره الدولة من بنية تحتية قوية في السياحة والمطارات وتنوع الوجهات السياحية والثقافية فضلاً عما تقدمه للسياح من شواطئ وجبال ووجهات ترفيهية وثقافية، الأمر الذي يتيح لهم العديد من الخيارات في مكان واحد.

وتشير البيانات الرسمية إلى الانتعاش القوي الذي شهده القطاع السياحي منذ مطلع العام الجاري، حيث استقبلت إمارة دبي نحو 10.62 مليون سائح خلال السبعة أشهر الأولى من العام، بنمو نسبته 8% مقارنة بـ9.83 مليون سائح خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بينما وصل متوسط الإشغال الفندقي في الإمارة إلى 77%، وتجاوز عدد الغرف المحجوزة خلال الفترةنفسها 24.51 مليون غرفة.

وارتفع عدد نزلاء فنادق أبوظبي إلى أكثر من 2.87 مليون نزيل بإيرادات بلغت 3.6 مليار درهم خلال النصف الأول من العام الجاري، وبنمو نسبته 19.5% مقارنة بنحو 2.4 مليون نزيل بإيرادات بلغت 3 مليارات درهم خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وتأتي الإنجازات التي يحققها القطاع السياحي الإماراتي، لتؤكد كفاءة السياسات السياحية المستدامة التي تتبناها الدولة، ونجاح المبادرات والحملات والمعارض التي تصب في خدمة القطاع وتعزيزه بصورة مستمرة، فضلاً عن قوة المنتج السياحي الوطني وما تمتلكه الدولة من خدمات رائدة ومقاصد سياحية جاذبة وبنية تحتية سياحية متطورة.

وتواصل دولة الإمارات جهودها في تطوير وتنمية القطاع السياحي، وتبني السياسات والاستراتيجيات التي تخدم تحقيق هذا الهدف لا سيما الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031، التي تلعب دورا حيويا في دعم استدامة وتنافسية السياحة الإماراتية بحلول العقد المقبل؛ إذ تضمنت هذه الاستراتيجية مجموعة من المستهدفات الوطنية، شملت الارتقاء بمكانة دولة الإمارات لتصبح الأولى عالمياً كأفضل هوية سياحية، واستقطاب 40 مليون نزيل، بما يتماشى مع رؤية "نحن الإمارات 2031".

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • محافظة مطروح تعلن شروط المشاركة في حفل الزفاف الجماعي
  • لقاءات وأمسيات في مديريات محافظة البيضاء بذكرى المولد النبوي الشريف
  • سياحة الإمارات.. أرقام قياسية وأداء استثنائي
  • سياحة المهرجانات والمغامرات في بدية
  • محافظ كفر الشيخ يناقش مشكلات الدوائر مع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ
  • في أستراليا.. إشراك السياح بالحفاظ على الحاجز المرجاني العظيم
  • مروحيات تُجلي مئات السياح العالقين في منتجع سويسري إثر انهيار طيني
  • محافظ الشرقية يهدي درع المحافظة لوزير الأوقاف تقديرًا لجهوده العلمية والدعوية
  • محافظة تعز تزدان بحلة المولد النبوي الشريف
  • محافظة تعز تزدان بحلة بهية بقدوم المولد النبوي الشريف