قطب سانو: صمود الأمة الإسلامية أمام التحديات الأخلاقية من صنوف المآسي والكوارث
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
قال الدكتور قطب سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي: من بوابة الحرمين الشريفين، أنقل إليكم تحيات معالي السيد حسين طه إبراهيم، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، وتحيات الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، رئيس المجمع، وتحيات أصحاب المعالي والسماحة والفضيلة علماء الأمة، ومفكريها أعضاء المجمع وخبرائه ومنسوبيه، حيث منظمة التعاون الإسلامي، من مدينة جدَّة المحروسة بالمملكة العربية السعودية.
وأضاف في كلمة ألقاها نيابةً عن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إن دار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم يقدمان خدمات مثلى، وعطاءات كبرى توجيهًا وتسديدًا وترشيدًا للموقعين عن رب العالمين، عسى الله أن يزيدهم توفيقًا ورشادًا وسدادًا، مشيرًا إلى أن المؤتمر ينعقد في الوقت الذي يشهد فيه العالم تطورات مذهلة في الفكر والسلوك، وتغيرات متلاحقةً في المفاهيم والمنطلقات، وتقلبات متصاعدة في المواقف والموازين، وتحديات محيرة في عالم القيم والأفكار والمبادئ، وفوق كل ذلك، فإنَّه يعاني صراعًا متقدًا بين الحق والباطل، وبين النور والظلام، وبين الرحمة والقسوة، وبين العدل والجور، مما أدى إلى نشوب حروب جهنمية وصراعات دموية في أرجائه لا تفتأ تحصد أرواح الأبرياء من النساء والولدان والشيبان، وتقضي على الثمرات والممتلكات، وتطال جهارًا نهارًا القيم والمبادئ.. ولقد أحسنتم صنعًا في اختياركم عنوان هذا المؤتمر إبرازًا لذلك الدور المرتجى للبناء الأخلاقي في كفكفة تلك الأهوال المفجعة، ولملمة تلك الظروف المفزعة من خلال فتاوى صادقة جامعة واعية منبثقة عن تمسك شديد بالمنظومة الأخلاقية، والبناء الأخلاقي.
وتابع: إنَّ صمود الأمة الإسلامية اليوم شعوبًا ومجتمعات ودولًا أمام كل ما سبق ذكره أعلاه من صنوف المآسي والكوارث يكون بالتفاف أبنائها حول أمِّ القِيم، وعماد التقدم، وأساس التحضر، إنها قيمة الأخلاق، أكرم بها قيمةً، وأعظم بها أساسًا للتطور والنهضة والرقي.. فهذه القيمة هي النور الذي يُستضاء به في ظلمات الظلم والقهر والجور والطغيان والبغي، وهي الشعاع الذي يستنار به في خضمِّ الفتن والمحن والابتلاءات والإكراهات، وهي البلسم الذي يستشفى به عند تكاثر الأوجاع وتعاظم الأدواء، وهي الملاذ الآمن من الإلحاد، والجحود، والتيه والهوان الحضاري، إنها فوق كل ذلك سبب الانتصارات، ومفتاح الإنجازات، وأساس الإبداعات، والاختراعات، والمنقذ من الأوهام والخرافات.
واستطرد قائلًا: اسألوا التاريخ، والتاريخ خير شاهد، أن ديننا الحنيف لم ينتشر بسيف ولا برصاص بل بهذه القيمة الفذة العظيمة التي جعلت الناس في مشارق الأرض ومغاربها يدخلون في دين الله أفواجًا، اسألوا التاريخ والتاريخ خير شاهد أن الحضارة التي سعدت البشرية في ظلها ذات يوم، وانتشر التسامح والتعاون والتضامن والتآزر في أرجائها كانت حضارة انبثقت وقامت على هذه القيمة، قيمة الأخلاق.
اسألوا التاريخ والتاريخ خير شاهد أن الحضارات التي قامت ثم انهارت، وظهرت ثم أفلت كان سبب ذلك كله انهيار هذه القيمة وضمورها في أرجائها، ذلك لأنها هي الروح التي تغذي الحضارات القوة والمناعة، ويؤدي انهيارها إلى فقدانها تلك القوة والمناعة.
وأكد أن هذه القيمة الجامعة المانعة باتت اليوم مهدّدة، ومطاردة أكثر من أي وقت مضى، فذكرها في المحافل والمنتديات والمؤتمرات مدعاة إلى تحامل الجائرين، وتسلط المتجبرين واشمئزاز الظالمين العابثين بالحقوق والضالعين في الاعتداء على الحرمات والمقدسات، وما أحداث افتتاحية دورة أولمبياد البارحة عنكم ببعيد.. !!
إن انهيار هذه القيمة في بنية النظام العالمي المعاصر هو الذي جعل العالم اليوم يتفرج بدم بارد على ما يتعرض له ليل نهار أطفال فلسطين من قتل وتقتيل وتجويع على أيدي الصهاينة.. .نعم إن هشاشة مكانة هذه القيمة في نفوس المتحكمين في العالم المغلوب على أمره هي التي جعلت العالم الحر يشاهد بلا إحساس ما تتعرض له حرائر فلسطين من هتك وعدوان..
وأشار إلى أن هوان هذه القيمة على المستكبرين في الأرض هو الذي جعل العالم البائس المسكين يتفرج على ما يعانيه شيوخ فلسطين من صنوف المحن والإحن والتشريد، بل إن غياب هذه القيمة في وعي الصهاينة المعتدين هو الذي جعلهم يتمادون في تفجير المشافي، ودور العبادة، والجامعات والمدارس، وتدمير البنى التحتية والفوقية نهارًا جهارًا على المرضى والعجزة والمسنين.
ولفت النظر الى أنَّ منظمة التعاون الإسلامي تجدِّد دعوتها الأمة الإسلامية والعالم الحر إلى المسارعة إلى وضع حدٍّ للاحتلال البغيض والظلم الغاشم الذي تتعرض له فلسطين المحتلة منذ عقود على أيدي حفنة من الصهاينة المتطرفين الذين تجردوا من كل معاني الإنسانية والرحمة والعدل كما أنها تجدد دعوتها المنظمات والمؤسسات الدولية إلى التعاون والتضامن من أجل مواجهة التحديات التي تواجهها القيم والمبادئ في هذا العصر، وذلك من خلال تعزيز قيمة الأخلاق في نفوس الناشئة، وتضمين المناهج والمقررات الدراسية القيم والمثل الخالدة، وتربية الأجيال على التمسك بها وتمثلها في حياتهم. وفي الختام، إنَّ المنظمة إذ تهنئ جمهورية مصر العربية قيادةً وشعبًا ممثلة في دار الإفتاء المصرية على هذا المؤتمر الآني المبارك، فإنَّها تدعو مخلصة دور وهيئات الإفتاء في العالم إلى تعزيز الوعي بقيمة الأخلاق بإبراز مكانتها، ومركزيتها، وأهميتها في نهوض الأمم، وتقدم الشعوب وتحقيق الاستقرار والتطور والتقدم. وأيًّا ما كان الأمر، فإنَّ المنظمة واثقة بأن وعد الله آت لا محالة، وأن نصره المبين لعباده المؤمنين قادم لا مناص، وأن الاحتلال والبغي والطغيان زائل قريبًا بإذن الله، ويومئذٍ سيفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو الغالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
اقرأ أيضاًالكلمة الكاملة لـ مفتي الجمهورية في المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء
بدء الجلسة الافتتاحية لـ المؤتمر العالمي التاسع لدار لإفتاء
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور شوقي علام الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء دار الإفتاء المصرية مفتي الجمهورية التعاون الإسلامی هذه القیمة
إقرأ أيضاً:
التعاون الإسلامي يحث الأمم المتحدة على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي
عبرت منظمة التعاون الإسلامي عن ترحيبها، بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة - والقاضي بطلب فتوى من محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل فيما يتعلق بوجود وأنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة" - مثمّنة جهود مملكة النرويج وجميع الدول التي شاركت في رعاية مشروع القرار ودعمه.
وشددت المنظمة في بيان لها علي أن جميع خُطط وتدابير الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك التشريعات التي تؤثر في وجود وعمليات وحصانات الأمم المتحدة وكياناتها وهيئاتها، بما فيها وكالة الأونروا والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة في الأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، تشكّل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة، ومن شأنها أن تحرم الشعب الفلسطيني من المساعدات الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعانيها.
كما رحّبت المنظمة بتبني الجمعية العامة قراراً حول “السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية”.
ودعت المنظمة جميع الدول والمنظمات الدولية، ومنها الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها، إلى ضرورة العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة بما فيها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف.