معرض عُمان للتوظيف منصة تستعرض احتياجات سوق العمل
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
جمع معرض عُمان للتوظيف كافة الجهات والشركات الكبرى لعرض أحدث فرص التوظيف، وشارك في المعرض أكثر من 100 شركة ومؤسسة، كما تجاوز عدد الزوار 10 آلاف زائر، وتضمن المعرض جلسات حوارية شارك فيها نحو 30 متحدث.
وهدف المعرض إلى منح المؤسسات والباحثين عن عمل منصة وفرصة للتواصل، وعرض الإمكانات ومناقشة تحديات العثور على وظائف في سلطنة عمان، إلى جانب كيفية التغلب عليها، وأسهم المعرض في تعزيز الحصول على صورة كاملة عن سوق العمل اليوم، كما أن الجلسات الحوارية عززت مستوى المعرفة لدى الباحثين والمهتمين في معرفة الفجوات التي تواجه قطاع التعليم والمناهج التي يتطلبها سوق العمل.
وفي لقاء "عمان" مع مختصين من مختلف الجهات، أكدو أن مواءمة التعليم بقطاع سوق العمل يواجه عدة تحديات، إلا أن تذليلها يقتصر الجلوس على طاولة واحدة تتضمن قطاع التعليم وخبرات من قطاع العمل، الذي من شأنه يوضح صورة عن حاجيات العمل وإخراطها في المناهج التعليمية، كما أشاروا أنه لا بد من وجود منظومة متكاملة بين مختلف القطاعات التي من شأنها تعزز المخرجات التعليمية بما يتواكب مع متطلبات قطاع الأعمال.
ثقافة التكامل
وقال شفيق بن درويش العبري، مدير دائرة شؤون التعليم والتدريب بالمديرية العامة للتدريب المهني بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار: إن المواءمة بين مؤسسات التعليم الحكومية والخاصة مع قطاعات الأعمال المختلفة يتطلب الكثير من الأعمال، إذ تعتبر المواءمة أحد أهم المتطلبات التي تعزز التكاملية وتزيد الإنتاجية وجودة المخرجات لتتواكب مع قطاعات الأعمال المختلفة، وأشار إلى أنه لا بد من معرفة الاحتياجات وتحليلها حسب متطلبات سوق العمل، مما يسهم في الانعكاس الإيجابي إلى تطوير المناهج وتحديثها،
لافتا أنه لا بد من تشكيل لجان استشارية تتضمن من مختلف قطاعات العمل، تسهم في تعزيز ثقافة التكامل والتعاون بين مختلف القطاعات سواء التعليمية أو قطاع الأعمال.
الابتكار والتكنولوجيا
من جانبه قال الدكتور عصام بن حسين اللواتي، رئيس قسم الابتكار ونقل التكنولوجيا بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط: إن الابتكار ونقل التكنولوجيا من أهم الموضوعات خصوصا في مؤسسات التعليم العالي، حيث لا بد من من التركيز على الجوانب المتعلقة بالابتكار والبحث العلمي والملكية الفكرية وكيفية الاستفادة من أفكار الطلبة أو الكادر التدريسي وحمايتها ثم تحويلها إلى مشاريع تجارية، حيث إن الابتكار لا يتعلق بالفكرة فقط وإنما آلية بناء الفكرة لتصبح مستقبلا مواكبة للتوجهات المحلية والعالمية و هذا سيسهم في تأسيس شركات ناشئة تسهم في الاقتصاد المحلي والعالمي، كما تسهم في في التنوع الاقتصادي وتعزيز الناتج المحلي مع تنوع مصادر الدخل تحقيقات لرؤية "عمان 2040".
في حين أشار عبدالله محمد حمود الفهدي، مدرب في الثقافة المؤسسية بشركة اوكيو إلى أن أبرز المهارات التي يتطلبها قطاع العمل هي التكيف مع الذكاء العطافي، والقيادة الذاتية، والتطور التقني الذي يتميز به الباحث عن عمل، لافتا أن ربط التخصص بتدريب الطلبة مع سوق العمل يدعم وجود منظومة متكاملة في ظل تشارك الشركات ومختلف القطاعات مع المؤسسات التعليمية.
