نهاية مأساوية لفلسطينية عابرة جنسيا.. كيف تغيرت إسرائيل بعد وفاة زهافا؟
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
يعيد وثائقي إسرائيلي التذكير بالنهاية المأساوية لفلسطينية عابرة جنسيا كانت انتحرت في إسرائيل بعدما واجهت صعوبات، سواء في محيط أسرتها بالضفة الغربية أو في إسرائيل، حيث قررت الانتحار بعد رحلة شاقة في الحصول على إقامة ورعاية طبية، لكن قضيتها أدت إلى تغييرات في سياسة الحكومة الإسرائيلية، بعد وفاتها.
ويشير تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى وثائقي بعنوان "اسمها زهافا" سيعرض الشهر القادم في إسرائيل عن "زهافا" التي انتحرت في أكتوبر عام 2021 بعدما فرت من الضفة الغربية.
وكان الوثائقي حصل على جائزة مرموقة في مهرجان حيفا السينمائي، العام الماضي، وأدت حرب غزة بعد ذلك إلى وقف عرضه على شاشات السينما.
وعُثر على زهافا فاقدة الوعي في أكتوبر 2021 في حديقة النصب التذكاري في حيفا، وهي منطقة معروفة بممارسة الدعارة.
ونقلت الفتاة التي كانت بعمر 22 عاما إلى المستشفى وتوفيت بعد 3 أيام، وأعلنت الشرطة وفاتها انتحارا.
ولدت زهافا في قرية صغيرة بالقرب من طولكرم في الضفة الغربية، حيث عانت من الاعتداء الجنسي عندما كانت طفلة، وحاول عمها قتلها، وانتهى بها المطاف في الشوارع في سن مبكرة وتم الاتجار بها للعمل في مجال الجنس.
ووفق "تايمز أوف إسرائيل"، هربت الفتاة عبر الخط الأخضر إلى إسرائيل. وقدر الجيش الإسرائيلي حينها أنها في خطر حقيقي وجسيم وأصدر لها تصريحا مؤقتا.
وسمحت البطاقة لها بالبقاء داخل إسرائيل، لكنها لم تسمح لها بالحصول على عمل أو رعاية صحية. وكانت تتنقل ذهابا وإيابا بين الملاجئ المختلفة قبل أن تنهي حياتها في النهاية.
ووفق هآرتس، هربت إلى إسرائيل في سن 18، وطلبت الاعتراف بها باعتبارها ضحية للاتجار بالبشر، ولكن تم القبض عليها لإقامتها غير القانونية في إسرائيل وتم ترحيلها إلى السلطة الفلسطينية.
وعندما فرت مرة أخرى إلى إسرائيل، أُعيدت إلى السجن، فواجهت مزيدا من الاتهامات.
وفي يناير 2020، وبعد جلسة استماع في المحكمة طالبت فيها بالحماية من الترحيل والحصول على تصريح عمل، حصلت على تصريح إقامة مؤقتة، لا يقدم أي مزايا اجتماعية.
وانتظرت زهافا نقلها إلى بلد ثالث من خلال الأمم المتحدة، وكانت خائفة باستمرار من الترحيل، ثم لجأت إلى العمل في الجنس، قبل أن تقرر الانتحار.
وقالت نعمة ساباتو، العاملة الاجتماعية في منظمة “الأغودا” للحقوق المثلية، التي عملت في قضية زهافا، إنها "كانت مرحة ولم تكن من النوع المكتئب، رغم أنها تعرضت لصدمة بالطبع. لكن في حالتها، كان موتها نتيجة لهذا الواقع القاسي".
وقالت ساباتو: “لا أستطيع أن أقول ما كان يمكن أن يحدث. لكن كان من الممكن أن يغير ذلك قواعد اللعبة بالنسبة لها. بمجرد أن يكون للشخص الحق في العمل بشكل قانوني، تبدأ أشياء أخرى في الظهور. فجأة أصبحت لا تعتمد على أي شخص آخر".
وتشير هآرتس إلى أن هذه الحادثة "سلطت الضوء على حياة الفلسطينيين المثليين ومزدوجي الجنس والمتحولين جنسيا في إسرائيل الذين يطرقون أبواب الحكومة، لكن الحكومة تتجنب منحهم الإقامة وتغض الطرف عنهم عندما يعملون في الجنس".
وبعد نحو 3 أعوام على وفاتها، من المقرر أن يعرض الوثائقي القصير "كان اسمها زهافا" للمخرجة تمار باروخ، في الثامن عشر من أغسطس في تل أبيب ، ضمن مسابقة في مهرجان تل أبيب الدولي للأفلام الطلابية.
وتتذكر باروخ في بداية الفيلم أنها التقت زهافا في ملجأ بتل أبيب للعاملات في مجال الجنس. وتقول: "أتذكر أنها كانت ترتدي شعرا مستعارا أشقر اللون، وسألتني إن كان بوسعي أن أجد لها شعرا مستعارا يشبه شعرها، فكتبت على الفيسبوك وعرضت علي امرأة حريدية شعرا مستعارا قديما لها. ولم تهتم بأن الشعر المستعار كان مخصصاً لفلسطينية عابرة جنسياً".
وشاركت زهافا في صنع الفيلم، وتم تصويرها بوجه ظاهر، وتحدثت بشجاعة كبيرة.
ويظهر الفيلم خوف زهافا من ارتداء شعر مستعار في الشارع، واعترافها بالاغتصاب الذي تعرضت له في السجون الإسرائيلية، والاستغلال الجنسي في الضفة الغربية، وكفاحها من أجل البقاء في إسرائيل.
وإلى جانب الجحيم الذي كانت تعيش فيه، تبرز شخصيتها في الفيلم. وتقول باروخ: "كانت زهافا من النوع الذي يلامس قلبك على الفور. كانت تتمتع بمهارات البقاء وروح الدعابة التي يتمتع بها الناجون. كانت قوية ومميزة، وكانت تتواصل على الفور مع الناس. والفيلم شهادة على ذلك".
وتضيف: "لو كان أمامها خيار حقيقي، لفضلت البقاء في إسرائيل، لكن البلاد لا تسمح لأشخاص مثلها بالحصول على الإقامة، بل تدفعهم بدلاً من ذلك إلى حياة هامشية".
لكن وفاة زهافا دفعت إلى إحداث تغييرات من أهمها منح إسرائيل تصاريح عمل للأشخاص الذين يحملون تصاريح إقامة مؤقتة، إلى أن يتم إيجاد حل دائم لهم.
لذلك فإن زهافا، التي لم تحصل على تصريح عمل، مكنت وفاتها من حصول نساء فلسطينيات متحولات جنسيا أخريات على هذا الحق.
وحدث تغيير آخر مهم في خدمات الرعاية الاجتماعية التي تقدمها الحكومة، فبعد أن تم إبعاد زهافا من برنامج الفتيات المعرضات للخطر بعد أن قرر مشرف الخدمات الاجتماعية أنها لا تستطيع البقاء هناك لأن "مظهرها لم يكن مظهر امرأة"، أصدرت وزارة الرعاية الاجتماعية، بعد عام من وفاتها، لوائح جديدة تنص على أن الرجال والنساء العابرين جنسيا سيتم قبولهم في مثل هذه البرامج على أساس هويتهم الجنسية.
لكن لايزال أمام إسرائيل طريق طويل لتقطعه في ما يتعلق بالفلسطينيين المثليين.
وفي فبراير الماضي، أثناء الحرب، تم ترحيل العشرات من الفلسطينيين المثليين جنسيا ومزدوجي الجنس والمتحولين جنسيا إلى الأراضي الفلسطينية، رغم حصولهم على تصاريح إقامة مؤقتة، وفق المخرجة.
وتقول: "إذا كانت إسرائيل تريد أن تكون دولة إنسانية، فعليها حماية أولئك الذين يفرون لإنقاذ حياتهم وتقديم ملاذ دائم لهم".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
ما اتفقت قناتا الجزيرة والحدث على أمر .. إلّا والطائفية كانت معهما !!
بقلم: فالح حسون الدراجي ..
لا أعرف لماذا أضع يدي على قلبي خوفاً على أهلي وأبناء وطني، وتحسباً لأمر جلل سيحدث، كلما رأيت قناتَي الجزيرة والحدث تتفقان على تغطية حدث ما، بلغة واحدة، ونفس إعلامي وسياسي واحد.. وسيزيد خوفي كلما كان في الجو دخان (طائفي)، أو رائحة لعفوية طائفية قريبة منا.. وقد أثبتت لي التجارب التي تنبهت لها مبكراً صواب شكي، ذلك الشك الذي أصبح يقيناً عندي منذ أن تأكد لي أن خلف أي اتفاق بين هاتين القناتين مصيبة تكمن… واليوم حين يرى المشاهد ( العادي ) هذا التشابه الغريب بين القناتين في تغطيتيهما وخطابيهما تجاه ما يحدث في الساحل السوري، فإنه ومن غير شك سيصاب بالدهشة، خاصة وأن أيّ متابع يعرف جيداً التاريخ المضطرب بين هاتين القناتين، ويعرف العلاقة المتوترة بينهما منذ تأسيسهما، حتى يقال إن تأسيس قناة الحدث جاء أصلاً لمنع تمدد قناة الجزيرة وانفرادها بالمشهد السياسي العربي.. وهكذا سارت قناة الحدث التابعة للملكة العربية السعودية، -تمويلاً وانتساباً وسياسة- في خط إعلامي وسياسي يتقاطع ويختلف ويتخالف مع خط قناة الجزيرة المملوكة لحكومة قطر .
