من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. لنا الموت البهي!
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
#سواليف
لنا #الموت_البهي!
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
22 / 9 / 2019
مقالات ذات صلة هل ينذر الارتفاع الكبير على حرارة مياه شرق البحر المتوسط بتشكل عواصف متوسطية تؤثر على المنطقة؟ 2024/07/29يستطيع صاحب دولة أو معالي أو «باشاوية» أن يقيم حفل زفاف مهيب لابنه بفندق سبع نجوم، يوّزع قبله بطاقات الدعوة المزركشة، يستقبل الحضور المنتقين بأعدادهم المحصورة، ويجلسهم إلى طاولات مصنّفة مسبقاً.
**
الموت لا يحتفي أبداً ببطاقات الدعوة، ولا تعنيه كثيراً بروتوكولات الحضور، ولا المناصب التي جلس عليها المشيّع، ولا ربطات العنق التي ان وضعت في ميزان الرحيل لا تساوي طوبة مستعارة من قبر قريب وجالون ماء، هي مرقد الراحل الجديد.. الموت يُفشل كل الترتيبات المسبقة وينتصر للتراب..
**
الا تلاحظون حتى مشاعرنا صارت طبقية؟! لهم الأفراح الباذخة، ولنا الموت البهي.. يستطيعون أن يصنعوا حفلاً أسطوريا يحيه كل نجوم العالم، لكنّهم لن يستطيعوا أن يصنعوا موتاً شعبياَ تحمله أكف الأغلبية الكاسحة من الفقراء والمتعبين والكادحين والعاجزين، لا يستطيعون أن يخرجوا عجوزاً واحداً على كرسيه المتحرّك ليودع جثمان من أحب إلى مثواه الأخير.. الفقراء لا ينسون نصيرهم حتى في الموت، وبعد أن ترك حقيبته وسماعته في مكتبه المغلق، وبعد أن تجمّدت ابتسامته في النفس الأخير، وترك عيّنات الدواء المجاني على طاولته ودفتر الوصفات وشبابيك الغرفة القديمة، لم يتركوه،لقدّ زفّوا قلبه الذي طالما جبر قلوبهم المكسورة..
جنازة الدكتور «رضوان السعد» أول أمس الجمعة، كانت خير دليل على أن الشعب ينتصر لرموزه الحقيقيين، لأبنائه الأوفياء، لتقاسيم الأرض التي تشبهنا، لا لسيارات «التيسلا» ولا للهالة ولا للزغاريد المعلبّة التي تطلقها السنة معدّة مسبقاً، السلطة لا تصنع حباً في قلوب الناس، الكلمة الطيبة والموقف الأصيل والخلق النبيل ونظافة اليد والسيرة، هي من توحّد القلوب خلفها، من شيّع الدكتور رضوان السعد من ألاف الأردنيين الجمعة لا يرتجون منه منصباً ولا عطيّة ولا نظرة رضا ولا مجاملة أو نفاقاً ولا طمعاً.. هم قالوا بصمتهم وحزنهم لقد وقفت معنا عندما كنت قوياً ونحن ضعفاء على سرير العيادة.. لن نخذلك اليوم ونحن أقوياء وأنت على تابوت الرحيل..
الفقراء لا ينسون من كان يعالجهم أبداً.. فكيف لهم أن ينسوا من يوجعهم؟!
ahmedalzoubi@hotmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف
إقرأ أيضاً:
الكاتب الصحفي صلاح الدين عووضه يروي تفاصيل جديدة عن نجاته من “الوحوش”.. ونجوت!!
حصريا على “تاق برس ” .. الكاتب الصحفي صلاح الدين عووضه يروي تفاصيل جديدة عن نجاته من “الوحوش”.. ونجوت!!
ونجوت !! (2)
كان عددهم كبيرا… وجاري عماد – صاحب البيت المواجه – يقف في منتصف سياج البيت الحديدي المنبثة في أرجائه شجيرات ونباتات وزهور..
يقف ناظرا إليهم وهم يحاولون تسلق السياج بعد رفضه فتح بابه لهم..
وبعد قليل رأيت أضألهم جسما يتسلقه – كما القرد – من جهة نقطة ضعفه الوحيده وهي السبيل..
وسرعان ما نجح في ذلك . بخفة نسناس – ليفتح الباب لبقية زملائه من الوحوش..
وعند هذا الحد كففت عن التحديق عبر ثقب الباب وهرولت نحو الداخل..
فقد سمعت صياحا قريبا وصوت أحدهم يزمجر آمرا : أطرقوا جميع هذه الأبواب..
فأدركت – عندئذ – أن عددهم أكبر مما كنت أظن..
وأنهم يحاصرون غالب بيوت حينا لا منزل عماد وحده..
وعلمت من جارنا هذا – عند انقشاع الغمة – أنه نجا من القتل بأعجوبة..
القتل طعنا بالسونكي تجنبا لإطلاق أعيرة نارية؟..
كانوا يكثرون من تحذير بعضهم بعدم استخدام الرصاص بما أن الجيش وصل عند حدود منطقتنا
الشمالية..
وهم بقدر خشيتنا منهم يخشون الجيش ؛ وأكثر..
سيما – حسبما يتهامسون فيما بينهم كتائب البراء…ودوابي الليل…وقوات العمل الخاص..
ويفرون من أمامها – ومن جميع أفراد القوات النظامية – فرار الأرنب البري من كلاب الصيد السلوقية..
وينطبق على كل واحد منهم شطر بيت الشعر القائل : أسد علي وفي الحروب نعامة..
نجا جاري -كما ذكرت – من الموت طعنا بالسونكي مرتين..
وعند محاولة طعنه للمرة الثالثة حدث شيء كان سببا في نجاته..
ونجاتي أنا – كذلك – بفضل الله..
وقبل أن أواصل قصتي أنا مع هؤلاء الوحوش أحاول التمهيد لذلك – تشبيها – بما خيم على
ذهني في تلكم اللحظات..
هل منكم من شاهد فيلم الرعب الأمريكي الشهير (الفزاعة)؟..
إن كان منكم من شاهده فلا يمكن أن ينسى عربة كائن الفزاعة المخيفة ؛ شكلا ، وصوتا ، ولونا..
وما يعنيني هنا الصوت ؛ فهو ما كان متاحا لي وأنا وراء الباب..
فقد دوى في فضاء حينا – فجأه – هدير عربة مرعب..
هدير لم أسمع له مثيلا إلا ذاك المنبعث من عربة كائن الفزاعة..
وتزامن صخبه مع قرع عنيف على بابي مصحوب بشتائم في غاية البذاءة.. ولا يمكنا أن تصدر إلا من بذيئين..
ثم أعقب ذلك قسم بقتلي – شر قتلة – فور اقتحامهم البيت..
وسمعت أحدهم يصرخ بغضب شديد : فلنقتلع
هذا الباب اللعين اقتلاعا بواسطة عربتنا..
وعربتهم هذه كان هدير محركها المرعب قد اقترب مني كثيرا..
فلم يخالجني أدنى شك في أنهم سيسحبون الباب إلى الخارج بها ، أو يدفعونه نحو الداخل بمؤخرتها..
وما من حل ثالث ؛ بما أن سلك (غوانتنامو) الشائك يحول دون تسلق الحائط..
وعربة كائن الفزاعة تهدر وكأن محركها محرك شاحنة ضخمة ، وإطاراتها إطارات مجنزرة عسكرية..
وازداد الطرق على الباب ضخبا مع تزايد ضجيج العربة..
وسمعت من يصرخ بأعلى صوته ليسمع في خضم هذا الصخب والضجيج : أين أنتم يا أولاد ال……..؟…لقد أخرجنا السيارة ؛ دعونا (نتخارج) سريعا..
فأدركت – لحظتها- أن عربة كائن الفزاعة كانت منشغلة بسحب عربة جارنا عمر..
وأنشغل بهذا الأمر أيضا كثير من الوحوش التي بالخارج..
فكان في فقد عمر لعربته نجاة لعماد ؛ ولشخصي..
من موت محقق !!