حذر تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، أن أي حرب قد تندلع في شبه الجزيرة الكورية بين الجارين الجنوبي والشمالي، سيكون لها تبعات كبيرة للغاية على الاقتصاد العالمي، بالإضافة توقعات بحدوث خسائر بشرية هائلة.

ومع أن احتمالات حدوث تلك الحرب ضعيفة، فإنها وفقا لخبراء ومراقبين "ليست صفرا"، إذ أدت زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى كوريا الشمالية، الشهر الماضي، وهي الأولى من نوعها لزعيم روسي منذ 24 عاما، إلى إحياء شراكة الحرب الباردة التي كانت قد انتهت مع تفكك الاتحاد السوفيتي في أوائل تسعينيات القرن الماضي.

ولاحقا، ذكر البيت الأبيض أن اتفاقية الدفاع بين روسيا وكوريا الشمالية، التي وقعها زعيما البلدين، تثير قلق الولايات المتحدة لكنها "ليست مفاجأة".

وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي: "تحدثنا وحذرنا لعدة أشهر من تنامي العلاقة الدفاعية بين البلدين، وأتحنا سلسلة من المعلومات الاستخباراتية".

وتابع: "كشفنا معلومات حول مساندة كوريا الشمالية لروسيا في حربها بأوكرانيا، وحول نقلهم لأسلحة، وتعاملنا مع الأمر بجدية كما هو واضح"، حسب وكالة رويترز.

كيف ردت كوريا الشمالية على تصريحات ترامب بشأن زعيمها؟ أعلنت كوريا الشمالية، الثلاثاء، أنها لا تكترث بتصريحات الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عن انسجامه مع قائد تلك الدولة الشيوعية المنغلقة،  وذلك في أول رد لها على تباهي المرشح الجمهوري  المتكرر بصداقته مع زعميها كيم جونغ أون، وفقا لما ذكرت وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية.

ووفقا لتقرير "بلومبيرغ"، فقد تؤدي حرب شاملة في شبه الجزيرة الكورية إلى "مقتل الملايين، وتكليف الاقتصاد العالمي 4 تريليونات دولار في السنة الأولى، أو 3.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي أكثر من ضعف الضرر الناجم عن غزو روسيا لأوكرانيا".

ومثل تايوان، فإن دور كوريا الجنوبية كمنتج رئيسي لأشباه الموصلات، يعني أن أهميتها للاقتصاد العالمي "تتجاوز حجم ناتجها المحلي الإجمالي".

وتنتج شركة "سامسونغ" للإلكترونيات، التي تعد من بين أكبر 30 شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، 41 بالمئة من رقائق ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية في العالم، و33 بالمئة من رقائق ذاكرة NAND. 

وتعتبر منتجات "سامسونغ" مدخلات حيوية لكبرى شركات التكنولوجيا في العالم، مثل "أبل" الأميركية، وشركة صناعة الهواتف الذكية الصينية "شاومي".

هل يصمد حلف الناتو في وجه تحالف الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية؟ هل يصمد حلف الناتو في وجه تحالف الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية؟

وإذا توقفت صادرات الإلكترونيات الكورية الجنوبية، فإن ذلك ما سيسبب صدمة كبيرة للاقتصاد العالمي، فذلك البلد الآسيوي ينتج 4 بالمئة من جميع المكونات الإلكترونية المستخدمة بالمصانع في كافة أصقاع العالم.

وفي عام 2022، شكلت قطاعات مثل الإلكترونيات والسيارات التي تستخدم أشباه الموصلات كمدخلات حيوية، 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في تايوان، و11 بالمئة في الصين و8 بالمئة في اليابان.

وفي هذا السياق، أوضح وي سونغ لاك، المبعوث النووي لكوريا الجنوبية من عام 2009 إلى عام 2011، وهو الذي يشغل في الوقت حاليا مقعدا في البرلمان عن الحزب الديمقراطي المعارض، أن نسبة حدوث المناوشات بشبه الجزيرة الكورية في السنوات المقبلة "حوالي 30 بالمئة"، لافتا إلى أن أي صدام "قد يتحول إلى حرب واسعة نطاق".

من جانب آخر، ذكرت دراسة أجريت العام الماضي من قبل معهد كوريا للتحليلات الدفاعية ومقره سيول، أن كوريا الشمالية "لديها ترسانة تقدر بـ 80 إلى 90 رأسًا حربيًا، مما يكفي لمحاولة شن ضربات نووية على كوريا الجنوبية واليابان، وصولا إلى الولايات المتحدة".

وفي المجمل، يمكن أن تتسبب الحرب إذا اندلعت، "في تدمير نصف قطاع التصنيع في كوريا الجنوبية، ومعظم قدرتها على إنتاج أشباه الموصلات، ناهيك عن تعطل ممرات الشحن بالقرب من الصين وروسيا واليابان".

