تحتدم المعارك في إقليم أزواد بالشمال المالي، بين الحركات الأزوادية (الطوارق) والجيش المالي مدعوما بقوات فاغنر، وسط مخاوف من تأثير هذه المواجهات على عدد من دول المنطقة خصوصا موريتانيا والجزائر التي تجرى المواجهات قرب حدودهما.

وخلال الأيام الماضية شهدت الحدود المالية مع الجزائر اشتباكات ضارية بين الجيش المالي مدعوما بقوات "فاغنر"، والحركات المسلحة الأزوادية "الطوارق".



ودارت المواجهة بشكل خاص في منطقة تينزاواتين الواقعة على بعد 233 كلم شمال شرق كيدال على الحدود مع الجزائر.

"إعلان الانتصار"

وقالت الحركات الأزوادية، إنها حققت "انتصارا كبيرا" على جيش مالي وعناصر مجموعة فاغنر الروسية.

وأعلن "الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي" (يضم عدة حركات من الطوارق والقبائل العربية) أن قواته "دمرت ارتال العدو بشكل نهائي يوم السبت الماضي" في إشارة للجيش المالي وقوات باغنر، وذلك خلال معارك بمنطقة تنزواتين، قرب الحدود مع الجزائر.

وأضاف الإطار الاستراتيجي في بيان صادر عنه مساء أمس الأحد، أن 7 من عناصره قتلوا وجرح 12 آخرون، خلال المعارك.



وأوضح البيان الموقع من طرف المتحدث باسم الإطار الاستراتيجي محمد المولود رمضان، أنه "تم الاستيلاء على عربات وأسلحة كبيرة أو إتلافها"، كما تم "أسر العدد القليل الناجي من عناصر القوات المسلحة المالية وميليشيا فاغنر".

وأشاد الإطار الاستراتيجي "بهذا النصر المدعوم الصور والفيديوهات خلال كل هذه المعارك"، مؤكدا أنه "لا يمكن لأي دعاية أخرى معادية أن تسرق انتصاره المدوي أو تصرفه عن أهدافه".

من جهته أعلن الجيش المالي أن ناقلاته الجوية، قتلت 5 من القوات الأزوادية بمنطقة تينزواتين، مضيفا أن "الوضع تحت السيطرة" وبأن المنطقة "تظل معقلا يتلاقى فيه الإرهابيون والمهربون بمختلف أنواعهم".

كما أعلنت مجموعة "فاغنر" على قناتها على "تليغرام" بأنه "يتم تداول لقطات في أعقاب معركة عنيفة بمالي قرب تينزواتين" مضيفة أن هذه" ليست المعركة الأولى غير المتكافئة مع الإرهاب العالمي، ولن تكون الأخيرة".

وأشارت "فاغنر" إلى أن مقاتلي المجموعات الأزوادية، استغلوا "عاصفة رملية لصالحهم، حيث لم تتمكن الطائرات من تقديم الدعم بسبب الظروف الجوية".

ما أسباب المواجهة؟

يرى خبراء ومتابعون أن المواجهة الأخيرة بين الطرفين، الجيش المالي وقوات فاغنر من جهة، والحركات الأزوادية المسلحة من جهة أخرى، يعود لسلسلة من الأحداث والتطورات.

ويرى سليمان الشيخ حمدي وهو خبير أمني واستراتيجي ومدير مركز رؤية للدراسات، أن نكوص الحكومة المالية عن اتفاق الجزائر الموقعة سنة 2014 ودخولها في تصعيد مع الجبهات الأزوادية يعد من بين الأسباب الرئيسية للتصعيد الحاصل.

وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن الحكومة ألغت هذا الاتفاق ثم بدأت عمليات تصعيدية، قبل أن تقرر فرض سيطرتها على كامل إقليم أزواد وبالتالي الدخول في مواجهة مباشرة مع الحركات الأزوادية.

ولفت إلى أن الحكومة المالية كانت في السابق تقوم بهذه التحركات العسكرية ولكن ليس بهذه القوة "لكن شعرت بعد تلقيها الدعم من فاغنر أن لديها القوة لتبسط سيطرتها على الإقليم لتقوم بعملية واسعة، ما تسبب في المواجهات القوية التي حصلت".

وأضاف: "لكن الرد جاء قاسيا مع الحركات الأزوادية، التي كانت جاهزة على ما يبدو لهذه المعركة الشرسة".

وأشار إلى أن بعض الأخبار تتحدث عن أن قادة فاغنر يرفضون العودة للمواجهة في مناطق الشمال قبل أن يخوض معهم الجيش المالي المعركة بشكل مكثف "الشيء الذي لا يستطيع الحاكم العسكري في باماكو أن يضمنه لأن الجيش المالي ليست لديه الخبرة ولا حتى الاستعداد لمثل هذه المعارك".

تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2014 استضافت الجزائر محادثات سلام بين الحركات السياسية والعسكرية الأزوادية والحكومة المالية، تـُوجت باتفاق سلام وُقع بالتزامن في مدينتي الجزائر العاصمة وباماكو (عاصمة مالي) يوم 15 مايو 2015.

