مستشار الرئيس الشيشاني: البناء الأخلاقي للعالم مهدد بالانهيار بسبب القتل والتدمير
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
أكد الشيخ صالح حجي مجييف، مستشار رئيس جمهورية الشيشان للشؤون الدينية، خلال كلمته بالمؤتمر العالمي التاسع للأمانة لعامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم المنعقد تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، أنَّ اجتماعَنا اليومَ لِـمُناقَشَةِ مَوضوعِ الأخلاقِ وطُرُقِ الـمُحافَظَةِ عَليها في عصرِنا الرَّاهن، هو اجتماعٌ في غايةِ الأهميَّة، ذلك لأن وجود الأُمَمِ وبقاءها مُرتَبِطٌ بالـمُحافَظَةِ على الأخلاق، وإنَّنا مَعاشِرَ الـمُسلمينَ نَفْتَخِرُ بالنِّظامِ الأخلاقي في دِينِنا الإسلاميِّ الحَنِيف، ابتِداءً مِنْ مَصْدَرِهِ وأساسِه، فهو رَبَّانِيُّ الـمَصْدَر، وقد بَيَّنَهُ المولَى الجليلُ تباركَ وتعالَى في كتابِهِ العزيزِ، وهذا النِّظامُ الأخلاقي الذي جَسَّدَهُ حبيبُنا المصطفَى محمدٌ صلى الله عليه وسلم في حياتِهِ بأقوالِهِ وأفعالِه، فكان قَبْلَ البِعْثَةِ الصَّادِقَ الأمِين، ونالَ أعلَى وِسامٍ، وَأَرْفَعَ رُتْبَةٍ منَ اللهِ تعالَى عِندما امْتَدَحَه المولَى فقالَ تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.
وأضاف خلال كلمته بجلسة الوفود، أنَّ النِّظامِ الأخلاقي في الإسلامِ له أُسُسٌ قَويَّةٌ ومَتِينَة، ومُناسِبَةٌ وصالِحَةٌ لِكلِّ زَمانٍ ومَكان، وكلُّ مُجتَمَعٍ يَتَبَنَّى هذا النَّظامَ سَيَعِيشُ أبناؤُهُ بِأمْنٍ وأمان، مُتحابِّينَ مُتآلِفين، إنَّهُ نِظامٌ شاملٌ يَدخلُ في كلِّ مَجالَاتِ الحياة، الظَّاهرةِ والبَاطِنَة، في عَلاقةِ العبدِ مَعَ رَبِّهِ ومَعَ نَفْسِهِ ومَعَ النَّاس، الأخلاقُ الإسلاميةِ وَاحِدَةٌ لا تَتَجَزَّأ، فالمسلمُ يَتَحَلَّى بالأخلاقِ في جميعِ حالاتِه، في السَّرَّاءِ والضَّرَّاء، في الشِّدَّةِ والرَّخاء، ومعَ جميعِ النِّاسِ على اختلافِ طَبَقاتِهم ومُستَوَياتِهم، والأخلاقُ الإسلاميةُ ثابِتَةٌ لا تَتَغَيَّرُ ولا تَتَبَدَّل، لأنَّ مَنْهَجَها ثابِت، فالفَضِيلةُ في الإسلامِ ثابتة، والرَّذِيلَةُ كَذَلِك، والأخلاقُ الإسلاميةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالعَقيدَةِ والإيمان، فهذا حَبيبُنا المصطفى صَلواتُ رَبِّي وسلامُهُ عليهِ يقول: "لا إيمانَ لـمَنْ لا أمانةَ له"، والأخلاقُ الإسلاميةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالعبادات، فَعَلَى سَبيلِ الـمِثال، في الصَّلاة، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ وفي الزَّكاة، قالَ تعالَى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾.
كما أوضح أنَّ البِنَاءَ الأخلاقي في العالَمِ اليومَ مُهَدَّدٌ بِالانْـهِيَارِ إنْ لم نَقُلْ بِالزَّوال، بِسَبَبِ ما نُشاهِدُهُ مِنْ أعمالِ القَتْلِ والتَّدْمِيرِ التي يَقومُ بِها الإنسانُ بِحَقِّ أخيهِ الإنسان، وخاصةً ما يَرْتَكِبُهُ اليهودُ الصَّهايِنَة، مِنْ أَبْشَعِ صُوَرِ عَمَلِيَّاتِ القَتْلِ وإِزْهَاقِ الأرواحِ البَرِيئَة، بِحَقِّ إخوانِنَا في فِلِسْطِينَ وفي غَزَّة، نَسألُ اللهَ أنْ يُفَرِّجَ عنهم، وإنَّ البِناءَ الأخلاقي العالَمِيَّ مُهَدَّدٌ أيضًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى بِسَبَبِ سِياسَاتِ التَّغافِلِ والكَيْلِ بِـمِكْيَالَينِ ومُساوَاةِ الـمُجْرِمِ الصُّهيُونِيِّ بالضَّحِيَّةِ الفِلِسْطِينِيّ، ومُساوَاةِ صاحبِ الأرضِ الفِلِسْطِينيِّ بالـمُحْتَلِّ الصُّهْيُونِيّ، هذه التَّصَرُّفَاتُ الـمُخْزِيةُ التي نَرَاها مِنْ كَثيرٍ مِنْ دُوَلِ العالَمِ كأمريكا وأوروبا الذين كانُوا وما زالُوا يَدَّعُونَ ويَتَغَنَّونَ بالحُرِّيَّةِ والدِّيمقْراطِيَّةِ والإنسانية، والتي ظَهَرَ للجميعِ بِأنَّها لَدَيهم كاذِبَةٌ ومُزَيَّفَة، فَمَوقِفُهُم الـمُخزِي منَ الإبادةِ الجَماعِيَّةِ التي تَرتَكِبُها إسرائيل الـمُحْتَلَّةُ بحقِّ إخوتِنَا الأبرياءِ في غَزَّة، سيكونَ وَبَالًا عَلَيهم.
وتابع: لقد دَعَتْ رُوسيا الاتحاديةُ مِرارًا وتَكْرارًا وخاصَّةً بعدَ بدايةِ الحربِ في غَزَّةَ إلى ضَبْطِ النَّفْسِ وحِمايةِ الـمَدَنِيِّين، وقدَّمَتْ مُساعداتٍ عاجِلَة، وكذلك فَعَلْنا في جمهوريةِ الشيشان، بِحُكْمِ أنَّنا أحدُ مُكَوِّناتِ الدَّولَةِ الرُّوسية الاتحادية، كما قُمْنا باستِضافَةِ عَشَراتِ الأُسَرِ مِنْ غَزَّة، وبِأَمْرٍ مِنْ فَخَامَةِ الرَّئيسِ رَمَضان أحمد قديروف - حفظه الله- قُمْنا وعلى وَجْهِ السُّرعةِ بِبِناءِ بُيُوتٍ مُجَهَّزَةٍ بِكُلِّ الاحْتِياجَاتِ لِلإِخْوَةِ الفِلِسْطِينِيِّين، وهمُ الآنَ يَسكُنونَ بَيْننا آمنينَ مُطْمَئِنِّين، فالأخلاقُ ليستْ كلامًا يُقال، بَلْ مُبَادَرات وأفعالُ الرِّجَال.
أمَّا على الصَّعيدِ الدَّاخليّ، فإنَّ مُجتَمَعَنا الشِّيشانيَّ يُحافِظُ على الأخلاقِ الإسلاميةِ رَغْمَ التَّيَّاراتِ الجارِفَةِ في العَصْرِ الحَدِيث، ورَغْمَ سَلْبِيَّاتِ مَواقِعِ التَّواصُلِ الاجتماعِيّ في هذا الجانِب، وذلكَ عَبْرَ عِدَّةِ أُمُورٍ منها: التَّربِيَةُ الشِّيشانيَّةُ المَنْزليَّةُ للأولاد، فالأسرةُ الشيشانيةُ تَهْتَمُّ اهتمامًا شديدًا جدًّا بِتَرْبيةِ الأطفالِ مُنْذُ الصِّغَر، وتَرْبِطُ أفرادَ الأُسْرَةِ علاقاتٌ قَويَّةٌ واحترامٌ شَديدٌ وخاصَّةً للكبار، وأكثرُ مِنْ ذلكَ عندنا في الشيشانِ عندما يَمشي الكبيرُ في شوارعِ الـمُدُنِ يَقِفَ له الجالس، ويُفْسَحُ له الـمَـجالُ للعُبورِ أولًا، ويُقدَّمُ لِقضاءِ حَوائِجِه، وذلك احترامًا لَهُ وتَأَدُّبًا مَعَه، مِنَ الغريبِ قبلَ القريب.
