عربي21:
2025-04-26@08:41:09 GMT

أفريقيا بين حبال لينين وحبال الغرب

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

يُنقل عن لينين قوله: (أمدد الحبال للغرب في أفريقيا، فهي قادرة على شنقه.)  تذكرت تلك المقولة وأنا أشاهد مقاطع سحل واستجواب وقتل قوات فاغنر في مالي على أيدي مقاتلي نصرة الإسلام، ومقاتلي الطوارق، بعد أن خال فلاديمير بوتين أن الطريق غدا ممهداً له بعد انسحاب فرنسا من أفريقيا، ولم يدرِ أن الانسحاب قد يكون فخاً أو حبلاً  فرنسياً له لشنقه، تطبيقاً لما قاله لينين، فأرسل بوتين قواته وطائراته ومرتزقته للحلول محلّ القوات الفرنسية، ولكن بدا المشهد أخيراً مرعباً للروس، فما سعوا طوال سنوات وسنوات إلى تقديم الصورة القوية، والصورة الناعمة عن روسيا تبددت أخيراً في مقاطعة أزواد التي غدت رعباً حقيقياً للروس ومثلث برمودا حقيقي، فكانت الحبال الفرنسية أقوى من الحبال الروسية التي حلم بها لينين لشنق الغرب، إذن شنقت الحبال الفرنسية بوتين ومرتزقته من قوات فاغنر.



تتولى جبهة نصرة الإسلام في إقليم أزاد بكيدال شمالي مالي مهمة القتال ضد القوات الروسية وتحديداً مرتزقة فاغنر، ومعها بالطبع قوات محلية وقبلية، وحتى تنظيم الدولة، وكانت نصرة الإسلام قد قاتلت سابقاً ضد القوات الفرنسية، وقد تعهد في مقطع فيديو عام 2015 قائد الجبهة عبد الرحمن ظاظا بقتال الفرنسيين، وقد أرغمهم  مع آخرين لاحقاً على الانسحاب، لتأتي القوات الروسية ومرتزقتها لدعم الجيش المالي الذي بدا متخوفاً من الجماعات الإسلامية المسلحة وقبائل الطوارق.

اللافت أن جبهة نصرة الإسلام والمقاتلين المحليين من الطوارق على رغم قلة حيلتهم، وقلة إمكانياتهم تمكنوا من الفتك بالقوات الروسية والمالية الموالية لها بهذا الشكل المرعب، الذي لن تفيق روسيا وبوتين من صدمته، وهي المشغولة في جبهة أوكرانيا، وقد أسفر قتال الأيام الثلاثة المتواصلة عن قتل وجرح وأسر العشرات، فضلاً عن ضرب الصورة الذهنية للروس في أذهان الكثيريين وهي خسارة خطيرة وكبيرة أمام الرأي العام العالمي، وقد تسرب عن عرض قدمه الطوارق إلى أوكرانيا بتسليمهم الأسرى لتتم المفاوضة عليهم بينهم وبين روسيا، وهو إن صح فيُعد نقلة نوعية وخطيرة لروسيا وحربها، وتضعها أمام جبهة عالمية لقتالها ممتدة من أوكرانيا إلى مالي، وربما تمتد إلى جبهات ساخنة أخرى، وما أكثر أعداء روسيا اليوم، بعد أن أجرمت في سوريا وليبيا وغيرهما من البلدان.

تتولى جبهة نصرة الإسلام في إقليم أزاد بكيدال شمالي مالي مهمة القتال ضد القوات الروسية وتحديداً مرتزقة فاغنر، ومعها بالطبع قوات محلية وقبلية، وحتى تنظيم الدولة، وكانت نصرة الإسلام قد قاتلت سابقاً ضد القوات الفرنسية، وقد تعهد في مقطع فيديو عام 2015 قائد الجبهة عبد الرحمن ظاظا بقتال الفرنسيين، وقد أرغمهم مع آخرين لاحقاً على الانسحاب، لتأتي القوات الروسية ومرتزقتها لدعم الجيش المالي الذي بدا متخوفاً من الجماعات الإسلامية المسلحة وقبائل الطوارق.اقليم أزواد الشمالي المالي والذي يحاذي الحدود الجزائرية يطالب الانفصاليون فيه باستقلال ذاتي، وكان الجيش المالي قد طلب دعماً من القوات الروسية أملاً في استعادة السيطرة عليه، ولكن أتت معارك الأيام الثلاثة الأخيرة لتضرب مصداقية الجيش المالي ومعه القوات الروسية ومرتزقتها، حين تمكن الانفصاليون من إيقاع مجازر رهيبة بالقوات الروسية والمالية الموالية لها، وسيطرت القوات الانفصالية المالية على عدد من العربات والدبابات العسكرية التي كانت بحوزة المهاجمين من قوات فاغنر والجيش المالي الموالي لها، وأعلن المقاتلون الطوارق عن إسقاطهم لمروحية عسكرية تابعة للقوات المالية الحكومية، مما شكل تطوراً نوعياً في أسلوب وتكتيك قتال القوات الانفصالية.