ونص الاتفاق على تخلي الأزواديين عن مطلب الانفصال عن مالي مقابل منحهم حكما ذاتيا موسع الصلاحيات، ودمج مقاتلي هذه الحركات في الجيش الوطني.

ووضع اتفاق الجزائر حدا لمعارك اشتعلت في 2012، إثر إعلان الحركات الأزوادية الاستقلال والانفصال عن مالي، بعد مشاركتها في معارك ضد الجيش الحكومي.

وفي آب /أغسطس عام 2023، أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي إنهاء العمل بهذا الاتفاق.

وقال بيان حينها صادر عن المتحدث باسم الحكومة المالية العقيد عبد الله مايغا، إن قرار إنهاء الاتفاق يعود إلى "التغير في مواقف بعض الجماعات الموقعة" على الاتفاق، وكذلك "الأعمال العدائية" من جانب الوسيط الرئيسي الجزائر.

تداعيات متوقعة

ويرى خبراء ومتابعون أن هذه التطورات ستكون لها تداعيات كبيرة على المنطقة، خصوصا موريتانيا والجزائر، نظرا لأن المعارك تجري قرب حدودهما.

وفي هذا السياق يرى الباحث "بالمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية" المختار ولد نافع، أن هذه المواجهات ستكون لها تداعيات كبيرة على المنطقة، خصوصا موريتانيا وبدرجة أقل على الجزائر.

وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن هذه المواجهات ستزيد من تدفق أعداد اللاجئين الماليين نحو الأراضي الموريتانية.

ولفت إلى التداخل الحاصل بين سكان المناطق على الحدود الموريتانية المالية، ونشاط الحركات المسلحة في المنطقة، مضيفا أن"موريتانيا ستكون الأكثر تضررا من هذه الأحداث، ومن أي توتر في المنطقة".

فيما يرى الخبر الأمني والاستراتيجي سليمان الشيخ حمدي، أن الجزائر تراقب الوضع بشكل كبير، مضيفا أن الجزائر "لا ترى مانعا في أن تلقم هذه الحركات حكومة باماكو حجرا وذلك بعد إلغاء مالي اتفاق الجزائر".

وأوضح في حديث لـ"عربي21" أن الحركات المسلحة في المنطقة قد تستغل هذه الظروف الأمنية لتعزيز حضورها وهو ما يشكل خطرا على الجزائر التي تحارب التنظيمات المسلحة في المنطقة.

الحوار هو الحل

وأكد الشيخ حمدي، أن من مصلحة الجزائر وموريتانيا البحث سريعا عن حل يمنع توسع الصراع في المنطقة.

وأكد أن البلدين يجب أن يتحركا فورا للبحث عن حلول وإقناع الأطراف بمفاوضات جديدة، محذرا من مخاطر انتشار السلاح في المنطقة وفتح المجال لقوى إقليمية جديدة للتدخل في المنطقة غير المستقرة.



وللإشارة فقد أعلن الناطق الرسمي باسم "الإطار الاستراتيجي الدائم، للدفاع عن شعب أزواد" محمد مولود رمضان، إنهم ليسوا مستعدين “لأي مفاوضات مع الانقلابين" في إشارة للمجلس العسكري الحاكم في باماكو.

وأضاف في تصريحات صحفية أنهم لا يعترفون “بوحدة التراب المالية”، مؤكدا أن لديهم هدف واضح هو "تحرير أرض أزواد” ولن يقبلوا الحوار قبل تحقيقه.

وإقليم أزواد الذي يطالب الطوارق بانفصاله عن مالي هو منطقة في شمال دولة مالي محاذية للحدود مع موريتانيا، ويضم عدة مدن أبرزها مدينة تمبكتو التاريخية، بالإضافة إلى مدينتي كيدال وغاو.

ويتكون سكان الإقليم من عرقيات الطوارق (هم غالبية السكان) والعرب والفلان والسونغاي. وتبلغ مساحة الإقليم 822 ألف كلم مربع أو ما يقارب الـ66 بالمئة من مساحة مالي الكلية البالغة مليونا و240 ألف كلم مربع.

وشكل الأزواديون سنة 1988 أول جبهة سياسية ذات نشاط عسكري عُرفت باسم "الحركة الشعبية لتحرير أزواد" إذ قادت تمردا عسكريا ضد باماكو سنة 1990، لكنها عانت بعد فترة قصيرة من أزمة داخلية انتهت بتفككها، وتحولها إلى عدة تشكيلات كان من أبرزها "الجبهة الشعبية لتحرير أزواد" و"الجيش الثوري لتحرير أزواد".

