أظهرت القمة الروسية ـ الأفريقية التي عُقدت في سانت بطرسبرغ قبل أيام، الاهتمام الذي توليه الدول الأفريقية بالتعاون مع الاتحاد الروسي بمجموعة من القضايا الواسعة التي تمتد من الأسلحة، وتمر بمشاريع الطاقة، وتصل إلى حدود "هندسة" عالم جديد "متعدد الأقطاب".

المؤتمر حضره ممثلو 49 دولة من القارة السمراء، بينها 27 دولة ممثلة على مستوى الصفّ الأول أو الثاني، مع ممثلين من أكبر 5 منظمات تكاملية في القارة الأفريقية، وهذا يشير إلى المستوى الرفيع من الثقة التي توليها هذه القارة الأفريقية السمراء بالكرملين، باعتباره حليفاً موثوقاً وواعداً، برغم كل التهويل والضغوط التي حاول الغرب أن يحيطها بالمؤتمر، وأنّ يدفع عدد من الدول الأفريقية إلى عدم الحضور.



للشراكة مع روسيا مزايا، وهي الاهتمام الذي تظهره موسكو حيال الأزمات لحلفائها في أفريقيا، خصوصاً أولئك الشركاء من بين الدول المصنفة "الأشد فقراً"، وهذا ما لم نراه في سلوك الدول الأوروبية وقادتها، الذين ينظرون إلى الدول النامية والأفريقية تحديداً، كأنّها مجرّد "بقرة حلوب" وَجَبَ استغلال مقدراتها وثرواتها حتى آخر رمق.

في أعقاب تلك القمة، قام الكرملين بشطب ما يصل إلى 23 مليار دولار من الديون المستحقة على الدول الأفريقية، ومن بينها تلك الديون التي استُخدمت للتنمية. وعلاوة على ذلك، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن تخصيص حزمة دعمٍ جديدة للقارة الأفريقية، بقيمة تصل إلى ما يربو على 90 مليون دولار.

القمة أثارت اهتمام رجال الأعمال وفعاليات المجتمع العلمي حول العالم، حيث شارك فيها نحو 9000 ممثل إعلامي من روسيا والخارج، كما استضافت نحو 104 ممثلين عن دولٍ ومنظمات أجنبية.

خلالها أيضاً، أعلن بوتين أنّ موسكو ستقوم في غضون ثلاثة إلى أربعة أشهر، بتوريد بين 25 و50 ألف طنٍ من الحبوب مجاناً، وذلك للدول الأفريقية الأكثر حاجة، ومن بينها: بوركينا فاسو، وزيمبابوي، ومالي، والصومال، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وإريتريا.

هذا القرار لاقى ترحيباً واسعاً من قادة الدول الأفريقية، واعتبروه مدخلاً من أجل تعزيز العلاقات المتبادلة مع موسكو، خصوصاً أنّ مقررات القمة حاولت الحفاظ على البُعد الإنساني للمسارات السياسية والاقتصادية التقليدية في العلاقة بين روسيا والقارة الأفريقية.

مقررات القمة، قدّمت إلى المجتمع الدولي، بالأدلة، مدى اهتمام روسيا واستعدادها لاستئناف العمل باتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود المعلّقة منذ أسابيع، لكن وفق الشروط التي تحفظ مصالح موسكو.

إنّ القمة الروسية ـ الأفريقية التي شهدتها العاصمة الروسية الثانية، استطاعت أن تؤسّس لصداقات روسية جديدة، تعوّضها الصداقة مع القارة الأوروبية الآفلة نتيجة الحرب في أوكرانيا،أمّا الاتفاق الأكثر أهمية ورمزية في القمة، فكان الإعلان عن استعداد الدول الأفريقية وروسيا للتحوّل إلى استخدام العملات الوطنية في مجالات التجارة العابرة للحدود، بدلاً من الدولار الأمريكي.

هذا الموقف إن كُتب له النجاح مستقبلاً، فسيكون ضربة إضافية إلى الدولار، لأنه سيعزّز من فرص التعاون الأفريقي ـ الروسي، كما يفتح الباب أمام المزيد من المنفعة المتبادلة. ناهيك عن قدرته على تقويض الدولار كـ"سلاح إقتصادي"، وكبح تأثيره على الأسواق العالمية.

هذه الخطوة قد تدفع ً بمساعي روسيا والدول الحليفة مثل الصين ودول منظمة "البريكس" قدماً نحو بناء نظام عالمي جديد "متعدد الأقطاب"، يكون أكثر عدلاً، وقائماً على مبادئ المساواة وحماية سيادة الدول والتعاون وتبادل المنفعة.

