من الحديدة إلى مجدل شمس.. انكشاف مُذل لأذرع إيران بمواجهة إسرائيل
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
بعد مرور 9 أيام على الغارات، أعلنت جماعة الحوثي تمكنها من إخماد جميع الحرائق في خزانات الوقود بميناء الحديدة التي تعرضت لقصف إسرائيلي، في حين تزايدت حالة التندر والسخرية في أوساط اليمنيين من تأخر الرد الذي توعد به الجماعة على القصف.
وعاودت الحرائق اشتعالها في خزانات النفط، مع انفجار أحد الخزانات المليئة بمادة البترول صباح السبت بعد يومين من إعلان سلطات الجماعة الحوثية تمكنها من السيطرة على الحرائق.
وشنت طائرات إسرائيلية غارات عنيفة على مواقع في مدينة الحديدة في الـ20 من الشهر الحالي رداً على تبني جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، الهجوم بطائرة مُسيرة استهدفت مدينة تل ابيب واسفرت عن مقتل شخص وإصابة 10 آخرين.
وعقب الغارات الإسرائيلية توعدت جماعة الحوثي على لسان زعيمها بالرد ومعاودة استهداف المدن الإسرائيلية، الا أن الرد كان باهتاً بإعلان ناطق المليشيا في اليوم التالي استهداف "أهداف مهمة" في منطقة "أم الرشراش" (مدينة إيلات الإسرائيلية) بعدد من الصواريخ البالستية.
وفي حين زعم ناطق المليشيا بأن العملية "حققت أهدافها بنجاح"، كان الجيش الإسرائيلي قد استبق إذاعة بيان المليشيا بساعات وأعلن عن تمكن الدفاعات الجوية من التصدي لهدف جوي قادم من البحر الأحمر كان يستهدف مدينة إيلات.
اكتفاء مليشيا الحوثي بهذا الرد ومرور أسبوع دون تنفيذ تهديداتها بتكرار هجوم تل ابيب، تحول الى مادة للسخرية والتندر من قبل اليمنيين، وبات السؤال عن تأخر الرد لتعليق ساخر من قبلهم على أي حديث او تعليق يصدر من إعلام وقيادات المليشيا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وما ضاعف من هذه السخرية الشعبية، التوقف اللافت في الهجمات التي كانت تشنها مليشيا الحوثي على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن منذ الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة.
حيث إن المليشيا وفي إعلانها السابق استهداف إيلات، تضمن البيان استهدافها سفينة تجارية في البحر الأحمر في ذات اليوم للقصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة، ولم تعلن المليشيا بعد ذلك أي عملية استهداف لسفينة حتى لحظة كتابة التقرير (مساء الأحد 28 يوليو).
ويؤكد مراقبون بان الجماعة الحوثية تواجه انكشافاً حقيقياً في مسألة الرد على الضربات الإسرائيلية، فمن ناحية تدرك ضعف ومحدودية القدرات العسكرية لما تمتلكه من أسلحة إيرانية في مواجهة ما تملكه إسرائيل من منظومات دفاع جوي متطورة.
وإن نجاح هجوم تل أبيب الأخير جاء بعد 8 أشهر من مهاجمة المليشيا الحوثية لأهداف داخل إسرائيل بأكثر من 200 صاروخ بالستي وطائرة مُسيرة جرى اعتراضها جميعاً بنجاح من قبل الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية المنتشرة في قطعها الحربية بالبحر الأحمر.
بل إن الهجوم الأخير على تل أبيب لم يختلف كثيراً، حيث كان يشمل صاروخا باليستيا و4 مُسيرات، جرى اعتراض الصاروخ و3 مُسيرات من قبل البحرية الأمريكية بالبحر الأحمر، ونجحت مُسيرة واحدة في الوصول الى المدينة، ونقلت تقارير إعلامية عن الجيش الاسرائيلي، بأن المسيرة لم يتم اعتراضها بسبب خطأ بشري، وأن الاعتقاد كان بأنها ليست معادية ولهذا لم تتم عملية إسقاطها.