وأضاف الشيخ صالح مجييف: منَ الأُمورِ التي تُساعدُ في حِفَاظِ مُجْتَمَعِنا الشيشانيِّ على الأخلاقِ الإسلامية، ما نَقومُ بهِ في الإدارةِ الدِينيةِ مِنْ جُهودٍ وإجراءات ضَخْمَة على مُسْتَوَى الجمهورية، فَخُطَباءُ المساجدِ يُوَجَّهونَ لِلحديثِ عنِ الأخلاقِ بانْتِظام، ويَقومُ الأَئِمَّةُ والخُطَباءُ ورِجالُ الدِّينِ بِزِيَارَاتٍ مُنْتَظَمَةٍ إلى المدارسِ والمعاهدِ والجامعات العامةِ في شتَّى الـمَراحِلِ والتَّخَصُّصات، لإلقاءِ الخُطبِ والـمَواعِظِ والـمُـحاضَرَاتِ على الطلاب، والتي مِنْ أهمِّ مَواضِيعِها التَّذكيرُ بالأخلاقِ والآداب، وكلُّ هذه الجهودِ هي بِإِيعازٍ وإشْرافٍ ومُتابَعَةٍ مِنْ فَخامةِ رِئيسِنا رمضان أحمد قديروف - حفظه الله- الذي يَسِيرُ على نَهْجِ والِدِهِ الشيخِ الشهيدِ أحمد حاج قديروف -رحمه الله وتقبله في الشهداء- والذي كانَ للأخلاقِ والتَّربيةِ نَصيبٌ كبيرٌ في مَنْهَجِهِ السَّديدِ الذي أسَّسَهُ والذي نَسيرُ عليه إلى يومِنا الحالي.
وفي ختام كلمته أعرب الشيخ صالح مجييف عن تمنياته لمصر بمَزيد منَ التَّطَوُّرِ والازدِهار، وأنْ يُكَلَّلَ المُؤتمَر بالخير والنَّجاح، وأنْ يَنْصرَ إخوانَنا في فِلِسْطينَ وفي غَزَّةَ عاجِلًا غَيرَ آجِل، وأنْ يَعُمَّ الخيرُ والأمنُ بلادَ المسلمينَ عَامَّة.
اقرأ أيضاًالكلمة الكاملة لـ مفتي الجمهورية في المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء
مستشار مفتي الجمهورية يكشف أهم ملامح المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتور شوقي علام الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء دار الإفتاء المصرية مفتي الجمهورية ف ل س ط ین الـم ح
إقرأ أيضاً:
ين عام "الأعلى للشئون الإسلامية" يلقى خطبة الجمعة من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت
ألقى الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خطبة الجمعة اليوم بعنوان : "أنت عند الله غال" من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت بجمهورية داغستان، في ضوء خطة وزارة الأوقاف وجهود الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف في مد جسور التعاون، وعلى هامش مشاركته في فعاليات المؤتمر والمنتدى الدولي العلمي بعنوان: "آليات تعزيز التعاون الدولي للحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية التقليدية وتعزيزها"، الذي يُعقد في مدينة محاج قلعة، عاصمة جمهورية داغستان الروسية، في الفترة من 20 إلى 23 نوفمبر 2024.
أهالي شمال سيناء يهدون وزير الأوقاف لوحة فنية وعباءة سيناوية وزير الأوقاف من شمال سيناء يدعوا المصريين إلى التكاتف والوحدة وهذا نص خطبته :الجمع الكريم : ما وقفت في هذا المكان المبارك إلا محملا برسالة مباركة من الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف المصري تحوي في مبناها ومعناها قبسات من التكريم الأزلي للإنسان وأبجديات بنائه، تتوجه إليه في خطابها وندائها وعرفها وشذاها أيها الإنسان : ( أنتَ غال عند الله ) وهي عبارة نسجت خيوطها من إشراقات النور التي لا تُحدُّ بزمان،ولا تنتهى بمكان، ولا تََختصُّ بإنسان، وإنما قوام الحال إطلاق الخطاب ليتعلق بكينونات دين الله، وجوهر التشريع من خلال سمو العلاقة بين خالق ومخلوق، ورب ومربوب، وعابد ومعبود.
