لا يمكننا تقديم الخدمات (مجاناً) ولكن يمكننا جعلها أفضل (وأرخص) عاماً بعد عام.. فالمجانية تعني سوء الصنعة ورداءة المنتج وتوقف أعمال الصيانة والتطوير.. الخدمات المجانية سيئة بطبيعتها؛ لأنها تفتقر للتمويل ولا تحقق أرباحاً تشجع على نموها وتطورها - ناهيك عن استمرارها وصيانتها.
حتى وقت قريب كنا ننعم بالمجانية؛ لأن النفط كان يتكفل بتمويل الخدمات المقدمة إلينا.
حين تتأمل عصرنا الحاضر تكتشف أن الضرائب هي أساس التمويل في الدول الحديثة، ولا يمكن لأي خدمة الاستمرار بدونها (لدرجة تستقطع بعض الدول اكثر من ٤٠% من دخل المواطن كضرائب، في حين كان الخراج والجزية والزكاة روافد بيت مال المسلمين في الماضي).
نعـم ؛ أنا مثل جميع المواطنين لا أرغب بدفع ضرائب من أي نوع .. ولكن هذا يناقض مطالبي بتوفير خدمات اجتماعية راقية - ويتنافى مع سنة الحياة التي تقتضي دفع ثمن الخدمة التي نريدها.
ثراء الأمم المتقدمة لا يأتي من ثرواتها الطبيعية بل من مساهمة أبنائها وازدهار مشروعاتها وامتلاكها نظاماً ضريبياً عادلاً ودقيقاً.. بريطانيا والنرويج دولتان تملكان (مثلنا) حقولاً نفطية هائلة في بحر الشمال ومع ذلك تفرض ضرائب عالية على السلع والخدمات - تصل إلى 70 % على وقود السيارات.
لا يمكننا أن نطالب بتطوير الخدمات التي تقدمها الدولة، ونطالب في نفس الوقت بتوفيرها مجاناً.. فهذا ليس فقط خداعاً للذات بل ومخالفة لسنن المال والاقتصاد - ولن تفعله حتى أنت لأشقائك وأقربائك وجيرانك في الحي.
غـير أنني في المقابل لا أعفي الوزارات والمؤسسات الحكومية من مسؤولية توفير هذه الخدمات بثمن (أرخص) عاماً بعد عام.. يجب أن تسعى دائماً لتحقيق هدفين أساسيين هما:
ـ رفع مستوى الكفاءة والإنتاج والخدمات المقدمة للمواطن عاماً بعد عام..
- وفي نفس الوقت، السعي لإنتاجهما بتكاليف (ليست فقط منخفضة) بـل وتقل عاماً بعد عام..
تمويل الخدمات العامة لا يجب أن يأتي من خلال رفع الفواتير وفرض الرسوم وزيادة الضرائب، بل من خلال تخفيض التكاليف، وتحسين أساليب الإنتاج وابتكار طرق أقل تكلفة واكثر فعالية.
جميعنا يلاحظ - مثلاً - أن الشركات الخدمية لدينا (كالكهرباء والمياه والاتصالات) تحقق أرباحا سنوية مضطردة .. والسؤال هنا:
هل يحدث هذا بفضل الابتكار وجودة الإدارة وتحسين أساليب الإنتاج؟ أم بسبب رفـع رسوم الخدمة وقيمة الفواتير على المواطنين عاما بعد عام؟.
باختصار شديد..
من حق الدولة فرض الضرائب، ولكن من حق المواطن الحصول على خدمات اجتماعية جيدة.. ومن حق الوزارات والجهات الخدمة فرض رسوم على خدماتها، ولكن من حق المواطن (ومن مصلحة الوزير والوزارة) أن يرتفع مستواها، وينخفض سعرها بمرور الزمن ..
الجملة التي عنونا بها المقال يجب أن تصبح هدفاً ومبدأ يحاسب عليه كل وزير ومسؤول:
قد لا تستطيع تقديم الخدمات (مجاناً) ولكن يمكنك جعلها أفضل (وأرخص) عاماً بعد عام.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: بعد عام
إقرأ أيضاً:
أبو عيش: التأمين الصحي الشامل يمنع الفقر الناتج عن المرض بعلاج غير القادرين مجانا
قال الدكتور إيهاب أبو عيش، نائب رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين الصحي شامل، إن منظومة التأمين الصحي الشامل حلم المصريين، وتمنع الفقر ناتج عن المرض، أو ما يسمى الإنفاق الكارثي عن الصحة.
جاء ذلك خلال فاعليات اليوم الاول من ملنقي الاعلاميين بمسؤلي الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل وكافة جهات المنظومة التنفيذين
وأوضح الدكتور إيهاب أبو عيش، خلال كلمته بملتقى هيئة التأمين الشامل، أن هناك 8 جهات متداخل في مشروع التأمين الصحي الشامل، لتقديم خدمات مجانية للمواطنين غير القادرين.
وأضاف أبو عيش، أن المنظومة تحصل على تمويل من منظمات دولية التي تهدف إلى دعم خطط التنمية المستدامة.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الصحة والسكان تقديم 8 ملايين و127 ألفا و799 خدمة طبية من خلال مستشفيات ومراكز الرعاية الأولية في محافظة سوهاج خلال عام 2024، وذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وكشف الدكتور إيهاب أعن مصادر تمويل لدفع قيمة الخدمات الطبية للمنتفعين، موضحا خلال كلمته بملقى هيئة التأمين الشامل، أن مصادر التموين، تتمثل في اشتراكات المنتفعين، وتحصيل رسوم من السجائر ومشتقات التبغ، فضلا عن رسوم من مستخدمي الطرق، وما تسدده الدولة عن غير القادرين، وأخيرا عوائد استثمارات الهيئة.
وأضاف نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة، أن المرحلة الأولى من منظومة التأمين الشامل بها 6 مليون مستفيد، ومتوسط نسبة التسجيل بالمنظومة 82%، ومنا المقرر تخطيها لنسبة 85%، وهي نسبة عالية مقارنة بغيرها من الدول.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الصحة والسكان تقديم 8 ملايين و127 ألفا و799 خدمة طبية من خلال مستشفيات ومراكز الرعاية الأولية في محافظة سوهاج خلال عام 2024، وذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وأشار الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، الى تقديم 3 ملايين و125 ألفا و920 خدمة طبية بمستشفيات المحافظة بأقسام "الاستقبال والطوارئ، الداخلي، الرعايات، العمليات"، كما تم تقديم مليون و877 ألفا و385 خدمة طبية من خلال العيادات الخارجية، بالإضافة إلى تفعيل 33 عيادة مسائية بمختلف التخصصات الطبية في 10 مستشفيات هي: (سوهاج العام، طهطا العام، البلينا المركزي، طما