أستاذ مالية بجامعة عدن لـ "الفجر" قرار تحرير أسعار الصرف كان كارثيا والواقع أثبت عدم جدواه
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
قال الدكتور محمد جمال الشعيبي أستاذ المالية العامة والاقتصاد السياسي بجامعة عدن، إن البنك المركزي بالعاصمة عدن اتخذ في النصف الثاني من العام 2017م قرارًا إلغاء سعر الصرف الرسمي معلنا بذلك تعويم الريال وتحرير أسعار الصرف في السوق، حيث يمكن القول بأن تلك الخطوة المتخذة من قبل البنك المركزي كانت كارثية في ظل الاوضاع التي تعيشها البلاد.
وأضاف الشعيبي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، بأنه أثبت الواقع عدم جدوى تعويم أسعار الصرف، وترك آلية العرض والطلب في سوق هي التي تتحكم في أسعار صرف الريال اليمني، اذ شهدت أسعار الصرف انهيارات متتالية منذ تاريخ اتخاذ القرار حتى يومنا هذا، فعلا سبيل المثال عندما اتخذ قرار التعويم كان السعر في السوق (السوداء) خارج سيطرة البنك المركزي يبلغ نحو 370 ريال امام الدولار، واستمر الانهيار حتى وصل يومنا هذا إلى ما يقرب من 1900 ريال.
أسباب الانهيار الكارثي استاذ عمليات مصرفية بجامعة عدن يكشف لـ "الفجر" أهمية قرارات البنك المركزي اليمني الأخيرة أستاذ اقتصاد سياسي بجامعة عدن لـ "الفجر": اختطاف الحوثي للسفن أربك المنطقة.. وهجماته زادت من تكاليف الشحن (حوار)
وتابع في حديثه: كما أن أسباب هذا الانهيار الكارثي عديدة إلا ان قرار تعويم أسعار الصرف كان في مقدمتها، إلى جانب ترك قوى السوق تتحكم في العرض والطلب، حيث أن غياب رقابة البنك المركزي والية ضبط السوق سمحت في زيادة الطلب بشكل مفرط في ظل انخفاض العرض، بفعل انهيار الاوضاع الاقتصادية في البلاد فقد تسببت الحرب في تراجع حجم الصادرات وهروب رؤوس الأموال إلى الخارج، إضافة إلى عزوف أخرى عن القدوم إلى البلاد، وأيضا توقف المشاريع الاستثمارية القائمة وتسريح القوى العامة وارتفاع مستويات البطالة والتضخم.
وأكد بأن توقف الصادرات النفطية التي كانت تعتبر المورد الاساسي في تمويل الموازنة العامة حيث كانت قيمة الصادرات النفطية تغطي أكثر من 50% من الإيرادات العامة، كم شهدت تحويلات المغتربين هي الاخرى تراجع في ظل اتخاذ بعض دول الاغتراب قرارات هدفت إلى تشجيع العمالة المحلية حيث انعكس هذا الأمر على تضرر العمالة اليمنية في الخارج، جميع هذا الأسباب توافقت إلى جانب التعويم في أسعار الصرف متسبب في انهيار أسعار الصرف.
وأشار بأن التعويم تسبب في ضياع أموال كانت تقدم للحكومة الشرعية على شكل ودائع أو هبات من الخارج ففي ظل التعويم وانتشار الفساد المالي والإداري في صفوف الحكومة الشرعية كانت هذه الأموال لا تحدث سواء استقرار طفيف في أسعار، والأوقات قصيرة، لا تكاد تتجاوز العام الواحد.
ماذا حدث عند ترك أسعار الصرف لقوى السوق؟
واختتم حديثه بأنه فيما يخص ترك أسعار الصرف لقوى السوق فقد تسبب ذلك في تداعيات اقتصادية كارثية في ظل غياب الضوابط واللوائح التي تحدد آلية عمل السوق إلى جانب غياب الرقابة المركزية، فقد تسبب ذلك الأمر في ظهور الكثير من شركات ومؤسسات الصرافة التي استغلت قرار التعويم لتجني الكثير من الأرباح من خلال البيع الشراء (المضاربة) والعديد منها تحوم حولها الشبهات من ممارسة عمليات غسيل أموال مستغلة الاوضاع والحرب التي تشهدها البلاد.
أكاديمي بجامعة عدن لـ "الفجر": إجراءات نقل إيرادات طيران اليمنية لـ "عدن" جاء بعد نهب الحوثي 100 مليون دولار استاذ عمليات مصرفية بجامعة عدن لـ "الفجر": صك الحوثي لعملة جديدة غير قانوني ويُعمق الأزمة الاقتصاديةالمصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: جامعة عدن الازمة اليمنية الشحات غريب اليمن الحكومة الشرعية اليمنية العملة اليمنية البنک المرکزی بجامعة عدن لـ أسعار الصرف
إقرأ أيضاً:
معاوية بين التوظيف السياسي والواقع المر
لا تزال الدراما العربية وخاصة التاريخية منها تخضع بشكل متفاوت لسلطة السياسة والأيديولوجيا والمال، والعمل الأخير الذي كثر الحديث عنه يدل بوضوح على ذلك. فمعاوية ليس مسلسلا عاديا، إنه في قلب الصراع الدائر حاليا.
تابعت أغلب الحلقات، فبدا لي أن الشخص الذي نحتوه لا علاقة له البتة بذلك الرجل الذي انحرف بالتاريخ العربي الإسلامي إلى درجة الانقلاب عليه وتحويل وجهته سياسيا وعقائديا. فمعاوية بن أبي سفيان في المسلسل شخصية مؤمنة إلى حد التقوى، تحب الخير للأمة، مجاهدة في سبيل الله، من كتبة الوحي وحفظته. لكن معاوية في الواقع التاريخي حكاية أخرى ذات طموح شخصي وقبلي، براغماتي، ومستبد إلى حد التهور والغلو.
لا خلاف حول الدور الهام الذي قامت به الحقبة الأموية في ترسيخ الدولة وتوسيع نطاق سلطتها جغرافيا وحضاريا، لكن ذلك لا يبرر مطلقا أن نضفي على مؤسسها ما ليس فيه، وأن نقارنه بعلي بن أبي طالب، تلك الشخصية النقية التي تمتعت بخصال عديدة، والذي ذهب ضحية المناورات الخسيسة التي قام بها خصومه خلال الفتنة التي قضت على جزء هام من الجيل المؤسس.
ورغم أن الرسول صل الله عليه وسلم قال "إذا رأيتم معاوية يعتلي منبري فاقتلوه"، ورغم أنه قال أيضا "عمار ابن ياسر تقتله الفئة الباغية"، إلا أن ذلك لم يمنع من أن تميل الرياح لصالح معاوية فينتصر في معركة الخلافة، وتنقسم جبهة علي، فتقع معركة الجمل، ثم تنجح حيلة التحكيم، ويولد الجناح التكفيري ويقوم الخوارج بقتل علي، وصولا إلى يزيد ابن معاوية الذي ورث الحكم عن أبيه فقضى على مبدأ الشورى وقيام الحكم العضوض، وتولى يزيد قتل الحسين مع أهل بيته، وقطع رأسه ورفعه فوق الرماح. وبذلك اكتملت التراجيديا الشيعية الإسلامية.
من الأهمية بمكان أن نحمي الذاكرة ونصححها للأجيال القادمة؛ لأن الذاكرة إذا انحرفت تكون النتائج وخيمة، وينقلب الحق باطلا، وتضرب القيم في مقتل، ولن يفهم تاريخنا فهما صحيحا. ليس المطلوب القيام بلعن معاوية في المنابر كما فعلت الدولة العباسية من قبل، وكما يفعل الشيعة اليوم، ولكن المطلوب وضع الرجل في مكانه وفي سياقه وفي حجمه. مهما حاول البعض التصرف في الشخصية، والتلاعب في تقديمها بوضعها في إطار براق، فإن الحقائق ستفرض نفسها بقوة، وتكشف حجم الزيف الذي تم اعتماده في الإخراج.
الأمة اليوم منهكة، ومقسمة، والعدو الصهيوني يتوغل في الجسم الفلسطيني والعربي، ويعربد كما يشاء. فهل هذا مناخ سليم لكي نعبث بلحظة فارقة في تاريخنا، من أجل ترضية هذا الطرف أو ذاك، فتوجيه ضربة للشيعة في هذا السياق اختيار خاطئ في وقت غير مناسب. فإيران بحساباتها وحزب الله اللبناني والحوثيون بإمكانياتهم المحدودة فعلوا مع أهل غزة ما لم يفعله أهل السنة مجتمعين، ساندوا المحاصرين في لحظات فارقة لا يمكن إنكارها أو التقليل من شأنها. شهد بذلك الجميع، فهل أن إنجاز مسلسل مثل هذا من شأنه أن يغير في رأي الكثير من الناس؟
فعندما نعلم بأن كل علماء أهل السنة والجماعة الذين يحظون بالثقة من قبل الجمهور، أجمعوا حول عدم إدراج معاوية ضمن أهل الفضائل والمكرمة، وكل ما فعله أغلبهم أنهم تجنبوا الخوض في سيرته، خوفا من بطش السلطة بهم. ومن الغريب أن خالد صلاح كاتب السيناريو اعتبر أن المسلسل "يؤسس لخطاب ديني جديد يعتمد على التحليل والنقد البناء، بعيدا عن التقليد الأعمى، ويعزز من أهمية الفهم العميق للتاريخ الإسلامي بعيدا عن التأويلات المغلوطة أو المبالغة في تقديس الأشخاص"؛ فأي خطاب ديني عقلاني يمكن أن يبنى على أنقاض سيرة معاوية بن أبي سفيان، الذي استعمل كل الوسائل التي تمكنه من البقاء في السلطة، حتى لو أدى ذلك إلى تغذية الفتنة وتبرير قتل الخصوم؟ لقد كان معاوية مثالا لشخصية المستبد غير العادل، ولا أعتقد أن تجديد الفكر الديني يمكن أن يرتبط بالاستبداد والمكيافيلية المقيتة، وإنما يولد من رحم الحرية والشورى الحقيقية والعقلانية المرتبطة بروحانية عالية.