ومن ناحية أخرى، تدرك الجماعة الحوثية بان نجاحها مجدداً في مهاجمة اهداف داخل إسرائيل وسقوط ضحايا بشرية كما حصل في هجوم تل أبيب الأخير، سيدفع إسرائيل الى شن ضربات انتقامية أشد مما حصل في الحديدة وقد يصل الأمر الى اغتيال قيادات بارزة بالجماعة كما يحدث لقيادات الحرس الثوري الإيراني الذين تغتالهم إسرائيل في سوريا وحتى في داخل إيران، في حين لا تملك الجماعة الحوثية أي منظومات دفاع جوي قادرة على التعامل مع الضربات الإسرائيلية.
هذا الانكشاف الحوثي يسري ايضاً على النظام الإيراني واذرعه بالمنطقة وعلى رأسها مليشيا حزب الله في لبنان الذي سارع الى انكار مسئوليته في الهجوم العنيف الذي شهدته مدينة مجدل شمس في هضبة الجولان المحتل من قبل إسرائيل يوم السبت الماضي.
واسفر سقوط صاروخ في ملعب لكرة القدم عن مقتل 13 شخصاً وإصابة أكثر من 30 آخرين غالبيتهم من الأطفال في المدينة التي يقطنها عرب سوريون من طائفة الدروز، وسارع حزب الله لنفي علاقته بالهجوم على الرغم من تبني اعلامه وناشطيه للهجوم في اللحظات الأولى، قبل ان تتكشف تفاصيله وحجم الضحايا.
مسارعة الحزب الذي يُعد رأس حربة لمشروع إيران بالمنطقة، لنفي مسئوليته عن الهجوم تعود الى مخاوف الحزب ومن ورائه إيران من الدخول في مواجهة مباشرة مع الآلة الحربية الإسرائيلية، وتكرار سيناريو صيف عام 2006م بعد قيام الحزب باختطاف جنديين إسرائيليين بهجوم على دورية على الحدود.
حيث اجتاحت الدبابات الإسرائيلية جنوب لبنان واحدثت الطائرات الإسرائيلية دماراً واسعاً بالمدن اللبنانية، وعقب سنوات من الحرب، اقر زعيم الحزب حسن نصرالله في احد خطاباته بانه لم يكن مدركا لعواقب الهجوم واختطاف الجنديين الإسرائيليين، مؤكداً انه لو عاد به الزمن لم يكن ليتخذ مثل هذه الخطوة.
يدرك النظام الإيراني واذرعه بالمنطقة حدود امكانياتهم العسكرية في مواجهة الآلة الحربية الإسرائيلية وداعميها من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، ومخاطر تجاوز حدود المناوشات والمجازفة بالدخول في مواجهة مباشرة معها، وان تقبُّل الاذلال على يد طائرات إسرائيل اقل سوءاً من خسارة وجودها على الأرض.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الجماعة الحوثیة فی مواجهة من قبل
إقرأ أيضاً:
هل يجوز الحلف بالمصحف كذبًا للضرورة ؟ .. اعرف الرد الشرعي
يُعد الحلف بالمصحف كذبًا من الأمور التي حذّر منها العلماء بشدة، لما يترتب عليه من إثم عظيم، وقد وصفه الفقهاء بأنه "يمين غموس"، أي أنه يغمس صاحبه في النار، وذلك لأنه يشمل الكذب واستغلال كلام الله عز وجل في غير موضعه، وكثيرًا ما يلجأ بعض الأشخاص إلى الحلف كذبًا، سواء للخروج من موقف معين أو دفع اتهام موجه إليهم، دون إدراكهم خطورة ما يقترفونه من ذنب جسيم.
وقد أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الحلف بالمصحف، أو بآية من القرآن، أو بكلام الله، يُعتبر يمينًا منعقدة، ويحاسب الإنسان عليها، كما تجب الكفارة عند الرجوع فيها، وذلك وفقًا لما ذهب إليه جمهور الفقهاء، ومنهم ابن مسعود، والحسن، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو عبيدة، وعامة أهل العلم، بخلاف رأي الإمام أبي حنيفة وأصحابه الذين لم يعتبروا ذلك يمينًا منعقدة.