في المحصلة، يمكن القول إنّ القمة الروسية ـ الأفريقية التي شهدتها العاصمة الروسية الثانية، استطاعت أن تؤسّس لصداقات روسية جديدة، تعوّضها الصداقة مع القارة الأوروبية الآفلة نتيجة الحرب في أوكرانيا، خصوصاً أنّ هذه القمة احتضنت نحو 1000 ممثلٍ لشركات أجنبية، وأكثر من 2000 ممثلٍ من داخل روسي، وكذلك 1100 ممثلٍ للوفود رسمية، وكذلك أكثر من 750 وفد روسي، مع توقيع قرابة 161 اتفاقية ركّزت على مواضيع رئيسية وعميقة في مستقبل الدول، مثل التنسيق المشترك بمجال السياسة الخارجية، وزيادة تدفقات التجارة والاستثمارات، وكذلك التعاون الصناعي المشترك. ناهيك عن توقيع اتفاقيات وتفاهمات تخصّ التعاون في أمن المعلومات الدولي، ومكافحة الإرهاب.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير القمة روسيا أفريقيا العلاقات روسيا أفريقيا علاقات قمة رأي مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القارة الأفریقیة الدول الأفریقیة

إقرأ أيضاً:

بينها اليمن.. قائمة الجنسيات التي ستفرض عليها إدارة ترامب حظر سفر

نقلت رويترز عن مصادر "مطلعة" ووثيقة داخلية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرس فرض قيود سفر واسعة على مواطني عشرات الدول بينها اليمن، في إطار حظر سفر جديد.

وقال مسؤول أميركي لرويترز تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن القائمة قد تتغير، كما أنها في انتظار موافقة الإدارة بما في ذلك وزير الخارجية ماركو روبيو.

وفيما يلي قائمة الدول المعنية بالقرار وفقا لما ورد في المذكرة مقسمة إلى ثلاث مجموعات منفصلة:

تعليق كامل لتأشيرات السفر

يشمل أفغانستان وكوبا وإيران وليبيا وكوريا الشمالية والصومال والسودان وسوريا وفنزويلا واليمن.

تعليق جزئي لتأشيرات السفر

يشمل إريتريا وهايتي ولاوس وميانمار وجنوب السودان، ويطال السائحين والطلبة كما أن بعض التأشيرات الأخرى قد تتأثر.

دول مرشحة لتعليق جزئي لتأشيرات السفر

تشمل أنغولا وأنتيغوا وباربودا وروسيا البيضاء وبنين وبوتان وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وكمبوديا والكاميرون وتشاد وجمهورية الكونجو الديمقراطية والدومينيك وغينيا الاستوائية وغامبيا وليبريا ومالاوي وموريتانيا وباكستان وجمهورية الكونغو وسانت كيتس ونيفيس وسانت لوسيا وساو تومي وبرينسيب وسييرا ليون وتيمور الشرقية وتركمانستان وفانواتو.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى وزارة الخارجية الأميركية مهلة 60 يومًا لإعداد تقرير للبيت الأبيض بتلك القائمة، مما يعني أنه يجب تقديم هذه القائمة الأسبوع المقبل.

وقالت وزارة الخارجية في بيان إنها تتبع الأمر التنفيذي وإنها "مُلتزمة بحماية أمتنا ومواطنيها من خلال الحفاظ على أعلى معايير الأمن القومي والسلامة العامة من خلال عملية التأشيرات لدينا".

تعود سياسة ترامب في حظر دخول مواطني بعض الدول إلى حملته الانتخابية في ديسمبر 2015، وبعد أن تولى منصبه في يناير 2017، أصدر ما أصبح أول سلسلة من قرارات حظر السفر.

في البداية، كانت تركز على مجموعة من الدول ذات الأغلبية المسلمة، لكن لاحقًا شملت أيضًا دولًا أخرى منخفضة الدخل، بما في ذلك في أفريقيا.

وعندما تولى جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة في يناير 2021، ألغى حظر السفر وعاد إلى نظام التدقيق الفردي للأشخاص من تلك الدول.

وفي أمره التنفيذي في يناير، قال ترامب إنه يتخذ هذه الإجراءات لحماية المواطنين الأميركيين "من الأجانب الذين ينوون ارتكاب هجمات إرهابية أو تهديد أمننا القومي أو تبني أيديولوجيات كراهية أو استغلال قوانين الهجرة لأغراض خبيثة".

ومن غير الواضح ما إذا كان الأشخاص الذين لديهم تأشيرات سارية سيتم استثناؤهم من الحظر، أو إذا كانت تأشيراتهم ستُلغى. والصورة غير واضحة أيضا ما إذا كان حاملو البطاقة الخضراء، الذين تمت الموافقة على إقامتهم الدائمة، سيتأثرون بالقرارا أم لا.
 

مقالات مشابهة

  • بينها اليمن.. قائمة الجنسيات التي ستفرض عليها إدارة ترامب حظر سفر
  • جيهان عبد السلام: الرئيس السيسي وضع ملف القارة الإفريقية في مقدمة اهتماماته
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها
  • أسطورة غزو الهجرة الأفريقية إلى أوروبا
  • وزير الشباب يشهد اجتماع الجمعية العامة لـ الأنوكا بالجزائر
  • حرب خفية في أفريقيا.. كيف تنافس روسيا فرنسا على السيطرة؟
  • شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروبا
  • الخارجية الروسية: موسكو وسعت قائمة عقوباتها ردا على حزمة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي
  • الصِّيغة الجديدة لأمْرَكة العالم
  • الكرملين: المناطق الجديدة التي ضمتها روسيا واقع لا جدال فيه