ومع احتمال اصطفاف الولايات المتحدة والصين على جانبي الصراع - كما فعلتا في الحرب الكورية السابقة - فإن التجارة بين القوى العظمى الاقتصادية في العالم ستواجه حواجز جديدة، مما يهد بانهيار الأسواق العالمية، وفق بلومبيرغ.

ورأى تقرير الوكالة أن نشوب "حرب محدودة في شبه الجزيرة الكورية، دون تدخل من القوى العظمى، سيجعل الأضرار الاقتصادية التي تلحق بالجارة الجنوبية، أخف وطأة وتأثيرا".

ويرى لامي كيم، أستاذ الدراسات الأمنية في مركز "دانييل ك. إينوي" لدراسات الأمن في آسيا والمحيط الهادئ، أن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، "عقلاني بما يكفي لعدم الانتحار"، في إشارة إلى عدم وجود رغبة حقيقة لدى الأخير بشن حرب على كوريا الجنوبية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجزیرة الکوریة کوریا الجنوبیة کوریا الشمالیة بالمئة من فی العالم

إقرأ أيضاً:

هل تغير قوات كوريا الشمالية قواعد اللعبة في أوكرانيا؟

تناول أستاذ العلوم السياسية بروس بيكتول الآثار المترتبة على قرار كوريا الشمالية بإرسال قوات من النخبة لدعم روسيا في أوكرانيا، مؤكداً أن هذا الانتشار دليل على التحالف الزائد بين بيونغ يانغ، ولكن ما يزال من غير المؤكد ما إذا كان هذا التطور سيغير بشكل أساسي ديناميكيات الصراع.

استخدام القوات الكورية الشمالية قد يخفف بعض الضغوط عن روسيا

وقال بيكتول، وهو ضابط استخبارات سابق في وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، في مقاله بموقع "ناشونال إنترست" إن كوريا الشمالية لعبت بالفعل دوراً حاسماً في دعم المجهود الحربي الروسي من خلال شحنات الأسلحة المكثفة، بما في ذلك قذائف المدفعية والصواريخ الباليستية والأسلحة الصغيرة، مشيراً إلى أن سلسلة التوريد هذه كانت ضرورية لاستمرار عمليات القتال الروسية.
وعرضت كوريا الشمالية في البداية إرسال عدد كبير من القوات يصل إلى 100 آلف جندي في عام 2022، لكن التقارير الأخيرة تشير إلى عدد أكثر تحفظاً يتعلق بـ 12000  من قوات المشاة الخفيفة النخبة، وهذا الدعم بمنزلة تحول من مجرد الدعم اللوجستي إلى المشاركة العسكرية النشطة. قوات النخبة في ساحة المعركة

وأشار الكاتب إلى أن الموجة الأولى من القوات الكورية الشمالية تشمل 4 ألوية من الفيلق الحادي عشر الشهير في كوريا الشمالية، والمعروف أيضاً باسم "مكتب توجيه تدريب المشاة الخفيفة".

وتعد هذه القوات من بين أكثر القوات تدريباً وتحفيزاً في كوريا الشمالية، وهي مستعدة لمهام متخصصة تتراوح من تعطيل خطوط إمداد العدو إلى إجراء الاستطلاع إلى استهداف البنية الأساسية الحيوية مثل محطات الطاقة والسدود. 

North Korean Special Forces in Russia’s War on Ukraine: A Game-Changer? https://t.co/Kt1XuD5qCv via @TheNatlInterest

— Nino Brodin (@Orgetorix) November 4, 2024

وتشير التقارير الأولية إلى أن حوالي 1500 جندي قد غادروا بالفعل الموانئ الكورية الشمالية ومن المتوقع أن ينخرطوا في معركة في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا قريباً.

هل ستغير  مسار الحرب؟

وأثار بيكتول سؤالاً أساسياً مفاده: "هل سيؤثر نشر القوات الكورية الشمالية على قواعد اللعبة؟" ورغم القوة الرمزية لانتشار هذه القوات، يظل الخبراء حذرين بشأن التنبؤ بتأثير حاسم.
وأبلغ مسؤولان أمريكيان سابقان راديو آسيا الحرة، أنه نظراً للعدد الصغير نسبياً من القوات والأسلحة المحدودة، فإن النشر الحالي قد لا يغير ساحة المعركة بشكل كبير، لكن يشير بيكتول إلى أن الوضع قد يتغير إذا أرسلت كوريا الشمالية قوات أكثر بكثير. 

North Korean Special Forces in Russia’s War on Ukraine: A Game-Changer? “I believe it is likely the North Koreans will send more troops, thus the real answer appears to be more nuanced. It could be a game changer if significantly more troops are sent… https://t.co/sPtpt5hnom

— Christodoulos (@AgenteChristo) November 4, 2024

وتعتمد فعالية القوات الكورية الشمالية إلى حد كبير على الكيفية التي تختار بها روسيا نشرها.

