قيس سعيد يربط الانتخابات الرئاسية بمعركة السيادة
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
كثيرا ما يربط السياسيون أهدافهم المُعلنة بعناوين مقدسة كبرى مثل الدين والوطن والشعب والحرية وغيرها مما يغري السامعين ويؤثر على الناخبين، وقد يتكلم هؤلاء عن الفقراء وعن المظلومين وخاصة عن القضية الفلسطينية وعن جريمة التطبيع وخيانة الخونة وعمالة العملاء.
وفي مثل هذه الحالات يصعب الحكم على نوايا المتكلمين فلا نستطيع التمييز بين الصادق منهم وغير الصادق، لذلك تظل الممارسة السابقة أو اللاحقة هي الدليل على كل حكم يمكن أن نُطلقه على أي سياسي قبل أو بعد حملته الانتخابية، وكلما كانت المهام أكبر كانت المتابعة أكثر تدقيقا والأحكام أكثر جدية لتنبيه الناخبين ولتحذير المتسرعين ولتوعية الغافلين.
لقد خُدعت شعوبنا العربية المسلمة طويلا بشعارات الحكام وهم يقولون "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، ومعاركهم التي يقولون أحيانا إنها ضد المستعمر وأحيانا ضد الصهيونية ثم ضد الفقر والتخلف والجهل وأخيرا وبعد فشلهم في كل المعارك صارت حربهم في فترة أولى ضد الشيوعيين ثم في فترة ثانية ضد "الإرهاب" و"الظلامية" حيث يصطنعون أعداء داخليين يصورونهم في صور مخيفة ومنفرة لتحريض عموم الناس عليهم ولاستعمال جزء من الشعب ضد جزء آخر وتكون السلطة دائما في وضعية مريحة طالما أنها "تحرس" الوطن والدين وتحارب الأعداء والخونة.
لم يكفّ قيس سعيد ، منذ مجيئه، عن احتقار الأحزاب السياسية وعن اتهام من حكموا البلاد قبله بالخيانة والتآمر والتنكيل بالشعب، ولم يتوقف عن ذكر "متآمرين" و"لوبيات" و"كرتالات" يَصِمهم بأبشع النعوت ويعِد بـ "تطهير" البلاد منهم مستدعيا عموم الناس إلى المساهمة في تلك المعركة.لم يكفّ قيس سعيد ، منذ مجيئه، عن احتقار الأحزاب السياسية وعن اتهام من حكموا البلاد قبله بالخيانة والتآمر والتنكيل بالشعب، ولم يتوقف عن ذكر "متآمرين" و"لوبيات" و"كرتالات" يَصِمهم بأبشع النعوت ويعِد بـ "تطهير" البلاد منهم مستدعيا عموم الناس إلى المساهمة في تلك المعركة.
وكلما واجهه معارضوه بحصيلة حكمه طيلة خمسة أعوام كونها حصيلة ضعيفة جدا، فإنه يزيد في تصعيد لهجته بل ويزيد في الضغط على القضاء لملاحقة منتقديه حتى عجت السجون بضحايا المرسوم 54 سيء الذكر فخفتت أصوات أغلب المدونين والإعلاميين تجنبا لغضب قيس سعيد ولما يترتب عن غضبه من ملاحقات قضائية.
وها هو الآن، وهو يتقدم نحو دورة ثانية لرئاسة الجمهورية، لم يتزحزح عن "حَدّيّته" التي دخل بها "حلبة" السياسة، فقد دخلها "محاربا" لا مجرد سياسي ممن تستهويهم السياسة وتغريهم السلطة فيناورون ويراوحون بين الشدة واللين وبين الخصام والمصالحة، إنه يردّد كونه "غريبا" وكونه قادما من "كوكب آخر" حتى قال "ليسوا مني ولست منهم"، وقال أخيرا إنه "كصالح في ثمود" وإنه ينظر للرئاسة على أنها "أمانة" دونها النجاح أو "الاستشهاد" وهو الذي يردد كونه "مشروع شهادة".
