تقرير هيومن رايتس: نساء وفتيات السودان يتعرضن لاغتصاب جماعي وعنف جنسي واسع النطاق من طرفي الحرب
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
(CNN)-- تنام إحدى النساء بسكين تحت وسادتها، على أمل أن تتمكن من حماية نفسها من الرجال المسلحين الذين قد يقتحمون منزلها ليلا. وتعرضت أخرى للاغتصاب "مرات عديدة لعدة أيام" مع بناتها الأربع، بينما أُجبر زوجها وأبناؤها على المشاهدة.
وطُردت أخرى من منزلها وفُصلت عن أطفالها بعدما اكتشف زوجها أنها أصبحت حاملا نتيجة الاغتصاب.
هذه بعض من الروايات المروعة عن العنف الجنسي الذي يتم ارتكابه ضد النساء والفتيات في السودان من قبل الأطراف المتحاربة في الدولة الواقعة في شرق إفريقيا- وخاصة قوات الدعم السريع شبه العسكرية- في العاصمة الخرطوم منذ بدء القتال العام الماضي، كما جاء بالتفصيل في تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش".
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل/نيسان 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تحولت مساحات من المدينة إلى أنقاض، حيث قصفت القوات المسلحة السودانية الأحياء المدنية في محاولة لطرد قوات الدعم السريع من مواقعها المحصنة.
كما امتد الصراع إلى أجزاء أخرى من البلاد، بما في ذلك إقليم دارفور غرب البلاد. ووصفت الأمم المتحدة الوضع في السودان بأنه "أحد أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث"، مع وجود أكثر من 6 ملايين سوداني نازح داخليا، و1.5 مليون يبحثون عن الأمان في الخارج، وحوالي 26 مليون شخص - أكثر من نصف السكان - في خطر المجاعة.
وخلال 15 شهرا من الصراع، تعرضت النساء والفتيات في العاصمة لأعمال اغتصاب واسعة النطاق، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، فضلا عن الزواج القسري والاستعباد الجنسي، بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش المكون من 88 صفحة، بعنوان "الخرطوم ليست آمنة للنساء" والذي صدر في 29 يوليو/تموز الجاري.
وقالت ليتيسيا بدر، نائب مدير إفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "قامت قوات الدعم السريع بالاغتصاب والاغتصاب الجماعي وإجبار عدد لا يحصى من النساء والفتيات على الزواج في مناطق سكنية في العاصمة السودانية".
وأضافت أن "الجماعة المسلحة أرهبت النساء والفتيات، ومنعهن الطرفان المتحاربان من الحصول على المساعدات وخدمات الدعم، مما فاقم الضرر الذي يواجهنه وتركهن يشعرن أنه لا يوجد مكان آمن".
وتسعى شبكة CNN للحصول على تعليق من قوات الدعم السريع، والقوات المسلحة السودانية على الادعاءات الواردة في تقرير هيومن رايتس ووتش.
ونظرا لصعوبة الوصول إلى الخرطوم والتحدث مباشرة مع الناجيات، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 42 من مقدمي الرعاية الصحية والعاملين الاجتماعيين ومستجيبين آخرين بين سبتمبر/أيلول 2023 وفبراير/شباط 2024. ومن بين هؤلاء، قدم 18 شخصا منهم رعاية مباشرة لـ262 ناجية من العنف الجنسي، تتراوح أعمارهن بين 9 و60 عاما.
وتذكر أحد الأطباء النفسيين، الذي دعم أكثر من 40 ضحية اغتصاب بين أبريل/نيسان ونوفمبر/تشرين الثاني، العام الماضي، ناجية تعرضت للاغتصاب ثم اكتشفت أنها حامل في الشهر الثالث.
وقال الطبيب النفسي في تقرير هيومن رايتس ووتش: "كانت مصدومة وترتجف بوضوح، وتخشى من رد فعل أسرتها. وقالت لي: إذا اكتشفوا حالتي، سيقتلونني".
وروى طبيب آخر محنة امرأة قالت إنها اغتصبت من قبل العديد من مقاتلي قوات الدعم السريع.
وقال الطبيب: "عندما اكتشفت المرأة أنها حامل، طردها زوجها وأخذ أطفالهما. وتُركت في الشوارع".
ويتذكر الطبيب أن المرأة جاءت إلى العيادة وطلبت الإجهاض، لكن مدير المستشفى لم يوافق على الإجراء. ولم يتمكن مستشفى آخر من إجراء الإجهاض لعدم وجود طبيب توليد به.
وأضاف الطبيب: "بعد أن تجاوز الحمل أربعة أشهر، كان علينا تقديم الدعم النفسي لها، لتتمكن من قبول الوضع. كان هذا هو الخيار الوحيد المتاح أمامنا".
وقال تقرير "هيومن رايتس ووتش" إن "الندوب الجسدية والعاطفية والاجتماعية والنفسية الاجتماعية التي تعاني منها الناجيات هائلة". وتذكر العاملون في مجال الرعاية الصحية علاج الناجيات من "إصابات منهكة طالتهن، نتيجة عنف عمليات الاغتصاب والاغتصاب الجماعي، بما في ذلك النزيف المهبلي والكدمات والصدمات الجسدية الأخرى". وفي أربع حالات على الأقل، ثبت أن هذه الإصابات قاتلة.
اتهامات بجرائم الحرب
ورغم أن التقرير يفصل في معظمه العنف الذي ارتكبته قوات الدعم السريع، إلا أنه قال إن بعض الناجيات كن يخشين الإبلاغ عن حوادث تورط فيها جنود من القوات المسلحة السودانية، لأنهن خفن أن ترفض السلطات ادعاءاتهن.
