ضربة مجدل شمس تثير المخاوف.. هل يستدرج بعض اللبنانيين الحرب؟!
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
لم يكن تفصيلاً عابرًا أن يسارع "حزب الله" إلى نفي الادعاءات بشأن ضلوعه في استهداف قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتلّ، والتأكيد أن "لا علاقة للمقاومة الإسلامية بالحادث على الإطلاق"، مباشرة بعد بدء تداول أنباء عن سقوط صاروخ على ملعب القرية، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص، جلّهم من الأطفال، في محاولة منه لاحتواء الضجّة، أو ربما الفتنة المبطنة خلفها، للرمزيّة التي تحملها القرية المُستهدَفة.
جاء نفي "حزب الله" السريع في مواجهة رواية إسرائيلية بقيت بلا أدلّة، لكنها انتشرت كالنار في الهشيم، وحمّلته المسؤولية الكاملة عن الحادث، لتطلق ما صُنِّفت حملة غير بريئة ضدّه، تحت عنوان "حزب الله يستهدف المدنيين"، و"حزب الله يستهدف الأطفال"، وهو ما قد يبدو مُستغرَبًا حين يصدر عن الجهة التي ترتكب إبادة جماعية منذ عشرة أشهر، كانت حافلة بالمجازر المروّعة والوحشية، التي استهدفت الأطفال والنساء بالدرجة الأولى.
مع ذلك، فإنّ ما قد يكون مُستغرَبًا أكثر من السردية الإسرائيلية، التي يمكن أن تُفهَم في سياق محاولة توظيف ما جرى على مستوى تبادل الرسائل "النارية" بين الجانبين، يتمثّل في تبنّي البعض في لبنان وخارجه للرواية الإسرائيلية وما تنطوي عليه من اتهامات لـ"حزب الله"، من بوابة الخصومة مع الأخير، الممتدّة من السياسة إلى الأمن، فهل يستدرج هؤلاء الحرب من أجل القضاء على الحزب، وهل يدركون مخاطر الانجرار إلى فتنة يريدها العدو أولاً؟!
"غموض" الحادث
لا يشبه حادث مجدل شمس غيره من الأحداث والتطورات التي سُجّلت على الجبهة اللبنانية منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، اليوم الذي فتح فيه "حزب الله" المعركة إسنادًا للشعب الفلسطيني المُحاصَر في قطاع غزة، فعلى الرغم من التصاعد الذي سُجّل على خط عمليات الحزب، والتغيير الذي طرأ أكثر من مرّة على قواعد الاشتباك غير المُعلَنة، خصوصًا بعد قصف مستوطنات جديدة أخيرًا، إلا أنّ أيّ استهداف من هذا النوع لم يحصل في السابق.
وبمعزل عن الاتهام السريع الذي وجّهه العدو عبر وسائل إعلامه وسياسييه إلى الحزب بالوقوف خلف الحادث، بعد دقائق من حصوله، فإنّ المعلومات تضاربت بشأن حقيقة ما حصل، ما أرخى "غموضًا" غير بنّاء حوله، ولا سيما أنّ إحدى الروايات التي حظيت بحصّتها من التداول، وضعت إسرائيل نفسها بقفص الاتهام، سواء لجهة الحديث عن عدم تشغيل القبة الحديدية كما يجب، أو لجهة الإشارة إلى أنّ ما سقط هو فعليًا صاروخ اعتراضي إسرائيلي.
وفي حين برزت المطالبات بفتح تحقيق بما جرى، قبل الذهاب إلى ردود "انفعالية" قد توفّر ذريعة للدخول في حربٍ شاملة ومدمّرة، ثمّة من رأى أنّ نفي "حزب الله" كان يفترض أن يكون كافيًا لوضع حدّ لكلّ هذا الجدل، ولا سيما أنّ الحزب يتبنّى الهجمات التي يقوم بها، حتى لو وقع فيها "خطأ" بصورة أو بأخرى، كما فعل أساسًا عندما اعتذر لعائلة عربية قُتِل اثنان من أفرادها في مدينة الناصرة، جراء سقوط صاروخ كاتيوشا أطلقه الحزب على منزلها.
مواقف "انفعالية"؟
بمعزل عن الغموض الذي أحاط بالحادث، والذي قد يبدو مثيرًا للجدل، ثمّة من توقف عند بعض المواقف "الانفعالية" التي رافقته، خصوصًا في ظلّ وجهة نظر حاولت وضع ما جرى في سياق محاولة إسرائيلية لاختراع "ذريعة" لشنّ هجوم على لبنان، خصوصًا أنّ هناك من يقول إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاول الحصول خلال زيارته إلى واشنطن، على "ضوء أخضر" لمثل هذه الضربة، من دون أن يوفَّق في ذلك.
