تطور الاحتيال الإلكتروني في عصر الثورة التقنية
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
تطوَّرت التقنية بشكل مذهل؛ مما أدى لظهور الذكاء الاصطناعي وانعكاسه إيجابيًّا على الحياة البشرية بكافة تفاصيلها، وفي المقابل تم استغلال ذلك من قبل البعض بشكل عكسي من خلال تطوير أساليب احتيال إلكتروني باستخدام البرمجيات المتطورة، لاسيما تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وتشير إحدى المجلات البحثية المتخصصة إلى أنه "يعتبر الذكاء الاصطناعي من أهم التقنيات الحديثة التي تسهم بشكل ملحوظ في التطور التقني السريع وزيادة فرص الابتكار والنمو في مختلف المجالات، ويؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً مهمًّا في رفع الجودة وزيادة الإمكانات وكفاءة الأعمال وتحسين الإنتاجية، ومع الانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي وكثرة الحديث عن قدراتها، إلا أنها ما زالت محفوفة بالغموض ويُمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي أن تسهم في تنامي عمليات الاحتيال الالكتروني، وذلك مع التطور الواسع الذي تشهده تلك التطبيقات".
ولا شك أنَّ هناك جانبًا مظلمًا للذكاء الاصطناعي حينما أصبح سلاحا ذا حدين من خلال استخدامه بطرق غير أخلاقية ودخل الاحتيال والنصب عالمًا جديدًا عبر بوابة الذكاء الاصطناعي بتنوع وتطور أساليب عمليات الاحتيال، بل إن الأمر قد تطور وتعدي الطرق الاعتيادية حينما وصل إلى درجة تزييف البيانات والهويات بشكل لا ينكره العقل، ووصل الحال عبر التزييف العميق من خلال تزييف أصوات الأفراد باستخدام الذكاء الاصطناعي، واستخدامها في طلب أموال عاجلة من أقاربهم ومعارفهم.
وبعد جائحة كورونا، ازداد الاعتماد على الإنترنت في العمليات التجارية والتسوق الإلكتروني بشكل ملحوظ للغاية؛ مما أدى لازدياد نسبة الجرائم الإلكترونية عن نظيرتها الجرائم التقليدية، وبات من المستحيل توقع الطرق الجديدة للاحتيال والنصب الالكتروني؛ حيث أصبحت هذه الجرائم هاجساً مؤرقا للحكومات والأنظمة الدولية الكبرى.
ونتيجة لتصاعد نسبة الجرائم الإلكترونية، اتجهت العديد من الدول لسن قوانينها لمواجهة هذه الظاهرة، حيث فرضت عقوبات قاسية على من تثبت إدانته بها، كما استخدمت مؤسساتها السيبرانية في محاولة لمحاربة تلك الجرائم وعمليات الاحتيال.
وما دعاني لكتابة هذا المقال هو الحادثة التي وصلتني منذ عدة أيام عن شخص تعرَّض للاحتيال الإلكتروني بعدما أراد تقديم شكوى لإحدى الجهات الحكومية، وعوضا عن استخدامه التطبيق أو الموقع الخاص بالجهة ذهب للمسار غير الآمن إطلاقا وهو منصة جوجل؛ حيث يرمي المحتالون شباكهم للاحتيال بكل حرفنة وبعد أن عبَّأ الاستمارة ودوَّن بياناته والتي كانت عبر موقع وهمي وهو لا علم لديه، تم التواصل معه عبر تطبيق الواتس آب، وطُلبت منه البيانات البنكية، ولأننا للأسف مجتمع يتعامل بحُسن نية مع الغريب قبل القريب، أعطاهم بياناته وكانت الكارثة، حينما تفاجأ بسحب مبلغ كبير، وبعد أن وقع الفأس في الرأس اكتشف أنه تعرَّض لعملية احتيال إلكتروني، وهذا نموذج فقط من عدة نماذج تعرضت للاحتيال وبنفس الطريقة رغم التنبيهات والإعلانات التوعوية التي تبث مرارا وتكرارا.
