بوابة الوفد:
2024-09-08@14:52:44 GMT

أزمة الدواء.. والريفو

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

قصة واقعية ملهمة، أحداثها حقيقية، نحتاج الآن إلى سردها حتى ترى الأجيال الجديدة ماذا وصل بنا الحال، كان يا مكان يا سعد يا إكرام، كانت هناك طبقة فقيرة ومتوسطة وأخرى طبقة غنية، يعيشون معا بهذا الوطن، عندما يصاب مواطن ما بمرض ما، يذهب فورًا إلى أقرب « بقال» ليشترى منه العلاج السحرى «برشام الريفو»، أشهر اسم دواء فى مصر على مدار أكثر من نصف قرن.


«الريفو» عبارة عن أقراص تحتوى على مادة الأسبرين التى تستخدم كمسكن للألم وخافض للحرارة ومضاد للالتهابات، هذا الدواء صاحب التاريخ الطويل الذى أصبح تراثًا ثقافيًا وجزءًا من موروثنا الشعبى، تجده بشكل واسع فى كل بيت مصرى، يستخدم كعلاج سحري لكثير من الأمراض.
وتحول « برشام الريفو» إلى علامة مسجلة والعلاج السحرى لكثير من الأمراض اشهر تلك الأمراض الصداع والبرد، حتى أصبح رمزًا للعلاج الشعبى البسيط والفعال، بل وجزءا من الذاكرة الشعبية والثقافة الطبية لدى المصريين، ويُعتبر مثالًا على كيف يمكن لدواء بسيط أن يصبح جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية لغالبية المصريين، كان يباع عند البقالين، وهذا يعكس مدى انتشاره وشعبيته، ومع مرور الزمن أصبح موجودًا بكافة الأكشاك المنتشرة فى كافة ربوع المحروسة بدلًا من الصيدليات، والحصول عليه بسعر زهيد، ومتاحًا لجميع الطبقات الاجتماعية، وهذا الوضع غير معتاد، حيث تُباع الأدوية عادةً فى الصيدليات وتحت إشراف طبى.
باتت شعبية « برشام الريفو « كاسحة وظاهرة لم ولن تحدث، فمن المفارقات أنه كان يتم استخدامه بديلًا « للفكة «، فعندما يقوم شخص ما بشراء سلعة ما من محل بقالة ويتبقى له مبلغ بسيط كفكة (باقى النقود)، فكان البقال أحيانًا يقدم له شريط ريفو بدلًا من المبلغ البسيط المتبقى، فهذا الموقف يعكس دلالات هامة جدا، ألا وهى سعره الذى كان زهيدًا بما يكفى ليكون بديلًا مناسبًا للفكة، بالإضافة إلى شعبيته الفائقة والمتفردة نظرًا لفوائده المعروفة وشيوعه، فكان الجميع يقبلون به بكل سهولة، لأنه أصبح جزءًا من الثقافة الشعبية اليومية، واستخدام الريفو كبديل للفكة يظهر إلى أى مدى كان الريفو جزءًا من الحياة اليومية والبسيطة فى المجتمع المصرى.
ظهر « برشام الريفو « لأول مرة فى خمسينيات القرن الماضى، وانتشر بسرعة غير طبيعية نظرًا لفعاليته وسعره المنخفض، أنتجته شركة باير الألمانية متعددة الجنسيات، والمعروفة بتصنيع الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية، وهى أول من اكتشفت مادة الأسبرين المكون الفعال فى « برشام الريفو « أحد أشهر المنتجات التى قدمتها الشركة، وقد تم تطويره لأول مرة فى أواخر القرن التاسع عشر، ولا تزال حتى اليوم واحدة من أكبر الشركات فى مجال صناعة الأدوية على مستوى العالم ويعتبر الأسبرين أكثر منتجاتها شهرة واستخداما ومتاحًا على نطاق واسع، وجزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لكافة المصريين على مختلف الطبقات.
دخل «برشام الريفو» إلى مصر بعد انتشاره عالميًا كمنتج طبى فعال يحتوى على الأسبرين، تلك المادة التى اخترعها الكيميائى الألمانى « فيليكس هوفمان « الذى كان يعمل فى شركة باير عام 1897م، وأصبح لاحقًا واحدة من أكثر الأدوية استخدامًا حول العالم.
اليوم.. تفاقمت الأزمة، وأصبح العثور على « برشام الريفو « حلما مستحيلا بل ضربًا من ضروب الخيال بعد أن أصبح سعره خياليًا وعبئًا على كثير من المصريين الذين يعانون أزمة اقتصادية يمر بها الوطن وقس على ذلك كثير من الأدوية، تتزايد الأزمة يوما بعد يوم وتزيد معها معاناة الشعب المصرى البسيط.. من هنا أهمس فى أذن الحكومة ومعى كثير من المصريين الذين يتوسلون ويتألمون ويطالبون الحكومة فى إيجاد حل فورى لأزمة الدواء التى تتفاقم يومًا بعد يوم، والتى أصبح نادرة الوجود وسعرها الذى يلامس السماء دون الشعور بمعاناة المرضى الذين لا يستطيعون الحصول دواء، أما بسبب عدم وجوده بالصيدليات أو بسبب سعر المبالغ فيه، ولكم فى «برشام الريفو « عظة وعبرة.
والسؤال المطروح الآن، متى تستفيق الحكومة من سباتها وتستشعر أن هناك أزمة فعلية فى الدواء عليها أن تسرع فى حل تلك الأزمة والتى تعتبر أزمة أمن قومى.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رادار

إقرأ أيضاً:

حماية العقول.. من فاقديها ١-٢ (السرقات الأدبية أنموذجًا)

