لم يكن تفصيلاً عابرًا أن يسارع "حزب الله" إلى نفي الادعاءات بشأن ضلوعه في استهداف قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتلّ، والتأكيد أن "لا علاقة للمقاومة الإسلامية بالحادث على الإطلاق"، مباشرة بعد بدء تداول أنباء عن سقوط صاروخ على ملعب القرية، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص، جلّهم من الأطفال، في محاولة منه لاحتواء الضجّة، أو ربما الفتنة المبطنة خلفها، للرمزيّة التي تحملها القرية المُستهدَفة.


 
جاء نفي "حزب الله" السريع في مواجهة رواية إسرائيلية بقيت بلا أدلّة، لكنها انتشرت كالنار في الهشيم، وحمّلته المسؤولية الكاملة عن الحادث، لتطلق ما صُنِّفت حملة غير بريئة ضدّه، تحت عنوان "حزب الله يستهدف المدنيين"، و"حزب الله يستهدف الأطفال"، وهو ما قد يبدو مُستغرَبًا حين يصدر عن الجهة التي ترتكب إبادة جماعية منذ عشرة أشهر، كانت حافلة بالمجازر المروّعة والوحشية، التي استهدفت الأطفال والنساء بالدرجة الأولى.
 
مع ذلك، فإنّ ما قد يكون مُستغرَبًا أكثر من السردية الإسرائيلية، التي يمكن أن تُفهَم في سياق محاولة توظيف ما جرى على مستوى تبادل الرسائل "النارية" بين الجانبين، يتمثّل في تبنّي البعض في لبنان وخارجه للرواية الإسرائيلية وما تنطوي عليه من اتهامات لـ"حزب الله"، من بوابة الخصومة مع الأخير، الممتدّة من السياسة إلى الأمن، فهل يستدرج هؤلاء الحرب من أجل القضاء على الحزب، وهل يدركون مخاطر الانجرار إلى فتنة يريدها العدو أولاً؟!
 
"غموض" الحادث
 
لا يشبه حادث مجدل شمس غيره من الأحداث والتطورات التي سُجّلت على الجبهة اللبنانية منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، اليوم الذي فتح فيه "حزب الله" المعركة إسنادًا للشعب الفلسطيني المُحاصَر في قطاع غزة، فعلى الرغم من التصاعد الذي سُجّل على خط عمليات الحزب، والتغيير الذي طرأ أكثر من مرّة على قواعد الاشتباك غير المُعلَنة، خصوصًا بعد قصف مستوطنات جديدة أخيرًا، إلا أنّ أيّ استهداف من هذا النوع لم يحصل في السابق.
 
وبمعزل عن الاتهام السريع الذي وجّهه العدو عبر وسائل إعلامه وسياسييه إلى الحزب بالوقوف خلف الحادث، بعد دقائق من حصوله، فإنّ المعلومات تضاربت بشأن حقيقة ما حصل، ما أرخى "غموضًا" غير بنّاء حوله، ولا سيما أنّ إحدى الروايات التي حظيت بحصّتها من التداول، وضعت إسرائيل نفسها بقفص الاتهام، سواء لجهة الحديث عن عدم تشغيل القبة الحديدية كما يجب، أو لجهة الإشارة إلى أنّ ما سقط هو فعليًا صاروخ اعتراضي إسرائيلي.
 
وفي حين برزت المطالبات بفتح تحقيق بما جرى، قبل الذهاب إلى ردود "انفعالية" قد توفّر ذريعة للدخول في حربٍ شاملة ومدمّرة، ثمّة من رأى أنّ نفي "حزب الله" كان يفترض أن يكون كافيًا لوضع حدّ لكلّ هذا الجدل، ولا سيما أنّ الحزب يتبنّى الهجمات التي يقوم بها، حتى لو وقع فيها "خطأ" بصورة أو بأخرى، كما فعل أساسًا عندما اعتذر لعائلة عربية قُتِل اثنان من أفرادها في مدينة الناصرة، جراء سقوط صاروخ كاتيوشا أطلقه الحزب على منزلها.
 
مواقف "انفعالية"؟
 
بمعزل عن الغموض الذي أحاط بالحادث، والذي قد يبدو مثيرًا للجدل، ثمّة من توقف عند بعض المواقف "الانفعالية" التي رافقته، خصوصًا في ظلّ وجهة نظر حاولت وضع ما جرى في سياق محاولة إسرائيلية لاختراع "ذريعة" لشنّ هجوم على لبنان، خصوصًا أنّ هناك من يقول إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاول الحصول خلال زيارته إلى واشنطن، على "ضوء أخضر" لمثل هذه الضربة، من دون أن يوفَّق في ذلك.
 
على الرغم من ذلك، خرج البعض حتى في لبنان ليهاجم "حزب الله" على خلفية الحادث، إما بالتصديق على الرواية الإسرائيلية بأنّ الحزب يستهدف المدنيين، عبر توظيف بعض الحوادث الداخلية في هذا الاستنتاج، وإما باستعادة الحديث عن "توريط" الحزب للبنانيين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وباعتبار أنّ ما يحصل اليوم هو نتيجة لهذا القرار غير المحسوب، الذي كان يمكن أن يُخرِج الأمور عن السيطرة في أيّ وقت، بمعزل عن حقيقة النوايا.
 
إلا أنّ المتابعين يعتبرون أنّ خطورة مثل هذا الكلام "المتبنّي" بشكل أو بآخر للسردية الإسرائيلية، أنه يأتي لتقوية هذه السردية، في وقت ينبغي العمل لرصّ الصفوف في الداخل لمواجهتها، بغضّ النظر عن الخلافات الموجودة، والتي لا يمكن نكرانها، ويشدّدون على أنّ الفتنة لطالما كانت من أهداف إسرائيل وطموحاتها في لبنان وغيره، وبالتالي فالمطلوب لبنانيًا التعامل بذكاء مع هذا المخطط، لتفويت الفرصة أمامه، وعدم الظهور عمليًا كمن يستدرج الحرب.
 
بمعزل عن حقيقة النوايا الإسرائيلية ضدّ لبنان، وما إذا كانت ضربة مجدل شمس في هذا الإطار سببًا موجبًا أو ذريعة مُخترَعة لضربةٍ قد تُخرِج الأمور عن السيطرة، فإنّ موقف بعض الداخل اللبناني يثير الكثير من الجدل في هذا الإطار، فهل يدرك اللبنانيون أنّ انقسامهم في مثل هذا الظرف يضرّ ولا ينفع، وأنّ المطلوب إظهار حدّ أدنى من التفاهم الوطني، إن كانوا راغبين فعلاً بمواجهة سيناريوهات الحرب الإسرائيلية المجنونة؟! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله مجدل شمس

إقرأ أيضاً:

ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي

نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ، اليوم الخميس 30 يناير 2025 ، عن ضابط كبير في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي ، قوله إن المسألة ليست غزة فقط وليست حماس فقط"، في الحرب على غزة التي وسعتها إسرائيل إلى الضفة الغربية، وأن "التحدي الحقيقي" موجود في الضفة.

وألمح الضابط إلى مخططات إسرائيلية لاجتياح واسع للضفة الغربية، وقال إن "يهودا والسامرة هي الحدث الذي أمامنا، وهذا حدث ضخم ونحن ندرك هذا جيدا".

وأعلن وزير الأمن، يسرائيل كاتس، من داخل مخيم جنين أن "إسرائيل أعلنت الحرب على مخيمات اللاجئين" في الضفة الغربية، بادعاء القضاء على المجموعات المسلحة.

وتابع الضابط أنه "نعمل بقوة شديدة في طولكرم وجنين، وسنستمر بهذا الشكل. وهذه المنطقة معقدة أكثر بأضعاف، وأصبحنا نعمل هناك بشكل مختلف. وعموما، أعتقد أنه بعد 7 أكتوبر ينبغي تقويض المفاهيم التي كانت لدينا، ولديّ أيضا".

وأضاف "نحن نقول إن حماس هي العدو في يهودا والسامرة، وأن أجهزة الأمن (الفلسطينية) تساعدنا. من قال أن هذا الوضع سيستمر؟ ومن قرر أن حماس تعني الحرب و فتح تعني السلام؟ لقد واجهنا مفاجأة إستراتيجية واحدة في 7 أكتوبر في غزة، وليس بإمكاننا السماح بتكرارها في يهودا والسامرة. وكنا عالقين في مفهوم وقد انهار، ويحظر أن ينهار مفهوم آخر في يهودا والسامرة".

ووصف الضابط أقوال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول تهجير سكان من قطاع غزة، من خلال "نقل" أكثر من مليون فلسطيني من غزة إلى دول مجاورة، بأنها "فكرة ممتازة".

واعترف بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أن إسرائيل لم تحقق هدف الحرب بالقضاء على حماس، مشيرا إلى أنه "نتواجد في وضع معقد للغاية، لم يُهزم فيه الذراع العسكري لحماس بعد، وكذلك الذراع السلطوي. واقتراح ترامب إيجابي".

ورغم أن المسؤولين الإسرائيليين وفي مقدمتهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ، صرحوا مرارا وتكرارا حول تهجير سكان القطاع، إلا أن الضابط زعم أنه "حتى تحدث ترامب عن ذلك، في إسرائيل خافوا من التحدث عن فصل سكان عن المنطقة".

وحسب الصحيفة، فإن الانطباع في إسرائيل هو أن "الأميركيين جديون في هذا الموضوع، وأقوال ترامب لم تكن عفوية". ويبدو أن إسرائيل تتجاهل رفض مصر والأردن لأقوال ترامب.

وقال الضابط إنه "نعمل في غزة بشدة بالغة، لكن القضية الإنسانية، الأسرى والمفقودين وتقييدات المساعدات الأميركية تطلبت منا تعديلات صعبة. وعلينا أن نسأل أنفسنا إلى أين نستمر من هنا".

المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية الاحتلال يستعد لتضييق الخناق لمنع الاحتفالات بتحرير الأسرى الجيش الإسرائيلي يقرّ بتنفيذه خروقات في غزة مبعوث ترامب بحث في إسرائيل مخططات ترحيل سكان غزة الأكثر قراءة قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في الضفة بالفيديو: قوات الاحتلال تُجبر أهالي مخيم جنين على النزوح قسرا تفاصيل أول مكالمة بين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي الجديد المجدلاوي: العمل على إنشاء مستشفيات ومراكز صحية جديدة في قطاع غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • بيان جماهيرى من الحزب الشيوعي السوداني تضامنا مع الشعب الفلسطيني
  • الرئيس اللبناني يشدد على ضرورة إعادة الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال الحرب
  • قتيلان و10 جرحى إثر ضربة إسرائيلية شرق لبنان
  • لبنان: مقتل اثنين في ضربة إسرائيلية على سهل البقاع
  • موجة هواء تركية باردة، تثير نوبات عطس إخوانية متوالية؟!
  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
  • بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
  • فيديو الجيش في منشأة الحزب.. رسالة إلى الخارج
  • أزمة سيولة تُجمِّد تعويضات المتضررين من الحرب
  • ضربة للاقتصاد اللبناني.. ملياردير إماراتي يجمّد استثماراته ويسحب أصوله