وطبعاً فإن هناك أمثلة ووقائع عديدة تؤكد هذا التقاطع والإختلاف.. فهما مختلفتان في سياستيهما وتغطيتيهما للأحداث السياسية في ليبيا ومصر، وتونس، وفي ما حدث ويحدث في تركيا وايران ولبنان واليمن وغير ذلك.. وكي لا نذهب بعيداً، فإني أدعو القارئ الكريم للعودة الى ما حدث في 7 أكتوبر، وما تلى هذا الحدث التاريخي. فقناة الجزيرة تبنت موقفاً إعلامياً مؤيداً تماماً لحماس ومحور المقاومة ووحدة الساحات، فهي مثلاً تسمي هجوم حماس بطوفان الأقصى، وكانت تطبل وتزمر لهذا الهجوم، وتصفه بأوصاف عظيمة.. بينما قناة الحدث تبنت موقفاً مشابهاً لموقف أمريكا والدول الأوربية، وبعض البلدان العربية كمصر والإمارات والأردن والبحرين وحكومة لبنان، وكثيراً ما تبنت قناة الحدث وجهة نظر تل أبيب في الكثير من القضايا المتعلقة بالحرب
وقد ظهر ذلك من خلال الشخصيات السياسية والعسكرية والأكاديمية التي استضافتها لتغطية معارك غزة ولبنان، فكان هناك أكثر من سبعة محللين صهاينة يتحدثون يومياً لشاشة قناة الحدث ومعهم عشرات المحللين العرب الذين يتحدثون بشكل مباشر أو غير مباشر عن معارضتهم لحماس ودول الممانعة، ولا يجدون حرجاً في إعلان تأييدهم للكيان الصهيوني بحجج مختلفة.
وقد كانت الحدث على سبيل المثال تسمي طوفان الاقصى (هجوم 7 أكتوبر)، وتسمي شهداء الحرب الفلسطينيين واللبنانيين بـ (القتلى)..!
بينما تسميهم قناة الجزيرة ب (الشهداء،) !وهذا الحال ينطبق على عشرات المسميات والتسميات التي تختلف بها القناتان فيما بينهما.
وقطعاً فإن هذا الاختلاف بين القناتين ليس اختلافاً فنياً ولا مزاجياً ولا تنافسياً على تقديم الأفضل، او من أجل كسب المشاهدين وزيادة عدد المشاهدات، إنما هو اختلاف جوهري وبنيوي، مرتبط بالاختلاف بين نظام الحكم في قطر وسياسته التابعة لسياسة الإخوان المسلمين، ونظام الحكم في السعودية الذي يتبع منظومة من التوجهات والاحكام والقوانين والاشتراطات الوهابية المتشددة، تلك المنظومة التي تتعرض اليوم إلى هزة عنيفة، والى قضم متواصل لقوانينها وقيمها على يد ولي العهد السعودي الشاب محمد بن سلمان، متمنياً أن ينجح الرجل في خططه الرامية للتخلص من هذه المنظومة الرثة والقمعية، رغم شكوكي بنجاحه، وسبب شكوكي يعود إلى أن اليد الواحدة لا تصفق في السعودية، وإن ثمة عقولاً متحجرة، وأشخاصاً لهم تأثير وسطوة وعقيدة دينية ومرجعية ومصالح نافذة يقفون بقوة ضد أية محاولة جادة للتغيير وتحديث الحياة السعودية، بدليل ما نراه اليوم من تقارب بين ربيب القاعدة وداعش، الإرهابي احمد الجولاني – الشرع – وبين نظام الحكم في السعودية، رغم العداوة التاريخية المعمدة بالدم بين تنظيم الأخوان المسلمين – الذي ينتمي له الشرع وحكم آل سعود تلك العداوة التي لم تنطفئ نارها منذ ساعة عبد العزيز آل سعود إلى هذه الساعة.