لا يساورنى شك فى أن هذا الموضوع من الموضوعات المهمة، ليس هذا وحسب وإنما من الموضوعات الشائقة الشائكة.
لماذا؟!
لتفشى هذه الظاهرة بصورة كبيرة، ليس فى السرقات الأدبية سواء بسرقة نص نثرى عمودى، أو حتى سرقة خاطرة، أو قصة أدبية دون توثيق المصدر الذى استقى منه، دونما الإشارة إلى مؤلفة حتى ولو عن طريق الاقتباس.
ليس الأمر مقصورا على الأدب بل بات جليا أن هذه الظاهرة استشرى خطرها وانتشر فى كافة مناحى الحياة الثقافية والسياسية والإعلامية، بل واشتد خطرها فى البحث العلمى الأكاديمى فكثير ما ندعى لمناقشة رسائل علمية وتجد ما يسمى بالباحث، نعم فهو ليس باحث بحاث إنما هو لص ليس محترفا لماذا، لأنك لأول وهلة عندما تراجع هذه النصوص أولا تجده ليس موثقها فى الحواشى، ليس ثمة إشارة ولو حتى عن طريق الاقتباس إلى مصدر هذه النصوص وبتدقيق القراءة تجد أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون رؤيته ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون فكره يتضح ذلك جليا من مجريات وقائع مناقشته، ودليلى على ذلك، أنه ذات مرة ناقشت طالب وللأسف استشهد برأى فى قضية فلسفية دون أن يشير إلى صاحبه، وقدرا كان هذا الرأى لى شخصياً كنت قد دونته فى إحدى مؤلفاتى وبمواجهته، اضطرب ولم يستطع الرد على.
لماذا لأنه ليس فكره، ليس عقله الذى يكتب وإنما وظف عقله فى الغش والسرقة والانتحال دون إشارة.
فالبحث العلمى لا يعرف مثل هذه الأمور، البحث العلمى يلتزم بالصرامة والدقة والعقلانية، وإلا لو تسامحنا مع هؤلاء فماذا سنخرج، هب أن المتقدم للمنح درجة دكتوراه أو ماجستير وطبطبنا على هذا السارق الذى رضى لنفسه هذا الأمر، ماذا سيصبح.
بالحتمية المنطقية سيصبح عضوا فاسدا فى المجتمع، حتى وإن أصبح عضو هيئة تدريس، من الذى سيتخرج من تحت يديه، طالب سارق أيضا، لماذا لأن فاقد الشيئ لا يعطيه.
إذن لابد من التصدى لهذه الظاهرة بكل ما أوتينا من قوة، ولابد من التوصية بتفعيل دور الأجهزة الرقابية بحفظ حقوق الملكية الفكرية باستصدار أرقام إيداعات دولية لتحفظ للمؤلف حقه وحتى لا تجعله عرضة للسرقات.
ليس فى مجال البحث العلمى فقط، بل فى شتى صنوف المعاملات. 
وهناك من يسرق مقالا على الرغم من أنه قد يكون موثقا على محرك جوجل، وحدث ذلك معى، أقلب صفحات الفيس بوك وافاجأ بلص سرق مقالتى فى فلسفة القرآن الكريم، ونسبها لنفسه، وكم ثناء منقطع النظير على هذه المقالة ونشرها على موقع يسمى كذا دون ذكره، ودخلت على هذا الموقع وأرسلت لهم رابط مقالتى، فافتضح أمره، والنتيجة المتوقعة طردوه من المجموعة.
السرقات برمتها سواء أدبية أو ثقافية، أو علمية أو دينية، أو اقتصادية، أو سياسية، جميعها أفعال مشينة تشين صاحبها وفاعلها وتفقده ذاته وتجعله منسحقا قيميا أمام مجتمعه إذا ما افتضح أمره، وسيفتضح ولو بعد حين.
إذا أردنا حقا نهضة على كافة المستويات واصلاحا حقيقيا فلابد من الوقوف جنبا إلى جنب فى وجه أمثال هؤلاء، وقوف ممنهج بضوابط علمية رصينة، وأهمها توصيات فى ندوات ومؤتمرات تعقد فى هذا الشأن، وهذه التوصيات لا توضع فى الأدراج وإنما تفعل وترسل لأولى الأمر حتى يتخذوا الإجراءات الاحترازية الصحيحة.
حماية فكرنا من هذه الفئات والعناصر الضآلة المضلة التى ليس لها هدف اللهم إلا إثارة الفوضى ونشر الرذيلة فى المجتمعات،واختتم حديثى بقوله تعالى.(إن الله لا يصلح عمل المفسدين).
وأشد انواع الفساد والإفساد، فساد العقول وافسادها.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.

مقالات مشابهة

  • بعد تجربتها في القليوبية.. الصحة تكشف موقف تعميم حملة توصيل الأدوية للمرضى
  • "ألف سلامة".. خيري رمضان يُعلق على استهلاك المصريين من الأدوية خلال 6 أشهر (فيديو)
  • الصحة تكشف تفاصيل حملة توصيل الأدوية للمرضى بالمجان
  • حملة لتوصيل الأدوية للمرضى بالمجان في القليوبية.. متحدث الصحة يُوضح التفاصيل (فيديو)
  • «الصحة» تكشف تفاصيل حملة توصيل الأدوية للمنازل بالمجان (فيديو)
  • “الصحة” تكشف تفاصيل حملة توصيل الأدوية للمرضى بالمجان.. فيديو
  • فاكهة يشكل تناولها مع الأدوية خطرا على جسمك
  • انتبه.. لا تتناول هذه الفاكهة مع الأدوية
  • حماية العقول.. من فاقديها ١-٢ (السرقات الأدبية أنموذجًا)
  • سيناريوهات ردع أثيوبيا!