واستشهد مركز الأزهر في فتواه بما قاله ابن قدامة، حيث أكد أن الحلف بالقرآن أو بآية منه أو بكلام الله يُعد يمينًا منعقدة، وإذا حنث الحالف فيها، وجبت عليه الكفارة.
دار الإفتاء توضح
أما دار الإفتاء المصرية فقد أكدت أن الحلف بالمصحف جائز شرعًا، وينعقد به اليمين، بشرط أن يكون الحالف يقصد الحلف بكلام الله المكتوب في المصحف، وليس الأوراق أو الغلاف فقط.
واستندت الدار في ذلك إلى ما قاله شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في كتاب أسنى المطالب، حيث ذكر أن الحلف بالقرآن يمين منعقدة، إلا إذا قصد الحالف الحلف بالرق أو الغلاف فقط، ففي هذه الحالة لا يُعد يمينًا.
وفيما يخص الحلف بالمصحف كذبًا، شدد الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية بدار الإفتاء، على أن ذلك يعد من الكبائر، لأنه يمين غموس، أي يغمس صاحبه في الإثم والعذاب.
وأضاف أن وضع اليد على المصحف والحلف بالله كذبًا يزيد من خطورة الإثم، لأن ذلك يُعد استهانة بكلام الله وتوظيفه في غير موضعه الصحيح، مما يعرض صاحبه لسخط الله في الدنيا والآخرة.
كفارة الحلف بالمصحف كذبًا
وبالنسبة للكفارة المترتبة على الحلف كذبًا بالمصحف، فقد أوضح العلماء أن هناك اختلافًا في وجوب الكفارة، حيث ذهب جمهور الفقهاء إلى أن اليمين الغموس لا كفارة لها، وإنما تجب التوبة والاستغفار فقط، بينما ذهب الشافعي وبعض الفقهاء إلى وجوب الكفارة، وهي تحرير رقبة مؤمنة، أو إطعام 10 مساكين من أوسط ما يطعم الإنسان أهله، أو كسوتهم، فإن لم يستطع، فعليه صيام 3 أيام.
أنواع اليمين
أما الشيخ عبد الله عجمي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، فقد أوضح أن من يحلف بالله كذبًا وهو في حالة غضب، يجب عليه الكفارة إذا حنث في يمينه، وذلك ما دام قد عزم وصمم على ما أقسم عليه، سواء كان بالنفي أو الإثبات، وبيّن أن هناك ثلاثة أنواع من الأيمان، وهي:
* اليمين المنعقدة: وهي التي يحلف فيها الشخص على أمر في المستقبل، فإذا خالفها وجبت عليه الكفارة.
*يمين اللغو: وهي التي تصدر دون قصد أو تأكيد، ولا كفارة فيها.
*اليمين الغموس: وهي الحلف على أمر كاذب مع العلم بذلك، وقد سميت غموسًا لأنها تغمس صاحبها في الإثم.
وأشار الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إلى أن مقدار إطعام المسكين في كفارة الحنث باليمين هو نصف صاع من الطعام لكل مسكين، أي ما يعادل كيلو ونصف تقريبًا، موضحًا أن هناك خلافًا بين العلماء حول إمكانية دفع قيمة مالية بدلًا من الطعام، إلا أن دار الإفتاء المصرية أخذت برأي الإمام أبي حنيفة، الذي أجاز إخراج المال في الكفارات وزكاة الفطر.
وفي النهاية، اتفق العلماء على أن الحلف كذبًا بالمصحف، حتى في حالات الضرورة، لا يجوز شرعًا، بل يعد من الكبائر التي تستوجب التوبة الصادقة، والابتعاد عن استخدام كلام الله في غير موضعه، حفاظًا على هيبته وعظمته.