ومنذ استقلال مالي عن فرنسا 1960 يطالب سكان هذا الإقليم بالانفصال عن الجنوب المالي. وفي سبيل ذلك دخل الانفصاليون الطوارق منذ تسعينيات القرن الماضي في مواجهة دامية مع الجيش المالي، واستطاعوا في كثير من الأحيان السيطرة على بعض المناطق.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية أزواد المالي الطوارق فاغنر مالي أزواد الطوارق فاغنر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإطار الاستراتیجی الحرکات الأزوادیة الحکومة المالیة الجیش المالی فی المنطقة أن هذه إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجيش الأميركي يعلن وصول طائرات مقاتلة إلى المنطقة

أعلنت القيادة الوسطى الأميركية، فجر اليوم الجمعة، وصول طائرات مقاتلة من طراز "إف-15 إي" إلى المنطقة.

وقالت القيادة الوسطى للجيش الأميركي في منشور على حسابها في "إكس": "وصلت اليوم طائرات (إف-15 إي سترايك إيغلز) التابعة للقوات الجوية الأميركية من سرب المقاتلات رقم 492 التابع لسلاح الجو الملكي البريطاني في لاكنهيث بإنجلترا، إلى منطقة مسؤولية القيادة".

وكانت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، قد أعلنت في الثاني من نوفمبر الجاري، أنها أمرت بنشر مدمرات إضافية للدفاع الصاروخي الباليستي وأسراب مقاتلات وطائرات ناقلة وعدة قاذفات بعيدة المدى في الشرق الأوسط.

وقال بيان صادر عن "البنتاغون" وقتها: "تماشيا مع التزاماتنا بحماية المواطنين والقوات الأميركية في الشرق الأوسط، والدفاع عن إسرائيل، وخفض التصعيد من خلال الردع والدبلوماسية، أمر وزير الدفاع بنشر مدمرات إضافية للدفاع الصاروخي الباليستي وسرب مقاتلات والعديد من قاذفات القنابل بعيدة المدى التابعة للقوات الجوية الأميركية من طراز بي-52 في المنطقة".

وأضاف البيان: "ستبدأ هذه القوات بالوصول في الأشهر المقبلة مع استعداد مجموعة حاملة الطائرات الأميركية يو إس إس أبراهام لينكولن للمغادرة".

وتابع: "تعتمد عمليات النشر هذه على القرار الأخير بنشر نظام الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية (THAAD) في إسرائيل بالإضافة إلى الموقف المستمر لوحدة الحملة البحرية البرمائية الجاهزة التابعة لوزارة الدفاع في شرق البحر الأبيض المتوسط".

وشدد البيان على أن هذه التحركات: "تُظهر الطبيعة المرنة للوضع الدفاعي العالمي للولايات المتحدة وقدرتها على الانتشار في جميع أنحاء العالم في غضون مهلة قصيرة لمواجهة تهديدات الأمن القومي المتطورة".

واختتم البيان بالقول: "يواصل الوزير لويد أوستن توضيح أنه إذا استغلت إيران أو شركاؤها أو وكلاؤها هذه اللحظة لاستهداف أفراد أو مصالح أميركية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبنا".

ويوم الأحد الماضي، أعلنت القيادة الوسطى، وصول قاذفات استراتيجية من طراز "بي-52" إلى المنطقة.

وذكرت قالت القيادة الوسطى في منشور على حسابها الرسمي في "إكس": "وصلت قاذفات القنابل الاستراتيجية B-52 Stratofortress من جناح القنابل الخامس بقاعدة مينوت الجوية إلى منطقة مسؤولية القيادة الوسطى".

وتخوض إسرائيل التي تُعتبر الولايات المتحدة حليفتها الرئيسة نزاعا مع إيران وحلفائها الإقليميين منذ بدء الحرب في غزة في السابع أكتوبر 2023.

وإضافة إلى حركة حماس، تواجه إسرائيل أيضا حزب الله اللبناني على حدودها الشمالية.

وهاجم الجيش الإسرائيلي في 26 أكتوبر الماضي أهدافا عسكرية في إيران ردا على هجوم صاروخي إيراني استهدف إسرائيل في الأول من الشهر نفسه.

مقالات مشابهة

  • خاص| سياسي مصري يكشف تورط أطراف ذات نفوذ مالي دولي في قضايا ضد صنعاء ومتحدث قواتها “سريع”
  • معارك طاحنة في بحري: طائرات مسيرة وقصف متبادل بين الجيش والدعم السريع
  • بوريطة يحذر من وضع عالمي قاتم وإشارات تصعيد من الجزائر ومحاولات لجر المنطقة إلى الحرب
  • الجيش الأمريكي يعلن وصول طائرات من طراز إف-15 إي" إلى المنطقة
  • الجيش الأميركي يعلن وصول طائرات مقاتلة إلى المنطقة
  • بالفيديو.. جبال الدولوميت مقصد محبي الطبيعة بالشمال الإيطالي
  • الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لمناطق جديدة في مدينة غزة
  • وزير خارجية لبنان: مستعدون لتعزيز وجود الجيش جنوب نهر الليطاني
  • إعلام إسرائيلي: إصابة 21 جنديا في معارك غزة وجنوب لبنان خلال 24 ساعة
  • الأميركيون يواصلون التصويت في الانتخابات الرئاسية التي تشهد منافسة محتدمة