على الرغم من ذلك، خرج البعض حتى في لبنان ليهاجم "حزب الله" على خلفية الحادث، إما بالتصديق على الرواية الإسرائيلية بأنّ الحزب يستهدف المدنيين، عبر توظيف بعض الحوادث الداخلية في هذا الاستنتاج، وإما باستعادة الحديث عن "توريط" الحزب للبنانيين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وباعتبار أنّ ما يحصل اليوم هو نتيجة لهذا القرار غير المحسوب، الذي كان يمكن أن يُخرِج الأمور عن السيطرة في أيّ وقت، بمعزل عن حقيقة النوايا.
إلا أنّ المتابعين يعتبرون أنّ خطورة مثل هذا الكلام "المتبنّي" بشكل أو بآخر للسردية الإسرائيلية، أنه يأتي لتقوية هذه السردية، في وقت ينبغي العمل لرصّ الصفوف في الداخل لمواجهتها، بغضّ النظر عن الخلافات الموجودة، والتي لا يمكن نكرانها، ويشدّدون على أنّ الفتنة لطالما كانت من أهداف إسرائيل وطموحاتها في لبنان وغيره، وبالتالي فالمطلوب لبنانيًا التعامل بذكاء مع هذا المخطط، لتفويت الفرصة أمامه، وعدم الظهور عمليًا كمن يستدرج الحرب.
بمعزل عن حقيقة النوايا الإسرائيلية ضدّ لبنان، وما إذا كانت ضربة مجدل شمس في هذا الإطار سببًا موجبًا أو ذريعة مُخترَعة لضربةٍ قد تُخرِج الأمور عن السيطرة، فإنّ موقف بعض الداخل اللبناني يثير الكثير من الجدل في هذا الإطار، فهل يدرك اللبنانيون أنّ انقسامهم في مثل هذا الظرف يضرّ ولا ينفع، وأنّ المطلوب إظهار حدّ أدنى من التفاهم الوطني، إن كانوا راغبين فعلاً بمواجهة سيناريوهات الحرب الإسرائيلية المجنونة؟! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله مجدل شمس
إقرأ أيضاً:
العدو وهدف ضرب (وحدة الساحات)..!
في خطابه في (الكنيسبت) قال الإرهابي الصهيوني (نتنياهو) إن قرار الهجوم على حزب الله، اتخذ على أعلى المستويات، والهدف هو (ضرب وحدة الساحات) وأيضا لأن الشهيد السيد حسن نصر الله كان (يمثل العقبة الحقيقية أمام قيام شرق أوسط جديد، وأمام توسيع الاتفاق الإبراهيمي)، وأضاف (نتنياهو) قائلا (إن نصر الله لم يكن مجرد أمين عام حزب الله ولكنه الأقرب لخامنئي الذي ينصت لنصر الله ويلبي كل ما يطلبه)..!
كلمة (نتنياهو) أمام أعضاء الكنيست كانت مجرد كلمة رجل حاقد قاتل وضليع في الإجرام، سرد سلسلة من الأكاذيب التي لم يصدقها أعضاء الكنيست ورافقها صراع وصخب وضجيج، اضطر على إثرها رئيس الكنيست إلى استدعاء الشرطة لإخراج عائلات الأسرى، كما تم إخراج عدد كبير من أعضاء الكنيست الذين وصفوا نتنياهو بالكذاب..!
ما يمكن استشرافه على ضوء خطاب هذا المجرم، هو رؤيته لوحدة الساحات وأهمية ضربها وتمزيق جسورها ومن أجل ذلك اتجه الصهاينة إلى لبنان بهدف تحقيق هذا الهدف الذي يعد أهم إنجاز إن تحقق لنتنياهو وأمريكا وعشاق الشرق الأوسط الصهيوني، أعضاء الاتفاق الإبراهيمي سيئ الصيت، المحرم شرعا، وكل من قبل به يعد مرتداً عن دين الله..!
وحدة الساحات عملية أربكت الكيان وأهانت قدراته العسكرية والأمنية وانهكت قواه على مختلف المجالات الحياتية، وهذا الذي دفع الرجل للتوجه نحو لبنان بعد أن أدرك فشله في قطاع غزة، فحاول خلط الأوراق بهدف إشغال العالم وإلزامه بالبحث عن حلول تؤدي لوقف الحرب، ولكن وفق شروط نتنياهو، وهذا ما التقطه البعض من العرب وبتوجيه من أمريكا، حين هرولوا مباشرة نحو ( بيروت)، بعد دقائق من سماعهم نبأ استشهاد السيد حسن نصر الله، على اعتبار أن استشهاد الأمين العام كفيل بانهيار الحزب وتسليمه بكل متطلبات أعداء المقاومة، وهذا الشعور كان حاضرا حتى في رؤية بعض الفعاليات اللبنانية، التي ارتعبت من حجم الاغتيالات وبشاعة الدمار الذي تعرضت له الضاحية والمناطق الحدودية مع فلسطين، فسارعوا إلى استغلال اللحظة ومطالبة الحزب بقبول وقف إطلاق النار، ومنهم من ذهب بعيدا حين طالب بنزع سلاح الحزب، فيما الحكومة اللبنانية سارعت لتبني قرار 1701، معلنة استعدادها إرسال الجيش إلى الحدود مع فلسطين.!
لكن الرد جاء من المقاومة التي أعادت ترتيب أوضاعها وامتصاص الصدمة، لتبدأ رحلة مواجهة مؤلمة واجهتها قوات الاحتلال على الحدود، فالدمار الذي أحدثته طائرات الاحتلال، لم يؤد إلى إرباك المقاومة ولم يسهل مهمة الاجتياح البري، إذ وجد الصهاينة أمامهم مقاومة صلبة وعنيفة وغير متوقعة..
غير أن الأجمل في موقف المقاومة هو ما قامت به مؤخرا من رد عملي على خطاب نتنياهو أمام الكنيست، الذي أكد في خطابه تدمير 80٪ من قدرات حزب الله الصاروخية، ومع انتهائه من خطابه وجد حراسه يسوقونه قسرا نحو الملاجئ، لأن صواريخ حزب الله ولأول مرة تصل لمنطقة (تلابيب) لم تصل إليها من قبل، فأنزلت قرابة أربعة ملايين مستوطن إلى الملاجئ، تعرض المئات منهم لإصابات بسبب التدافع والتزاحم..!
كان هذا ردا كافيا من الحزب على أكاذيب نتنياهو الذي زاد السخط عليه من قبل المستوطنين، الذين صعدوا من حدة خطابهم ضد نتنياهو وحكومته وعصابته الإجرامية، والمؤسف أن الكيان الصهيوني المنهار، أصبح في حالة إرباك غير معهودة ويحسب بقاؤه صامدا لأمريكا والأنظمة العربية المرتهنة التي تعمل على إسناده ومساعدته حتى لا ينهار..!
بغض النظر عن الحراك الدبلوماسي والتسريبات عن مساعٍ وتفاهمات ورحلات مكوكية واتصالات وتواصلات تجريها أطراف إقليمية ودولية برعاية أمريكية هدفها فصل وحدة الساحات التي أخفق نتنياهو عسكريا في فصلها، الأمر الذي دفع واشنطن إلى المسارعة لتقديم المبادرات ومحاولة إنجاز تطبيق القرار 1701 الذي صدر بعد حرب 2006م.. لبنان حكومة تريد تطبيق القرار مع الملاحق التي سوف تضيفها واشنطن على القرار، فيما الصهاينة لهم تعديلات جوهرية على بنود القرار، فيما المقاومة ملتزمة بتطبيق القرار حرفيا دون تعديلات أو إضافة، ولكي يجبر الصهاينة الحزب على قبول تعديلاتهم أو على الأقل قبول تعديلات واشنطن التي لا تختلف كثيرا عن تعديلات الصهاينة، فأمريكا التي هرولت لوقف إطلاق النار في لبنان، لم تفعل هذا حبا في لبنان وشعبه، بل خوفا على كيانها اللقيط من ضربات المقاومة ورغبة منها في تمرير فكرة فصل وحدة الساحات وفصل لبنان بعيدا عن غزة وفلسطين التي من أجلهما ضحى الحزب بقادته العظام أمثال السيد حسن الذي سقط شهيدا على طريق القدس..
خلاصة القول إن الصهاينة والأمريكان يستحيل أن يحققوا في لبنان أو في فلسطين بالمفاوضات ما لم يتمكنوا من تحقيقه في الميدان.. وهذا ما تأكد من خلال تداعيات الميدان خلال المرحلة الأخيرة ولا تزال المقاومة في لبنان وفلسطين تقدم إنجازات تعقد رغبات أمريكا والكيان الصهيوني اللذين أجبرا على فتح نافذة التفاوض، بعد أن كان شعارهما الوحيد هو (الاستسلام) من قبل المقاومة سواءً في لبنان أو في فلسطين..!