شرطة عمان السلطانية والجهات الحكومية الأخرى تُحذِّر وبشكل مستمر من الوقوع في براثن الاحتيال الإلكتروني بأشكاله المختلفة من خلال تنبيهات بعدم مشاركة البيانات المصرفية أو المعلومات الشخصية مع أي شخص مجهول الهوية، وعدم الإجابة عن الأرقام المجهولة أو معاودة الاتصال بها، وأيضا من خلال إعلانات مصورة توضِّح الفرق بين الموقع الحكومي والموقع المزيف الذي يتخذه المحتالون نافذة لهم للاحتيال.
على المتصفح للشبكة العنكبوتية أن يكون على حذر، ومن الضروري أن يثقف نفسه لفهم تقنيات هذه الممارسات الاحتيالية لحمايته بفاعلية من الأضرار المحتملة؛ وعليه ألا يقدم معلومات شخصية أو بيانات بنكية وأن يتجه للمواقع الموثوقة الأمانة عبر مواقعها الرسمية ومنصاتها الإلكترونية، كما على الجهات المختصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية تكثيف التنبيه والتوعية والتحذير من مخاطر الاحتيال الإلكتروني في كافة القنوات الإعلامية المتاحة.
عزيزي القارئ الكريم: "استخدم التقنية وكن على حذر".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي جريمة معلوماتية!
مع بداية ثورة الذكاء الاصطناعي، ظهرت مخاوف أن يؤثر على جودة البحث الأكاديمي؛ بأن يستغله الطلاب والباحثون لسهولة الوصول للمعلومة، دون تدقيق أو تمحيص، وأن تفقد الدراسات الأكاديمية رصانتها ومرجعيتها. كان هذا أكبر المخاوف، تبعه الخوف من ظهور مؤلفات وروايات، وحتى مقالات يحل فيها (شات جي بي تي) محل المؤلف، أو الروائي أو الكاتب!.
ولكن مع التسارع المذهل لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه المخاوف صغيرة، أو بسيطة؛ مقارنة بما وصل إليه من قدرة مذهلة على تغيير صور الأشخاص، وإنتاج مقاطع مصورة متحركة وصلت إلى تجسيد شخصيات سياسية لا تكاد تفرقها عن الحقيقة؛ مثل قادة دول وزعماء يرقصون مع بعضهم بشكل مقزز، أو يؤدون حركات مستهجنة؛ مثل ركوع قادة دول أمام قادة آخرين، كما حدث مع الرئيس الأوكراني- على سبيل المثال- أو تمثيل نجوم الفن والرياضة في مقاطع مصطنعة، كما حدث في العيد الماضي قبل أيام من تصوير كريستيانو رونالدو وأم كلثوم وآخرين، وهم يخبزون كعك العيد، الأمر الذي قد يصل إلى استغلال ضعاف النفوس لهذه التقنيات في تصوير أشخاص في أوضاع مخلة وإباحية؛ بغرض الابتزاز، أو في أوضاع جرمية؛ بغرض الانتقام أو إلحاق الضرر بآخرين، وهذا أمر وارد جدًا في الفضاء الإلكتروني المفتوح، الذي يستخدمه الصالح والطالح والمجرم والسوي والعارف والجاهل، وهو ما يعد جريمة إلكترونية واضحة المعالم؛ تجرمها الأنظمة والأخلاق الإنسانية والتعاليم الدينية والأعراف والتقاليد، ما يوجب ضرورة التوعية بها، وإيضاح الأنظمة والعقوبات التي تحرمها وتجرمها، ولا بد أن يعي كل من يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، أن من ينتج مثل هذه المقاطع والصور فقط، أو يخزنها فقط، وليس أن ينشرها فقط، سيقع تحت طائلة القانون والنظام، وأن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية يؤكد على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كلُّ شخص يرتكب أيًّا من الجرائم المعلوماتية الآتية: “إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي”.
الأمر خطير وليس مزحة.
Dr.m@u-steps.com