بوابة الوفد:
2025-02-04@17:38:48 GMT

السودان موسم الهجرة إلى المجهول

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

هدير الطائرات يتداخل مع زلزلة رعد السماء يزاحمان الضباب الأسود الكثيف، الناس يهرون حاملين بضع ما تبقى من متاع مهترئة شردتهم الحرب على الطرقات مزقت احلامهم وأفقدتهم الأمان.. هجرت الطيور كما البشر حدائق 6 إبريل بقلب العاصمة السودانية المثلثة الخرطوم وانطفأت فرحة اقتران النيلين الأبيض والأزرق عند «المقرن» فيما كان يعرف بأطول قبلة عرفها التاريخ ليشكلا نهر النيل شاقا طريقه لشمال القارة السمراء.

لم يعد الخريف موسما مناخيا فحسب فى البلد الشقيق المكتوى بنار الصراع بين الاخوة الاعداء ولكنه حمل معه حرب اخرى زادت « الطين بلة» ودفعت بالسودانيين للبحث عن ملاذ جديد للنزوح.. ربما نتلعثم من كثرة إحصاء عدد مرات النزوح على مدار عام ونصف من الحرب الضروس بين الجيش وقوات الدعم السريع

وشيدت مخيمات النازحين دون مراعاة للظروف المناخية مثل الأمطار والرياح والغالبية منها فى مواقع منخفضة لتصبح بؤرة لتجمع مياه السيول وتجددت معاناة المقيمين بالمخيمات الصناعية بمدينة كسلا شرق السودان بعد أن اجتاحت مياه الأمطار الغزيرة التى جرفت خيامهم فقد كتب عليهم النزوح وهم كارهون.

يؤكد بعض من شهود العيان ان المياه الراكدة تجمعت فى دور الإيواء منذرة بتوالد البعوض والذباب، وبالتالى انتشار أمراض مثل الملاريا وغيرها مع الحاجة اللى شفط المياه وعمل مجار تساهم فى تصريفها.

وأشاروا إلى أن وضع الحمامات والمراحيض فى مراكز الإيواء مخالف للظروف الصحية والبيئية، بعد أن طفت مخلفات الصرف الصحى مما يتطلب تجفيفها خشية انتشار الأمراض مما دعا المنظمات الأهلية والنشطاء للاطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعى لانقاذ الضحايا.

العراب

يطل «الطيب صالح» الأديب الراوئى السودانى الكبير من إحدى نوافذ السماء بملامح» مصطفى سعيد»- بطل راويته « موسم الهجرة إلى الشمال»- ليحصد الاجابات المرة لواقع يكسر كل حدود العقل فى الاجابة عن استفهاماته.

بصعوبة يحاول «صالح» ضبط خطواته المنزلقة فى وحل الطرقات فيما تغرق المياه نصف جسده النحيل -بفعل الايام- يقطع صدمته عويل السيدات وصراخ الاطفال ليتساءل مــن أيــن يأتى هـــؤلاء ؟

لم تعد السماء صافية فوق أرض السودان فقد حجبوها بالأكاذيب وفقد النازحون بوصلتهم لمطار الخرطوم يهيمون على وجوههم يريدون الهرب إلى أى مكان تخونه العبرات وهو يهمهم «ضاق عليهم البلد الذى مزقته الحرب ولم يعد يتسع لهم كأنى بهم ينتظرون منذ تركتهم فى ذلك اليوم عام ثمانية وثمانين»!

لا أحد يهمّه أمرهم يتحدّثون عن الرخاء والناس جوعى؟ وعن الأمن والناس فى ذُعر؟ وعن صلاح الأحوال والبلد خراب؟

يتداخل طيف « الطيب» فى خطوات «مصطفى سعيد» بينما ظلهما ممد على الأرض كشجرة « شاف» أنهكتها طعنات المطرقة فتوارات لتسرق بضع دقائق وتستريح من طعنات الموت.