وقد أكد الناطق الرسمي باسم تنسيقية الحركات الأزوادية في مالي محمد المولود رمضان، أن "معارك تينزواتن تشكل مرحلة من مراحل الحرب، وأن هناك خطة موضوعة تشمل عمليات منظمة لاسترداد أراضي الأزوادي من منكا وجاوا و كيدال وتمبكتو وغيرها.

ويعاني الإقليم كله من أزمة أمنية خلفيتها تهميش اقتصادي واجتماعي وسياسي ممتد من مالي إلى بوركينا فاسو فالنيجر، وعام 2015 وقعت الحكومة المركزية في مالي مع الجماعات المحلية في أزواد بالشمال  بواسطة الحكومة الجزائرية المجاورة للإقليم على اتفاق يمنح  الاقليم صفة خاصة، مع حضور سياسي واجتماعي واقتصادي في الحكومة المركزية، لكن الحكومة المركزية بعد أن استدعت الدعم الروسي وقوات فاغنر قبل أعوام، تراجعت عن كل تعهداتها في يناير الماضي، وشنت هجومها لاستعادة الاقليم إلى سيطرتها المركزية، وهو ما ألهب مشاعر الانفصاليين والحركات المناهضة للروس، ومن قبلهم الفرنسيين، فكانت النتيجة الخسائر الضخمة الأخيرة.

خلال العام الماضي قويت شوكة المجلس العسكري في مالي  وذلك بعد دخول قوات فاغنر إلى مالي، وحصوله على الدعم الروسي، حيث تم  طرد القوات الفرنسية، واتهم المجلس البعثة الدولية بالتدخل في الشمال المالي حيث الانفصاليين، واستطاع  المجلس بشكل مؤقت العام الماضي وبدعم روسي السيطرة على كامل الشمال المالي وإخضاع المقاومة فيه، ولكن ذلك لم يطل حتى رأينا مشاهد الرعب الروسية الأخيرة في شمال مالي.

الرمال الأفريقية متنقلة، ولا يمكن التنبؤ بها، والكثير من القوى الاستعمارية لا تأبه للعامل الداخلي، والذي غدا مهماً وحيوياً، وما فشلت فيه فرنسا خلال العقود الماضية، بالتأكيد لن تكون روسيا ناجحة فيه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أفريقيا مالي الرأي أفريقيا مالي رأي الازواد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الفرنسیة القوات الروسیة نصرة الإسلام الجیش المالی قوات فاغنر ضد القوات فی مالی

إقرأ أيضاً:

لماذا الإسلام في علو وانتشار والمسلمون في دنو وانكسار؟

في هذا المقال الحصري لـ"عربي21"، يتناول الدكتور أحمد بن نعمان، الباحث في شؤون الفكر العربي والإسلامي، واحدة من أكثر المفارقات إيلامًا وإثارة للتأمل: لماذا يواصل الإسلام صعوده وانتشاره عالميًا، في حين يرزح المسلمون تحت أعباء الانكسار والضعف والانقسام؟ سؤال محوري يفتح بابًا عريضًا للتفكر في فجوة الواقع بين قوة الرسالة وضَعف حَمَلتها، بين نور العقيدة وظلام الممارسة، بين ما يُتلى في المصاحف وما يُرتكب في الميادين.

ويعالج الكاتب هذا الإشكال بتشخيص دقيق ومؤلم لحال الأمة، متتبعًا أسباب التراجع الذاتي للمسلمين على مختلف الأصعدة، مقابل صعود لافت للإسلام في قلوب وعقول الشعوب الأخرى، حتى داخل "معاقل الخصوم". ومن خلال تحليل معمّق ومواقف واقعية، يكشف الدكتور نعمان كيف يتحقق وعد الله بإتمام نوره رغم كيد الأعداء وتقصير الأبناء، مشيرًا إلى دور النخبة المهاجرة، والدعاة الصادقين، والمهتدين الجدد، في إحياء الإسلام عالميًا في وقت تخلى فيه كثير من المسلمين عن حمله محليًا.

انتشار سريع للإسلام

لا ينكر عاقل من أبناء الأمة ومن الأعداء على حد سواء، أن المسلمين في الوقت الحاضر متفرقون في المذاهب، ومختلفون في المشارب، ومتناقضون في المواقف، ومتباينون في السياسات والانتماءات إلى تكتلات جهوية ودولية متصارعة على المصالح المتعارضة مع قيم الأمة الإسلامية وقواعد دينها التي تقضي بتطابق أقوال المسلم مع أفعاله والتي جعلتها على عرش أطول وأرقى الحضارات البشرية لقرابة قشرة قرون.

وفي الوقت ذاته لا يجادل عاقل أو ينازع إلا جاهل حاقد أو مكابر معاند بأن الإسلام في انتشار سريع في معظم بلاد العالم ورقعته في اتساع ظاهر لكل ناظر نتيجة عوامل وأحداث كثيرة وقعت في العقود الأخيرة من حروب وانتكاسات وخيانات ومؤامرات وانقلابات (بيضاء وحمراء وسوداء) في قلب البلاد الإسلامية وخاصة العربية منها التي انجر عنها تشتت خيرة أبنائها كالعملة الجيدة المتمثلة هنا في النخبة أو الصفوة الممثلة للإسلام في دولها ذات الأنظمة الاستبدادية الطاردة لها من مواطنها الأصلية مشرقًا ومغربًا كالعملة الرديئة التي تطرد العملة الجيدة من السوق، مما أجبرها على الهجرة في أرض الله الواسعة، نافذة بجلدها، ساعية لرزقها، محافظة على دينها، باحثة عن الأمن والاستقرار ولو في بلاد الكفار، الذين ثبت أنهم أفضل من بعض الأشقاء الظلمة المستبدين بالصالحين المصلحين من أهل الديار.

وهو ما يثبت مصداقية كلام الله في محكم تنزيله وإنفاذ أمره في إتمام نوره ولو كره الكافرون، وهي من الآيات المبهرة لهذا الدين الذي ينتشر ويقوى في العالم رغم وضع المسلمين الضعيف والمقلوب رأسًا على عقب في جميع المجالات، ورغم نعمة الله على المسلمين بكل الإمكانات المادية والبشرية في أهم ومعظم قارات الكرة الأرضية!

من تلك المفارقات العجيبة والغريبة الصارخة (بين حقيقة الإسلام في القرآن وواقع المسلمين في الميدان) أنه على الرغم من كل هذه العوامل المتكاملة لتشويه صورة الإسلام لدى المسلمين أنفسهم وبأفعال بعضهم فضلًا عن أعدائهم، نلاحظ أن الإسلام ينتشر وينتصر في اكتساب عقول وقلوب الملايين، في بلاد الخصوم (الحضاريين والدينيين) أنفسهم، الذين أتى منهم كل البلاء الذي يعم بلاد المسلمين في معظم أنحاء العالم..ومع ذلك، فترتيب معظم تلك الدول يأتي في آخر وأدنى الأرقام القياسية في التقدم والتنمية، بعد أن كانت قبل بضعة قرون في مقدمة الدول التي تفرض نفسها بالحق على أعدائها أيام حكم أمثال "المعتصم بالله"، الذي أصبح نظيره اليوم في الأمة ذاتها يستحق اسم (الخائن لدين الله، الخادم لأعدائه، والظالم لعباده في دنياه)!! وهو ما أحدث في عصرنا هذه الظاهرة غير العادية في الفصل الصارخ بين الإسلام في الأذهان وواقع المسلمين في الميدان، نتيجة فساد معظم أولئك الحكام في تلك الدول المنضوية اسميًا تحت عنوان الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وهي تتعاون فعليًا مع أعداء شعوبها ضد مصالح أوطانها. مما جعلها من ناحية القيمة الفعلية بين الأمم عبارة عن أصفار على اليسار!

ورغم أن أسباب تلك الأوضاع المؤسفة غالبًا ما تخرج عن إرادة الشعوب المغلوبة على أمرها، إلا أنها مع ذلك لا تدور إلا بهم وعلى حسابهم وبأيدي بعضهم، (قاتلين ومقتولين) وكل واحد منهم يعتقد  أنه  من   الفرقة  الناجية.. وهو ما ينم عن وجود خلل في الفهم وخطأ في الاجتهاد أو خدعة وتضليلا من أولئك  الحكام الفاسدين والمفسدين.

وإن واقع المسلمين في أرض الإسراء والمعراج وأولى القبلتين ليغني عن أي بيان أو برهان لكل ذي عقل وبصر وإحساس كإنسان محسوب على خير أمة أخرجت للناس.. ومن تلك المفارقات العجيبة والغريبة الصارخة (بين حقيقة الإسلام في القرآن وواقع المسلمين في الميدان) أنه على الرغم من كل هذه العوامل المتكاملة لتشويه صورة الإسلام لدى المسلمين أنفسهم وبأفعال بعضهم فضلًا عن أعدائهم، نلاحظ أن الإسلام ينتشر وينتصر في اكتساب عقول وقلوب الملايين، في بلاد الخصوم (الحضاريين والدينيين) أنفسهم، الذين أتى منهم كل البلاء الذي يعم بلاد المسلمين في معظم أنحاء العالم..

والدليل على هذا الانتصار للإسلام رغم حالة المسلمين، هو دق ناقوس الخطر من بابا الفاتيكان ودوله في بلاد الشمال ضد "محور الشر" أو بلاد الهلال كما تسمى في إعلام وحيد القرن، المتجبر والمتكبر على ما سواه من الأمم المستضعفة وفي مقدمتها أمة الإسلام المليارية عددياً والصفرية عملياً كما هو حاصل في الواقع.. ومع ذلك، نلاحظ تخوفهم الشديد وتحذيرهم من الإسلام الذي يدعون بأنه سيكتسح كل أوروبا خلال هذا القرن مما دفع إحدى أكبر هذه الدول (ولأول مرة في تاريخها) إلى إنشاء وزارة خاصة بالهوية للدفاع عن هويتها الوطنية مخافة تذويبها في هوية الدين الغالب على أهلها كما يتوقعون ويبررون تحريضهم الشديد عليه وعلى اتباعه عندها على أرضها وخارها عندنا وعند غيرها..

وقد أكد هذا التخوف لديهم خروج الملايين من المسلمين في أهم عواصمهم لصلاة العيد الصغير هذا العام بطريقة غير مسبوقة من حيث العدد والتنظيم والانضباط. ومن وسائل الوقاية للمحافظة على تلك الهوية في نظر حكام هذا البلد الصليبي ورهطه في الاتحاد الأوروبي هو صد هذا الخطر المحدق بهم في أوطانهم، ولذلك يخططون لضربه من الداخل ببعض الدعاة والأئمة "الضرار" المدسوسين في صفوف المسلمين لتزوير حقائق الإسلام وتشويه صورته في الأذهان، بكل الوسائل المرصودة لهم بسخاء من مؤتمر (كولورادو) وغيره كما هو معلوم.  

ومع ذلك فإن مخططاتهم لم تستطع تغيير قلوب المهتدين إلى الحق في مجتمعات حرة متطورة  فقدت ثقتها في الكنيسة وسلوك الرهبان، وأخذت تولي وجهها شطر الإيمان والاطمئنان، هروبًا من جحيم المادة والآلة إلى واحة الراحة النفسية في حضرة التوحيد بعيدًا عن خرافة التثليث الكنيسة في الدول الغربية. وهو ما أفزع تلك الدول ودفعها إلى التصريحات المذكورة واتخاذ التدابير وإصدار القرارات المنشورة وغير المنشورة. وإن وضع أحد وزراء الدفاع في أقوى تلك الدول علامة الصليب على جبينه منذ أيام ووشم كلمة "كافر" (باللغة العربية) على ذراعه مما يدل في رأينا كما في معتقدهم بالتأكيد على أن هناك علاقة عضوية في الأمة المحمدية بين الإسلام كدين واللغة العربية كحضارة، مثلما نلاحظ  أيضًا في كتابة كلمة "حلال" للمسلمين (العرب وغير العرب) في كل العواصم الغربية مما يوحي اليهم بإمكان انبعاث الحضارة الذهبية للمة المحمدية من جديد!؟!

وأمام إفلاس الخطاب الديني الكنسي والعلماني في الغرب الصليبي، وعدم قدرة الباطل على محاجّة الحق بالعلم والمنطق السليم، عمد الخصوم إلى طريقة الهجوم الدفاعي باللجوء إلى التضليل والكذب السافر والعنف الخفي والظاهر، والكيد الماكر لدعوة الحق، والدعاة الناجحين، والبحث في مخابرهم ودوائر مؤسساتهم العاملة (تحت عدة عناوين إنسانية واجتماعية وسياسية واقتصادية) على بعض الدعاة والأئمة "الضرار" المصطنعين على أعينهم في مخابرهم ومخابراتهم، لتلميع صورهم في أبواق إعلامهم وتقديمهم كدعاة للإسلام المستنير والتقدمي  (حسب ادعائهم) لصد خطر الإسلام الظلامي والقدري أو الحجري كما يصفون ظلما وبهتانا..

وبما أنه لا يمكنهم أن يمرروا ذلك الادعاء مباشرة عن طريق الفاتيكان أو الدول الصليبية الغريمة في القارة الجديدة والقديمة فإنهم يوكلون أمر التبليغ والتنفيذ إلى أولئك الخبراء العاملين في حقل الدعوة "الضرار" هاته من أبناء جلدتنا والمتحدثين بلغتنا في كل مكان من بلاد المسلمين، ولا داعي لذكر أسماء تلك الهيئات في الدول والإمارات وأولئك "الدعاة" الموظفين (والمكلفين بمهمة) كموجهين و"مفكرين إسلاميين" في بلادنا، لا فساد عقول أبنائنا بما يقدمونه لهم (من مادة قاتلة للروح قبل الجسد) في تلك المحطات الإعلامية الممنهجة والمروجة بالملايير لتضليل الملايين من أبناء المسلمين!

ومع ذلك لم ينجحوا، والدليل على فشلهم هو فزعهم من الأرقام المتزايدة لعدد المعتنقين الجدد المهتدين إلى الإسلام من أبنائهم في بلداننا وبلدانهم، بسبب الخطاب الإسلامي الحكيم والناجح الذي أدى إلى إفشال كيدهم بواسطة بعض الدعاة من أبنائهم بلسانهم ومنطقهم، وسلاحهم القانوني الذي ينص على حرية التعبير والاعتقاد والفصل بين السياسة والدين. وأمام هذه الحقيقة التي عجزوا عن مجابهتها،  فلجأوا إلى محاربتها بالتعتيم والتشويش على الدعاة المؤثرين واتهامهم بالإرهاب والتحريض على الكراهية، مما أدى إلى تشويه سمعتهم وإغلاق أجهزة الإعلام في وجوههم وتهديد الأجانب منهم بسحب الإقامة وتسفيرهم إلى بلدانهم الأصلية لينالوا جزاءهم في مصالح الأجهزة "الأمنية" التي فروا منها بحثًا عن الأمن والأمان والعدل والحرية في تلك البلاد الغربية!

وإن ظاهرة إقبال الناس على الإسلام من كل الأجناس والأقوام بعد التعرف على حقيقته من خلال سلوك وصدق دعوة بعض الدعاة المخلصين الموهوبين من أبنائنا وأبناء الغرب ذاته المؤثرين في واقعه، لدليل قاطع على جوهر الإسلام وقيمته في ذاته كما عبر عنه الكثير ممن اعتنقه بعد فهمه الصحيح، ومنهم ذلك الزعيم الأمريكي الأسود (مالكوم إكس) المهتدي إلى دين الحق الذي صرح بعد عودته من تأدية فريضة الحج سنة 1964 أنه ولأول مرة في حياته يشعر أنه إنسان كامل الحقوق والواجبات، ولا فرق بينه وبين أي إنسان ذي سحنة مغايرة لسحنته إلا في درجة الإيمان بربه في قلبه والصدق والتقوى والإحسان في عمله، ولقد لمس في الواقع قول الله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وهي التقوى التي قربت ووحدت قلوب كل من بلال الحبشي (الإفريقي) وصهيب الرومي (الإغريقي) وسلمان الفارسي (الآسيوي) ومالكم اكس  (الأمريكي) وجعلتهم كلهم من المقربين المؤمنين الصالحين وأبعدت أبا لهب في الغابرين، دون أن يشفع له جاه عشيرته أو قرابته الدموية من ابن أخيه محمد (ص) نبي الإسلام محرر الإنسان من عبادة الأصنام والأوثان!؟! هذا الإسلام المجسد في سلوك المسلمين (في المحتوى الإنساني والمستوى الرباني) الذي لخصه مهتد آخر إلى الإسلام من الفرنسيين المسيحيين أنفسهم أيام احتلال دولته للجزائر في الثلاثينيات من القرن الماضي وهو الفنان والمفكر (نصر الدين ديني) الذي لخص موضوعنا كله بقوله الحكيم الذي بقي مثلاً سائراً بين كافة المسلمين وسيبقى كذلك إلى يوم الدين  حيث قال: "الحمد لله الذي عرفني بالإسلام قبل أن أعرف المسلمين".

إن ظاهرة إقبال الناس على الإسلام من كل الأجناس والأقوام بعد التعرف على حقيقته من خلال سلوك وصدق دعوة بعض الدعاة المخلصين الموهوبين من أبنائنا وأبناء الغرب ذاته المؤثرين في واقعه، لدليل قاطع على جوهر الإسلام وقيمته في ذاته كما عبر عنه الكثير ممن اعتنقه بعد فهمه الصحيحأي قبل أن يعرف سلوك المسلمين (الإسميّين أو الشكليّين والصوريّين) وذلك إقرارًا منه بأنه لو سبق أن عرف السلوك المشين لبعض المسلمين بعد أن احتكّ بهم وتعامل معهم مثلما هو واقع الحال وسبب كتابة هذا المقال... لنفر حتمًا من هذا الدين الذي شوّهه بعض أهله بسلوكهم المشين في كل مصر وحين ولحاربه  مثل دولته (الرسمية والاسمية) الحاقدة على الإسلام وأهله في الماضي والحاضر فضلًا عن أن يعتنقه رغماً عنها وعن كل أهله في موطنه الأصلي (فرنسا) ومهجره الطوعي (الجزائر) ويبقى داعيًا لدين الحق بصدق وإخلاص حتى وفاته ليدفن مسلمًا بين أهل ملته الجديدة في وحدة القبلة والعقيدة..

فهذه المفارقة في الخطاب الإسلامي بين ما في الأذهان وما في الأعيان، وبين نص القرآن وما يجسده بعض المسلمين (الجغرافيين) في الميدان من تقصير وإجحاف وغلو وانحراف، واختلال صارخ في الميزان بين ما في القرآن وما في الأعيان من سلوك الإنسان فكانت الهداية للمستنيرين الذين يفرّقون بين الإسلام وسلوك المسلمين وكانت الضلالة لغير المتبصّرين الذين يحكمون على الإسلام من خلال واقع المسلمين المنحرفين!؟! فكان الفتح المبين لعقول وقلوب بعض أبناء الأعداء والغرماء أنفسهم بدعايتهم أحيانًا في أجهزة إعلامنا وعلامهم مجانًا!! على أن هذا المكسب الطيب الذي حققه الخطاب الإسلامي في الغرب بمعدنه الصافي وبمجهود بعض أبنائه الأصلاء على قلتهم، يقتضي من المعنيين بالأمر المزيد من توضيح الصورة في هذا المجال الحيوي الخاص، حسب ما رصدناه بالمعايشة في الميدان لعدد من السنين التي لا حظنا فيها أن الإسلام والخطاب الإسلامي يعيش بين نقيضين، وأسلوبين مختلفين وعدوين متحالفين، أحدهما من خارج الأمة، والآخر من داخلها، ومن بعض أهلها مع الأسف الشديد..

ولكن "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون"، وهذا وعد  الله الذي يبدأ ويعيد وينصر دينه الحق رغم كل اعدائه وهو المتحكم في ملكه المطلق بالتأكيد كما يشاء ويريد.

مقالات مشابهة

  • الدفاع الروسية: القضاء على 8760 عسكريا أوكرانيا خلال أسبوع
  • لماذا الإسلام في علو وانتشار والمسلمون في دنو وانكسار؟
  • وفد طلابي اكاديمي في سيرلانكا يتضامن مع أطفال غزة ويقدم دعمًا ماليًا
  • في ذكراه الـ 155 كيف كان دور لينين في الثورة الروسية؟
  • مقتل عشرات الجنود في بنين جنوب غرب أفريقيا بهجمات للقاعدة
  • في ذكراه ال ١٥٥ كيف كان دور لينين في الثورة الروسية؟
  • صعود الإمبراطورية الروسية في أفريقيا
  • اكتشاف عشرات الجثث بالقرب من معسكر كوالا غربي مالي
  • القوات الروسية تستهدف مستودعا أوكرانيا لإنتاج المتفجرات في زابوروجيه
  • الدفاعات الجوية الروسية تسقط 11 مسيرة أوكرانية