لجريدة عمان:
2024-12-27@10:43:50 GMT

حرب تجاوزت المعقول

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

تجاوزت حرب غزة حدود المعقول منذ 9 أشهر إلى درجة إصرار الاحتلال الغاشم على تنفيذ العمليات العسكرية اليومية التي لا تبقي ولا تذر للإنسان الفلسطيني المطارد من الموت من بقعة إلى أخرى في القطاع، فشبحه يسكن في كل واحد فيهم، تجاوزت الحرب حدود المعقول بنسف الاحتلال كل أخلاقيات الحروب التي تجنب المدنيين من أطفال ونساء وكبار في السن وتحفظ وجودهم لأنه لا ذنب لهم، بل أثبتت أن ما وضعه العالم من شرقه إلى غربه من قواعد ومعايير للحروب على مدى 200 عام في مرحلة تأسيس الدول الحديثة ومحاولاته ترسيخ مفاهيم الأخلاقيات والمحافظة على مكونات المجتمعات الإنسانية والحضارية التي ترسخ مبادئ حفظ الأرواح وإبقاء مقومات الحياة قائمة من مسكن وتغذية وحق في العلاج طيلة صراعات الحروب ألغاها الاحتلال الإسرائيلي.

لذلك ثارت على إسرائيل شعوب الأرض التي كرهت أن يكون لها دور في هدم الحضارة الإنسانية، وواجهت قياداتها استهجانا شعبيا عارما كرئيسها في إيطاليا ورئيس وزرائها في نيويورك، وتواصل الرفض الشعبوي الذي رافق تلك الاعتداءات الوحشية في العالم ونهضت مكوناته من سباتها ومن حالة التضليل والخداع عندما اكتشف أنه كان يرى مشاهد مزيفة بسبب ضعف الإعلام الغربي الذي عجز عن دوره في إيصال الحقائق طيلة الـ 75 عاما الماضية، ما يدور في غزة ليس تجاوز المعقول وشل حركة قرابة مليونين و300 ألف مواطن فلسطيني، وأصبح كبيرهم وصغيرهم وقودا للحرب في عملية عسكرية طاحنة يراد لها أن يرفع الغزاويون راية الاستسلام وتتم مساومتهم على الخروج من غزة إلى أرض المنفى الدائم فقط، بل هي أيضا حرب تصفية بين الكبار من دول العالم يحققون منها مصالحهم للضغط على بعضهم بعضا، وما يحدث في مجلس الأمن الذي أقر إيقاف القتال فورا منذ شهور خير دليل على ذلك، في غياب من هو الذي يملك القرار الفوري لوقف القتال. إن حرب غزة لها أبعاد متعددة على المستويين الخارجي والداخلي ولها حسابات متقاطعة ومعقدة، فهي ليست حربا عابرة أو آنية تنتهي ككل الحروب، فالعالم عاجز حتى اللحظة عن إيجاد نهاية لها رغم إخفاق الاحتلال في تصفية فصائل المقاومة فيها، وهو مصدوم أيضا من قدرة المقاومة التي ما زالت تملك كل مقومات الاستمرار على ميدان المواجهة، وتستطيع الوصول إلى قلب مدن الاحتلال الكبرى، تساندها فصائل مقاتلة؛ حزب الله في الشمال والمقاومة من الشرق وأنصار الله من الجنوب وكلها تمتلك أسلحة صاروخية متقدمة. ومع أن قوات الاحتلال منهكة من الخسائر البشرية والآلية اليومية التي تتكبدها، وإذ لم يحدث لها ذلك منذ احتلال فلسطين عام 1948 إلا أن حسابات إيقافها ما زالت تحتاج إلى نفس أطول رغم تقارب الطرفين من التوصل لاتفاق اختلفوا طيلة الشهور الماضية على مفهوم بعض بنوده التي تعطي حق الاستمرار للاحتلال أن يعود إلى العمليات العسكرية القتالية متى ما أراد، وهو ما ترفضه فصائل المقاومة، وقد يكون لهذه الحرب جانب إيجابي وهو أن تتقارب الفصائل الفلسطينية كما يحدث حاليا في الصين، بعد أن عجزت في ذلك منذ 17 عاما، وهي تعيش فيما بينها مخاض الشك والتشويش. لن تكون حرب غزة رغم الألم والفجع الذي نعيشه يوميا الأولى والأخيرة في هذه البقعة، وستغير من قواعد التعاطي بين القوى في المنطقة، فهي ليست الحرب على القطاع بل هي حرب ضد الإنسانية وضد العرب والمسلمين وضد الجغرافيا والتاريخ، وعلى العالم أن يختار بين مناصرة الحق أو الباطل، وقد اختار بعض الغرب الحق من خلال الاعتراف بفلسطين.

سالم الجهوري كاتب صحفي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

عماد الدين حسين: العدو الأساسي لعدم تقدم المنطقة هو وجود إسرائيل

قال عماد الدين حسين، عضو مجلس الشورى، إن  دولة الاحتلال نوع من الاستعمار الذي لم يتواجد في أي مكان في العالم، مشيرًا إلى أن الاستعمار الغربي يعتبر ملائكيا بالنسبة لدولة الاحتلال.

وتابع "حسين"، خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج "المشهد"، المذاع على  القناة العاشرة المصرية "ten"، مساء الثلاثاء أن دولة الاحتلال ليست هي المتسببة في مشاكل الدول العربية، فإسرائيل قد تكون عاملاً مساعدًا في زيداة هذه المشاكل، مشيرًا إلى أن توسع دولة الاحتلال يمثل خطرًا كبيرًا على العالم العربي.  

وأضاف أن المشروع التوسعي الإسرائيلي خلال الفترة الحالية لم يكن بهذه الصورة، مشيرًا إلى أن دولة الاحتلال قبل السابع من أكتوبر لم تكن متوحشة بهذه الصورة، فالعدو الأساسي لعدم تقدم المنطقة العربي هو وجود إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • «قمر أسود» في سماوات غالبية دول العالم 31 ديسمبر الجاري
  • مقهى كوري تهطل فيه الأمطار كل 15 دقيقة
  • جيش الاحتلال انسحب من البلدات التي دخلها في ريف درعا
  • تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بليك لايفلي دعوى قضائية ضد جاستن بالدوني
  • سوق العراق يتداول أسهما بقيمة مالية تجاوزت 6 مليارات دينار في أسبوع
  • مديونتها تجاوزت كامل مديونية الجامعات الاردنية.. المشروع الوطني الاهم شمالا يستصرخ دولة الرئيس
  • أبرز أحداث عام 2024 التي شغلت العالم
  • أبرز تصريحات مدبولي لعدد من المستثمرين.. كيف تجاوزت مصر تحديات 2024؟
  • خبير: الدول العربية لعبت دوراً في فضح جرائم دولة الاحتلال أمام العالم
  • عماد الدين حسين: العدو الأساسي لعدم تقدم المنطقة هو وجود إسرائيل