ورغم عزوف أغلب التونسيين عن "مشروع" قيس سعيد منذ "حادثة" 25 تموز 2021، حيث لم تشارك في مختلف المناسبات الانتخابية إلا نسبة مئوية ضعيفة، فإنه لم يشكّ لحظة في كونه يحمل "رسالة للبشرية" وهو مازال يخاطب في كل مناسبة "أبناء شعبه في كل مكان" وكأنه واثق من حتمية انتصاره على من ينعتهم بـ"الخونة" و"المتآمرين" وبـ "الجراد" و"الوباء" و"الجراثيم" ولا يتردد في إرسال إشارات يفهمها خبراء الخطاب بكون الرجل ذاهبا إلى خيارات قصوى في معركته السياسية، خيارات تُمليها قناعتُه بكون القضية هي "قضية بقاء أو فناء".
ولعل ما يُنهك المعارضة مجتمعة، هو أنها لا تعارض سعيد على قاعدة واضحة إما لأنها لا تملك وضوحا وإما لكونها لا تملك الشجاعة الكافية وإما لأنها لم تعد تعوّل على الشعب في تلبية نداءاتها لـ "استرجاع المسار الديمقراطي" ووضع حد للانقلاب.
كان شعار المعارضة في البداية أن كل ما يترتب عن باطل فهو باطل، وأن الانقلاب هو انقلاب مهما كان فاعله ومهما كانت أسبابه وأهدافه، وأن تعبئة الشارع ضده هو الخيار الوحيد لإسقاطه، وكانت المقاطعة واسعة للاستشارة الوطنية التي أعلنها قيس سعيد وللاستفتاء على دستوره الذي كتبه بنفسه وللانتخابات البرلمانية ثم انتخابات المجالس الجهوية، ولكنها فجأة غيرت أسلوبها لتُعلن أن قيس سعيد الذي جاء بالصندوق لن يسقط إلا بالصندوق، فكان قرار المشاركة في الانتخابات إما بتقديم مرشح أو بدعوة القواعد إلى التزكية وإلى الانتخاب ضمن مبدأ ترك الحرية للقواعد في ممارسة حقها الدستوري في انتخاب من تراه خادما للبلاد وللعباد ضمن عناوين مركزية هي الحرية والعدالة والسلم الأهلي.
ما يُنهك المعارضة مجتمعة، هو أنها لا تعارض سعيد على قاعدة واضحة إما لأنها لا تملك وضوحا وإما لكونها لا تملك الشجاعة الكافية وإما لأنها لم تعد تعوّل على الشعب في تلبية نداءاتها لـ "استرجاع المسار الديمقراطي" ووضع حد للانقلاب.لا وجود لخطاب معارض هو بمستوى حَدّيّة خطاب قيس سعيد، وبقوة تحدّيه للخصم وبمستوى ثقته في الحسم، وهذا مهم جدا بالنسبة للرأي العام الذي لا يُفرق بين الخطابات باعتبار من يملك القوة المادية ومن لا يملكها، وإنما يعتمد الرأي العام على قياس القوة النفسية المُخبّأة في مفردات ذاك الخطاب، وهنا نحتاج إلى كتابات علماء النفس الاجتماعي، فالسياسة ليست موهبة ولا مهارة خطابية وإنما هي في بعد من أبعادها علم بأحوال الناس وطبائعهم ومصالحهم.
لم تبق إلا أيام معدودات لغلق باب الترشحات، ولم يتضح لحد الآن إن كانت المعارضة ستشارك فعلا في الانتخابات الرئاسية القادمة أم ستقاطعها بسبب ما تجده من صعوبات في استكمال ملف الترشحات وبسبب ما تعرض له عدد من المترشحين من تتبعات قضائية لحرمانهم من التقدم للانتخابات أو لمنع حركتهم بين الناس.
ولما كانت السياسة في عالم مفتوح ليست حدثا وطنيا خالصا، فإن قوى خارجية ليست بعيدة عن سخونة لحظة الذروة السياسية في تونس، بالنظر إلى تداخل المصالح وإلى تأثير المواقف من قضية التحرر الكبرى ـ فلسطين ـ على طبيعة العلاقات بين دول محور المقاومة ودول محور التطبيع.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قيس سعيد التونسيين الخطاب الرأي تونس رأي خطاب رئاسيات قيس سعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قیس سعید أنها لا لا تملک
إقرأ أيضاً:
بعد التوجيهات الرئاسية.. نواب: التحول الرقمي يضع مصر على خريطة الاقتصاد العالمي
النائب علي الدسوقي: تطوير الاتصالات والتكنولوجيا الرقمية يعزز ثقة المستثمرين النائبة مرفت الكسان: التحول الرقمي يعزز الشفافية ويجذب الاستثمارات.. ومصر تمتلك الإمكانيات لتكون رائدة في القطاعالنائبة إيفلين متي: قطاع التكنولوجيا قاطرة التنمية.. ويخلق فرص استثمارية ضخمة في الصناعة والتجارة
أكد عدد من أعضاء لجان البرلمان من الخطة والموازنة والشئون الاقتصادية والصناعة بمجلس النواب، علي أهمية توجيهات الرئيس السيسي بشأن السعي نحو التحول إلى مجتمع رقمي متكامل، ودعم المهنيين المستقلين وزيادة عددهم، والتوسع في التدريب وبناء القدرات الرقمية من خلال مدارس التكنولوجيا التطبيقية ومراكز إبداع مصر الرقمية، والاستثمار في الكوادر البشرية، خاصة من الشباب، وتوفير المنح وبرامج التدريب والتأهيل وبناء القدرات، بما يتناسب مع المتطلبات الحديثة لسوق العمل والإقتصاد القائم على المعرفة.
في البداية، أكد النائب علي الدسوقي، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن الجهود التي تبذلها الدولة في تأهيل الكوادر في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تعد خطوة محورية نحو تحقيق تحول رقمي شامل، وهو ما يمثل أحد الركائز الأساسية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وأوضح الدسوقي في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن التحول الرقمي لم يعد رفاهية، بل هو ضرورة اقتصادية واستثمارية، حيث تعتمد كبرى الشركات العالمية على بيئات رقمية متقدمة لضمان الكفاءة الإنتاجية وسرعة الأداء، وهو ما يجعل مصر وجهة مثالية للاستثمارات التكنولوجية في ظل خططها الطموحة في هذا المجال.
وأشار النائب إلى أن مصر تمتلك مجموعة من المزايا التنافسية التي تجعلها مؤهلة لأن تكون مركزًا إقليميًا لتصدير الخدمات الرقمية، ومن بينها الموقع الجغرافي الفريد الذي يربط القارات الثلاث، وتوافر كوادر شبابية مدربة قادرة على التعامل مع أحدث التقنيات، إلى جانب التكلفة التنافسية للعمالة المصرية مقارنة بالأسواق الأخرى.
وأضاف الدسوقي أن مبادرة "الرواد الرقميون" التي أطلقتها الدولة تعزز هذه الرؤية، حيث تسهم في إعداد جيل جديد من المتخصصين في التكنولوجيا الرقمية، مما يوفر قاعدة قوية للشركات العالمية التي تبحث عن بيئات عمل متطورة تعتمد على عمالة مدربة ومؤهلة وفق المعايير الدولية.
واختتم النائب تصريحه بالتأكيد على أن الاستثمار في التحول الرقمي سيكون له تأثير إيجابي مباشر على الاقتصاد المصري، من خلال زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص عمل جديدة، ورفع القدرة التنافسية لمصر على المستوى الإقليمي والدولي، مما يسهم في تحقيق رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
كما أشادت النائبة مرفت الكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بالخطوات التي تتخذها الدولة لدمج التكنولوجيا الرقمية في مختلف القطاعات، مؤكدة أن هذه الجهود سيكون لها تأثير إيجابي مباشر على بيئة الاستثمار من خلال تعزيز الشفافية وتحسين مناخ الأعمال.
وأوضحت الكسان في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن الاعتماد على التحول الرقمي يساهم في تقليل البيروقراطية، وتسهيل الإجراءات الإدارية، وتحسين كفاءة المؤسسات الحكومية والخاصة، وهو ما يعزز مناخ الاستثمار ويشجع الشركات الأجنبية على ضخ أموالها في السوق المصرية.
وأشارت النائبة إلى أن الحكومة تضع استراتيجيات واضحة لدعم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومنها إطلاق مبادرة "الرواد الرقميون"، التي تهدف إلى تأهيل الشباب وتمكينهم من دخول سوق العمل التكنولوجي، وهو ما سيعزز قدرة مصر على تصدير الخدمات الرقمية وجذب استثمارات كبرى الشركات العالمية العاملة في هذا المجال.
وأكدت الكسان أن التحول إلى الاقتصاد الرقمي سيؤدي إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي، حيث ستتمكن الدولة من زيادة مواردها المالية عبر التوسع في تصدير البرمجيات والخدمات الرقمية، وهو ما سيؤدي إلى تحسين مستويات الدخل وزيادة فرص العمل.
وأضافت أن الدولة تدرك أهمية تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وهو ما يعزز من مكانة مصر كوجهة جذابة للاستثمارات في مجالات الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، مشيرة إلى أن التوجه نحو الرقمنة سيعزز ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري.
واختتمت النائبة تصريحها بالتأكيد على أن مصر تمتلك كل المقومات اللازمة لكي تصبح مركزًا إقليميًا في مجال التكنولوجيا، سواء من حيث رأس المال البشري المؤهل، أو التشريعات الداعمة، أو بيئة الاستثمار المحفزة، مما يجعلها وجهة واعدة للشركات العالمية التي تبحث عن أسواق قوية في قطاع التكنولوجيا والاتصالات.
أكدت النائبة إيفلين متي، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن تطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يعد خطوة ضرورية لتعزيز النمو الصناعي والتجاري، حيث يعتمد القطاع الصناعي الحديث على الأتمتة والتحول الرقمي لضمان زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة التشغيلية.
وأشارت متي في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، إلى أن التحول الرقمي سيسهم بشكل كبير في تطوير القطاع الصناعي المصري، حيث ستتمكن المصانع والشركات من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين الإنتاج، مما يجعل الصناعة المصرية أكثر تنافسية على المستوى العالمي، ويفتح الباب أمام الاستثمارات الضخمة في قطاع التكنولوجيا الصناعية.
وأضافت أن مصر تمتلك إمكانيات كبيرة لتكون مركزًا إقليميًا لتطوير البرمجيات والتقنيات الرقمية، مما يعزز من مكانتها الاقتصادية ويسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية تعمل على تحسين البنية التحتية الرقمية ودعم الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، مما يشجع على دخول المزيد من المستثمرين إلى السوق المصري.
وأكدت متي أن مبادرة "الرواد الرقميون" خطوة محورية في دعم الكوادر المصرية الشابة وتأهيلهم لسوق العمل العالمي، مشيرة إلى أن تعزيز القدرات الرقمية سيزيد من فرص تصدير المنتجات التكنولوجية المصرية إلى الأسواق العالمية، مما يرفع من معدلات النمو الاقتصادي.
واختتمت النائبة تصريحها بالتأكيد على أن التكنولوجيا الحديثة لم تعد مجرد خيار، بل أصبحت عنصرًا أساسيًا في تطوير القطاعات الإنتاجية والصناعية، موضحة أن دمج الحلول الرقمية في القطاع الصناعي سيعزز الإنتاجية، ويقلل التكلفة، ويجعل مصر وجهة جاذبة للاستثمارات في مجالات التصنيع الذكي والصناعات الرقمية.