يتقاسم « الطيب وطيفه بعض من « الكسرة» – نوع من الأكلات السودانية- وكوب من الجبنة» نوع من القهوة « على وقع «ونسة» قلما جادت بها الأيام فى ذلك الظرف الإنسانى الاستثنائي

«أنا إنسان بسيط، المتدينون يعتبروننى ماجنا والمعربدون يحسبوننى متدين أى ثمن باهظ يدفعه الإنسان حتى تتضح له حقيقة نفسه وحقيقة الأشياء» بينما يدير بيده المرتعشة مؤشر مذياع قديم كان حظه وفيرا للنزوح يقطعه موجز للانباء.

يخوض الجيش السودانى بقيادة رئيس مجلس السيادة «عبد الفتاح البرهان»، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتى»، منذ منتصف أبريل من العام الماضى حربا أسفرت عن نحو 150 ألف شهيد وملايين المشردين مابين نازح ولاجئ حسب إحصاءات سودانية وإنسانية وحقوقية متعددة.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية- وللأسف مجرد حبر على ورق– لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذى امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 فى البلد الشقيق فضلا عن موسم الخريف المعروف بفيضانه فيما غرقت معظم الولايات خاصة الشرقية على البحر الأحمر.

وأعلن برنامج الأغذية العالمي، أنه سيوسع بشكل عاجل جهوده لتوفير المساعدات الغذائية المنقذة للحياة فى السودان، حيث يعانى حاليا 20 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائى الحاد، وهو رقم تضاعف ثلاث مرات تقريبا منذ عام 2019؛ ويعانى ما يقرب من أكثر 5 ملايين من مستويات الجوع الطارئة، كما تصدر السودان قائمة الدول الأعلى تسجيلًا فى مفوضية اللاجئين بمصر، هذا إضافة إلى قوائم المهاجرين ممن ينتظرون الإشارة بالرحيل، أو من تقطعت بهم السبل.

وحذر برنامج الأغذية العالمي، أن موسم الأمطار فى السودان دمر الطرق ولم تعد صالحة للمرور مما يجهض كل المحاولات الإنسانية لإنقاذ الأبرياء.

يقول الصحفى السودانى « عزمى عبد الرازق « فى شهادته على أضخم كارثة إنسانية فى التاريخ أرخت بظلالها الموحشة على بلاده» مثل العديد من السودانيين فقد رأيت الحرب كفاحًا، كان أولها كلامًا وشرارة تشظّت– بصورة سينمائية – لدرجة أننى بقيت محاصرًا داخل جزيرة توتى وسط الخرطوم، لعدة أشهر، دون ماء وكهرباء أو طعام كاف»

ويستكمل « عبد الرازق « لم تكن تلك هى المشكلة الوحيدة، كان الرصاص يخترق النوافذ التى ظلت مغلقة على الدوام، ولذلك لم يكن ثمة مجال للنجاة من الموت سوى النزوح، وقطع مسافات ماراثونية؛ لأجل الوصول إلى أى مكانٍ آمن، وتقديم طلبات اللجوء».

ولا يزال السلام بتعدد منابره لوقف الحرب يراوح مكانه فى العواصم المكيفة بينما تغلى الخرطوم وأخواتها على مرجل المجهول.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حرب منسية المجهول السودان الاخوة الاعداء

إقرأ أيضاً:

برعاية سفارة السودان بالقاهرة ومبادرة من كُلِّيتي الإمام الهادي وأمدرمان للصحافة انعقاد ورشة إعادة إعمار الجامعات السودانية