إن الإنسان إذا تنكر لمقتضيات الربوبية والألوهية حينًا من الدهر فهذا لا يُخرِجُه من كونه غال عند ربه وخالقه، هذا حديث النفس لمطلق النفس، لأجلها هبَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- واقفا حينما انتقلت إلى خالقها وباريها، وعندما سُئل -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك أحال إلى الإنسان مطلق الإنسان وكفى من الإنسانية معانى التكريم في مفاهيم دلالاتها:
( أليست نفسًا ).. هذه ليست أيدولوجية قاصرةً وإنما مطلقيةٌ معبرة، ولعل المرجعيةَ هنا تكمنُ في أمرين :
الأول : قضية الاستخلاف والنيابة عن الله (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)
الثاني : مطلوب الحق من الخلق، وهو: عمارة الكون والحياة.(هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها)
أما الاستخلافُ فهو لإنسان غالٍ عند الله له قدمُ صدق عند خالقه ومولاه، خلقه بيده ثم نفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، و ألهمه رشده في حواريةٍ عجيبةٍ انتهت بأن ألقت الملائكةُ زمامَ العلم والعرفان في بحار التسليم: ( سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
من أجل هذا كانت نوعيةُ التكريم بمفرداته وتفرداته: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، واختصاصُ التقويم: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) لتنتقل سامقُ المنزلة من معقولات المعاني إلى تمثلات السلوك مشاهدة وعيانا، والذي بموجبه كان خليفةُ الله في كونه، منشغلًا برسالته الأزلية عمارة الكون والحياة، ولأجل أنه غالٍ في مطلق إنسانيته كانت عمومية الخطاب: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ؛ التأصيل لوحدة النشأة والتكوين: ( خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى )؛ ولأنه غالٍ عند الله كان التنوعُ في الملكات والمواهب تكاملًا لا تناقضًا :( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )،ولكي لا يُنتقص ممن استخلفه اللهُ في كونه لعمارته كانت العنديةُ الإلهيةُ في الأحكام لا تنصرف إلا لله : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) وما قصر العندية في الآية إلا لتحقق الصفاتٍ التي لا تليق إلا بجلاله وجماله فهو سبحانه العليم الخبير .. من أجل ذلك ليس للإنسان في خطاب العقول إلا التذكير والبلاغ : (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ) ( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)، وإن قد تعلقَ الأمر يوما بأهداب قدرياتٍ في الخلقة تتقاصرُ دونها الإرادات، فليتساءل الإنسانُ بينه وبين نفسه: أتعيبُ الصنعة ؟ أم تعيبُ الصانع ؟! ومن ثم يكون الكمال الذي لا نقصان فيه:" وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون".
فلنتذكر تكريم الله لأفضل الخلق لديه.. الإنسان ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ )..تكريم لكل إنسان؛ فلا تخصيص ببقعة بعينها، أو جنس بعينه، أو طائفة بعينها.
وإنما سلام ؛ يحوى التعارف بين البشرية جمعاء، سلام أخبر به عن صحيح ديني تحمله نسائم الرحمة والإحسان من أرض الكنانة والمكانة إلى أرض داغستان، وأهتف مفاخرا به في أرض الله أنْ: (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) نداءً كونيًّا يمتد إلى الطبيعة في شتى مجاليها؛ لأنها في مفهوم أهل الله كائنٌ له من حقيقة التسبيح ما يجعله ينتظم في سلك الأحياء، فما من شيء إلا يسبح بحمده، دالٌ بالحال والمقال على لمن خلقه وسواه، بيدَ أنَّ تنوعَ الأجناسِ يُورِثُ العجزَ في فقه التسبيحِ مع وجودِ حقيقته(وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).. أنت عند الله غالٍ نداءٌ للمحبة والتعارف يسري عبر الزمان من القاهرة إلى داغستان، يُحلِّقُ في سماءِ الإنسانيةِ بحديثٍ عن إنسانٍ هو مطلقُ الإنسان.. صُنعَ على عين الله في جوهر تكوينه.. فهو بنيانُ الله وملعون من هدم بنيان الله؛ ولأنه غال عند الله حمى عقله وحفظ عرضه وصان ماله وحفظ حياته، ومن قبلُ حفظ دينَهُ في أصل الاعتقاد؛ :( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ومن بعدِ الاعتقادِ الذى يخلوا من شوائب الجبر والإكراه أصبحَ كل عابد لله في خندقٍ واحدٍ لمواجهةِ الإلحاد.