كما انتقد التقرير كلا الجانبين لمنعهما الاستجابة الشاملة للعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقالت هيومن رايتس ووتش إن القوات المسلحة السودانية قيدت عمدا الإمدادات الإنسانية وفرضت حصارا على دخول الأدوية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في الخرطوم، منذ أواخر العام الماضي.
في حين نهبت قوات الدعم السريع الإمدادات الطبية، ووفقا للتقرير، ارتكب بعض المقاتلين "أعمال عنف جنسي" ضد مقدمي الرعاية الصحية في بعض الأحيان. ويتذكر أحد مقدمي الرعاية الصحية أنه طُلب منه عدم إبلاغ الأمم المتحدة عن حالات العنف الجنسي.
وبحسب ما ورد، قال المقاتل: "يمكنني قتلك هنا الآن إذا كنت تريد القيام بذلك، يجب أن تكون حذرا وتتوقف عن إرسال التقارير".
وسبق لشبكة CNN أن أوردت تقارير عن حملة قتل واستعباد وعنف جنسي شنتها قوات الدعم السريع، والتي ارتكبت بشكل سري. وفي تصريحات سابقة لشبكة CNN، نفت قوات الدعم السريع بشدة مزاعم الاغتصاب والفظائع الأخرى.
وقال معدو التقرير إن الحالات الموثقة للعنف الجنسي والزواج القسري والهجمات المتعمدة ضد مرافق الرعاية الصحية ومقدميها، تمثل "انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي"، فضلا عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ورغم شدة المعاناة، قالت هيومن رايتس ووتش إنه لم تكن هناك "استجابة إقليمية أو دولية ذات مغزى". ودعت الجانبين إلى وقف الهجمات فورا على مرافق الرعاية الصحية والعاملين بها، والسماح بدخول المساعدات إلى مناطق الصراع.
وأضاف التقرير أن مجلس الأمن الدولي يجب أن يدعو الأطراف المتحاربة إلى إنهاء العنف الجنسي، ويفرض عقوبات تستهدف القادة والجناة المسؤولين عن الفظائع.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الأمم المتحدة الحكومة السودانية الخرطوم هيومن رايتس ووتش القوات المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع تقریر هیومن رایتس هیومن رایتس ووتش النساء والفتیات الرعایة الصحیة العنف الجنسی
إقرأ أيضاً:
عمليات قتل تطال العشرات في ود عشيب السودانية.. واتهامات للدعم السريع بالوقوف وراءها
اتهمت تقارير سودانية، الأربعاء، قوات الدعم السريع بارتكاب "مجزرة" بحق المواطنين في قرية "ود عشيب" بولاية الجزيرة وسط السودان، مما أسفر عن مقتل 42 شخصا وإصابة العشرات.
وقال بيان لـ"مؤتمر الجزيرة"، وهو كيان مدني تشكل بعد سيطرة قوات الدعم على ولاية الجزيرة في ديسمبر الماضي، إن الأخيرة ارتكبت "مجزرة مروعة بحق المواطنين"، الثلاثاء.
وأضاف البيان أن أهالي القرية يعانون من "حصار" قوات الدعم السريع ومن "تعدياتها المستمرة التي تسببت في كارثة إنسانية لا تقل أبداً عن تلك التي تسببت بها في مدينة الهلالية، وراح ضحيتها 26 مواطنا جراء الجوع والمرض".
وتواصلت "الحرة" مع متحدث باسم قوات الدعم السريع للحصول على تعليق، الذي لم يرد حتى موعد نشر الخبر.
اتهامات جديدة لـ"الدعم السريع" بقتل مدنيين في الجزيرة السودانية كشفت تقارير سودانية محلية، السبت، مقتل 23 مواطنا بإحدى قرى ولاية الجزيرة على يد قوات الدعم السريع، في استمرار للاتهامات التي تواجهها المجموعة التي دخلت في حرب مع الجيش منذ أبريل 2023.وطالما تنفي قوات الدعم السريع استهداف المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها، وتقول إنها تستهدف "مجموعات مسلحة موالية للجيش".
يذكر أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وافق، الإثنين، على مقترحات قدمها المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، بشأن الأزمة، وذلك خلال لقاء جرى بينهما في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية.
من جانبه، عبّر المبعوث الأميركي الخاص للسودان عن سعادته بزيارة السودان، مبيناً أنها (الزيارة) "تحمل رسالة واضحة من الولايات المتحدة بأنها تقف بجانب الشعب السوداني، مثلما كان يحدث دائماً خلال العقود الماضية".
البرهان يوافق على مقترحات المبعوث الأميركي لحل الأزمة السودانية وافق رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، على مقترحات قدمها المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، بشأن الأزمة السودانية، خلال لقاء جرى بينهما، الإثنين في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية.وأوضح أنه عقد اجتماعات "مثمرة" مع البرهان، وقادة المجتمع المدني وفريق الأمم المتحدة الإنساني.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دان في الأول من نوفمبر الجاري، الهجمات الأخيرة التي شنتها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، داعيا إلى وقف إطلاق النار لحماية المدنيين.
وأصدر غوتيريش بيانا، أعرب فيه عن استيائه الشديد بشأن التقارير التي أفادت بأن "أعدادا كبيرة من المدنيين قُتلوا واحتجزوا وشُردوا، وبأن أعمال العنف الجنسي ارتكبت ضد النساء والفتيات، كما نُهبت المنازل والأسواق وأُحرقت المزارع".