مع إعلان النتائج بالضفة.. الحزن يخيّم على طلبة التوجيهي بغزة
تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT
غزة - مدلين خلة - صفا
"هدموا أحلامنا وحرمونا نكون مثل اخواتنا، بحاربونا بالتعليم وما بدهم نكمل طريقنا ونحقق طموحنا، المفترض أنا وكل الطلاب في غزة اليوم بنستقبل نتائج امتحان التوجيهي" يقول الطالب مصطفى خلة بحسرة.
لم تكن مجرد كلمات أو عبارات يطلقها الطلاب والطالبات بالثانوية العامة في قطاع غزة، هي وجع استقر في جوف قلوبهم، حسرة على مرحلة دراسية ضاعت رحاها مع سقوط أول قذيفة صاروخية إسرائيلية على غزة وبدء العدوان الإجرامي.
ويتجرع ما يزيد عن 50 ألف طالب وطالبة مرارة هدم أحلامهم وتسويتها بالأرض، أحلام تشبثوا بها في حرب نزوحهم فكانت كتبهم رفيقتهم في هذه الحرب، متأملين انتهائها، علهم يلحقوا الركب ويكونوا ضمن معركة التنافس للحصول على معدل يكون أول عتبة على بوابة تحقيق أحلام الطفولة.
لحظات أقسى من حدة السيف تسابق مع الزمن، وخزات ألم تطعن قلوب أقسى مطالبها تقديم الامتحان، مع قرنائهم في الشطر الثاني من الوطن، ولكنه الاحتلال دمر حياة هؤلاء الطلاب كما فعل بمنازلهم ولم يستطيعوا أن يكونوا ضمن الدفعة الأولى للامتحانات الثانوية العامة أو ما يعرف بـ"التوجيهي".
وأعلنت وزارة التربية والتعليم صباح اليوم الإثنين، عن نتائج امتحانات الثانوية العامة في الضفة الغربية المحتلة، دون غزة للمرة الأولى.
وقالت الوزارة خلال مؤتمر صحفي برام الله، إنه لا نسبة عامة للنجاح، بسبب عدم اكتمال أعداد الطلبة.
وأضافت أن 39 ألف طالب وطالبة من قطاع غزة لم يتقدّموا لامتحان الثانوية العامة هذا العام، حيث استشهد ٤٥٠ طالباً منهم.
وبينت الوزارة أن 50 ألف طالب وطالبة من مناطق الضفة الغربية ومن هم موجودون في بعض الدول (تركيا، وقطر، ورومانيا، وبلغاريا، وروسيا)، للامتحانات في 506 من قاعات امتحانات الثانوية العامة، باستثناء طلبة قطاع غزة.
مصير مجهول
"اللي صار فينا كابوس، حلم فظيع، بنحاول نصحى منه لكن دون جدوى، كل شيء راح" بنبرة يكتسيها الألم والقهر يتحدث الطالب مصطفى خلة عن مصيره وزملائه الذي بات مجهولاً بعدما تعمد الاحتلال منعهم بشتى الوسائل والطرق من تقديم امتحاناتهم وإكمال آخر مراحلهم الدراسية المدرسية للانتقال لمرحلة أخرى تكون بداية تحقيق الحلم والخوض في غمار العمل وبناء حياة جديدة.
ويقول خلة أحد الطلبة الذين هدم الاحتلال منزلهم، وضيع عليه فرحة العمر كما يطلق عليها: "مفترض اليوم طلعت نتيجتي بالتوجيهي فرحة أهلي ورفعت راسهم بالمعدل الي كنت حاطه ببالي".
"ليش حرمونا ندرس مثل إخوتنا، انا عندي 5 أخوة كلهم قدموا التوجيهي إلا أنا، ضيعوا تعب 12 سنة" يضيف خلة.
تغلبنا على العوائق
ويؤكد خلة أن حرب النزوح لم تكن عائقاً أمام جبال عزيمة وإصرار مثابر "وقت صارت الحرب وقال الجيش اطلعوا على الجنوب كل فرد بالعائلة جهز حقيبته وشو رح ياخد معه، أنا كانت الكتب وبعض الدفاتر أول شي حطيته بالشنطة، كنت متأمل كتير إني أقدم مع طلاب جيلي، بس ما النا نصيب".
يزيح مصطفى بيده دمعة خانت قدرته على الكلام وكسرت صمته، "بس وصلنا للجنوب واستقرينا بالمكان الجديد الي ما بنعرف فيه حد، قسمت وقتي بمساعدة أهلي بنقل المياه والوقوف طابور للحصول على الخبز، والدراسة، كنت متأمل كتير أقدم الامتحانات ولو بشكل استثنائي وبلجان خاصة".
"كنت بفكر كتير معقول الحرب تطول لشهر 6 وما نلحق نمتحن، لا أكيد ما رح يصير هيك، وهاي أجا شهر 6 وراحت علينا السنة كلها وضاع كل شي خططنا الو".
هنا أرض الاستثناءات فكل شيء هنا مختلف "بيحكو عاملين استثناء لطلبة غزة وقت تخلص الحرب بدهم يقدموا امتحان التوجيهي، أي امتحان وأي استثناء وأنا صاحبي استشهد كنت بتنافس معه مين يجيب أعلى معدل، بهاد الاستثناء فيكو ترجعوه وكل الطلبة الي استشهدوا، الحرب ما أخذت بس حلم الدراسة بل أخذت منا كل شي أهلنا واصحابنا وأحبابنا وبيوتنا". بدموع منهمرة يكمل مصطفى.
خلة واحد من آلاف الطلبة الذين حرمتهم حرب الإبادة من أن يكونوا ضمن قوافل الثانوية العامة، لسان حالهم يقول متسائلاً، إلى متى تستمر الحرب وما هو مستقبلنا؟
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: التوجيهي نتائج التوجيهي غزة وزارة التربية والتعليم الثانوية العامة العدوان على غزة حرب غزة طوفان الاقصى الثانویة العامة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تخشى تصاعد قوة حماس بالضفة بعد وقف إطلاق النار بغزة
القدس المحتلة- تخشى المؤسسة الإسرائيلية إمكانية تصاعد قوة حركة حماس وتنامي تأثيرها في الضفة الغربية المحتلة، بعد اتفاق وقف إطلاق النار، وهي المخاوف التي تعزز القول بفشل إسرائيل بعد 15 شهرا من الحرب في تقويض الترسانة العسكرية لحماس وإنهاء حكمها في قطاع غزة.
و سارع الاحتلال إلى شن عملية عسكرية في محافظة جنين، والتي أطلق عليها اسم "السور الحديدي"، إذ يتحضر الاحتلال لعلمية اجتياح واسعة للمخيم المحاصر لليوم الرابع على التوالي، ويشهد اشتباكات ضارية.
مع احتدام المعارك بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال في جنين ومخيمها، تعالت الأصوات بالمؤسسة السياسية الإسرائيلية، من أجل توسيع العملية العسكرية لتشمل كافة المناطق في الضفة الغربية، التي تتعرض إلى حصار وإغلاق عبر نصب الاحتلال نحو 872 بوابة وحاجزا عسكريا.
جانب من اقتحامات قوات الاحتلال لمدينة جنين ومخيمها (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي) تصعيد و تخوف
ودفع جيش الاحتلال بمزيد من القوات والوحدات القتالية في إطار العملية العسكرية التي صادق عليها المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، مع توسيع الاقتحامات واحتدام الاشتباكات بين فصائل المقاومة والقوات المتوغلة، التي تشمل كتيبتين من "حرس الحدود"، ووحدة "يمام"، ووحدة "دوفدوفان" (المستعربين)، بالإضافة إلى وحدة "إيغوز" التابعة للواء "الكوماندوز".
إعلانويعكس عدوان الاحتلال على جنين ومخيمها وتوسيع التوغل بالضفة، مخاوف وهواجس إسرائيل، من تنفيذ فصائل المقاومة هجمات على المستوطنات في الضفة، وذلك على غرار معركة "طوفان الأقصى" التي شنتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس على "غلاف غزة"، وذلك بحسب التحليلات والتقديرات لمراكز الأبحاث الإسرائيلية.
ويعتقد محرر الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشع، أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، سيعزز قوة ونفوذ وتأثير حركة حماس في الضفة، وهو ما قد يؤدي إلى استلهام تجربتها العسكرية بالهجوم المفاجئ بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، واعتمادها كنموذج للقتال وتنفيذ هجمات على المستوطنين والمستوطنات.
وأوضح يهوشع أن الضفة ومنذ بداية الحرب توجد في فوهة بركان، الأمر الذي وضع الجيش والأجهزة الأمنية أمام تحديات غير مسبوقة، مشيرا إلى أنه خلال عام 2024، أحبط جهاز الأمن العام "الشاباك" أكثر من ألف عملية هجومية، بينما كانت هناك مئات العمليات التي نفذت وكانت قاتلة بالنسبة للإسرائيليين، وأظهرت تنامي وتعاظم قوة الفصائل الفلسطينية المسلحة.
إنجازات وتحذيرات
السيناريو الأسوأ، حسب المحرر العسكري ذاته، أن المؤسسة الأمنية تخشى مواجهة شاملة في الضفة، حيث يظهر اتفاق غزة أن حماس لا تزال قادرة على الصمود، بل وتتفاخر بإنجازاتها وقدرتها على تحرير الأسرى.
وتبدي الأوساط الإسرائيلية تخوفا من احتمال التأثير السلبي على السلطة الفلسطينية ومكانتها، بظل ما تنجزه وتحققه الفصائل المسلحة، حسب توصيف المحرر العسكري.
مع هذه الإنجازات للفصائل المسلحة، يجزم المراسل العسكري في القناة 12 الإسرائيلية، إيتام المدون، أن حماس حددت هدفها التالي، وهو الضفة الغربية. ويرى أن الحركة توجد في مكانة وقدرة لم يسبق لها مثيل، وتحظى بتأييد شعبي واسع في الشارع الفلسطيني.
إعلانوأشار المراسل العسكري نفسه أن الضفة شهدت خلال الحرب على غزة عمليات غير مسبوقة ضد المستوطنين وضد القوات الإسرائيلية، قائلا "الضفة كانت جبهة إسناد لغزة وإن كانت صغيرة، لكن تأثير العمليات المسلحة كان واسعا وإيجابيا على الفلسطينيين".
وأوضح أنه مع بدء وقف إطلاق النار تصاعدت قوة حماس وتأثيرها في الضفة، وعلى هذا الأساس جاءت عملية "السور الحديدي".
هواجس وتحديات
لطالما كانت الضفة إحدى الجبهات بالنسبة للجيش الإسرائيلي، وهي الجبهة التي أشعلتها شرارة "طوفان الأقصى"، وما زالت كذلك رغم وقف إطلاق النار في غزة. و تساءل تقدير موقف صادر عن مركز "يروشاليم لدراسة الإستراتيجيات والأمن" عن "ساحة القتال في الضفة الغربية، إلى أين؟"، وهو السؤال الذي فاقم الهواجس الإسرائيلية.
وزعم الباحث بالقضايا الأمنية والإستراتيجية العقيد احتياط غابي سيبوني، الذي أعد تقدير الموقف لمركز "يروشاليم" أن إيران تواصل جهودها الرامية إلى إنشاء قوة مقاومة داخل الضفة من خلال دعم حماس والجهاد الإسلامي، وهو ما يخلق تحديا كبيرا أمام الجيش الإسرائيلي.
الخوف الأكبر للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، يقول سيبوني "لا يقتصر على اندلاع مواجهات واشتباكات محلية أثناء نشاط القوات الإسرائيلية في مخيمات اللاجئين، بل في احتمال وقوع هجوم على المستوطنات بالضفة على غرار ما حدث في 7 أكتوبر".
عمليات عسكرية داخل المنازل بجنين وتحويل بعضها لثكنات عسكرية ( المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي) النصر والوعيالتصور ذاته، استعرضه الباحث في الشؤون الفلسطينية ميخائيل ميلشتاين الذي أكد أن حماس ومنذ اللحظة الأولى لوقف إطلاق النار أظهرت أنها عادت لتعمل بشكل منتظم في مختلف مقاليد الحكم في غزة، وأثبتت للعالم أنه لا يمكن تحييدها عن إدارة حكم القطاع مستقبلا. وهو ما رأى المتحدث أنه سيمنح الفلسطينيين في الضفة شعورا بالنصر.
إعلانويرى ميلشتاين، الذي يرأس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز "موشيه دايان" التابع لجامعة تل أبيب، في تقدير موقف، أن "حماس حققت إنجازات غير مسبوقة، وهذا هو الانطباع العام للفلسطينيين، حيث يعترف سكان غزة بأنهم دفعوا ثمنا غير مسبوق، لكنهم يوضحون أن الأمر كان يستحق ذلك مقابل الإضرار بإسرائيل وتعزيز الاحترام الوطني الفلسطيني".
من وجهة نظر الباحث الإسرائيلي، فإن خطة حماس الحالية، تتضمن تثبيت وقف إطلاق النار في غزة مع ترسيخ السيطرة على القطاع وترسيخ رواية النصر في الوعي الجمعي الفلسطيني.
ويعتقد ميلشتاين أن حماس تعمل على تحويل جهودها الهجومية نحو الضفة، التي تمت الإشارة إليها في خطاب المتحدث باسم الجناح العسكري للحركة، أبو عبيدة، بأنها "الساحة المركزية الجديدة"، وهي الجهود التي عبر عنها مسؤول ملف الضفة الغربية في حماس، زاهر جبارين، الذي قال "كما هزمت غزة نتنياهو، فإن الضفة ستهزمه أيضا".