ويشير بيكتول إلى أن الوحدة الأولية التي يبلغ قوامها 12 ألف جندي تضم 500 ضابط، بما في ذلك ثلاثة جنرالات، مما يشير إلى أن هذه القوات يمكن أن تعمل بشكل شبه مستقل ضمن القيادات الروسية.

وإذا سُمح لها بالاحتفاظ ببنيتها التنظيمية، فقد تعمل كوحدات متماسكة، مما يضيف عمقاً تكتيكياً للعمليات الروسية.

ومع ذلك، يحذر بيكتول من أن النجاح النهائي للانتشار يتوقف على كل من نطاق واستراتيجية المشاركة الكورية الشمالية.

تحديات ومخاطر

وقال الكاتب إن وحدات المشاة الخفيفة الكورية الشمالية مدربة تدريباً عالياً، وغالباً ما تشارك في تدريبات الأسلحة المشتركة داخل كوريا الشمالية.

ومع ذلك، يلاحظ بيكتول عدم اليقين بشأن مدى فعالية اندماجها في الديناميكيات المعقدة لساحة المعركة الأوكرانية.

وواجهت القوات الخاصة الروسية تحديات كبيرة في أوكرانيا، وقد يساعد إضافة وحدات كورية شمالية في سد الثغرات في القدرات النخبوية. لكن نشر هذه القوات دون تنسيق كاف قد يؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة، مما يقلل من القيمة الرمزية لهذا التحالف، حسب الكاتب.

المكاسب الاستراتيجية لكوريا الشمالية

وأوضح الكاتب أن دعم المجهود الحربي الروسي يوفر فوائد ملموسة لكوريا الشمالية تتجاوز التوافق الاستراتيجي إلى الحصول على مزايا اقتصادية وعسكرية.

واعتمدت كوريا الشمالية طويلاً على مبيعات الأسلحة والمساعدات العسكرية للدول في الشرق الأوسط وإفريقيا، وقد امتد عملها الآن إلى أوروبا، مما يمثل تحولاً ملحوظاً.

ودعم المجهود الحربي الروسي لا يجلب المال والموارد فحسب، بل يؤمن أيضاً تحديثات محتملة للتكنولوجيا العسكرية القديمة لكوريا الشمالية.

ولفت الكاتب النظر إلى أن كوريا الشمالية تتلقى 2000 دولار أمريكي لكل جندي شهرياً، رغم أن هذا المبلغ يذهب مباشرة إلى النظام وليس الجنود الأفراد.

ويمنح هذا الترتيب كوريا الشمالية حافزاً مالياً لالتزام المزيد من القوات، خاصة وأن النظام يعامل قوات العمليات الخاصة كأصل عسكري قابل للتصدير على غرار المدفعية أو الصواريخ الباليستية.

التداعيات الاستراتيجية والأخلاقية

وسلط الكاتب الضوء على المخاطر الأخلاقية والاستراتيجية المرتبطة بالدور الموسع لكوريا الشمالية في حرب أوكرانيا، قائلاً إن التدخل المباشر لكوريا الشمالية قد يشكل سابقة لأنظمة استبدادية أخرى لتقديم الدعم القتالي في الصراعات خارج مناطقها المباشرة.

كما أن هذا التصعيد يعقد الاستجابة الدولية، حيث أن المشاركة المباشرة لدولة مسلحة نووياً وسرية للغاية مثل كوريا الشمالية تقدم أبعاداً جديدة للمشهد الجيوسياسي.
بالنسبة لروسيا، يقول الكاتب إن استخدام القوات الكورية الشمالية قد يخفف بعض الضغوط على قواتها المنهكة، مما يسمح باتخاذ إجراءات أكثر عدوانية في مناطق محددة. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الشراكة غير مضمون؛ فإذا ما أساءت روسيا استخدام هذه القوات النخبوية أو نشرتها بشكل غير مناسب، فإنها تخاطر ليس فقط بوقوع خسائر بشرية عالية ولكن أيضاً بالتدهور المحتمل لما يمكن أن يكون تحالفاً قيماً.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي: كوريا الشمالية "تحارب في أوروبا"
  • رئيس كوريا الجنوبية: اتفقت مع ترامب على الاجتماع قريبا
  • أنباء عن انخراط قوات من كوريا الشمالية في القتال بأوكرانيا
  • اتهامات وتحالفات.. كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بالتخطيط لهجوم نووي مع كوريا الجنوبية
  • تحليل :هل ستقلب القوات الخاصة الكورية الشمالية في أوكرانيا موازين الحرب؟
  • أول تعليق من كوريا الجنوبية بعد فوز ترامب.. مخاوف من طريقة التعامل مع كوريا الشمالية
  • كوريا الشمالية تطلق صواريخ جديدة نحو بحر اليابان
  • هل تغير قوات كوريا الشمالية قواعد اللعبة في أوكرانيا؟
  • كوريا الجنوبية: كوريا الشمالية تطلق عدة صواريخ
  • كوريا الشمالية تطلق صاروخا بالستيا باتجاه بحر اليابان