يعيد وثائقي إسرائيلي التذكير بالنهاية المأساوية لفلسطينية عابرة جنسيا كانت انتحرت في إسرائيل بعدما واجهت صعوبات، سواء في محيط أسرتها بالضفة الغربية أو في إسرائيل، حيث قررت الانتحار بعد رحلة شاقة في الحصول على إقامة ورعاية طبية، لكن قضيتها أدت إلى تغييرات في سياسة الحكومة الإسرائيلية، بعد وفاتها.

ويشير تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى وثائقي بعنوان "اسمها زهافا" سيعرض الشهر القادم في إسرائيل عن "زهافا" التي انتحرت في أكتوبر عام 2021 بعدما فرت من الضفة الغربية.

وكان الوثائقي حصل على جائزة مرموقة في مهرجان حيفا السينمائي، العام الماضي، وأدت حرب غزة بعد ذلك إلى وقف عرضه على شاشات السينما.

وعُثر على زهافا فاقدة الوعي في أكتوبر 2021 في حديقة النصب التذكاري في حيفا، وهي منطقة معروفة بممارسة الدعارة.

ونقلت الفتاة التي كانت بعمر 22 عاما إلى المستشفى وتوفيت بعد 3 أيام، وأعلنت الشرطة وفاتها انتحارا.

ولدت زهافا في قرية صغيرة بالقرب من طولكرم في الضفة الغربية، حيث عانت من الاعتداء الجنسي عندما كانت طفلة، وحاول عمها قتلها، وانتهى بها المطاف في الشوارع في سن مبكرة وتم الاتجار بها للعمل في مجال الجنس.

ووفق "تايمز أوف إسرائيل"، هربت الفتاة عبر الخط الأخضر إلى إسرائيل. وقدر الجيش الإسرائيلي حينها أنها في خطر حقيقي وجسيم وأصدر لها تصريحا مؤقتا.

وسمحت البطاقة لها بالبقاء داخل إسرائيل، لكنها لم تسمح لها بالحصول على عمل أو رعاية صحية. وكانت تتنقل ذهابا وإيابا بين الملاجئ المختلفة قبل أن تنهي حياتها في النهاية.

ووفق هآرتس، هربت إلى إسرائيل في سن 18، وطلبت الاعتراف بها باعتبارها ضحية للاتجار بالبشر، ولكن تم القبض عليها لإقامتها غير القانونية في إسرائيل وتم ترحيلها إلى السلطة الفلسطينية.

وعندما فرت مرة أخرى إلى إسرائيل، أُعيدت إلى السجن، فواجهت مزيدا من الاتهامات.

وفي يناير 2020، وبعد جلسة استماع في المحكمة طالبت فيها بالحماية من الترحيل والحصول على تصريح عمل، حصلت على تصريح إقامة مؤقتة، لا يقدم أي مزايا اجتماعية.

وانتظرت زهافا نقلها إلى بلد ثالث من خلال الأمم المتحدة، وكانت خائفة باستمرار من الترحيل، ثم لجأت إلى العمل في الجنس، قبل أن تقرر الانتحار.

وقالت نعمة ساباتو، العاملة الاجتماعية في منظمة “الأغودا” للحقوق المثلية، التي عملت في قضية زهافا، إنها "كانت مرحة ولم تكن من النوع المكتئب، رغم أنها تعرضت لصدمة بالطبع. لكن في حالتها، كان موتها نتيجة لهذا الواقع القاسي".

وقالت ساباتو: “لا أستطيع أن أقول ما كان يمكن أن يحدث. لكن كان من الممكن أن يغير ذلك قواعد اللعبة بالنسبة لها. بمجرد أن يكون للشخص الحق في العمل بشكل قانوني، تبدأ أشياء أخرى في الظهور. فجأة أصبحت لا تعتمد على أي شخص آخر".

وتشير هآرتس إلى أن هذه الحادثة "سلطت الضوء على حياة الفلسطينيين المثليين ومزدوجي الجنس والمتحولين جنسيا في إسرائيل الذين يطرقون أبواب الحكومة، لكن الحكومة تتجنب منحهم الإقامة وتغض الطرف عنهم عندما يعملون في الجنس".

وبعد نحو 3 أعوام على وفاتها، من المقرر أن يعرض الوثائقي القصير "كان اسمها زهافا" للمخرجة تمار باروخ، في الثامن عشر من أغسطس في تل أبيب ، ضمن مسابقة في مهرجان تل أبيب الدولي للأفلام الطلابية.

وتتذكر باروخ في بداية الفيلم أنها التقت زهافا في ملجأ بتل أبيب للعاملات في مجال الجنس. وتقول: "أتذكر أنها كانت ترتدي شعرا مستعارا أشقر اللون، وسألتني إن كان بوسعي أن أجد لها شعرا مستعارا يشبه شعرها، فكتبت على الفيسبوك وعرضت علي امرأة حريدية شعرا مستعارا قديما لها. ولم تهتم بأن الشعر المستعار كان مخصصاً لفلسطينية عابرة جنسياً".

وشاركت زهافا في صنع الفيلم، وتم تصويرها بوجه ظاهر، وتحدثت بشجاعة كبيرة.

ويظهر الفيلم خوف زهافا من ارتداء شعر مستعار في الشارع، واعترافها بالاغتصاب الذي تعرضت له في السجون الإسرائيلية، والاستغلال الجنسي في الضفة الغربية، وكفاحها من أجل البقاء في إسرائيل.

وإلى جانب الجحيم الذي كانت تعيش فيه، تبرز شخصيتها في الفيلم. وتقول باروخ: "كانت زهافا من النوع الذي يلامس قلبك على الفور. كانت تتمتع بمهارات البقاء وروح الدعابة التي يتمتع بها الناجون. كانت قوية ومميزة، وكانت تتواصل على الفور مع الناس. والفيلم شهادة على ذلك".

وتضيف: "لو كان أمامها خيار حقيقي، لفضلت البقاء في إسرائيل، لكن البلاد لا تسمح لأشخاص مثلها بالحصول على الإقامة، بل تدفعهم بدلاً من ذلك إلى حياة هامشية".

لكن وفاة زهافا دفعت إلى إحداث تغييرات من أهمها منح إسرائيل تصاريح عمل للأشخاص الذين يحملون تصاريح إقامة مؤقتة، إلى أن يتم إيجاد حل دائم لهم.

لذلك فإن زهافا، التي لم تحصل على تصريح عمل، مكنت وفاتها من حصول نساء فلسطينيات متحولات جنسيا أخريات على هذا الحق.

وحدث تغيير آخر مهم في خدمات الرعاية الاجتماعية التي تقدمها الحكومة، فبعد أن تم إبعاد زهافا من برنامج الفتيات المعرضات للخطر بعد أن قرر مشرف الخدمات الاجتماعية أنها لا تستطيع البقاء هناك لأن "مظهرها لم يكن مظهر امرأة"، أصدرت وزارة الرعاية الاجتماعية، بعد عام من وفاتها، لوائح جديدة تنص على أن الرجال والنساء العابرين جنسيا سيتم قبولهم في مثل هذه البرامج على أساس هويتهم الجنسية.

لكن لايزال أمام إسرائيل طريق طويل لتقطعه في ما يتعلق بالفلسطينيين المثليين.

وفي فبراير الماضي، أثناء الحرب، تم ترحيل العشرات من الفلسطينيين المثليين جنسيا ومزدوجي الجنس والمتحولين جنسيا إلى الأراضي الفلسطينية، رغم حصولهم على تصاريح إقامة مؤقتة، وفق المخرجة.

وتقول: "إذا كانت إسرائيل تريد أن تكون دولة إنسانية، فعليها حماية أولئك الذين يفرون لإنقاذ حياتهم وتقديم ملاذ دائم لهم".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

المحكمة العليا البريطانية: تعريف القانون للمرأة يشير إلى الجنس البيولوجي

قضت المحكمة العليا في المملكة المتحدة، الأربعاء، بأن تعريف "المرأة" ضمن تشريع المساواة البريطاني يشير إلى "الجنس البيولوجي"، لكن القرار الذي وصف بـ"التاريخي" لن يؤدي، وفق المحكمة، إلى حرمان المتحولين جنسيا من حقوقهم.

وجاء القرار بعد طعن قدمته مجموعة "من أجل النساء في اسكتلندا"، على خلفية توجيهات حكومية في اسكتلندا رافقت قانونا صدر عام 2018، يهدف إلى زيادة تمثيل النساء في مجالس إدارات القطاع العام.

واعتبرت تلك التوجيهات أن المرأة المتحولة الحاصلة على "شهادة اعتراف بالجنس" تُعد قانونيا امرأة، وهو ما دفع الحملة للمجادلة بأن الحقوق بموجب قانون المساواة يجب ألا تطبق إلا على أساس "الجنس البيولوجي" للشخص.


وكانت المحاكم الاسكتلندية قد رفضت طعن المجموعة، غير أن المحكمة العليا قضت، بعد استئناف قدم في تشرين الثاني /نوفمبر الماضي، لصالح الحملة.

وقال نائب رئيس المحكمة العليا، باتريك هودج، إن "قرار هذه المحكمة بالإجماع هو أن مصطلحي ’نساء’ و’جنس’ في قانون المساواة لعام 2010 يشيران إلى المرأة البيولوجية والجنس البيولوجي".

لكنه أضاف: "ننصح بألا يُقرأ هذا الحكم على أنه انتصار لفئة أو أكثر في مجتمعنا على حساب فئة أخرى، إنه ليس كذلك"، حسب وكالة رويترز.


وأشار منتقدو التوجيهات الحكومية إلى أن تعريف المرأة بغير الجنس البيولوجي قد يؤثر سلبا على الخدمات المخصصة للنساء فقط، مثل الملاجئ، وأجنحة المستشفيات، والرياضة النسائية، بينما حذر نشطاء من المتحولين جنسيا من أن الحكم قد يُستخدم لتبرير التمييز، خاصة في مجالات مثل التوظيف.

وأكد هودج أن “التفسير الصحيح لقانون المساواة بإشارته إلى الجنس البيولوجي لا يتسبب في حرمان من الحقوق للمتحولين جنسيا، سواء كانوا حاصلين على شهادة اعتراف بالجنس أم لا"، موضحا أن "المتحولين جنسيا يتمتعون بالحقوق المرتبطة بالخاصية المحمية (بالقانون) المتمثلة في تغيير الجنس".

يُذكر أن الجدل القانوني حول حقوق المتحولين جنسيا لا يقتصر على بريطانيا، إذ يشهد القضاء الأمريكي طعونا مماثلة بعد إصدار الرئيس دونالد ترامب أوامر تنفيذية تمنع المتحولين جنسيا من الخدمة العسكرية.

مقالات مشابهة

  • وفاة 64 أسيرا فلسطينيا في سجون إسرائيل منذ بداية حرب غزة
  • القضاء البريطاني يهزم المتحولين: المرأة في عين القانون.. بيولوجياً فقط
  • إدارة ترامب تقاضي ولاية أمريكية بسبب المتحولات جنسياً
  • وفاة مأساوية.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الثاني بالعجوزة
  • المحكمة العليا البريطانية: تعريف القانون للمرأة يشير إلى الجنس البيولوجي
  • مراسل سانا: أهلي حلب يفوز على أمية بأربعة أهداف مقابل هدف واحد في نهاية المباراة التي جمعتهما على أرض ملعب الفيحاء بدمشق ضمن بطولة المستقبل لكرة القدم
  • وزارة الخارجية تعرب عن إشادة المملكة بالإجراءات التي اتخذتها الجهات الأمنية في الأردن لإحباط مخططات كانت تهدف إلى المساس بأمنه وإثارة الفوضى
  • نهاية عليزا ماغن.. نائبة رئيس الموساد التي صنعت مجدها بالتجسس على العرب
  • نهاية عليزا ماجن.. نائبة الموساد التي صنعت مجدها بالتجسس على العرب
  • الأمين العام للأمم المتحدة: “إسرائيل” تحرم المدنيين في غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة