قال الشيخ عزيز حسنوفيتش، رئيس المشيخة الإسلامية في كرواتيا: "إن عصرنا الحاضر يتميز بسمة التطورات المتسارعة التي اجتاحت جميع ميادين الحياة المختلفة مما أدى إلى وجود نوع من الخلل في البناء الأخلاقي وظهور العديد من التحديات التي تعود إلى التأثر بالمتغيرات العالمية الناتجة عن التقدم المتسارع الذي أحدثته ثورة المعلومات في أكثر مناحي الحياة".

وأضاف خلال كلمته ضمن فعاليات المؤتمر العالمي التاسع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، المنعقد تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، تحت عنوان "الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع"، أن من أخطر ما يواجهه البناء الأخلاقي اليوم تداعيات أن الأخلاق الإسلامية لا تصلح للتطبيق في الوقت المعاصر لبعد الناس عنه وأن منهج الغرب في الأخلاق أنسب لأنه يقوم على المنفعة الذاتية للأفراد وأن هذا ما يهم الناس اليوم، والخطر الأكبر في فساد الأخلاق العامة حيث نشهد ازدواجية المعايير وغياب العدالة الدولية والهيمنة وانتشار الفقر والجوع والصراعات المسلحة والتطرف، وقد نبه القرآن على أن فساد الأخلاق كان سببًا لانهيار الأمم.

وأشاد مفتي كرواتيا باختيار موضوع المؤتمر لهذا العام الذي كان موفَّقًا لا سيما وأن للأخلاق في الإسلام ارتباطًا وتيدًا بالإيمان، ونجد ذلك جليًّا في النصوص الشرعية. فإذا دعا القرآن إلى مكارم الأخلاق نادى المسلمين باسم الإيمان، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ} [النساء 135]، وكذلك: {أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب 70]، وفي السنة النبوية نجد تصريحًا لذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكْملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهُم خلقًا»، وقوله: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ». إن الإيمان بالله دافع إلى الالتزام بالأخلاق الكريمة إلا أن بعض الأخلاق فطرية تظهر في الإنسان من بداية حياته وهي موافقة للأخلاق الإسلامية المكتسبة.

وأضاف مفتي كرواتيا: إن من أدل الأدلة على فساد الأخلاق العامة وانهيار القيم الإنسانية في العالم ما يحدث في أرض فلسطين اليوم من قتل الأبرياء والدمار ومعاناة الجوع والعطش والأمراض يعيشها أهل غزة، وأؤكد على جميع المشاركين أن لا ننساهم في كلماتنا ومداخلاتنا في هذا المؤتمر المبارك.

وتسائل: هل يصح القول بأن مسألة الوفاة من الجوع مسألة اقتصادية؟ وإذا كانت كذلك، فهل للدول القوية والغنية حلها، ولماذا لا تقوم بحلها؟ الحل الاقتصادي ممكن، ولكن بما أن اقتصاد الإنسان المعاصر يقوم على المصلحة والربح، فإن هذه المشكلة لا يمكن حلها من الناحية الاقتصادية بلا خلق لأن الأخلاق لا تعرف المصلحة، بل تعرف الواجب والفضل.

الواجب الأخلاقي للإنسان هو إيقاف الحروب، ومكافحة كل من الصراعات المصلحة وانتشار الفقر والجوع وتقنين الدعارة ودور البغاء والمثلية الجنسية وبيع المشروبات الكحولية، بينما المصلحة هي دعم ذلك لتحقيق الربح. المؤمن يفضل الواجب، ومن يعيش بلا إيمان يفضل المصلحة.

وتابع مفتي كرواتيا كلمته مؤكدًا أن المؤسسات الدينية تحظى وزعماؤها اليوم باهتمام أكثر سكان العالم، فلا تؤثر القيم الأخلاقية والروحية المستمدة من النصوص الدينية في سلوكيات الناس وقيمهم فحسب، بل في العلاقات الاجتماعية والمشاركة السياسية والتقدم الاقتصادي.

وأشار إلى أن المؤسسات الدينية عامة والإفتائية خاصة في مواجهة تحديات البناء الأخلاقي من أكثر الجهات استعدادًا لقوة تأثيرها في المجتمعات مما يؤكد على دورها ومسؤوليتها.

وأضاف فضيلته إن المشيخة الإسلامية في كرواتيا مِنْ خِلَالِ مناهجها التعليمِيةِ والتنوِيه بِالجانب الأَخلاَقِي وَالروحِي وَالْإِنْسَانِي لِلْإِسْلام وقيمه تسعى في دعم البناء الأخلاقي ومواجهة تحدياته. نعتبِر تَجْرِبَتَنَا في كروَاتيا مثالًا فَعالًا ونافعًا حيث حافظت الأقلية المسلمة على أخلاقها السامية في مُجتَمَع مُتَعَدِّد الأديَان وَالطوَائف ولم تقع في النكسة الأخلاقية ولا في التطرف والغلو، إذ لَيْس هنَاك موَاطِن كُرواتِي ذهب إِلى أَي ساحَة معْركة في العالَم لينضَم إلَى فِئَة مقَاتِلة. الْبَرَامِج التعْلِيمِية لأولادنا في الكتاتيب التي وضعتها المشِيخَة الإسلامِية في كرواتيا هِي مِن الوسَائِلِ الْوِقَائِية الْمَقبولة بِشَكْل عَام وَالْمناسِبة للمجتَمَع الكُروَاتِي.

فعلينا أن نستشعر المسؤولية وندرس مدى إمكانياتنا في مواجهة تحديات البناء الأخلاقي ونقوم بما في وسعنا متوكلين على المولى جل وعلا.

وفي ختام كلمته وجَّه مفتي كرواتيا الشكر إلى فضيلة المفتي شوقي علام مفتي الجمهورية، على جهوده في إقامة هذا المؤتمر، وفخامة رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي الذي يعقد هذا المؤتمر تحت رعايته، داعيًا أن يتقبل الله جهود كل من ساهم في إنجاح هذا المؤتمر ويجزيهم خير الجزاء.

اقرأ أيضاًالكلمة الكاملة لـ مفتي الجمهورية في المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء

مستشار الرئيس الشيشاني: البناء الأخلاقي للعالم مهدد بالانهيار بسبب القتل والتدمير

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام دار الإفتاء المصرية المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع هذا المؤتمر

إقرأ أيضاً:

16 قتيلا.. عواصف وأعاصير مدمرة تجتاح عدة ولايات أمريكية| صور

لقي أكثر من 16 شخصًا مصرعهم وأصيب العشرات نتيجة سلسلة من العواصف والأعاصير العاتية التي اجتاحت عدة ولايات أمريكية في الأيام الأخيرة، وفقًا لتقارير شبكة "إن بي سي نيوز".

وبحسب الشبكة الأمريكية فإن العواصف القوية، التي شملت مناطق واسعة من الجنوب ووسط الغرب الأمريكي، أثرت على حوالي 138 مليون شخص، مما أدى إلى تهديدات متزايدة لمناطق أخرى قد تشهد ظروفًا جوية مماثلة في الأيام القادمة.

وخلفت العواصف العنيفة والأعاصير التي ضربت ولايات أركنساس، إلينوي، إنديانا، كنتاكي، ميسيسيبي، ميزوري، وتكساس، دمارًا واسعًا في الممتلكات والبنية التحتية. 

وقد تسببت هذه الأحوال الجوية القاسية في مقتل العديد من الأشخاص، فيما تواصل فرق الإنقاذ العمل لإنقاذ المصابين.

 وعلاوة على ذلك، انتشرت حرائق الغابات في المناطق المتأثرة، حيث تم تسجيل أكثر من 100 حريق، مما زاد من تعقيد الوضع الإنساني في بعض الولايات، كما تسبب الطقس العنيف في رياح عاتية قد تصل سرعتها إلى 157 ميلاً في الساعة، وهو ما يجعل الأعاصير التي تجتاح بعض المناطق تتراوح بين قوة EF2 على مقياس الأعاصير. 

وتنتشر المخاوف من أن تلك الأعاصير قد تزداد قوة مع مرور الوقت، مما يزيد من خطر الأضرار المحتملة في مدن جنوب ولاية آيوا وصولًا إلى جاكسون بولاية ميسيسيبي. 

وأسفرت هذه الظروف الجوية الشديدة عن دمار هائل للمنازل والمباني، كما تسببت في انقطاع الكهرباء عن مئات الآلاف من الأشخاص في المناطق المنكوبة.

على الرغم من جهود فرق الإغاثة، قالت الشبكة الأمريكية إن الأوضاع لا تزال صعبة في بعض الولايات، حيث أظهرت التقارير أن أكثر من 300,000 شخص في مناطق مختلفة فقدوا خدمات الكهرباء، ما يزيد من معاناتهم في ظل الظروف الجوية القاسية. 

وقد تضررت بشكل خاص ولاية ميزوري، حيث تسببت الرياح العاتية في اقتلاع الأشجار، وتدمير المنازل، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء عن آلاف الأشخاص. وفي هذا السياق، دعت السلطات المحلية السكان إلى اتخاذ الحيطة والحذر، والاستعداد لمزيد من التدهور في الأحوال الجوية.

في ولاية تكساس وأوكلاهوما، تسببت الرياح الشديدة في حوادث مرورية مميتة، حيث لقي ثلاثة أشخاص مصرعهم في حادثة على الطرق السريعة.

 كما تم إغلاق بعض الطرق الرئيسية في مقاطعة بوتر بعد حوادث متعددة لشاحنات كبيرة نتيجة الرياح العاتية، مع تحذيرات من انخفاض مستوى الرؤية بشكل خطير في بعض الأماكن.

وفي جنوب ولاية كاليفورنيا، تسببت العواصف الممطرة الشديدة في تحذيرات من فيضانات مفاجئة في أجزاء من مقاطعات لوس أنجلوس وفنتورا وأورانج.

 وبينما كانت الأمطار تتساقط بغزارة، أبدى خبراء الأرصاد الجوية قلقهم من إمكانية تعرض المناطق الأخرى لمزيد من الأعاصير والرياح العاتية في الأيام القادمة، مما يزيد من تعقيد الوضع في تلك الولايات.

مقالات مشابهة

  • الأخلاق المحمودة قد تتحول إلى مذمومة.. تحذير من خالد الجندي
  • وزير الخارجية: إعلاء المصلحة الوطنية وتكثيف الاتصالات في دول الاعتماد بما يخدم أولوياتنا
  • أسوأ جفاف منذ 65 عامًا يوقف محطات الليطاني جزئيًا وكليًا
  • بسبب الجفاف.. مصلحة الليطاني توقف معامل كهرومائية جزئيًا وكليًا
  • أمم أوروبا.. 3 جلسات تدريبية تحدد مصير فرنسا أمام كرواتيا
  • ديشامب يكشف سبب استدعاء مبابي لمنتخب فرنسا قبل مواجهة كرواتيا
  • جدعون ليفي: أنّى لرئيس الشاباك أن يقدم دروسا في الأخلاق حتى لنتنياهو؟
  • جدعون ليفي: أنى لرئيس الشاباك أن يقدم دروسا في الأخلاق حتى لنتنياهو؟
  • 16 قتيلا.. عواصف وأعاصير مدمرة تجتاح عدة ولايات أمريكية| صور
  • أعاصير مدمرة تضرب ولايات أمريكية