إن محاولات بن سلمان التحديثية لتهشيم المنظومة الوهابية هي حتماً محاولات حميدة، وهي لعمري تستحق الدعم والتأييد منا قبل غيرنا، فالعراقيون أكثر شعوب الأرض عانوا من ويلات وكوارث وجرائم الوهابية، عندما كان انتحاريو القاعدة السعوديون قبل سنوات، ومن ثم انتحاريو داعش يأتون من مختلف المدن السعودية محملين بكل قاذورات الاحقاد الوهابية ومدججين بالأحزمة الناسفة، فينفجرون مع أحزمتهم وأحقادهم في أسواق العراق ومدارسه وملاعبه مخلفين آلاف القتلى المدنيين الأبرياء . لذا فإن ما يحدث اليوم في الساحل السوري من جرائم طائفية بشعة ترتكب ضد مواطنين مدنيين أبرياء من الطائفة العلوية، وكذلك الدرزية، وبعض الفئات المسيحية أيضاً، لهو أمر يثير الغضب والأسى لما يرتكبه أتباع الجولاني الذين يشبهون إلى حد ما أتباع القاعدة وداعش .. حتى أن وزارة الداخلية السورية نفسها أعلنت حسب ما نقلته عنها وكالة الأنباء الرسمية “سانا” قائلة، أن ” حشوداً شعبية وعسكرية توجهت بأعداد كبيرة غير منظمة إلى الساحل، مما أدى لبعض الانتهاكات الفردية، ونحن نعمل على إيقاف هذه التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري”..!
وإذا كانت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الشرع ذاتها تعترف بتوجه (حشود) عسكرية ومدنية مسلحة(يعني مقاتلين من النصرة أو تحرير الشام) بأعداد كبيرة إلى الساحل السوري لتقتل المدنيين العلويين وتذبحهم، وهم الذين يسمون العلويين (أعداء الله)، فماذا نتوقع ونتخيل عن أعداد الجثث المرمية في الشوارع والأزقة من المدنيين؟!..
في الوقت الذي يقال فيه إن أكثر من 340 مدنياً (علوياً) قتلوا منذ يوم الخميس حتى مساء يوم الجمعة، وقد ازدادات اعداد القتلى بكثرة خلال يوم أمس السبت حتماً..
هذا وقد أفاد سكان من الساحل، ومنظمات مدنية بحصول انتهاكات إنسانية خطيرة خلال عمليات نفذتها قوات الأمن، ومعها عصابات مسلحة، تشمل تنفيذ إعدامات ميدانية، وقتل على الهوية، وحوادث خطف، كانت تضعها السلطات قبل أيام في إطار “حوادث فردية” وكانت تتعهد بملاحقة المسؤولين عنها، رغم أنها لم تحقق في هذه الحوادث الفردية ولم تعلن يوماً عن محاسبة ولو شكلية لمرتكبي هذه (الحوادث الفردية)، أما اليوم فقد بات القتل في الساحل السوري جماعياً كارثياً وليس فردياً، خاصة سواء في أعداد الضحايا !
وعودة لثيمة المقال، فإني أدعو إلى متابعة قناتي الجزيرة والحدث المختلفتين سابقاً في كل شيء، ومشاهدة شاشتيهما اليوم، لمعرفة تغطيتيهما الموحدتين، و (السبتايتلات) المتشابهة، وكي تروا كيف تقف هاتان القناتان هذه الأيام وقفة واحدة خلف طائفية ودموية أحمد الشرع و أتباعه، وكيف تحول وتصور هاتان القناتان -بلا حياء- ضحايا الساحل السوري، كمجرمين وقتلة، بينما تصور المجرمين والقتلة الحقيقيين أبرياء وضحايا ومظلومين، يدافعون عن الوطن والدين والناس..!!
إنها الطائفية اللعينة ليس إلا، وما مسؤولو هاتين القناتين والعاملون على سياستيهما، إلا بعض من المصابين بهذا المرض الخبيث، مرض الطائفية الذي لن يتخلصوا منه كما يبدو ، مهما كانت الظروف والإدعاءات، والمعالجات فـ( الجَرَب الطائفي) أبدي، ولن يشفى منه صاحبه أبداً..!
ختاماً أقول بضرس قاطع: إننا لاندافع عن العلويين الذين طغوا وتجبروا في عهد الأسد، ولا ندافع عن أزلام البعث القتلة، سواء أكانوا علويين او درزيين أو غيرهم، إنما ندافع عن المدنيين الأبرياء الذين يذبحون اليوم على الهوية على يد عصابات ارهابية سورية، وأخرى قدمت من بلدان ودول أجنبية.. كما نريد أيضاً من هاتين القناتين الواسعتين، تغطية إعلامية عادلة ونزيهة تفضح فيها جرائم القتلة والمجرمين مهما كانت هويتهم وطائفتهم، وتدافع بنفس القوة عن الضحايا الأبرياء مهما كانت طوائفهم أيضا، لا أن تنظر بعين عوراء إلى ( الساحات )، وتكيل بمكيالين!!
فالح حسون الدراجي