أزمات ضخمة تواجه السودان بفعل احتدام الحرب.. أسوأ مجاعة منذ عقود
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
سلّطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء، على الآثار الكارثية الناجمة عن الحرب المدمرة التي يعيشها السودانيون منذ أكثر من عام، مشيرة إلى أن الخرطوم تشهد أكبر نزوح جماعي في العالم، وأكبر أزمة جوع في العالم، وأضخم أزمة تعليم في العالم.
وقالت الصحيفة في مقال لمعلقها إيشان ثارور، والذي ترجمته "عربي21": "رغم الكارثة ونقص الطعام لم يتوقف السلاح عن دخول السودان، ولم يتعب حلفاء المتحاربين عن إرسال المساعدات العسكرية".
ولفتت إلى أن ثالث أكبر الدول الأفريقية على وشك أن تندلع فيه أسوأ مجاعة منذ عقود، منوهة إلى أن السودان يعيش وسط حرب أهلية مدمرة منذ 15 شهرا، ما قاد إلى معاناة ورعب للمدنيين لا يمكن وصفها.
وتابعت: "مع أن عدد الضحايا غير معروف إلا أن أكبر مبعوث أمريكي للمنطقة قدر العدد بحوالي 150,000 شخصا، قتل عدد كبير منهم في النزاع بين قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان".
وتقول الأمم المتحدة إن حوالي 750,000 على حافة المجاعة. وربط المسؤولون الغربيون ما يتكشف في السودان بما جرى في الصومال عام 2011، حيث مات ربع مليون شخص، ربعهم من الأطفال. وفي السودان هناك حوالي 11 مليون نازح أجبرهم القتال على ترك مدنهم وقراهم. وفي السودان هناك 19 مليون طفل لم يستطيعوا الذهاب للمدارس نظرا لإغلاقها. وفي السودان أكبر ازمة جوع في العالم حيث يعاني 26.6 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي، أي أكثر من نصف السكان. واعتبرت 14 منطقة في السودان أنها تواجه خطر المجاعة.
والقتال المندلع بين الدعم السريع الذي تعود جذوره إلى سنوات الإبادة في غرب السودان ضد الجيش السوداني بات دمويا، فبدلا من دفن الأحقاد باتوا أبعد عن بعضهم البعض، حيث توسعت الحرب إلى معظم مناطق البلد بعد اندلاعها في العاصمة.
وتبادل الطرفان الاتهامات وحملوا بعضهم البعض مسؤولية المعاناة التي تسببوا بها على المدنيين، وعدة تقارير تتحدث عن مذابح واغتصابات جماعية وجرائم أخرى. وهناك حالات موثقة لجرائم الحرب، ارتكبتها تحديدا، قوات الدعم السريع أو الجماعات المسلحة المرتبطة بها ضد غير العرب في المدن والبلدات التي سيطروا عليها.
وأدى النهب الواسع والعنف إلى تدمير المحاصيل في معظم السودان وتشتكي جماعات الإغاثة من مصاعب إدخال المساعدات إلى السودان. وكانت مراسلة "واشنطن بوست" كاثرين هوارليد قد سافرت إلى السودان للتعرف على أكبر حالة نزوح سكاني في العالم. وقامت مع فريق من الصحيفة بالتجوال في خمس مدن سودانية وقدموا صورة عن حجم الكارثة: "في عنابر الطوارئ، قامت النساء المزخرفة أيديهن بالحناء بتمليس أضلاع الأطفال كانوا يكافحون للتنفس وتحدث آباء أخرون عن أطفال قتلوا في أسرتهم عندما سقطت قنابل المدفعية على أحيائهم".
وقال الفريق الصحفي إن " سجناء وجنودا تحدثوا عن رجال شباب قتلوا بعيدا عن بيوتهم وتركت جثثهم للتحلل تحت الحر، قبل أن تلقى في مقابر مجهولة". وقد قبل الطرفان المتحاربان المشاركة في محادثات برعاية أمريكية- سعودية على أمل التوصل إلى وقف شامل للنار، ستعقد الشهر المقبل في سويسرا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في بيان له الأسبوع الماضي: "تهدف المحادثات في سويسرا إلى وقف عام للعنف والسماح بوصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين وتطوير آلية رقابة قوية وتحقق لتطبيق أي اتفاق".
إلا أن المحاولة هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد جرت عدة محاولات وعدت بوقف القتال، لكنها لم تستمر إلا عدة أيام، بل وساعات بعد التوقيع عليها. وتحذر منظمات الإغاثة من أن الجيش السوداني يعرقل تدفق المساعدات الضرورية إلى مناطق غرب السودان التي تسيطر على معظمها قوات الدعم السريع. وأي قوافل تدخل تتعرض لحرف مسارها والنهب، فيما أدى الخراب الذي أحدثته قوات الدعم السريع في مناطق سلة الغذاء السودانية إلى نقص المواد الأساسية.
وفي مؤتمر للمانحين عقد في شهر نيسان/ أبريل تم التعهد بملياري دولار للسودان، وهو نصف ما طلبته الأمم المتحدة، لكن الأموال التي تم التعهد بها لم يتم الوفاء بها بعد. وفي تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" أشارت فيه إلى دراسة مسحية نشرتها "ميرسي غروب" قالت فيه إن ربع الأطفال في وسط دار فور يعانون من فقر التغذية ويمكن أن يموتوا قريبا.
ويقول الخبراء إن برنامج الغذاء العالمي وبميزانية 8.5 مليار دولار العام الماضي الوحيد المؤهل لدعم عمليات الإغاثة الواسعة والطارئة، ولكن فتح الحدود ومرور المساعدات بدون معوقات، فلن تصل المساعدات للمحتاجين إليها. وتقول الصحيفة إن الحرب تشكلت بالمصالح الجيوسياسية فالجيش السوداني يحصل على الدعم من مصر وإيران وأوكرانيا، كما تقول إلهان ظاهر، من معهد السلام في الولايات المتحدة.
أما الدعم السريع فيحصل على دعم من مجموعة فاغنر، من المرتزقة الروس والإمارات العربية المتحدة التي أرسلت أسلحة كجزء من جهود منع تأثير الإسلاميين بالمنطقة، ومن هنا تقول ظاهر إن "تواصل التدخل الخارجي في السودان سيطيل أمد الحرب على الأرجح". وفي إحاطة موجزة لامنستي انترناشونال، الأسبوع الماضي قدمت صورة عن استمرار تدفق الأسلحة إلى النزاع.
وأشارت المنظمة لوجود أسلحة من عدة دول، كروسيا والصين وصربيا وتركيا واليمن وتم "استيرادها بكميات ضخمة إلى السودان"، ويتم نقلها وتوزيعها إلى ساحات المعارك، بما فيها منطقة دار فور التي منعت الأمم المتحدة ومنذ عقدين تصدير السلاح إليها.
وقال ديبروز موشينا من من أمنستي انترناشونال في بيان: "تظهر أبحاثنا أن الأسلحة التي تدخل البلاد قد وضعت في أيدي مقاتلين متهمين بانتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان. ومن الواضح أن حظر الأسلحة الذي ينطبق حاليا على دارفور فقط غير كاف على الإطلاق، ويجب تحديثه وتوسيعه ليشمل السودان بأكمله. هذه أزمة إنسانية لا يمكن تجاهلها".
ومن جهة أخرى، كشفت منظمة "هيومان رايتس" عن عمليات الاغتصاب التي "لا تحصى"، والتي يرتكبها مقاتلو الدعم السريع ضد بنات صغيرات لا تتجاوز أعمار بعضهن عن تسعة أعوام. واستندت المنظمة على روايات نساء وبنات من مناطق في العاصمة الخرطوم سيطرت عليها قوات الدعم السريع وتكشف أن الكثيرات منهن اختطفن وعذبن وسجن وتم تحويلهن إلى رقيق جنسي. وتم اغتصاب نساء وهن يحاولن حماية بناتهن.
وأخبرت بنات مقاتلي الدعم السريع أنهن متزوجات ولسن عذروات في محاولة منهم لمنع الاعتداء عليهن. وقالت مديرة القرن الأفريقي في منظمة هيومان رايتس ووتش، لاتيتيا بادر: "قام الدعم السريع باغتصابات جماعية وأكره النساء والبنات على الزواج في المناطق السكنية بالعاصمة السودانية".
وقابلت المنظمة 42 شخصا يقدمون رعاية وخدمات اجتماعية ومحامون ومتطوعون في الخرطوم لمعرفة كيفية معاملة النساء. وتم توثيق حالة 262 امرأة تعرضن للانتهاك الجنسي تتراوح أعمارهن ما بين 9- 60 عاما. وفي بعض الحالات تعرضت المتطوعات للاغتصاب وهن يحاولون تقديم المساعدة للفتيات المغتصبات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحرب السودانيون مجاعة الاغتصاب السودان الحرب مجاعة الاغتصاب النزوح صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع فی السودان فی العالم
إقرأ أيضاً:
اتهامات لحفتر بدعم حميدتي.. هذه نسب المرتزقة في قوات الدعم السريع
قال ياسر العطا عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني ياسر العطا، إن 25 بالمئة من قوات الدعم السريع هم من ليبيا تحت قيادة خليفة حفتر والمرتزقة من التشاد وبعض الإثيوبيين وأفراد من كولومبيا وأفريقيا الوسطى وبقايا فاغنر ومقاتلين من سوريا، بينما 65 بالمئة من القوة المتبقية من أبناء جنوب السودان، للأسف في حين أن 5% فقط هم من الجنجويد الأصليين كقادة لبعض المجموعات.
وأشار العطا من مدينة بوط بولاية النيل الأزرق إلى أنهم قد تحدثوا مع المسؤولين في جنوب السودان خلال سنتين من الحرب حول هذا الموضوع، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء، حتى على مستوى الإعلام، لتجريم مثل هذه الأفعال.
وأضاف، أنه كان بالإمكان القول في الإعلام إن جنوب السودان يشن حربا ضدهم.
وفي وقت سابق، أكد رئيس جيش تحرير السودان، مني اركومناوي، أن الدعم الأجنبي يتواصل عبر محور ليبيا ويدخل تعزيزات جديدة بقوة قوامها 400 آلية عسكرية متنوعة عن طريق ليبيا إلى دارفور الآن، حسب قوله.
وسبق أن تحدثت تقارير أن كتيبة طارق بن زياد التابعة لصدام حفتر قد توجهت مؤخراً نحو “معطن السارة” لتأمين المنطقة وحماية الطرق المؤدية إلى السودان بما في ذلك إمدادات الأسلحة والوقود التي تنطلق من ميناء طبرق وتصل إلى السودان.
والعام الماضي، هاجم عضو المجلس السيادي السوداني ومساعد القائد العام للجيش الفريق، ياسر العطا السلطات الليبية في بنغازي ومنها قوات "حفتر"، بسبب دعم قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" عبر مطارات أفريقية، محذرا هذه المؤسسات من تبعات ما وصفه بـ"العبث"، وأن الأجهزة المخابراتية السودانية ستقوم برد الدين والصاع صاعين"، وفق قوله.
والأسبوع الماضي، قالت وكالة “نوفا” الإيطالية، إن روسيا تعمل على توسيع نفوذها في ليبيا من خلال نقل الرجال والمعدات إلى قاعدة “معطن السارة” على الحدود مع تشاد والسودان.
ونقلت الوكالة في تقرير لها، عن مصادر ليبية وصفتها بالمطلعة، أن موقع قاعدة معطن السارة استراتيجي، وقد استُخدمت خلال الحرب الليبية التشادية في الثمانينيات، وتقع الآن في قلب عملية روسية كبرى لتعزيز السيطرة على منطقة الساحل، التي أصبحت بشكل متزايد في مركز المصالح الجيوسياسية لموسكو.
وأوضح التقرير أنه في أواخر العام الماضي، أرسلت روسيا مجموعة من الجنود السوريين الفارين من هيئة تحرير الشام لإعادة القاعدة إلى العمل، بهدف تحويلها إلى نقطة استراتيجية للعمليات العسكرية في إفريقيا، يمكن الإمداد منها مباشرة إلى مالي وبوركينا فاسو وربما السودان.