قال الدكتور قطب سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي: من بوابة الحرمين الشريفين، أنقل إليكم تحيات معالي السيد حسين طه إبراهيم، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، وتحيات الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، رئيس المجمع، وتحيات أصحاب المعالي والسماحة والفضيلة علماء الأمة، ومفكريها أعضاء المجمع وخبرائه ومنسوبيه، حيث منظمة التعاون الإسلامي، من مدينة جدَّة المحروسة بالمملكة العربية السعودية.

وأضاف في كلمة ألقاها نيابةً عن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إن دار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم يقدمان خدمات مثلى، وعطاءات كبرى توجيهًا وتسديدًا وترشيدًا للموقعين عن رب العالمين، عسى الله أن يزيدهم توفيقًا ورشادًا وسدادًا، مشيرًا إلى أن المؤتمر ينعقد في الوقت الذي يشهد فيه العالم تطورات مذهلة في الفكر والسلوك، وتغيرات متلاحقةً في المفاهيم والمنطلقات، وتقلبات متصاعدة في المواقف والموازين، وتحديات محيرة في عالم القيم والأفكار والمبادئ، وفوق كل ذلك، فإنَّه يعاني صراعًا متقدًا بين الحق والباطل، وبين النور والظلام، وبين الرحمة والقسوة، وبين العدل والجور، مما أدى إلى نشوب حروب جهنمية وصراعات دموية في أرجائه لا تفتأ تحصد أرواح الأبرياء من النساء والولدان والشيبان، وتقضي على الثمرات والممتلكات، وتطال جهارًا نهارًا القيم والمبادئ.. ولقد أحسنتم صنعًا في اختياركم عنوان هذا المؤتمر إبرازًا لذلك الدور المرتجى للبناء الأخلاقي في كفكفة تلك الأهوال المفجعة، ولملمة تلك الظروف المفزعة من خلال فتاوى صادقة جامعة واعية منبثقة عن تمسك شديد بالمنظومة الأخلاقية، والبناء الأخلاقي.

وتابع: إنَّ صمود الأمة الإسلامية اليوم شعوبًا ومجتمعات ودولًا أمام كل ما سبق ذكره أعلاه من صنوف المآسي والكوارث يكون بالتفاف أبنائها حول أمِّ القِيم، وعماد التقدم، وأساس التحضر، إنها قيمة الأخلاق، أكرم بها قيمةً، وأعظم بها أساسًا للتطور والنهضة والرقي.. فهذه القيمة هي النور الذي يُستضاء به في ظلمات الظلم والقهر والجور والطغيان والبغي، وهي الشعاع الذي يستنار به في خضمِّ الفتن والمحن والابتلاءات والإكراهات، وهي البلسم الذي يستشفى به عند تكاثر الأوجاع وتعاظم الأدواء، وهي الملاذ الآمن من الإلحاد، والجحود، والتيه والهوان الحضاري، إنها فوق كل ذلك سبب الانتصارات، ومفتاح الإنجازات، وأساس الإبداعات، والاختراعات، والمنقذ من الأوهام والخرافات.

واستطرد قائلًا: اسألوا التاريخ، والتاريخ خير شاهد، أن ديننا الحنيف لم ينتشر بسيف ولا برصاص بل بهذه القيمة الفذة العظيمة التي جعلت الناس في مشارق الأرض ومغاربها يدخلون في دين الله أفواجًا، اسألوا التاريخ والتاريخ خير شاهد أن الحضارة التي سعدت البشرية في ظلها ذات يوم، وانتشر التسامح والتعاون والتضامن والتآزر في أرجائها كانت حضارة انبثقت وقامت على هذه القيمة، قيمة الأخلاق.

اسألوا التاريخ والتاريخ خير شاهد أن الحضارات التي قامت ثم انهارت، وظهرت ثم أفلت كان سبب ذلك كله انهيار هذه القيمة وضمورها في أرجائها، ذلك لأنها هي الروح التي تغذي الحضارات القوة والمناعة، ويؤدي انهيارها إلى فقدانها تلك القوة والمناعة.

وأكد أن هذه القيمة الجامعة المانعة باتت اليوم مهدّدة، ومطاردة أكثر من أي وقت مضى، فذكرها في المحافل والمنتديات والمؤتمرات مدعاة إلى تحامل الجائرين، وتسلط المتجبرين واشمئزاز الظالمين العابثين بالحقوق والضالعين في الاعتداء على الحرمات والمقدسات، وما أحداث افتتاحية دورة أولمبياد البارحة عنكم ببعيد.. !!

إن انهيار هذه القيمة في بنية النظام العالمي المعاصر هو الذي جعل العالم اليوم يتفرج بدم بارد على ما يتعرض له ليل نهار أطفال فلسطين من قتل وتقتيل وتجويع على أيدي الصهاينة.. .نعم إن هشاشة مكانة هذه القيمة في نفوس المتحكمين في العالم المغلوب على أمره هي التي جعلت العالم الحر يشاهد بلا إحساس ما تتعرض له حرائر فلسطين من هتك وعدوان..

وأشار إلى أن هوان هذه القيمة على المستكبرين في الأرض هو الذي جعل العالم البائس المسكين يتفرج على ما يعانيه شيوخ فلسطين من صنوف المحن والإحن والتشريد، بل إن غياب هذه القيمة في وعي الصهاينة المعتدين هو الذي جعلهم يتمادون في تفجير المشافي، ودور العبادة، والجامعات والمدارس، وتدمير البنى التحتية والفوقية نهارًا جهارًا على المرضى والعجزة والمسنين.

ولفت النظر الى أنَّ منظمة التعاون الإسلامي تجدِّد دعوتها الأمة الإسلامية والعالم الحر إلى المسارعة إلى وضع حدٍّ للاحتلال البغيض والظلم الغاشم الذي تتعرض له فلسطين المحتلة منذ عقود على أيدي حفنة من الصهاينة المتطرفين الذين تجردوا من كل معاني الإنسانية والرحمة والعدل كما أنها تجدد دعوتها المنظمات والمؤسسات الدولية إلى التعاون والتضامن من أجل مواجهة التحديات التي تواجهها القيم والمبادئ في هذا العصر، وذلك من خلال تعزيز قيمة الأخلاق في نفوس الناشئة، وتضمين المناهج والمقررات الدراسية القيم والمثل الخالدة، وتربية الأجيال على التمسك بها وتمثلها في حياتهم. وفي الختام، إنَّ المنظمة إذ تهنئ جمهورية مصر العربية قيادةً وشعبًا ممثلة في دار الإفتاء المصرية على هذا المؤتمر الآني المبارك، فإنَّها تدعو مخلصة دور وهيئات الإفتاء في العالم إلى تعزيز الوعي بقيمة الأخلاق بإبراز مكانتها، ومركزيتها، وأهميتها في نهوض الأمم، وتقدم الشعوب وتحقيق الاستقرار والتطور والتقدم. وأيًّا ما كان الأمر، فإنَّ المنظمة واثقة بأن وعد الله آت لا محالة، وأن نصره المبين لعباده المؤمنين قادم لا مناص، وأن الاحتلال والبغي والطغيان زائل قريبًا بإذن الله، ويومئذٍ سيفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو الغالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

اقرأ أيضاًالكلمة الكاملة لـ مفتي الجمهورية في المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء

بدء الجلسة الافتتاحية لـ المؤتمر العالمي التاسع لدار لإفتاء

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور شوقي علام الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء دار الإفتاء المصرية مفتي الجمهورية التعاون الإسلامی هذه القیمة

إقرأ أيضاً:

التعاون الإسلامي تدين جريمة قتل الاحتلال ناشطة أمريكية

جدة - صفا أدانت منظمة التعاون الإسلامي، تصاعد وتيرة جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، التي أدت لاستشهاد المتضامنة الأمريكية عائشة نور أزغي برصاص قوات الاحتلال، خلال مشاركتها في مسيرة سلمية ضد سياسة الاستيطان في بلدة بيتا جنوب نابلس. ونددت المنظمة في بيان يوم السبت، باستشهاد الطفلة بانا أمجد بكر (13 عامًا)، خلال اعتداءات ميليشيات المستوطنين، بحماية قوات الاحتلال، على قرية قريوت جنوب نابلس. وحملت المنظمة، "إسرائيل" المسؤولية عن هذه الجرائم البشعة التي تشكل امتدادا لجريمة الإبادة الجماعية والإرهاب المنظم الذي تمارسه قوات الاحتلال يوميا ضد المدنيين الفلسطينيين. واعتبرت هذه الجرائم تشكل انتهاكًا صارخًا لكافة القوانين والأعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. ودعت إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها. وأكدت المنظمة ضرورة تحمل المجتمع الدولي، وخصوصًا مجلس الأمن الدولي، مسؤولياته وإنفاذ قراراته بما في ذلك فرض وقف فوري وشامل لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء سياسة الاستيطان والاحتلال غير الشرعي لأرض دولة فلسطين.

مقالات مشابهة

  • أشرف صبحي يتحدث عن التحديات التي تواجه الإعلام الرياضي
  • الفريق كامل الوزير يقرر: إزالة كافة التحديات التي تواجه المستثمرين بجمصه
  • التعاون الإسلامي تدين جريمة قتل الاحتلال ناشطة أمريكية
  • الجهاد الإسلامي: قتل الناشطة الأمريكية هي جريمة حرب يرتكبها العدو أمام العالم
  • رابطة العالم الإسلامي تُدين قصف حكومة الاحتلال الإسرائيلي على حي الزيتون جنوب مدينة غزة
  • 66 مسيرة في الحديدة تندد بجرائم العدو الصهيوني في غزة وتستنكر صمت شعوب الأمة الإسلامية
  • المجاهدين الفلسطينية: الاحتلال خلف دمار في جنين وطولكرم بحجم فشله أمام المقاومة
  • بن رحمة: “يجب المحافظة على الطاقة الإيجابية قبل التحديات القادمة”
  • بن رحمة :”يجب المحافظة على الطاقة الإيجابية قبل التحديات القادمة”
  • الزراعة تؤكد أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات المناخية بإفريقيا