التحديات
من جهته قال قيس بن جمعة الحجي، مدير خدمات عالم الأعمال بكلية الشرق الأوسط: إن هناك فجوة من خلال التسارع مع احتياجات سوق العمل، حيث إن التقنيات متجددة بشكل لحظي بناء على التغيرات الاقتصادية، كما أن نقلها إلى قطاع التعليم تحتاج وقت جراء السياسات والممارسات تتعلق بالتعليم العالي أو غيرها، إلى جانب ذلك عدم وجود منصة تجمع الطرفين مؤسسات التعليم العالي بقطاع الأعمال لمعرفة الاحتياجات، لذلك فإن إشراك قطاع الأعمال في تطوير المناهج والأكادميين بعمل في قطاع الأعمال ستسهم في التكاملية ومعرفة الاحتياج، فضلا عن نقل والأكادميين المعرفة عن قطاع العمل للطلبة في المؤسسات التعليمية.
كما أضاف الحجي: إنه لا بد من وجود سياسات تسمح باستقطاب خبرات قطاع العمل إلى المؤسسات التعليمية لإلقاء دروس يستفيد منها الطلبة عن سوق العمل واقعيا، وأشار إلى أن المعرفة تتضاعف بشكل مستمر مما تولد تسارعا كبيرا في تحديث متطلبات العمل، لافتا أنه علينا الأخذ بالإطار الوطني لاعتماد المناهج الدراسية لتمكين الطلبة، حيث إن هذا الإطار يتضمن أبرز المهارات الأساسية والفنية والتطبيقية، وإن أبرز المهارات الأساسية بينها التحدث والكتابة بشكل محترف باللغتين العربية والإنجليزية، إلى جانب العمليات الحسابية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التعلیم العالی قطاع الأعمال قطاع العمل سوق العمل لا بد من
إقرأ أيضاً:
مخرجات التعليم المهني وبوصلة المستقبل
يتغير مشهد الطلب على المهارات في أسواق العمل العالمية نتيجة ثلاثة محركات رئيسية؛ أولها: سطوة التقانة؛ بما في ذلك ما يُحدثه الذكاء الاصطناعي من تغيرات في الأدوار والوظائف والمهام في أسواق العمل، ومزاحمة سوق الروبوتات للأدوار البشرية في قطاعات العمل والإنتاج والمساعدة الشخصية وأداء المهام الاعتيادية والتصنيعية، تشير التحليلات على سبيل المثال إلى توقع أن تحل الروبوتات محل ما يقرب من 20 مليون وظيفة تصنيع في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030، مع قدرتها في المقابل على خلق ما يقرب من 170 مليون وظيفة جديدة على مستوى العالم بحلول عام 2030، وخاصة في المجالات المتعلقة بتطوير الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، وذلك بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي. أما المحرك الثاني: فيتمثل في الانتقال من الأنماط التقليدية للإنتاج القائمة على استنزاف الثروة، والكم الهائل من الانبعاثات، ونموذج الاقتصادات القائمة على الهيدروكربونات، إلى نموذج جديد تقوده فكرة الاستدامة، ويدفع بالاقتصادات نحو التخضير، والبناء على المعرفة، وينشط الاستثمار في أنماط الطاقة المتجددة، شهد عام 2023 أعلى زيادة تاريخية في وظائف الطاقة المتجددة، حيث نمت الوظائف التي خلقها القطاع بنسبة 18% مقارنة بالعام السابق له لتصل 16.2 مليون وظيفة، وفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة. أما المحرك الثالث: فيتصل بالطبيعة الديموغرافية للعالم؛ فما تشهده بعض الاقتصاديات من شيخوخة في السكان، وتراجع لمعدلات السكان في سن العمل، والحاجة إلى تكثيف المهارات في القطاعات الإنتاجية، والحاجة إلى جيل المهارات الرقمية يدفعها إلى فتح أسواقها للعمل والهجرة وتحسين جاذبية ظروف العمال، في مقابل تلك الدول التي تتمتع بشريحة عريضة من السكان في سن العمل، وتراكم للمهارات والتي بدأت بعضها تضع استراتيجيات وخططا لتهجير تلك القدرات والكفاءات إلى الدول ذات الاحتياج الأقصى.
بإيجاز؛ ما تعيشه أسواق العمل والإنتاج عالميًا اليوم هو صراعٌ في الطلب على المهارات، ويبدو أن الـ (5 – 10) سنوات القادمة ستكون معملًا عالميًا لإعادة تأهيل المهارات البشرية، وهو ما يمكن أن نسميه التحول المهاري الأكبر (The biggest skill shift) الذي تقوده المحركات الثلاثة التي أسلفنا ذكرها، وهو ما يدفع بالمجتمعات إلى مواكبة والتأقلم مع مهارات الثورة الصناعية الرابعة، والاستفادة القصوى من المُكن الحضارية والإنتاجية والاقتصادية التي تتيحها للبشرية بعدالة. في القراءة التي قدمها تقرير (مستقبل الوظائف 2025) الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، قدم مثالًا بسيطًا عن حجم الحاجة إلى إعادة تأهيل المهارات للقوى العاملة عالميًا، «فإذا كانت القوى العاملة مثلًا 100 شخص، سيحتاج 59 منهم إلى التدريب بحلول عام 2030. بحيث سيكون 29 منهم يمكن رفع مهاراتهم في أدوارهم الحالية، ورفع مهارات 19 آخرين وإعادة نشرهم في أماكن أخرى داخل مؤسستهم. وفي المقابل من غير المرجح أن يتلقى 11 منهم إعادة التأهيل أو رفع المهارات اللازمة، مما يجعل آفاق توظيفهم معرضة للخطر بشكل متزايد». يضرب لنا هذا المثال المبسط طبيعة المشهد العالمي المتغير للمهارات، والكيفية التي يجب فيها من اللحظة الراهنة التفكير في سبل إعادة التمحور للمهارات، ليس فقط على مستوى القطاعات والمؤسسات ووسائط الإنتاج الاقتصادية، وإنما حتى على المستويات الوطنية بما في ذلك العاملين في القطاعات الحكومية.
على المستوى المحلي، يقود مستقبل التغير في المهارات خمسة عوامل رئيسية في تقديرنا: الأول؛ الطلب والاستثمار في قطاعات الطاقة المتجددة؛ وما يمكن أن يخلقه من فرص جديدة، وطلب على أشكال محددة من المهارات، أو طلب في تحويل مهارات قائمة. العامل الثاني؛ يتشكل في تغير أنماط العمل الحكومي، بما في ذلك التحول الرقمي للحكومة، والانتقال إلى نمط الحكومة التفاعلية والميدانية، وهو ما يتطلب مهارات نوعية بعينها تجسر هذا الانتقال وتسرعه. أما العامل الثالث؛ فهو أنماط الاقتصاد الجديد، وهنا نعني الكيفية التي يمكن من خلالها للمتعلمين والقوى العاملة أن تكتسب مهارات مرنة تكيفها للاندماج في الاقتصاد الجديد؛ هذا الاقتصاد الذي تقوده أنماط ريادة الأعمال، وريادة الأعمال الاجتماعية، والفرص التي يتيحها تنشيط أنماط العمل الحر، وكذلك الفرص الممكنة لاندماج هذه القوى العاملة في مشهد العمل العالمي عبر الحدود. العامل الرابع؛ الذي يقود التغير في مستقبل المهارات هو طبيعة المشروعات الاستراتيجية الكبرى التي تنفذ أو يعتزم تنفيذها، وكيف يمكن لمهارات القوى العاملة الوطنية أن تلبي احتياج تلك المشروعات في مختلف القطاعات، وليس ذلك فحسب بل تنتقل إلى أن تضيف ميزة تنافسية للأداء في تلك المشروعات عبر الابتكار وتخليق النماذج الإبداعية. العامل الخامس؛ هو إدراك التغير المطلوب والمُلِح في الأنماط التقليدية للتعليم، والضرورة التي يجب من خلالها أن تتحول ساحات التعلم إلى ساحات ممارسة وتطبيق تكسب مهارات التكيف والتدبير، وأن تتحول بها مناهجه ووسائله من أدوات لإكساب المعرفة إلى أدوات لتبسيط القدرات المتقدمة في التفكير والنقد والتحليل وإعادة البناء. هذه العوامل الخمسة تجعل من النظر إلى دور التعليم المهني محوريًا في مواكبة هذه المتغيرات، وذلك لثلاثة اعتبارات أساسية: أولها القيمة الاقتصادية لهذا النوع من أنواع التعليم، حيث تشير الأدلة التاريخية عبر العالم إلى تلك القيمة المضافة للاقتصادات والأفراد الذين انخرطوا في هذا الشكل من أشكال التعليم مقارنة بأقرانهم في أنماط التعليم الأكاديمي، الاعتبار الآخر هو قدرة هذا النوع من التعليم على تجسير المهارات بشكل أسرع وأكثر مرونة مقارنة بأنماط التعليم الأخرى. أما الاعتبار الثالث فيتثمل في سهولة الربط بين هذا الشكل من التعليم مؤسسيًا وهيكليًا بالقطاعات الإنتاجية بشكل مباشر. وسنتناول في الجزء التالي من هذه المقالة هذه الاعتبارات وكيفية إسقاطها في واقع سياسات التعليم المهني محليًا.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان