لجريدة عمان:
2024-12-03@17:18:40 GMT

مظاهر من الطوطمية في الحكايات الشعبية

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

تُعد القصص والحكايات العتبات الأولى للفهم والمعرفة في المجتمعات ذات الثقافة الشفهية، وحتى تترسخ المادة المحكية في أذهان النشء فقد نُسجت على ألسنة الكائنات في البيئة المحيطة، فظهر أبطال وشخصيات أسطورية تحكيها الأمهات على الصغار، وقد قال إميل دوركهايم في كتابه «الأشكال الأولية للحياة الدينية، المنظومة الطوطمية في أستراليا، ترجمة منشورة سنة 2019»: إن غرض الأسطورة هو التفسير بالإضافة إلى الغايات التعليمية والتقليدية، فالأسطورة تفسير لقضايا أو أصل العلم في عصور ما قبل العلم»، لكن الكاتب شوقي عبدالحكيم يرى في كتابه موسوعة الأساطير العربية سنة 2020 «أن حكايات الحيوان والطيور، أكثر قدما من الأساطير»، ولذلك فإن معظم الحكايات الشعبية في ظفار والمنطوقة شفهيا باللغة الشحرية تدور حول الحيوانات والطيور والزواحف، وتكشف في بنيتها السردية عن أشكال من الطوطمية، حيث يعود الميت إلى الحياة في هيئة طائر أو قطة أو أفعى وتؤدي هذه القصص وظائفها في التعلم والإدراك، ووصفها الكاتب شوقي عبدالحكيم «إنها ترجع إلى مراحل التوحش والبربرية والطوطمية فهي حكايات أقرب إلى التعليمية أو الشرح أو التفسير، إنها حكايات ملخصة، غاية في الدقة من حيث التصميم والتلخيص ولها مغزاها وحكمتها ودقة ملاحظتها».

توجد في الحكايات الشعبية العديد من القصص المرتبطة بمفردات الطبيعة، فمثلا يُحكى أن الأفاعي في بداية الخليقة خُلقت عمياء، وذات مرة كانت لدى الأفعى مناسبة فطلبت من الدودة الإفريقية تسمى بالشحرية (حذووت) استعارة عينيها لحضور المناسبة على أن تعيد العينين بعد المناسبة، ولكن الأفعى احتفظت بالعيون، وبعد ذلك أصبح الحدث مثالا فيُقال «لا تكن كالدودة التي أعارت عينيها للأفعى».

تقوم العديد من القصص الشعبية على تقدير الأم المتوفاة وتشنيع الضرة وابنتها اللتين تستحوذان على اهتمام الأب والنيل من ابنته اليتيمة، فقد يحبسها أو ينفيها إلى مناطق نائية، أو يكلفها بمهمات شاقة كالرعي دون ماء أو طعام، لكن اليتيمة تطلب من عجلها (بعفيرور) توفير الماء والطعام والعسل فيخرج لها من بطنه ما تحتاجه، فيثير ذلك غيرة أختها وتخبر أمها التي تطلب من زوجها ذبح العجل لطرد الأرواح الشريرة من الأم فيقوم الأب بذبح العجل ويحرم اليتيمة من الطعام والماء.

وهناك أيضا قصة مشابهة تدور حول الأم التي توفيت وتركت خلفها ولدًا وبنتًا، وتزوج والدهما امرأة أخرى بعد إصرار الطفلين على وجود امرأة لتدبير شؤون المنزل، وقد وجدا امرأة أغرتهما بالهدايا والألعاب وقد تزوجها الأب، وبعد ذلك بفترة زمنية أرسلت الأم البنت «بيليلت» إلى كهف لا قرارة له وبقيت فيه لا تعرف طريقا للخروج، أما الولد «محضيلول» فقد ذبحته العمة وأكلته، وحين رجع الأب في المساء من الرعي سأل عن أطفاله فأخبرته زوجته بأن خالهما مر عليهما وأخذهما مع أولاده إلى ديارهم، ومدت له قطعة من لحم ولده فطبقت في الحلق، ثم أخذ قطعة أخرى وطبقت في الحلق مرة ثانية، فرماها وجاء طائر يردد عبارة «أيها الشايب صاحب الشعر الطويل، محضيلول قد ذُبح وبيليلت محبوسة في الكهف».

في القصة عادت الأم بروح طائر لتبلّغ زوجها بمصير أطفاله. وتوجد العديد من القصص التي تتلبّس فيها أرواح الموتى في هيئات طيور ليلية أو حيوانات.

تحتاج القصص والحكايات الشعبية إلى دراسات أنثروبولوجية تكشف عن القيم والأفكار التي وظفها الإنسان لفهم الكون والظواهر الفلكية وابتداع الحكايات والأمثال والميثولوجيا القديمة في نقل المعارف والخبرات. ولذلك نحن بحاجة إلى تجميع القصص والأمثال ومن ثم دراستها ومقارنتها بالقصص والحكايات لدى الشعوب الأخرى، ويمكن توظيف الثقافة الشفهية في صناعة محتوى لعدة أشكال ثقافية.