شهد الدكتور عاصم أحمد حسن – المستشار الثقافي بالسفارة السودانية بالقاهرة، شهد أعمال ورشة إعادة الإعمار والتأهيل لمؤسسات التعليم العالي بالسودان، ببيت السودان بالقاهرة، والتي انعقدت بمبادرة كريمة من كلية الإمام الهادي وكلية أمدرمان للصحافة وتكنولوجيا الطباعة والنشر، ورعاية المستشارية الثقافية بسفارة جمهورية السودان لدى جمهورية مصر العربية، بحضور رئيس اتحاد الجامعات السودانية بروفسور عماد الدين عرديب مدير جامعة الخرطوم، واللواء د. أمين مجذوب مسؤول ملف الجودة والمبادرات بالسفارة السودانية بالقاهرة، ولفيف من مدراء الجامعات وعمداء الكليات السودانية الحكومية والخاصة.
وفي كلمتيهما في افتتاح الورشة عبرت كل من د. بخيتة الهادي المهدي رئيس مجلس أمناء كلية الامام الهادي ود بخيته أمين عميد كلية أمدرمان للصحافة وتكنولوجيا المطبوعات عبرتا عن شكرهما للسفارة السودانية بالقاهرة على اهتمامها ورعايتها للورشة واضافتا أن التحدي الكبير الذي يواجه الجامعات السودانية في تقييم حجم الدمار والخراب الذي تعرضت له ووضع خارطة للإعمار والتأهيل تراعي إمكانية استئناف الدراسة دون تأخير.

وفي كلمته في افتتاح الورشة قدم الدكتور عاصم بالشكر لكليتي الإمام الهادي وأمدرمان للصحافة وتكنولوجيا الطباعة على مبادرتهما الكريمة والتفكير الجمعي بما يخدم مؤسسات التعليم العالي السودانية بعد نهاية حرب تمرد مليشيا الدعم السريع على الدولة والقوات المسلحة السودانية، مشيراً لاهتمام السفارة بقيادة سفير السودان لدى جمهورية مصر العربية الفريق أول ركن مهندس عماد الدين مصطفى عدوي بأمر مبادرات السودانيين في مصر، وأشار د. عاصم إلى مجهودات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في السودان بأمر إعادة إعمار وتأهيل الجامعات التي تعرضت للنهب مقدما شكره للحضور النوعي والمتميز من الأكاديميين ومنسوبي مؤسسات التعليم العالي المشاركين في الورشة.
من جانبه، ترأس بروفيسر عماد الدين الطاهر عرديب مدير جامعة الخرطوم ورئيس اتحاد الجامعات السودانية جلسة الاستماع لاوراق عمل، تناولت إعادة الإعمار، ومنهج الدراسات السودانية، والتعليم العام مراجعة المناهج و تأهيل المعلمين. قدمها الأستاذ الهادي حسن عبد الجليل، من كلية أمدرمان للصحافة، ودكتور أحمد سمي جدو أستاذ التاريخ المشارك بكليه الامام الهادي، والدكتور يوسف حسن أستاذ عِلم الاجتماع المساعد بكليه الإمام الهادي. والدكتورة عواطف عمر عيسى علي مدير الشئون الإدارية ولاية الخرطوم ورئيس لجنة تنظيم وترتيب المدارس السودانية الخاصة بجمهورية مصر العربية.
ومن المنتظر أن تعقب هذه الورشة ملتقيات وشركات بين الجامعات السودانية ومؤسسات اقتصادية وشركات عامة وخاصة للإسهام في ملحمة إعمار الجامعات السودانية في الخرطوم وعدد من الولايات التي طالتها الحرب.

الملحقية الثقافية
سفارة جمهورية السودان | القاهرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هجمات عسكرية على المدنيين وخطط ترامب.. آخر تطورات الأوضاع في السودان
  • وزير الخارجية السوداني: جيشنا في طريقة لتحرير الخرطوم وحسم الحرب
  • الخرطوم وجوبا تتفقان على مراقبة الحدود
  • السودان يتعرض لأكبر عملية نهب وسرقة تتم في العالم في القرن الواحد والعشرين
  • الجيش بمعاونة «درع السودان» يسترد مناطق جديدة بولاية الجزيرة مُتاخمة للخرطوم
  • برعاية سفارة السودان بالقاهرة ومبادرة من كُلِّيتي الإمام الهادي وأمدرمان للصحافة انعقاد ورشة إعادة إعمار الجامعات السودانية
  • شرايين الأمل ..!
  • السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية الجزيرة
  • السودان.. مئات القتلى والجرحى إثر قصف لبعض الأحياء وسوق صابرين في أم درمان
  • عودة خدمات سوداني للاتصالات إلى «أم روابة» بعد انقطاع لشهور