معارك محتدمة بالشمال المالي.. ما تداعياتها على الجزائر وموريتانيا؟
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
تحتدم المعارك في إقليم أزواد بالشمال المالي، بين الحركات الأزوادية (الطوارق) والجيش المالي مدعوما بقوات فاغنر، وسط مخاوف من تأثير هذه المواجهات على عدد من دول المنطقة خصوصا موريتانيا والجزائر التي تجرى المواجهات قرب حدودهما.
وخلال الأيام الماضية شهدت الحدود المالية مع الجزائر اشتباكات ضارية بين الجيش المالي مدعوما بقوات "فاغنر"، والحركات المسلحة الأزوادية "الطوارق".
ودارت المواجهة بشكل خاص في منطقة تينزاواتين الواقعة على بعد 233 كلم شمال شرق كيدال على الحدود مع الجزائر.
"إعلان الانتصار"
وقالت الحركات الأزوادية، إنها حققت "انتصارا كبيرا" على جيش مالي وعناصر مجموعة فاغنر الروسية.
وأعلن "الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي" (يضم عدة حركات من الطوارق والقبائل العربية) أن قواته "دمرت ارتال العدو بشكل نهائي يوم السبت الماضي" في إشارة للجيش المالي وقوات باغنر، وذلك خلال معارك بمنطقة تنزواتين، قرب الحدود مع الجزائر.
وأضاف الإطار الاستراتيجي في بيان صادر عنه مساء أمس الأحد، أن 7 من عناصره قتلوا وجرح 12 آخرون، خلال المعارك.
وأوضح البيان الموقع من طرف المتحدث باسم الإطار الاستراتيجي محمد المولود رمضان، أنه "تم الاستيلاء على عربات وأسلحة كبيرة أو إتلافها"، كما تم "أسر العدد القليل الناجي من عناصر القوات المسلحة المالية وميليشيا فاغنر".
وأشاد الإطار الاستراتيجي "بهذا النصر المدعوم الصور والفيديوهات خلال كل هذه المعارك"، مؤكدا أنه "لا يمكن لأي دعاية أخرى معادية أن تسرق انتصاره المدوي أو تصرفه عن أهدافه".
من جهته أعلن الجيش المالي أن ناقلاته الجوية، قتلت 5 من القوات الأزوادية بمنطقة تينزواتين، مضيفا أن "الوضع تحت السيطرة" وبأن المنطقة "تظل معقلا يتلاقى فيه الإرهابيون والمهربون بمختلف أنواعهم".
كما أعلنت مجموعة "فاغنر" على قناتها على "تليغرام" بأنه "يتم تداول لقطات في أعقاب معركة عنيفة بمالي قرب تينزواتين" مضيفة أن هذه" ليست المعركة الأولى غير المتكافئة مع الإرهاب العالمي، ولن تكون الأخيرة".
وأشارت "فاغنر" إلى أن مقاتلي المجموعات الأزوادية، استغلوا "عاصفة رملية لصالحهم، حيث لم تتمكن الطائرات من تقديم الدعم بسبب الظروف الجوية".
ما أسباب المواجهة؟
يرى خبراء ومتابعون أن المواجهة الأخيرة بين الطرفين، الجيش المالي وقوات فاغنر من جهة، والحركات الأزوادية المسلحة من جهة أخرى، يعود لسلسلة من الأحداث والتطورات.
ويرى سليمان الشيخ حمدي وهو خبير أمني واستراتيجي ومدير مركز رؤية للدراسات، أن نكوص الحكومة المالية عن اتفاق الجزائر الموقعة سنة 2014 ودخولها في تصعيد مع الجبهات الأزوادية يعد من بين الأسباب الرئيسية للتصعيد الحاصل.
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن الحكومة ألغت هذا الاتفاق ثم بدأت عمليات تصعيدية، قبل أن تقرر فرض سيطرتها على كامل إقليم أزواد وبالتالي الدخول في مواجهة مباشرة مع الحركات الأزوادية.
ولفت إلى أن الحكومة المالية كانت في السابق تقوم بهذه التحركات العسكرية ولكن ليس بهذه القوة "لكن شعرت بعد تلقيها الدعم من فاغنر أن لديها القوة لتبسط سيطرتها على الإقليم لتقوم بعملية واسعة، ما تسبب في المواجهات القوية التي حصلت".
وأضاف: "لكن الرد جاء قاسيا مع الحركات الأزوادية، التي كانت جاهزة على ما يبدو لهذه المعركة الشرسة".
وأشار إلى أن بعض الأخبار تتحدث عن أن قادة فاغنر يرفضون العودة للمواجهة في مناطق الشمال قبل أن يخوض معهم الجيش المالي المعركة بشكل مكثف "الشيء الذي لا يستطيع الحاكم العسكري في باماكو أن يضمنه لأن الجيش المالي ليست لديه الخبرة ولا حتى الاستعداد لمثل هذه المعارك".
تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2014 استضافت الجزائر محادثات سلام بين الحركات السياسية والعسكرية الأزوادية والحكومة المالية، تـُوجت باتفاق سلام وُقع بالتزامن في مدينتي الجزائر العاصمة وباماكو (عاصمة مالي) يوم 15 مايو 2015.
ونص الاتفاق على تخلي الأزواديين عن مطلب الانفصال عن مالي مقابل منحهم حكما ذاتيا موسع الصلاحيات، ودمج مقاتلي هذه الحركات في الجيش الوطني.
ووضع اتفاق الجزائر حدا لمعارك اشتعلت في 2012، إثر إعلان الحركات الأزوادية الاستقلال والانفصال عن مالي، بعد مشاركتها في معارك ضد الجيش الحكومي.
وفي آب /أغسطس عام 2023، أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي إنهاء العمل بهذا الاتفاق.
وقال بيان حينها صادر عن المتحدث باسم الحكومة المالية العقيد عبد الله مايغا، إن قرار إنهاء الاتفاق يعود إلى "التغير في مواقف بعض الجماعات الموقعة" على الاتفاق، وكذلك "الأعمال العدائية" من جانب الوسيط الرئيسي الجزائر.
تداعيات متوقعة
ويرى خبراء ومتابعون أن هذه التطورات ستكون لها تداعيات كبيرة على المنطقة، خصوصا موريتانيا والجزائر، نظرا لأن المعارك تجري قرب حدودهما.
وفي هذا السياق يرى الباحث "بالمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية" المختار ولد نافع، أن هذه المواجهات ستكون لها تداعيات كبيرة على المنطقة، خصوصا موريتانيا وبدرجة أقل على الجزائر.
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن هذه المواجهات ستزيد من تدفق أعداد اللاجئين الماليين نحو الأراضي الموريتانية.
ولفت إلى التداخل الحاصل بين سكان المناطق على الحدود الموريتانية المالية، ونشاط الحركات المسلحة في المنطقة، مضيفا أن"موريتانيا ستكون الأكثر تضررا من هذه الأحداث، ومن أي توتر في المنطقة".
فيما يرى الخبر الأمني والاستراتيجي سليمان الشيخ حمدي، أن الجزائر تراقب الوضع بشكل كبير، مضيفا أن الجزائر "لا ترى مانعا في أن تلقم هذه الحركات حكومة باماكو حجرا وذلك بعد إلغاء مالي اتفاق الجزائر".
وأوضح في حديث لـ"عربي21" أن الحركات المسلحة في المنطقة قد تستغل هذه الظروف الأمنية لتعزيز حضورها وهو ما يشكل خطرا على الجزائر التي تحارب التنظيمات المسلحة في المنطقة.
الحوار هو الحل
وأكد الشيخ حمدي، أن من مصلحة الجزائر وموريتانيا البحث سريعا عن حل يمنع توسع الصراع في المنطقة.
وأكد أن البلدين يجب أن يتحركا فورا للبحث عن حلول وإقناع الأطراف بمفاوضات جديدة، محذرا من مخاطر انتشار السلاح في المنطقة وفتح المجال لقوى إقليمية جديدة للتدخل في المنطقة غير المستقرة.
وللإشارة فقد أعلن الناطق الرسمي باسم "الإطار الاستراتيجي الدائم، للدفاع عن شعب أزواد" محمد مولود رمضان، إنهم ليسوا مستعدين “لأي مفاوضات مع الانقلابين" في إشارة للمجلس العسكري الحاكم في باماكو.
وأضاف في تصريحات صحفية أنهم لا يعترفون “بوحدة التراب المالية”، مؤكدا أن لديهم هدف واضح هو "تحرير أرض أزواد” ولن يقبلوا الحوار قبل تحقيقه.
وإقليم أزواد الذي يطالب الطوارق بانفصاله عن مالي هو منطقة في شمال دولة مالي محاذية للحدود مع موريتانيا، ويضم عدة مدن أبرزها مدينة تمبكتو التاريخية، بالإضافة إلى مدينتي كيدال وغاو.
ويتكون سكان الإقليم من عرقيات الطوارق (هم غالبية السكان) والعرب والفلان والسونغاي. وتبلغ مساحة الإقليم 822 ألف كلم مربع أو ما يقارب الـ66 بالمئة من مساحة مالي الكلية البالغة مليونا و240 ألف كلم مربع.
وشكل الأزواديون سنة 1988 أول جبهة سياسية ذات نشاط عسكري عُرفت باسم "الحركة الشعبية لتحرير أزواد" إذ قادت تمردا عسكريا ضد باماكو سنة 1990، لكنها عانت بعد فترة قصيرة من أزمة داخلية انتهت بتفككها، وتحولها إلى عدة تشكيلات كان من أبرزها "الجبهة الشعبية لتحرير أزواد" و"الجيش الثوري لتحرير أزواد".