محمد الشحري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحکایات الشعبیة

إقرأ أيضاً:

تطعيمات الحوامل

مؤخرا، في سبتمبر من عام ٢٠٢٤، أصدرت منظمة الصحة العالمية توصية باعتماد إعطاء الحوامل تطعيماً ضدّ الفيروس المخلوى التنفسي . و هذا الفيروس، يصيب البالغين بأعراض تنفسية خفيفة، إلا أن إصابة الرضع، وخاصة من هم دون الشهر السادس من العمر، قد تكون شديدة، و هي من أكثر ما يسبِّب إدخال هؤلاء الأطفال إلى العناية المركزة، و كذلك الوفاة في أشهر العمر الأولى.
التوصيات حالياً تتضمن إعطاء الحوامل تطعيمانت ضدّ الإنفلونزا، و ضدّ الكوفيد، وكذلك تطعيماً يشمل الوقاية من أمراض التيتانوس(الكزاز) والسعال الديكى و الخُناق، و يضاف إليهم التطعيم ضدّ الفيروس التنفسي المخلوي.

قد تعارض الأمهات في تعاطى كل هذه التطعيمات في نفس التوقيت، و لذا هناك توصيات بأن تقسم على ثلاث زيارات للطبيب، فى الأسابيع ٢٤، ٢٨، ٣٢ للحمل. إعطاء تطعيمات الكوفيد و الانفلونزا يخفف شدة الإصابة لو حصلت مع الأم، و لكن باقى التطعيمات يقصد بها حثّ الجهاز المناعى للأم، كي ينتج أجساما مضادّة لهذه الفيروسات، و هذه الأجسام المضادّة تعبر إلى الجنين من خلال المشيمة، و بالتالى فإن الطفل المولود حديثاً، يحمل في دمه أجساماً مضادّةً انتقلت إليه من أمه، و هذه الأجسام قادرة على حمايته من الأمراض الخطيرة المشار إليها، والتي كانت ولا تزال تسبب آلاف الوفيات من حديثى الولادة عبر العالم، الطفل يحتاج إلى أن يصل إلى عمر ستة أشهر حتى يصبح قادرا على تكوين الأجسام المضادة الخاصة به لهذه الأمراض، و لذا فإنه بحاجة إلى ما يصله من والدته من هذه الأجسام المضادة، طبعا مع الوقت الذي تنتهى فيه الأجسام المضادة الواردة من الأم في دم الطفل، يكون قد وصل إلى عمر السنة أشهر و بدأ في انتاج ما يخصه من الأجسام المضادة.

هناك قلق مبرر عند الهيئات الصحية من عدم تفاعل الأمهات مع هذه التوصيات، وخاصة بسبب عدد التطعيمات التى ستصل الى أربعة تطعيمات خلال الحمل، و لذا فإن إيصال المعلومات الصحيحة لهن عن التطعيم، ضروري جدا و خاصة من قبل الأطباء المشرفين على الحمل، من حيث كونه آمنا على الأم وعلى جنينها، و من حيث ضرورته للاطفال، ٦٠% من أسباب دخول الأطفال إلى العناية المركزة له علاقة بإصابتهم بأمراض تنفسية يسببها الفيروس التنفسي المخلوي. الإحصائيات تظهر أن هناك ٦,٦ مليون إصابة بهذا الفيروس تحدث في الأطفال الأقل عمراً من ستة أشهر في العالم سنويا ، يموت منهم ٤٥ ألف طفل. و أغلب هذه الاصابات يمكن منعها بتطعيم الأم خلال الحمل. و هكذا نحافظ حياة الطفل، و تحميه من الافتراق عن أمه لدخول المستشفى، مع ما يسبِّب ذلك من قلق للأسرة، وحرمان الأم والطفل من ساعات مهمة من التواصل.

SalehElshehry@

مقالات مشابهة

  • إنها الأمّ يا سادة
  • تطعيمات الحوامل
  • الإذاعي الكبير عمر بطيشة: "البوابة نيوز" رصيد من الشعبية
  • فرصة للاقتراب من النجوم.. البحر الأحمر السينمائي يخصص منطقة للجماهير
  • نائب بعاتب زميله: مش هيك بتصير القصص
  • طقس المنطقة الشرقية.. ضباب على العديد حتى هذا الموعد
  • منع صيد ‎طائر الحبارى في ‎ليبيا
  • الكيميرا والمسحورة في ندوة تثقيفية بمكتبة الإسكندرية
  • فيديو | مظاهر الاحتفال بعيد الاتحاد الـ 53 تعم أرجاء الإمارات
  • مظاهر الاحتفال بعيد الاتحاد الـ 53 تعم أرجاء الإمارات