مظاهر من الطوطمية في الحكايات الشعبية
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
تُعد القصص والحكايات العتبات الأولى للفهم والمعرفة في المجتمعات ذات الثقافة الشفهية، وحتى تترسخ المادة المحكية في أذهان النشء فقد نُسجت على ألسنة الكائنات في البيئة المحيطة، فظهر أبطال وشخصيات أسطورية تحكيها الأمهات على الصغار، وقد قال إميل دوركهايم في كتابه «الأشكال الأولية للحياة الدينية، المنظومة الطوطمية في أستراليا، ترجمة منشورة سنة 2019»: إن غرض الأسطورة هو التفسير بالإضافة إلى الغايات التعليمية والتقليدية، فالأسطورة تفسير لقضايا أو أصل العلم في عصور ما قبل العلم»، لكن الكاتب شوقي عبدالحكيم يرى في كتابه موسوعة الأساطير العربية سنة 2020 «أن حكايات الحيوان والطيور، أكثر قدما من الأساطير»، ولذلك فإن معظم الحكايات الشعبية في ظفار والمنطوقة شفهيا باللغة الشحرية تدور حول الحيوانات والطيور والزواحف، وتكشف في بنيتها السردية عن أشكال من الطوطمية، حيث يعود الميت إلى الحياة في هيئة طائر أو قطة أو أفعى وتؤدي هذه القصص وظائفها في التعلم والإدراك، ووصفها الكاتب شوقي عبدالحكيم «إنها ترجع إلى مراحل التوحش والبربرية والطوطمية فهي حكايات أقرب إلى التعليمية أو الشرح أو التفسير، إنها حكايات ملخصة، غاية في الدقة من حيث التصميم والتلخيص ولها مغزاها وحكمتها ودقة ملاحظتها».
توجد في الحكايات الشعبية العديد من القصص المرتبطة بمفردات الطبيعة، فمثلا يُحكى أن الأفاعي في بداية الخليقة خُلقت عمياء، وذات مرة كانت لدى الأفعى مناسبة فطلبت من الدودة الإفريقية تسمى بالشحرية (حذووت) استعارة عينيها لحضور المناسبة على أن تعيد العينين بعد المناسبة، ولكن الأفعى احتفظت بالعيون، وبعد ذلك أصبح الحدث مثالا فيُقال «لا تكن كالدودة التي أعارت عينيها للأفعى».
تقوم العديد من القصص الشعبية على تقدير الأم المتوفاة وتشنيع الضرة وابنتها اللتين تستحوذان على اهتمام الأب والنيل من ابنته اليتيمة، فقد يحبسها أو ينفيها إلى مناطق نائية، أو يكلفها بمهمات شاقة كالرعي دون ماء أو طعام، لكن اليتيمة تطلب من عجلها (بعفيرور) توفير الماء والطعام والعسل فيخرج لها من بطنه ما تحتاجه، فيثير ذلك غيرة أختها وتخبر أمها التي تطلب من زوجها ذبح العجل لطرد الأرواح الشريرة من الأم فيقوم الأب بذبح العجل ويحرم اليتيمة من الطعام والماء.
وهناك أيضا قصة مشابهة تدور حول الأم التي توفيت وتركت خلفها ولدًا وبنتًا، وتزوج والدهما امرأة أخرى بعد إصرار الطفلين على وجود امرأة لتدبير شؤون المنزل، وقد وجدا امرأة أغرتهما بالهدايا والألعاب وقد تزوجها الأب، وبعد ذلك بفترة زمنية أرسلت الأم البنت «بيليلت» إلى كهف لا قرارة له وبقيت فيه لا تعرف طريقا للخروج، أما الولد «محضيلول» فقد ذبحته العمة وأكلته، وحين رجع الأب في المساء من الرعي سأل عن أطفاله فأخبرته زوجته بأن خالهما مر عليهما وأخذهما مع أولاده إلى ديارهم، ومدت له قطعة من لحم ولده فطبقت في الحلق، ثم أخذ قطعة أخرى وطبقت في الحلق مرة ثانية، فرماها وجاء طائر يردد عبارة «أيها الشايب صاحب الشعر الطويل، محضيلول قد ذُبح وبيليلت محبوسة في الكهف».
في القصة عادت الأم بروح طائر لتبلّغ زوجها بمصير أطفاله. وتوجد العديد من القصص التي تتلبّس فيها أرواح الموتى في هيئات طيور ليلية أو حيوانات.
تحتاج القصص والحكايات الشعبية إلى دراسات أنثروبولوجية تكشف عن القيم والأفكار التي وظفها الإنسان لفهم الكون والظواهر الفلكية وابتداع الحكايات والأمثال والميثولوجيا القديمة في نقل المعارف والخبرات. ولذلك نحن بحاجة إلى تجميع القصص والأمثال ومن ثم دراستها ومقارنتها بالقصص والحكايات لدى الشعوب الأخرى، ويمكن توظيف الثقافة الشفهية في صناعة محتوى لعدة أشكال ثقافية.
محمد الشحري كاتب وروائي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحکایات الشعبیة
إقرأ أيضاً:
قطعة من الجنة.. طائر البلشون وجمال شواطيء الفيروز يجذب أنظار السياح
يسعي علي رزقه بين الصخور والشعاب المرجانية صباحا مع شروق الشمس ومساء مع غروب الشمس.
يصطاد الاسماك الصغيرة العالقة علي الصخور والشعاب المرجانيه المتحجرة علي الشواطئ الفيروزية بجنوب سيناء .
رصدت كاميرا موقع " صدي البلد " الاخباري طائر بلشون الصخر الاسمر وهو يبحث عن رزقه بين الصخور المتحجرة علي شواطئ الجبيل بطور سيناء .
https://youtube.com/shorts/wLWXxDihfOs?si=tBhmz6QPVlUTkGsV
وينتشر طائر بلشون الصخور علي شواطئ جنوب سيناء وخاصة في أماكن الشعاب المرجانية والأماكن الضحلة علي الشواطئ في وقت انحسار مياه البحر علي الشواطئ .
وقال اسماعيل ابو حطب الخبير في الطيور والباحث البيئي ومصور الطيور والطبيعة أن الاسم العلمي لطائر البلشون reef heron مشيرا إلي أنه متواجد علي شواطئ جنوب سيناء بلونه الاسمر و الابيض يسير وحيدا أو مع بلشون اخر علي الشواطئ واضاف حطب أنه أطلق عليه بلشون الصخور لانه يبحث عن الأسماك بين الصخور لتناولها كغذاء محبب له مشيرا إلي أنه متواجد طوال العام .
ويعيش طائر البلشون في المناطق الساحلية ونادرا ما يبتعد عن الماء وتعتبر حواف المياه الضحلة في البحيرات و الخلجان موطنه المفضل و يتغذي من صيد الاسماك بالقرب من الشعاب المرجانيه والنباتات .