ومنذ استقلال مالي عن فرنسا 1960 يطالب سكان هذا الإقليم بالانفصال عن الجنوب المالي. وفي سبيل ذلك دخل الانفصاليون الطوارق منذ تسعينيات القرن الماضي في مواجهة دامية مع الجيش المالي، واستطاعوا في كثير من الأحيان السيطرة على بعض المناطق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية أزواد المالي الطوارق فاغنر مالي أزواد الطوارق فاغنر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإطار الاستراتیجی الحرکات الأزوادیة الحکومة المالیة الجیش المالی فی المنطقة أن هذه إلى أن
إقرأ أيضاً:
فيتش: القطاع المصرفي المصري يحافظ على أداء مالي قوي
قالت «فيتش سوليوشنز»: نتوقع أن يحافظ القطاع المصرفي المصري على أداء قوي، بدعم من نسب رأس المال القوية والربحية من حيازات السندات الحكومية، على أن يظل الضغط على جودة القروض الناجم عن التباطؤ الاقتصادي وبيع العملة محدوداً.
وأضافت: نتوقع أن يستقر وضع الأصول الأجنبية الصافية بالقطاع، مع إمكانية التحسن بفضل التحويلات المالية والسياحة والاستثمار الأجنبي، ومن شأن تخفيف التوترات الجيوسياسية في عام 2025 أن يعزز السيولة الأجنبية.
وتابعت: من المرجح أن يتعافى الإقراض للقطاع غير الحكومي، مدفوعاً بنشاط اقتصادي أقوى وانخفاض تكاليف الاقتراض، ومع ذلك، فإن نمو الائتمان سوف يتباطأ إلى 26% بحلول نهاية عام 2025 مع تلاشي تأثير انخفاض قيمة العملة.
وأكملت في تقرير حديث اطلعت عليه، الأسبوع: أظهرت أحدث البيانات المتاحة أن نسب رأس المال على مستوى القطاع تعافت من تأثير خفض قيمة العملة في مارس 2024، والواقع أن نسبة كفاية رأس المال ارتفعت إلى 18.6% في يونيو، لتصل إلى نفس المستوى والذي كانت عليه بنهاية عام 2023، في حين بلغت نسبة رأس المال من الفئة الأولى 15.2%، وهو أقل قليلاً من نسبة 15.5% في نهاية عام 2023، وستواصل الربحية القوية للبنوك، وخاصة من حيازاتها من السندات الحكومية، في دعم موقف رأس المال لديها.
ونبهت إلى أن الضغط على جودة قروض البنوك سيظل محصوراً على الرغم من عمليات بيع العملة الكبيرة وتباطؤ النشاط الاقتصادي، وفي حين شهدت نسبة القروض المتعثرة ارتفاعًا طفيفًا من 2.6% في مارس 2024 إلى 2.7% في يونيو 2024، إلا أنها تظل أقل من مستوى 3.0% الذي بلغته في نهاية عام 2023.
هذا وستحافظ ممارسات الإقراض في محافظ البنوك، مثل الإقراض للشركات القائمة في القطاع الخاص وشركات القطاع العام، وكذلك للأفراد العاملين برواتب مضمونة، إلى جانب تدابير التساهل التنظيمي للموظفين من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، على نسبة القروض المتعثرة إلى خانة الآحاد المنخفضة.
وأشارت إلى أن ذلك سيؤدي إلى إبقاء متطلبات المخصصات منخفضة وسيقلل من أي ضغط على ربحية البنوك.
وفي الوقت نفسه، وبينما تدهور صافي موقف الأصول الأجنبية لدى البنوك بشكل طفيف بين يونيو وأغسطس بسبب تدفقات المحافظ إلى الخارج، قالت: إنه من غير المرجح أن يعود إلى الموقف السلبي العميق الذي شوهد بين عام 2021 وأوائل عام 2024، في غياب صدمة كبيرة من شأنها أن تؤدي إلى تدفقات خارجية هائلة.
وأشارت إلى أن التراجع في صافي الأصول الأجنبية تقلص من 0.5 مليار دولار أمريكي في أغسطس إلى 0.1 مليار دولار أمريكي في سبتمبر الماضي، وقالت: يبدو أن البنوك مرتاحة لموقفها من السيولة الأجنبية حيث زادت مؤخرًا تمويلها لواردات السلع غير الأساسية لأول مرة منذ مارس 2022.
وأضافت: نعتقد أن التحويلات المالية والسياحة والاستثمار الأجنبي ستستمر في السماح للبنوك بتسجيل موقف صغير من الأصول الأجنبية الصافية في الأشهر المقبلة، ومن شأن تخفيف التوترات الجيوسياسية في وقت لاحق من عام 2025 أن يعزز موقف الأصول الأجنبية الصافية لدى البنوك بسبب ارتفاع تدفقات النقد الأجنبي من قناة السويس وتخفيف مخاوف المستثمرين.
اقرأ أيضاً«بي إم آي»: البنك المركزي المصري سيخفض سعر الفائدة 900 نقطة أساس في 2025
فيتش سوليوشنز: نتوقع 100 مليون دولار من طرح المصرف المتحد وبنك القاهرة المرتقب
سعر الفائدة على أذون الخزانة يواصل الصعود.. ماذا عن اجتماع البنك المركزي؟